إيطاليا: مشاريع المواصلات التطويرية تنشط قطاع العقار في بولونيا

قبل افتتاح «إكسبو 2015»

يتطلع خبراء العقار نحو مدينة بولونيا الايطالية الشمالية العريقة («الشرق الاوسط»)
TT

في ايطاليا، وبعيدا عن صقلية في الجنوب واسواقها العقارية النشطة، يتطلع خبراء العقار نحو مدينة بولونيا الشمالية العريقة التي تشهد تطورات كثيرة هذه الايام سواء كانت على الصعيد العقاري او على صعيد المواصلات. إذ اكدت الحكومة المحلية نيتها بناء ما لا يقل عن 8 آلاف وحدة سكنية جديدة في المدينة (400 الف نسمة و600 الف نسمة في الضواحي)، بالإضافة الى تطوير قطاع المواصلات المحلية العامة والدولية قبل افتتاح معرض «اكسبو 2015». وتسعى المدينة عبر بعض المشاريع ان تكون صلة الوصل او محطة حديثة بين الكثير من المناطق والمدن الإيطالية، رغم انها ليست المدينة الوحيدة التي تحاول تغيير حلتها واللحاق بعالم المدن الاوروبية الحديثة كميلان القريبة وبارما وفلورانس وغيرها. ورغم ان المشاريع الكبيرة في ايطاليا تستغرق عادة سنوات لإنجازها، فإن العقاريين والاقتصاديين يتوقعون ان تنتهي مشاريع تطوير البنى التحتية في بولونيا بأقل وقت ممكن، لتكون مثالا حيا وحديثا للمدن المتوسطة الحجم في اوروبا.

الحكومة كما يبدو رصدت ما لا يقل عن 2.4 مليار دولار لتوسيع مطار ماركوني الدولي في المدينة، وبناء محطة قطار رئيسية جديدة وشبكة من القطارات الكهربائية او ما يعرف بالمترو التي تعمل تحت الارض (1.8 مليار دولار كلفة المشروع). بالإضافة الى خط يربط المطار بمحطة القطار الرئيسية كما هو الحال في العاصمة لندن ومحطة بادينغنتون ومطار هيثرو. اضف الى ذلك مشاريع خاصة بالطرقات السريعة وخط سكة حديد خاص بالقطارات السريعة. وتقول غويسبينا غواليرتيري، وهي احدى مديرات المطار، بهذا الصدد «اهم شيء ان تحصل عملية توسيع المطار، لأن كل شيء في المدينة سيتبع هذه الخطوة». ومن هذه الاشياء التي ستلحق بالمطار، عملية بناء مساكن جديدة لجامعة المدينة التي تعتبر الاقدم في العالم (تأسست عام 1088)، والتي ايضا ضاقت بها المساحة وسط المدينة التاريخي. وتقدر الحكومة وبعض المستثمرين الصغار، كلفة المشروع السكني الجديد بـ1.2 مليار دولار. ومن ضمن المشروع ستتم عملية اعادة بناء قسم الهندسة ايضا في حي برتيليا ـ لازيراتو خلال السنوات الخمس المتوقعة لإكمال المشروع وافتتاحه.

وحسب معدل النمو، والدراسات الاخيرة، فإن المدينة ستحتاج الى 20 الف ساكن خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة، وان حاجة الشركات المحلية الى العمال تتزايد يوما بعد يوم.

الا ان بعض المخاوف لا تزال تراود المسؤولين، إذ ان المواطنين في مدينة فلورانس صوتوا في استفتاء عام ضد مشروع لتطوير البنية التحتية لقطاع المواصلات في المدينة بقيمة 500 مليون دولار. وعلى الصعيد الاوروبي، اكدت دراسة اخيرة لمؤسسة «سافيلز» العقارية الدولية، مثلما اكدت «الشرق الاوسط» أيضاً قبل فترة ان اسعار العقارات السكنية في بريطانيا قد تتراجع بنسبة 25 في المائة خلال العامين المقبلين. واوضحت الدراسة ان اسعار العقارات في بريطانيا والعاصمة لندن خصوصا بعض المناطق المعروفة ستتعرض لتراجع كبير يصل الى 10 في المائة هذا العام ثم تراجع بنسبة اكبر العام المقبل (2009) تصل الى 15 في المائة، إذا ما تواصلت ازمة الإئتمان الدولية. وترافق نشر التقرير مع التقرير الذي نشرته مؤسسة هومتراك»، البريطانية المعروفة (معنية بارقام سوق العقار)، والذي يؤكد تراجع اسعار العقارات الشهر الماضي (مارس (آذار) 2008) بنسبة 0.6 في المائة. وعلى هذا الاساس تكون اسعار العقارات قد تراجعت للشهر السابع على التوالي، أي منذ نوفمبر (2007)، وهي اكبر نسبة تراجع للأسعار منذ ديسمبر (كانون الاول) عام 2006. ويقول الاستفتاء الذي اجرته المؤسسة مع المكاتب العقارية والسماسرة، بأن الاسعار تراجعت بنسبة 0.9 في المائة عما كانت عليه السنة الماضية. ويبدو ان اكثر المناطق عرضة لهذا التراجع المتواصل كما يبدو: مقاطعة ويلز والعاصمة لندن والمناطق الغربية في الوسط ومنطقة شرق انغليا. وفيما ارتفع عدد الصفقات المعقودة في شهري فبراير (شباط) ومارس تراجع العدد الشهر الماضي، كما تراجع عدد الطلبات لشراء المنازل.

وتوقع مركز دراسات ادارة الاعمال والاقتصاد في لندن، على ضوء معطيات السوق الحالية، ان يرتفع عدد المصادرات العقارية (العقارات التي تستعيدها البنوك لعجز اصحابها عن الوفاء بالأقساط الشهرية لارتفاع نسبة الفائدة هذا العام بنسبة 23 في المائة ليصل الى 33.4 الف مصادر. وكان هذا الرقم وصل الى 75 الفا بداية التسعينات حيث شهدت بريطانيا ركودا كبيرا في سوق العقار). وتؤكد العديد من المؤسسات العقارية والدراسات، ان شح القروض العقارية وغلاءها او بندرتها في الاسابيع القليلة الماضية، كل ذلك ساهم في تراجع الاسعار وانتشار الظاهرة الى مناطق كثيرة. وتراجع عدد القروض العقارية التي منحتها البنوك هذا العام بنسبة 46 في المائة عما كانت عليه العام الماضي وهي نسبة كبيرة تصل للنصف تقريبا. ويقول ريتشارد دونال عن مؤسسة «هومتراك» في هذا الإطار: «بينما يؤثر توفر التمويل بقوة على الطلب في بعض القطاعات، يقول الواقع ان تراجع الثقة في السوق ادى الى اضراب عند المشترين، ودفع اصحاب الملك الى الترقب والانتظار.. قلة الثقة تضعف الطلب». وتقول يولاندي بارنز عن «سافيلز» في هذا الإطار ايضا، ان توفر القروض وانواعها خلال الفترة المقبلة بنسبة اكبر، قد يؤدي الى دعم السوق حصر التراجع في الاسعار هذا العام بنسبة 6 في المائة بدلا من 10 في المائة، وبنسبة 13 في المائة العام المقبل.

من ناحية اخرى، زادت مخاطر التراجع الحاد الذي يشهده السوق العقاري في البلاد (يعتبره البعض انهيارا)، على نمو الاقتصاد بشكل عام. وتتخوف المفوضية من ان يؤدي ارتفاع معدلات الفائدة على القروض العقارية، والتضخم في اسعار العقارات بسبب الطفرة التي شهدتها البلاد خلال السنوات العشر الماضية، الى حصول هبوط حاد في سوق العقار مما سيؤثر على الاقتصاد الوطني سلبا.

لكن الحكومة الاسبانية على لسان وزير المالية بيدرو سولبيز، رغم موافقتها على وجود مخاوف من حجم الديون العقارية في اسبانيا، خففت من حدة التحذير، قائلة ان الاقتصاد في صحة جيدة، ولن تهزه التراجعات في الاسعار. «نحن نعرف ان الاسعار تهدأ هذه الايام لكن النمو الاقتصادي يبقى اعلى.. اسعار العقارات لم تنخفض بالمعنى الحرفي». إلا ان الوزير اعترف بأن ازمة الائتمان الدولية وارتفاع معدلات الفائدة، قد اثرا على 3 قروض عقارية من اصل كل 10 قروض. المفوضية الاوروبية، تصر على أن الاسعار ستشهد تصحيحا بالمستقبل، وتقول انه لا بد من حصول تراجع لكن بشكل متدرج وبطيء حاليا، إذ ان الطلب من الخارج (خصوصا بريطانيا واميركا على العقارات الإسبانية لا يزال عاليا. وهذا الهبوط الحاد سيرافقه تراجع في النمو الاقتصادي من 3.3 في المائة العام الماضي الى 3.1 في المائة العام الحالي، وهو معدل اعلى من المعدل الاوروبي العام.

وكانت الحكومة الاسبانية في تقريرها الاخير، قد اكدت ان النمو في الاسعار تراجع من 20 في المائة عام 1998 الى 4 في المائة العام الحالي. إلا ان بعض المعلقين والخبراء الاسبان في السوق العقاري، يخالفون هذا التقدير ويقولون ان الاسعار تراجعت في بعض المناطق بنسبة 20 في المائة خلال الربع الاول، وان ازمة الائتمان الدولية ليست هي المسؤولة عن التراجع الحاد في السوق العقاري بل الى المناطق الفقيرة التي بناها العمال المهاجرون من شمال افريقيا واوروبا الشرقية.