السعودية: ارتفاع أسعار الأراضي يعيق عمل شركات المسكن الاقتصادي

بن حمري: الوضع بحاجة إلى حلول في توفير عقارات بأسعار معقولة

توجهت العديد من الشركات العقارية في السعودية لإيجاد مساكن اقتصادية، مع إنشاء أخرى جديدة تختص بالمسكن الاقتصادي (تصوير: خالد الخميس)
TT

تواجه شركات المسكن الميسر والاقتصادي في السعودية، معوقات كبيرة أبرزها ارتفاع أسعار الأراضي غير المبرر، والمعتمد على إشاعات السماسرة، الأمر الذي دفع معه رفع أسعار الأراضي بشكل كبير، وتسبب في تغيير جدوى الدراسات التي أقامتها شركات المسكن الاقتصادي والشركات العقارية التي تسعى لإيجاد مساكن اقتصادية مختلفة، نتيجة الحاجة التي ظهرت للمساكن، بالإضافة إلى إعادة التوازن للإيجارات التي ارتفعت بسبب شبح التضخم الذي يجتاح البلاد.

وتسعى عدد من الشركات إلى طرح مشاريع إسكان اقتصادية، تعتمد بالدرجة الأولى إلى إيجاد الضروريات في تصاميم المنزل بمساحات تتناسب مع الثقافة الجديدة للفرد السعودي، والتي لا تعتمد على المساحات الكبيرة كما في السابق، وإنما تعتمد على إيجاد غرف ضيافة بمساحات معقولة تلبي حاجة الضيافة، في حين يتوجه الكثير إلى إقامة المناسبات المختلفة في الاستراحات والقاعات التي بدأت تظهر في المدن الرئيسية الثلاث.

وهنا ينبغي الاشارة الى ان العاصمة السعودية الرياض تشهد وجود استراحات بمساحات مختلفة وبأسعار معقولة تساعد على إقامة المناسبات، وبالتالي لم يعد الحاجة إلى إيجاد المساحة الكبيرة في المنزل، الأمر الذي يساعد على التحول إلى المسكن الاقتصادي، والذي أعلنت عدد من الشركات عزمها على تشييده.

ويطالب الكثير من المستهلكين طرح منازل ووحدات سكنية اقتصادي تتواكب مع الغلاء الذي شهدته المنطقة بشكل عام، في ظل عدم وجود شركات تمويل في الوقت الحالي، وصعوبة الحصول على تمويل من البنوك على الرغم من طرح الكثير من البنوك لمنتجات قريبة أصحاب الدخل المتوسط والمحدود، إلا انها لم تجد الإقبال المتوقع للتمويل العقاري.

في حين يرى عقاريون أن قيمة الأرض تؤثر بشكل كبير على قيمة المسكن، وارتفاع الأسعار يضع معوقات وصعوبات في دراسات وأبحاث شركات المسكن الاقتصادي، بالإضافة إلى انعدام وجود الدراسات الشاملة التي تسبب هي الأخرى معوقات لشركات المسكن الاقتصادي.

ويرى حامد بن حمري القحطاني مدير عام شركة تمكين العقارية والتي ستتخصص في المسكن الاقتصادي، إن قيمة الأرض يعتبر عاملا مهما يؤثر على تسعيرة المباني، وارتفاع الأسعار سينعكس طبيعاً على أسعار المنازل. وتابع بالقول: وبالتالي سيؤثر على فكرة إيجاد مساكن اقتصادي بأسعار معقولة، مؤكدا في هذ الاطار أن جميع مناطق السعودية تشهد ارتفاعات في أسعار الأراضي من خلال ازدياد الطلب.

وأشار بن حمري إلى وجوب إيجاد حلول لارتفاعات الأراضي كمشاركة الحكومة بتقديم أراضي للشركات المطورة بأسعار معتدلة مقابل إن تطور الشركة الأرض تطويراً شاملاً، ومن ثم تحصيل قيمة الأرض عند بيع المشروع، مبيناً أن عدم وجود كود للبناء يعوق من مسألة بناء مساكن اقتصادية، حيث بالامكان استخدام مواد بديلة عن المواد المستخدم حالياً بأسعار اقل على نفس الجودة تمكن من إقامة منزل اقتصادي.

وكشف بن حمري عن أن شركته ستعمل على ضخ استثمارات لإقامة دراسات، وبحوث لإيجاد حلول للمسكن الاقتصادي، مشيراً إلى أن البلد بحاجة حالياً لمشاريع المسكن الاقتصادي في ظل وجود شريحة كبيرة من المواطنين من فئة الشباب، الأمر الذي لا يمكنهم شراء منازل كما هي عليه في الوقت الحالي.

وأكد أن التضخم امتد الى المنتجات الصغيرة كالشقق والتي ارتفعت بأسعار عالية، تصعب من عملية الحصول على مسكن، وارتفاع أسعار الإيجارات، وبالتالي الوقت حان لهيئة الإسكان لإيجاد حلول لارتفاع الأسعار، خاصة أن احد أسباب ارتفاع الأسعار هو التوسع الأفقي وعدم وجود خيار التوسع العامودي، مما دفع بالأسعار بشكل كبير.

ولفت انه كان في حال وجود ارتفاعات سيساعد ذلك من تخفيف حدة الارتفاعات المتتالية، ولا تترك فرصة للسماسرة برفع الأسعار في الأراضي البعيد وخارج النطاق العمراني.

من جهته بين خالد العنزي خبير في الأراضي الكبيرة، أن أسعار الأراضي تتحرك بشكل كبير، خاصة في ظل دخول شركات عقارية كبيرة كالشركات الإماراتية والمصرية، وهو ما قد يحد من عملية توسع شركات المسكن الاقتصادي في ظل ضخ تلك الشركات لمبالغ للاستثمار في الأراضي العقارية، مشيراً إلى أن شمال العاصمة السعودية الرياض من أكثر المناطق حركة في ببيع وشراء الأراضي.

وأشار إلى أن مدينة الرياض شهدت صفقات بقيمة تجاوزت 2.6 مليار ريال (693 مليون دولار) مما يدل على الحركة الكبيرة، مبيناً أن شركات المسكن الاقتصادي بحاجة إلى أراضي تكون في الغالب على إطراف المدن حتى تتمكن من تثبيت جدوها الاقتصادية من خلال أسعار معقولة للمسكن.

وأضاف أن الشركات العاملة في مجال المسكن الاقتصادي بحاجة إلى إعادة دراساتها للتمكن من إيجاد حلول لارتفاع أسعار الأراضي والذي يتوقع ألا يكون في القريب المقبل، وذلك كون السوق العقاري في السعودية ينمو بشكل كبير عبر دخول شركات جديدة للسوق وطرح مشاريع ضخمة من قبل الحكومة.

يذكر أن السعودية بحاجة لعدد وحدات سكينة كبيرة خلال الفترة المقبلة، وتعمل الحكومة على إيجاد حلول لتوفير تملك المسكن للمواطن من خلال السماح بشركات التمويل العقاري، وإنشاء هيئة للإسكان، بالإضافة إلى توفير برامج تمويلية من قبل بعض المؤسسات الحكومية، كمؤسسة التقاعد وجهات حكومية أخرى.

وكانت قدرت إحدى الدراسات المحلية، ان نسبة ساكني الشقق من الأسر السعودية، تبلغ ضعف عدد ساكني الفلل، كما أن الشقق غالباً ما تكون مستأجرة، في حين ان الفلل مملوكة في الغالب لساكنيها، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه الاستثمارات العقارية 11 في المائة.

ويتجاوز حجم الاستثمار في القطاع العقاري في المملكة بحسب تقديرات غير رسمية 1.4 تريليون ريال، ويحتاج السوق إلى أكثر من تريليون ريال لاستثمار مساكن جاهزة مع أنه يستوعب نحو ثلاثة تريليونات ريال خلال العشرين عاما المقبلة. فيما قدر تقرير خليجي حجم الاستثمارات العقارية المتوقعة للسنوات الثلاث المقبلة في السعودية بنحو 82 مليار ريال، وذلك بحسب بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمارات. ويتوقع أن يسهم تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة في حل الكثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقارية، من خلال تسهيل عمليات التمويل والحد من ارتفاع أسعار العقارات وتوافر المساكن بشكل كبير ما يساعد على خفض نسبة التضخم التي سجلت ارتفاعا كبيرا في المملكة خلال العام الماضي. وكان فريق متخصص من وزارة المالية السعودية قام بدراسة تجارب ومنظومات التمويل العقاري في عدد من الدول التي تم اختيارها على أساس وضوح أنظمتها ورياديتها في أنظمة التمويل الإسكاني كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا أو التقارب الاجتماعي كمصر والأردن وماليزيا وباكستان. ويحتاج السوق العقاري إلى 4.5 ملايين وحدة سكنية جديدة بحلول عام 2020، بحسب إحصاءات لوزارة التجارة والصناعة، فيما يتوقع البنك الأهلي السعودي بناء نحو 3.2 مليون وحدة سكنية حتى العام 2020، وبمعدل 145 ألف وحدة سكنية سنوياً، وبحجم استثمارات يصل إلى تريليون ريال سعودي.