عقارات المشاهير.. «فنون وجنون»

الخدمات العقارية الموجهة إليهم تستلزم مهارات خاصة

يحرص المشاهير كثيرا على الخصوصية في اختيار بيوتهم (نيويورك تايمز)
TT

*يقول «ريتشارد كلج»، وكيل العقارات لدى شركة «انترناشونال رياليتي» في منطقة «بيفرلي هيلز» بكاليفورنيا، «يجب أن تحظى بسمعة أنك كتوم للأسرار. يجب أن يعلموا أنك كتوم». يؤكد خبراء العقارات أن المشاهير يتسمون أحيانًا ببعض الميول الغريبة المثيرة للضحك، مثلما الحال مع غالبية الأشخاص العاديين، وإن كانت طرائف المشاهير تجتذب قدرًا أكبر من الاهتمام الإعلامي. وداخل مجال الاتجار في العقارات، تطورت محاولات تلبية هذه الميول الغريبة لتصبح صناعة متخصصة. من ناحيتهم، يعتقد وكلاء العقارات أن العمل بمجال الخدمات العقارية الموجهة إلى المشاهير والنجوم يستلزم مهارات خاصة تتنوع بين القدرة على استباق «الباباراتزي» (الاسم الذي يطلق على الصحافيين ممن يطاردون المشاهير) والتمتع بالخبرة بمجال الأنظمة الأمنية المتقدمة. ويقول «ريتشارد كلج»، وكيل العقارات لدى شركة «انترناشونال رياليتي» في منطقة «بيفرلي هيلز» بكاليفورنيا، «يجب أن تحظى بسمعة أنك كتوم للأسرار. يجب أن يعلموا أنك كتوم». ودائمًا ما يتسم نجوم المجتمع بارتفاع مستوى شعورهم بالبارانويا (أو جنون الاضطهاد)، ما يمكن إيعازه إلى الولع الشديد الذي تبديه الصحافة بالعقارات التي يمتلكونها، حيث تخصص مجموعة من الصحف اللندنية، إلى جانب «وول ستريت جورنال» و«لوس أنجليس تايمز» و«ذي نيويورك بوست» والكثير من المواقع الالكترونية على شبكة الانترنت، مساحات منتظمة من صفحاتها لتناول الصفقات التي يعقدها مشاهير المجتمع ولو كانوا من الدرجتين الثانية والثالثة.

وخلال الأسابيع الماضية، على سبيل المثال، تناقلت الصحف بمختلف أنحاء العالم مقالات بشأن قرار «بيرت رينولدز» بخفض سعر مسكنه في فلوريدا من 15.9 مليون دولار إلى 10.5 مليون دولار، بينما ركزت صحف أخرى اهتمامها على الطفل النجم السابق «فرانكي مونيز» الذي قرر عرض منزله الذي يضم خمس غرف للنوم بمنطقة «بيفرلي هيلز» في لوس انجليس للبيع مقابل 3.9 مليون دولار. من جانبه، يعتقد «روث ريون»، الذي يكتب عمودًا حول ممتلكات المشاهير العقارية في صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، أن المشاهير «يعيشون في عالم خيالي. ويحب الناس قراءة أخبار أفراد آخرين يملكون أكثر مما يمتلكون هم». من ناحية أخرى، ورغم أن سجلات العقارات متاحة أمام الرأي العام، فإن الكثير من النجوم عادة ما يستعينون بأشخاص يثقون بهم أو مجموعات تعمل بمثابة واجهة، في محاولة لإخفاء صفقاتهم. فعلى سبيل المثال، أشارت وسائل الإعلام إلى أن المغنية «كريستينا أجيلرا» استخدمت «صندوق برات باك فاميلي» عندما دفعت 11.5 مليون دولار لشراء منزل «أوزي أوبسورن» في غرب هوليوود. ومن الناحية الرسمية، فقد تم بيع المنزل من جانب شخص يدعى «ميني»، وهو أحد الأشخاص المقربين من عائلة «أوزي» ومحل ثقتهم. ويؤكد وكلاء العقارات أنه في كثير من الجوانب، يدير النجوم شؤونهم التجارية بصورة مختلفة عن الأشخاص العاديين، حيث يميلون نحو التأخر عن مواعيدهم، ويحب الكثيرون منهم التسوق أكثر من الشراء ذاته. وعادة ما يطلبون شراء عقارات بمداخل خاصة وأسوار عالية تحجب رؤيتهم عن «الباباراتزي». ويؤكد الوكلاء المتخصصون في سوق عقارات النجوم أن مهمة إبعاد الصحف الصفراء عن عميل ما قد تصبح مهنة إضافية. يذكر أن من أشهر الحوادث في هذا السياق، تنكّر مراسل لإحدى الصحف الصفراء اللندنية في شكل شيخ عربي يسعى لشراء عقار، وذلك للدخول إلى عزبة يمتلكها الأمير «مايكل» المقيم بمقاطعة «كنت». وعليه، نجد أنه في لندن حاليًا، يتم إجبار المشترين المحتملين في الغالب على توقيع اتفاقات تقضي بضمان السرية قبل مجرد السماح لهم بمس أو مشاهدة عقارات مملوكة لمشاهير، وهو ما يؤكد «نويل دي كيزر»، مدير مكتب شركة «سلوان ستريت» في «سافيل»، أنه «لم يحدث قط منذ عشر سنوات ماضية». ويعلم الوكلاء المعنيون ببيع العقارات في المدن الكبرى، مثل لندن ولوس أنجليس ونيويورك، أنه عند ورود إشارة لهم بـ«تنظيف» منزل ما، فإن ذلك يعني أن أحد المشاهير في طريقه لمعاينته. ويوضح «جوشوا جدج»، مدير شركة «كولدويل بانكر كينيدي» في نيويورك، أنه «عادة ما أقول إنه لو كان هناك مصور واحد، فلن يقدم العميل على شراء العقار قط». وفي بعض الأحيان، لا يلتقي الوكلاء بعملائهم النجوم حتى المراحل النهائية من عملية الشراء. وتعلق «لوسي راسل»، مديرة شركة «كونتسشنالي إستيتس» في لندن والمتخصصة في سوق العقارات الفاخرة، على هذا الأمر بقولها إن النجوم من الفئة الأولى، أمثال «مادونا» و«كيرا نايتلي» «لديهم مساعدون جيدون للغاية». وبعيدًا عن الرغبة في ضمان الخصوصية، فهناك أسباب عملية تدعو المشترين من النجوم للإبقاء على هويتهم مجهولة لأطول فترة ممكنة. ويفسر «كارلوس ريفرز»، المتخصص في العقارات بشركة «تشسترتون» في لندن، السبب بقوله: «إننا جميعًا نعلم ما يملكون. وهذه نقطة سلبية». يذكر أنه في العام الماضي، لم يعبأ صاحب منزل حتى بمجرد الرد عندما تقدمت «مادونا»، جارته، بعرض لشراء منزله بسعر يقل عن السعر الذي طلبه بمئات الآلاف من الجنيهات، وذلك طبقًا لأحد وكلاء العقارات على دراية بالصفقة. وفي نهاية الأمر، حسّنت المطربة الشهيرة، التي تقبل بنشاط على شراء عقارات في نيويورك ولندن، عرضها حيث دفعت 6 ملايين إسترليني، ما يعادل 11.8 مليون دولار، مقابل المنزل المكون من ثمانية غرف نوم وتم بناؤه على الطراز «الجورجي».

أما داخل صناعة التسويق العقاري ذاتها، فيدور جدل واسع حول تأثير النجوم على قيم العقارات. ومن ناحيتها، تعتقد «باربرا كاندي» من شركة «انترناشونال ريال إستيت» في نيويورك، أنه «عندما ينصبّ بحث الأفراد داخل هذا المدى السعري، لا يصبح من الضروري أن تقول أن هذا المنزل كان يخص في يوم من الأيام شخصا بعينه. وإذا كنت رجل أعمال ذكيا، فستبحث عن القيمة، وهذا هو الشيء الوحيد الذي ستبحث عنه». جدير بالذكر أن «كاندي» تمثل «روبرت مردوخ»، وهو أحد أبرز رجال الإعلام، والذي سمح لها باستخدام اسمه في التسويق للعزبة التي يمتلكها بمنطقة «لونج أيلاند ساوند» والمقامة على مساحة تبلغ هكتارين، والتي تم عرضها في السوق العام الماضي بسعر 14.8 مليون دولار. واليوم، لا تزال معروضة بالسوق بسعر 12.8 مليون دولار. بيد أنه من المؤكد أن وجود النجوم يخلق صخبًا واهتمامًا حول العقارات، حيث يرى «جيلز كوك»، مدير مكتب شركة «تشسترتون» في وسط لندن، أن ذلك «يضيف إثارة وفضولاً بالتأكيد». وفي العام الماضي، ورغم استمرار تحرك السوق باتجاه الانخفاض، باعت «باريس هيلتون» منزلاً في لوس أنجليس مقابل 3.865 مليون دولار، وهو مبلغ يفوق بكثير الأسعار التي بيعت بها المنازل الأخرى بالمنطقة ذاتها، حسبما أكد وكلاء العقارات. ويعتقد «كلج» أنه «لو لم تكن «باريس» مرتبطة بالمنزل، لكان من المستحيل أن يحقق هذا المبلغ». في العام الماضي، عندما لاحقت عدسات المصورين «فيكتوريا بيكهام» وعدد من معاونيها أثناء تفقدها منزلاً في لوس أنجليس تجاوزت قيمته 10 ملايين دولار، كان من بين أول الأسئلة التي طرحتها: «من هم المشاهير الذين يعيشون بالجوار»؟

* خدمة «نيويورك تايمز»