مهرجان البرازيل وكأس العالم 2014 يضفيان جاذبية جديدة على سوق العقارات

الحمى العقارية تمتد إلى الأرجنتين وبعض دول أميركا اللاتينية الأخرى

يتوقع أن ترتفع قيمة العقارات في البرازيل خلال العام الحالي بنسبة % («الشرق الاوسط»)
TT

يبدو أن المهرجان الضخم الذي يُقام في البرازيل كل عام أصبح في حد ذاته سبباً إضافياً لجذب المستثمرين العقاريين إلى البرازيل. فالمهرجان الذي يستمر لبضعة أيام يغطي جميع أنحاء البرازيل، وهو يُعتبر أكبر مهرجان شعبي في العالم.

وفي كل عام يأتي آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بهذا الحدث الذي لن تجده إلا في البرازيل. وبعد انتهاء المهرجان لاحظ البرازيليون أن آلاف الأجانب الذين زاروه يعودون مرة أخرى إلى البرازيل، لكن هذه المرة للبحث عن عقار يشترونه بعد أن وقعوا في غرام البلد. ويتجه أغلب هؤلاء نحو الشمال الشرقي من البرازيل حيث يمتد خط ساحلي لأكثر من 1500 كيلومتر بين السلفادور وفورتاليزا. وكان هذا الخط الساحلي تقليدياً مغطى بأكواخ صائدي السمك البسطاء، لكنه راح الآن يتحول إلى مجمعات سكنية لا يمكن الدخول إليها إلا عبر بوابات كبيرة، وتتضمن أحواضاً للسباحة وملاعب لرياضة الغولف، وبالطبع محلات تجارية ومطاعم ومقاهي. فبالإضافة إلى المزايا الطبيعة في البرازيل (الطقس المعتدل والطبيعة الجميلة) فإن كثيرا من المستثمرين العقاريين يسعون لأن يكون لهم موطئ قدم في البلد الذي قال عنه بنك «غولدمان ساكس» الدولي إنه سيصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2050. كما أن صعود الطبقة المتوسطة البرازيلية، وقيام الدولة بحملة عالمية لجذب المستثمرين الأجانب، والاستعداد لكأس العالم في عام 2014، كلها أسباب ساهمت في جعل سوق العقارات في البرازيل جذاباً للكثيرين. وفي هذا الصدد قال فيليب ميلوليما، رئيس جمعية تطوير العقارات في شمال شرقي البرازيل، إن بعض المناطق في بلاده شهدت ارتفاعاً في قيمتها بلغت نسبته 1000% خلال السنوات الخمس الماضية، وتوقع أن ترتفع قيمة العقارات خلال العام الجاري بنسبة 12%. وتقل أسعار العقارات في البرازيل عن نظيراتها في إسبانيا بنحو الثُلث. كما أن انخفاض تكاليف المعيشة وارتفاع مستوى الخدمات أيضاً عوامل تساعد في جذب المستثمرين إلى البرازيل. لذا فقد تتجه الأنظار نحو البرازيل التي أصبحت بمثابة بلغاريا جديدة بالنسبة لمستثمري العقارات الأوروبيين. فبعد أن اكتسح غزوهم أسواق العقارات في كل من اسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبلغاريا، بل وامتد إلى بلدان مثل رومانيا وتركيا، أصبحوا الآن يتطلعون إلى ما وراء البحار. ومن السلفادور وعلى طول الطريق حتى ساحل باهيا، وصولاً إلى مانغ سيكو في البرازيل، توجد مساحات واسعة من شواطئ جوز الهند المحمية بيئياً حيث من الممكن شراء قطعة صغيرة من الفردوس بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار المرتفعة في منطقة جزر الكاريبي القريبة من البرازيل.

وتعد مجموعة «كوستروتورا نوربيترو أوديبراشت» واحدة من العديد من مجموعات المباني المنهمكة في أعمال البناء. فقد تولت الشركة تنفيذ مشروع مباني «سويب»، وهو عبارة عن مزيج من منتجع ومنازل للعطلات. ووفقاً للخطة الرئيسية فإن هناك خططاً لأنواع مختلفة من المشروعات التي تُقام حالياً على مساحة 1.575 هكتار من الأراضي الخالية. وتشمل المشاريع الجديدة بناء الفنادق ومراكز للمؤتمرات ومحلات تجارية ومطاعم ومجمعات رياضية. ومن بين الـ 118 منزلاً المكتملة في المرحلة الثانية من المشروع فإن 55% من الملاك أجانب. وهناك أيضا مشروع «كوينداس دوسويب»، وهو عبارة عن شقق فاخرة تقع بالقرب من بحيرة صغيرة ومن مكان مهرجان سلفادور. وعلى سبيل المثال دفع زوجان بريطانيان 800 ألف دولار لمنزل مقام على 1.500 متر مربع ومكوّن من أربع غرف نوم بحماماتها ومطبخ ومساحة واسعة للصالون وأخرى لطاولة الطعام. ثم دفعا مبلغاً إضافياً قيمته 53.460 دولاراً لإضافة سينما ومطبخ فاخر وحمام بخار. ومن جهته يقول مانغو شاولا المدير الإدراي لوكالة «الكسندرا ريتشارد» للعقارات إن هذا الجزء من العالم غير مكتشف بعد وشديد الجمال «لذا فإنني أرى أن البرازيل، التي تبدي نمواً اقتصادياً وازدهاراً في استثمارات السياحة، سوف تصبح سوقاً قوياً مثل بلغاريا وبلدان أوروبا الشرقية الأخرى.

ومن مزايا البرازيل أن متوسط درجة الحرار فيها يتراوح بين 24 إلى 30 درجة مئوية طوال العام، والعقارات ما زالت رخيصة وهي ملك حر، والثقافة المحلية مزيج ناجح من الثقافة البرتغالية والأفريقية والسكان الأصليين. أما السلبيات فتتمثل أساساً في أن رسوم الخدمات القانونية مكلفة للغاية، لكن رغم ذلك فمن الحكمة الاستعانة بمحام لفحص عملية البيع والشراء. كما أن رسوم البيع، المدفوعة لوكالة العقارات، عالية إذ تبلغ 5% من قيمة العقار، لكنها تُضاف إلى قيمة العقار، ما يعني أن المشتري يدفعها. وأخيراً فمعدل الجريمة في البرازيل لا يزال مرتفعاً، والفساد منتشراً. الأرجنتين: ويبدو أن ظهور البرازيل كسوق ناشئة لمستثمري العقارات الدوليين ليس مقصوراً على هذه الدولة فحسب، بل ان دولاً أخرى في أميركا اللاتينية تتجه نفس الاتجاه. وعلى سبيل المثال كانت أسعار العقارات في الأرجنتين المجاورة للبرازيل قد ازدادت بمعدلات كبيرة في الفترة الأخيرة بعدما خرجت الأرجنتين من أزمتها الاقتصادية لعامي 2001 و2002. وقفزت أسعار العقارات في الأحياء الثرية من العاصمة بوينس آيرس إلى ما يوازي 25% من قيمتها في عام 2006 وحده. كما أن المستثمرين الذين يشترون العقارات بغرض تأجيرها يتوقعون دخلا سنوياً يتراوح بين 3% و4% من القيمة الأصلية لسعر العقار.

وتجعل المقاهي والمعمار الباريسي حي «ريكولينا» جذابا للغاية للمستثمرين الأجانب. وتشمل المناطق المفضلة منطقة «باريو نوتر» في منتصف المدينة والمنطقة الساحلية المحسنة في «بويترو ماديرو». وبشكل عام تعرض مدينة بوينس آيرس شققاً ذات غرف نوم بحمام داخلي على طراز شقق مدينة نيويورك الحديثة بالإضافة إلى شرفات واسعة، وذلك في قلب واحدة من أكثر عواصم العالم إثارة. لذا فإن إقبال المستثمرين الأجانب على امتلاك عقارات في بوينس آيرس يبدو طبيعياً إذا أخذنا في الاعتبار أن سعر المتر المربع في أكثر المناطق رقياً يتراوح بين 1800 و2700 دولار. وتبدو تلك الأسعار مغرية للغاية مقارنة بالأسعار في أماكن أخرى من العالم. فشقة في وسط موسكو مثلا تكلف حوالي 4400 دولار للمتر المربع، بينما يتعين على المشتري في لندن توقع أسعار قد تصل إلى 6500 دولار للمتر المربع الواحد. وتقول سيسيليا كامبل من وكالة عقارات «رينويلدز» في بوينس آيرس إن الأجانب يأتون ويلقون نظرة ثم تصيبهم الدهشة مما يمكنهم الحصول عليه بمبالغ متواضعة. فقد أتى دان بارلمان وهو طباخ محترف من الولايات المتحدة الأميركية بغرض التعرف على المدينة ولكنه لم يستطع مقاومة إغراء شراء عقار في المدينة ففعل ذلك بعد أن باع شقته في نيويورك. إلا أن المكاسب الكبرى يمكن تحقيقها في أحياء المدينة غير التقليدية، كما تقول سمسارة العقارات الأرجنتينية ماريا جارفي، وهي تؤكد أنه ما زال هناك العديد من الفرص العظيمة للمستثمرين المستعدين للمخاطرة باستثمارات أكبر في المناطق المتوقع انتعاشها. فهناك، على سبيل المثال، مستثمرون أجانب يقبلون على الشراء في مناطق غير مألوفة مثل «تالمو» و«باراساس» حيث ما زالت الأسعار رخيصة ومغرية بالفعل. وتعد منطقة بارلمو فاجو في الوقت الحالي أفضل منطقة يُنصح بالشراء فيها. فقد أدى الطابع البوهيمي للمنطقة إلى إقبال واسع عليها. ويُلاحظ أن شوارعها المرصوفة المليئة بالمحلات الحديثة والمقاهي الجذابة تظهر فيها الآن العديد من اللافتات المكتوبة عليها كلمة «للبيع».