بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات.. مستثمرون كويتيون يتوجهون لدول الجوار

الإمارات تتقدم الصفوف.. وقطر الاستثمار الواعد.. ومصر تجني الثمار!

توزيع الأراضي على المستحقين بنسبة كبيرة إلى إتاحة الفرص أمام المستثمرين الخليجين والمحليين لزيادة استثماراتهم («الشرق الأوسط»)
TT

أدى الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والعقارات داخل الكويت إلى هروب المستثمرين الكويتيين وقيامهم بشراء أراض وعقارات في دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية، سواء للاستثمار أو للسكن. وقد شهد سوق العقار الكويتي أخيرا، ارتفاعا كبيرا في الأسعار، حيث وصلت قيمة الأراضي التجارية في قلب مدينة الكويت إلى 60 ألف دولار للمتر المربع، أما بالنسبة للقسائم، ارتفعت الأسعار بنسبة كبيرة ليسجل سعر مساحة 1800 متر بموقع متميز إلى 3.600 مليون دينار كويتي (13.100 مليون دولار)، أي 2000 دينار (7272 دولارا)، للمتر الواحد، ويتراوح سعر البيوت في المواقع العادية ما بين 300 ـ 350 ألف دينار (1.100 إلى 1.272 مليون دولار).

واستحوذ السوق الخليجي على نصيب الأسد من اتجاهات شراء الكويتيين للعقار، حيث وصلت النسبة إلى حوالي 30 في المائة خلال عام 2007، وبلغ عدد المتملكين للعقارات بالدول الأعضاء في دول مجلس التعاون 6620 مواطنا، وكان الكويتيون هم الأكثر تملكا للعقار في دول مجلس التعاون، حيث يشكلون 53 في المائة، ويعتبر السوق الإماراتي هو الأكثر جذبا لهم.

وعن أسباب خروج المستثمر الكويتي، ولماذا الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي، وخروج المستثمر إلى أين، وأكثر الدول إقبالا، كان لـ «لشرق الأوسط»، هذا التحقيق مع القائمين على شركات العقار في الكويت، وبعض الخبراء المتخصصين في هذا القطاع.

في البداية يقول يوسف العليان، مدير دائرة العقار والتقييم في المشكاة العقارية: إن عام 2004 كان عام الهروب الكبير لرأس المال الكويتي للاستثمار في العقارات، وبالأخص الإمارات وعمان، وبالتحديد صلالة، حيث رخص الأسعار.

واتجه البعض إلى المنطقة الشرقية في السعودية، حيث تصدر الكويتيون عدد الممتلكين للعقار في السعودية بإجمالي 283 كويتيا، وشراء النسبة الأكبر منهم في منطقة الخفجي التي تقع بالقرب من الحدود الكويتية، وتملك فيها حوالي 112 مواطنا خليجيا. وذلك بالإضافة إلى الدمام والخبر، حيث قدرت إجمالي الأموال المتدفقة إلى سوق العقار السعودي من قِبل المستثمرين الخليجيين بنحو 100 مليار دولار.

وأشار إلى عدم وجود قطر على خريطة فرص الاستثمار العقاري في نفس عام 2004، وقد اتجه البعض إلى شراء مزارع في بريطانيا، وإن عدل البعض الآخر عن الشراء هناك بسبب قانون الضرائب.

وعن أكثر الدول جذبا للمستثمرين الكويتيين لشراء العقار، يقول العليان: الإمارات هي الأكثر جذبا لهم من حيث وصلت نسبة الكويتيين من إجمالي المتداولين حوالي 70 في المائة، وتركزت معظم عمليات الشراء في رأس الخيمة وعجمان، وتأتي البحرين في المرتبة الثانية بنسبة 60 في المائة. وقال إن الحصان الرابح حاليا في العقار الذي يمثل عامل جذب قوي للكويتيين، هي قطر، التي ما زالت تعرض فرصا جيدة بأسعار مناسبة.

وجاء في تقرير شركة المتخصص العقارية بسلطنة عمان مع تزايد الإقبال على شراء الأراضي والعقارات السكنية في منطقة الباطنة في كل من صحم وصحار.

وقد استأثرت منطقة الباطنة بالنسبة الأولى من إجمالي وثائق التملك خلال ديسمبر (كانون الأول) 2007، بمقدار 3722 وثيقة من مجموع 13680. وقد احتل الكويتيون المرتبة الأولى للتملك في سلطنة عمان، بالرغم من ازدياد عدد المستثمرين الإماراتيين، وساهم في زيادة الإقبال، وبالتالي زيادة الأسعار، القوانين الجديدة، التي سمحت بتملك مواطن دول مجلس التعاون الخليجي.

وأدى توزيع الأراضي على المستحقين بنسبة كبيرة إلى إتاحة الفرص أمام المستثمرين الخليجين والمحليين لزيادة استثماراتهم حتى أن بعض الشركات العقارية الكويتية قامت بفتح فروع لها في عمان.

وحول إقبال المستثمرين الكويتيين على الشراء في الدول العربية، يقول العليان إن الأوضاع السياسة في لبنان أوجدت حالة من الترقب والخوف من الشراء لحد كبير، وبدأ البعض في الاتجاه بعض الشيء إلى دول المغرب العربي، مشيرا إلى أن السوق المصري من الأسواق الجاذبة وبشكل كبير في ما يخص العقار، حيث استفاد العديد من المستثمرين من الارتفاع الكبير في الأسعار التي شهدها السوق أخيرا، وتعد مصر من أولى الدول العربية جذبا للمستثمرين الكويتيين.

وأوضح قيس الغانم، أمين سر اتحاد الملاك الكويتي، أن أسباب زيادة أسعار الأراضي في الكويت الارتفاع في السوق العقاري، سوف يؤدى إلى جمود يؤثر سلبيا في الاقتصاد الوطني، حيث أصبح عاملا العرض والطلب هما المسيطران على عملية تحديد السعر، وليس المقياس النسبي.

وأفاد الغانم أن الحكومة أسست منذ عامين شركة المقاصة العقارية لتنظيم عملية العرض والطلب والقضاء على التدليس، وإيجاد الشفافية والقيام بدور ايجابي في تحديد الأسعار بدقة.

وعن دراسة متأنية بدلا من ترك التقييم لأشخاص أصحاب مصالح، مؤكدا أن هذه الشركة حتى الآن لم تبدأ أعمالها ولم تقم بدورها. وطالب الدولة بتقديم الدعم المعنوي لها حتى تساهم في تحديد مستوى الأسعار والمحافظة على النسبة التي يقاس بها قيمة العقار.

وشدد على ضرورة عمل مثل هذه الشركات في جميع دول الخليج حتى تعطي ثقة كبيرة للمستثمرين المحليين والأجانب العاملين في قطاع العقار وتساهم في المحافظة على قيمة الأراضي والعقارات وثبات الأسعار فيها.

وأوضح الغانم أن قيمة تداول العقار في الكويت تصل سنويا إلى ملياري دينار، وقد شهد السوق الكويتي أخيرا دخول العديد من المستثمرين الراغبين في الاستثمار في القطاع العقاري، مما ساهم بشكل كبير في توفر رؤوس الأموال الضخمة في ارتفاع أسعار الأراضي.

من ناحيته، ارجع رشيد النفيسي، رئيس مجلس إدارة شركة المزايا القابضة، مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي إلى قلة وجود الأراضي الصالحة للبناء التي ترتكز على بنية تحتية منظمة وقوية. وأبان أنه لا يوجد حل لمشكلة ارتفاع أسعار الأراضي في الكويت من دون تأهيل الدولة لمناطق جديدة تساهم في تلبية الطلب المتزايد.

وأشار إلى القطاع الاستثماري الذي لا يعاني من مشكلة ارتفاع أسعار حقيقة لتساوي العرض مع الطلب، لكن في الوقت التي تضاعف فيه نسبة البناء وارتفعت الكثافة السكانية لا يوجد أي تطوير في البنية التحتية. أما عن القطاع التجاري، فيقول إن الأراضي التجارية متوفرة وتتركز داخل العاصمة وهناك جزء كبير منها تمتلكه الدولة، وبعد الطفرة الحالية وقيام العديد من الشركات العقارية بعمل مشاريع ضخمة ومتطورة، واجه هذا القطاع عدة مشاكل أولها قرار رفع نسبة البناء قابلة زيادة في أسعار الأراضي، وثانيا عدم تطوير البنية التحتية لتلك المشاريع، حيث أصبحت لا تتناسب مع الكثافة الجديدة.

وأكد جراح الصالح، المدير العام لشركة ERI الكويت العقارية، أن منح المزيد من التسهيلات البنكية للمواطنين الكويتيين، ساهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار الأراضي، ومن ضمن هذه التسهيلات هي إمكانية دمج راتب الزوج والزوجة، أي يستطيع الزوج الحصول على قرض بقيمة 70 ألف دينار، كذلك الزوجة، بالإضافة إلى 70 ألف أخرى من الدولة، فزيادة القوة الشرائية ساهمت بشكل كبير في زيادة أسعار الأراضي، خاصة في المناطق الداخلية التي زادت بنسبة زيادة الطلب عليها ورغبة المواطنين السكن فيها وتفضيلها عن المناطق الخارجية، وحيث تعاني تلك المناطق الداخلية من قلة المعروض، مشيرا إلى تركز 7 ـ 10% من الأراضي السكنية في المناطق الداخلية.

وتوقع الصالح أن تشهد أسعار الأراضي خلال العامين المقبلين مزيدا من الاستقرار، خاصة في القطاع الاستثماري بسبب الطفرة الحالية في المجمعات والأبراج الشاهقة، مما يساهم في زيادة العرض وقليل من الطلب. وطالب الخبير العقاري عادل الرومي، بضرورة التوجه إلى البناء الرأسي بدلا من البناء الأفقي، حيث يساهم البناء الرأسي في حل مشكلة ندرة الأراضي الصالحة للبناء واستيعاب نسبة إشغال أكثر، مشيرا إلى أهمية أن يقوم القائمون على القطاع العقاري بمساهمة في زيادة وعى المواطنين من الشباب للاقتناع بالسكن الرأسي الذي بدأ بالفعل يلقى استحسانا عند الشباب.