كندا وأستراليا وجهة المهاجرين المهنيين من الدول العربية.. ماذا توفر لهم أسواقهما العقارية؟

مع إعلانات الهجرة وتوجه العديد من أبناء المنطقة إلى هناك

أصبح المستثمرون العقاريون يبحثون عن الفرص العقارية في كل مكان من بقع العالم (خدمة كي آر تي)
TT

هناك بلدان غربيان كبيران يتطلع إليهما غالبية المهنيين وأبناء الطبقات الوسطى في دول العالم النامي، كقبلتهم المفضلة للهجرة. وهذان البلدان هما كندا وأستراليا اللذان لا يزالان يتبنيان سياسة جذب المهاجرين من أصحاب المهن المرغوبة أو المستثمرين ـ ليس بالضرورة الكبار، بل الصغار ومتوسطو الحجم ـ طالما كانت لديهم أفكار ومشاريع جديدة للاستثمار.

ومن بين المهاجرين إلى هذين البلدين كثير من أبناء الدول العربية (أيضاً من المهنيين المنتمين إلى الطبقات الوسطى)، الذين تجذبهم سياسة التجنيس في هذين البلدين مما يسمح لهم ببدء حياة جديدة مستقرة لهم ولأجيالهم القادمة يعتبرونها أفضل من حياتهم في دولهم العربية. كما أن فرص العمل في كندا وأستراليا ـ للمهنيين الأكفاء ـ قد تكون أفضل كثيراً من الوضع في غالبية الدول العربية. لذا رغم صعوبة الإجراءات التي يضطر المهاجر الى المرور بها قبل وصوله إلى بلد المهجر الجديد، فإن الإقبال على هذين البلدين سيتواصل إلى أن يقفلا باب الهجرة إليهما.

وفي هذه الأثناء يواجه المهاجرون الجدد، بعد نجاحهم في الهجرة، مشكلتين رئيسيتين: الحصول على عمل، ثم الحصول على مسكن. وسنحاول هنا تسليط الضوء على وضعي سوق العقارات في كلٍ من كندا وأستراليا.

* كندا رخيصة ولكن..

كندا بلد يتمتع بمساحات واسعة بينما لا يتعدى سكانه 30 مليون نسمة، أي ما يعادل سكان ولاية كاليفورنيا فقط في الولايات المتحدة. غير أن الثلاثين مليونا المقيمين في كندا يتوزعون على مساحة تبلغ 6 ملايين كيلومتر مربع. فكندا واحدة من الدول المتقدمة القليلة التي لا تعاني من الازدحام. ويضاف ذلك إلى سجل إيجابيات أخرى مثل الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، خصوصاً بعد اكتشاف كميات من النفط في ولاية ألبرتا. وعلى الرغم من أن كندا تعتبر من بلدان العالم الصناعي فإن أسعار العقارات فيها تعتبر منخفضة نسبياً. وفي هذا الصدد يقول سين كولينز، من وكالة «بيور» للعقارات إن «بعض زبائننا يأتون من أكبر المراكز الحضرية في العالم ساعين وراء الحصول على منزل محاط بعدة أفدنة في كندا بنفس سعر شقة من غرفة واحدة في منطقة الألب مثلاً». وتعرض وكالة بيور شققاً للبيع في منطقة مونت ترمبلانت بأسعار تتراوح بين 125 ألف دولار لشقة ذات غرفة نوم واحدة، و245.1 ألف دولار أميركي لشقة من أربع غرف نوم في المساكن الواقعة داخل المدينة. كما تعرض وكالة برميير ريزورتز المتخصصة في الشقق الفاخرة شققاً في مجمع يحتوي على حمام سباحة وملاعب تنس وملاعب رياضية أخرى بأسعار تبدأ من 551 ألف دولار. ويمثل مجمع «فيدلر لاك» السكني بديلاً لأولئك الراغبين في أن يكونوا بالقرب من منحدرات ترمبلانت وليس في المنتجع نفسه، وهي عبارة عن 200 فدان يُقام عليها 95 مسكناً من غرفتي نوم إلى أربع غرف، تبدأ أسعارها من 623.2 ألف دولار.  ويقع المجمع على بعد 45 دقيقة بالسيارة من مونتريال و40 دقيقة من ترمبلانت. كما أن مدينة سانت سافيير، التي يتحدث سكانها باللغة الفرنسية ليست بعيدة عن المجمع، وهي تشتهر بأنها تحتوي على أفضل منتجعات التزلج على الجليد في كندا والولايات المتحدة. وفي مدينة كوتي نورد هناك 72 مسكناً معروضا للبيع تبدأ أسعارها من 425.5 ألف دولار، وشقق في لاك ديسمارياس، تبدأ أسعارها من 257.5 ألف دولار، بينما تعرض شركة إيمونفست 71 جناحاً في فندق تم تحويله إلى مساكن من غرفة واحدة إلى أربع غرف، تبدأ أسعارها من 245.48 ألف دولار.

فكندا ليست مجرد مساحات برية خلابة، إذ تجد فيها أيضاً مراكز حضرية مثل مونتريال وتورنتو الشهيرتين بالمطاعم والمقاهي والأنشطة الثقافية العديدة ومراكز التسوّق المتنوعة، فضلاً عن رحلات الطيران الدولية السهلة والمنظمة. كما تشتهر مونتريال باستضافتها لسباق السيارات الدولي فورميلا وان، ومهرجانات سنوية للجاز والكوميديا. وكثيراً ما تُوصف كندا بأنها أرض المنتجعات الصالحة لكل الفصول حيث تتوفر الفرصة للاستمتاع بأنشطة متنوعة في الهواء الطلق، مثل رياضة الغولف صيفاً والتزلج على الجليد شتاء. وفي هذا السياق تقول أندريا ماري، من شركة إيمونفست في مونتريال إن للمدينة نكهة أوروبية، نظراً إلى أن معظم مبانيها تعود إلى القرن التاسع عشر ومبنية بأحجار الغرانيت الشاحبة وتذكرك بمنطقة الميناء القديم والقلاع الإسكوتلندية. ولكنك تشعر في لحظة أخرى بأنك في فرنسا حين تنظر إلى الزخرفة الفنية للافتات المترو المهداة من الحكومة الفرنسية. وتضيف أندريا ماري أن أسعار الشقق من غرفة واحدة في شارع شيربروك والمنطقة التي تحيط به تبدأ من 218.5 ألف دولار وتصل إلى 817 ألف دولار للشقة الفاخرة. لكن الأسعار أرخص في شمال مونتريال، حيث يمكنك الحصول على شقة من غرفة واحدة بـ131.1 ألف دولار.

من جهة أخرى، يجب الانتباه إلى الجوانب القانونية والرسوم المالية التي تصاحب شراء العقار، فهناك ضريبة واحدة تفرض على العقارات وهي ما يعرف باسم « الضريبة الفيدرالية على البضائع والخدمات». ولكن في حالة الشراء عن طريق الاقتراض المصحوب برهن فإن هناك مصاريف إضافية بما في ذلك رسوم طلب رهن تبلغ حوالي 500 دولار وتصل باقي التكاليف ـ بما في ذلك رسوم الخدمات القانونية ورسوم تسجيل الملكية وتسجيل الرهن ـ إلى نحو ألف دولار. كما ينبغي ملاحظة أنه وفقاً للقوانين الكندية فإن مجرد تقدمك بعرض للشراء يجعل العقد ملزماً ويفرض عليك دفع غرامة في حالة تخليك عن الشراء أو حتى تغيير العرض المقدم. وبالطبع فهناك ضريبة تدفع على الدخل الشهري من الإيجار.

* أستراليا.. التصحيح مقبل أما في أستراليا فقد حذرت جمعية الإسكان الأسترالية العام الماضي، في تقريرها الدوري حول مستقبل السوق، من أن أسعار العقارات في غالبية المدن الرئيسية في أستراليا تعتبر متضخمة وأن السوق قد يتعرض لحركة تصحيحية خلال عام 2008، لكنه سيعود إلى الارتفاع بعد ذلك. واستبعدت الجمعية التكهنات والتقارير التي تحدثت عن انهيار في الأسعار. وأوضحت إحصاءات الجمعية أن مبيعات المنازل الجديدة في أستراليا هبطت في الربع الثالث من العام الماضي بنسبة 3% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الذي قبله. لكن إحصاءات الجمعية، التي تعتبر مصدراً موثوقاً في سوق العقارات في أستراليا، بينت أيضاً أن مبيعات مجمعات الشقق السكنية ارتفعت في نفس الفترة بنسبة 18.2%، بينما انخفضت مبيعات الفيللات الكبيرة بنسبة 6.2%. وبناء على هذه الأرقام ومؤشرات اقتصادية أخرى، توقع المدير العام لوكالة أسترانفست العقارية، سيمون تننت، أن يستمر الاحجام عن العقارات الاسترالية خلال عام 2008 خصوصاً أن أسعار الفائدة لا تزال مرتفعة. وأشار إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة على القروض العقارية لا تؤثر على حماس المشترين فحسب، بل تقلل من رغبة شركات المقاولات في بناء عقارات جديدة. واضاف تقرير الجمعية أن زيادة أسعار الفائدة لم تؤد إلى ارتفاع في معدل البطالة التي ظلت عند أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات. غير أن انخفاض مبيعات العقارات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري كان أقل من توقعات التقرير، مما يشير إلى أن دورة التراجع في سوق العقارات الأسترالية قد وصلت إلى نهايتها وأن العام المقبل قد يشهد دورة جديدة من صعود الأسعار. من جهة أخرى قال موقع إنفستر بروفيدر على شبكة الإنترنت والمخصص في الشؤون العقارية إن الصورة المتوقعة لسوق العقارات في أستراليا خلال السنوات الخمس المقبلة تبدو حسنة، نظراً إلى أن العوامل الاقتصادية مستقرة، بالاضافة إلى رغبة واضحة من المستثمرين الأجانب في الدخول إلى السوق الأسترالي. وأضاف الموقع أن تاريخ العقارات في أستراليا يوضح أن نمو رأس المال المستثمر في العقار ينمو سنوياً بنحو 10% في معظم المدن الرئيسية، فضلاً عن أرباح الايجار التي تتراوح بين 6 و8 في المائة من قيمة العقار. وأشار التقرير أيضا إلى أن التنبوء بنموٍ في عقارات أستراليا يعود إلى تزايد رغبة كثير من المستثمرين حول العالم في نمط الحياة الأسترالي، ومن ثم إقبالهم على اقتناء عقارات فيها.