جزر سيشل الأفريقية وتايلاند الآسيوية وكوستاريكا اللاتينية تجذب مستثمري العقارات الدوليين

مع ازدياد الباحثين عن صفقات مغرية

المستثمرون ما زالوا يأتون إلى تايلاند لكنهم أصبحوا يفضلون شراء الفيللات الآمنة البعيدة عن الشاطئ («الشرق الاوسط»)
TT

مع أزمة أسواق العقارات في الولايات المتحدة وأوروبا راح مستثمرو العقارات يبحثون عن مواقع جديدة حول العالم لمواصلة استثماراتهم، إلى حين استقرار الأوضاع في الأسواق الغربية مرة أخرى. ورغم أن الأسواق الغربية تعتبر أصلاً غالية، لكن استقرارها المالي والسياسي هو الذي عادة ما يجذب المستثمرين إليها، لأن درجة المخاطرة قليلة. أما في الأسواق الجديدة والنائية فتعلو، بطبيعة الحال، درجة المخاطرة لكن في الوقت نفسه إذا أصبت السوق الصحيح وكنت محظوظاً فيمكن أن تكون هذه فرصة نادرة للثراء. ونعرض في هذا الموضوع بعض الأسواق العقارية غير المألوفة لكنها شهدت في السنوات القليلة الماضية حركة لفتت انتباه المستثمرين.

جزر «سيشل» الأفريقية: تقع سلسلة جزر «سيشل» على الساحل الشرقي للقارة الأفريقية بالقرب من جزيرة مدغشقر، أكبر الجزر الأفريقية في المحيط الهندي. وظلت سيشل لوقت طويل قبلة عطلات مفضلة للأثرياء الراغبين في العزلة، إلا أن السماح للأجانب بتملك عقارات في تلك الجزر أدى إلى تغيير نظرة المستثمرين لها، وإلى تغيير حظوظ الجزيرة. وعند النظر إلى الدليل السياحي لـ «سيشل» ستجد أن هذه الدولة، التي تعتبر جوهرة المحيط الهندي من حيث جمالها الطبيعي، تتكون من 115 جزيرة طبيعية بالاضافة إلى جزيرة اصطناعية (هي الجزيرة رقم 116) والتي أطلق عليها اسم عدن وبُنيت خصيصاً لمستثمري العقارات الأجانب. افتتحت عدن أبوابها رسمياً للجمهور في أغسطس (آب) من العام الماضي، وذلك لتدشين مشروع «عدن هاوس» الذي يضم مباني مكتبية وجسراً يربط جزيرة عدن بجزيرة «ماهي» التي تعتبر الجزيرة الرئيسية في سيشل، ويسكنها نحو 80 في المائة من جملة سكان سيشل البالغ عددهم 82 ألف نسمة فقط. ونجحت عدن الجديدة حتى الآن في جذب مستثمرين من جنوب أفريقيا وأستراليا، لكن حكومة سيشل تأمل في جذب المستثمرين الأوروبيين الباحثين عن عقارات أجنبية في مواقع اخاذة حول العالم. لكن جايل جرافيل، مدير مبيعات لدى شركة مقاولات جديدة تدعى عدن، يشرح السبب في قرار الحكومة إنشاء جزيرة اصطناعية بينما لديها ما يكفي من الأراضي الطبيعية الجذابة، فيقول: إن السكان المحليين يعتدّون بأنفسهم وبأرضهم إلى درجة كبيرة. ورغم ترحيبهم بوجود مستثمرين أجانب للعقارات في بلادهم، فهم يرفضون عادة بيع أراضيهم. لذا فقد كان لزاماً على الحكومة إنشاء جزيرة اصطناعية، خصوصاً بعد أن استجابت سيشل للمطالب الدولية ووافقت على السماح للأجانب بشراء العقارات والملكية الحرة. وبالفعل، تم إنشاء الجزيرة عبر استرجاع 95 فداناً من الأرض بواسطة تقنيات حديثة طوّرتها إمارة دبي التي أيضاً ردمت جزءاً من البحر لايجاد مزيد من الأرض. وبعد اكتمالها أصبحت جزيرة عدن أول موقع في سيشل يسمح بالملكية الحرة لعقاراته. كما أنها أول منتجع حديث في الدولة يضم 470 شقة، بالاضافة إلى منازل وفيللات تتمتع كل مجموعة منها بمرساها الخاص لليخوت الفاخرة. وستضم عدن ايضاً أول مجموعة من مراكز التسوّق المقامة وفق المواصفات العالمية. هذا بالاضافة بالطبع إلى كونها المكان الوحيد في سيشل الذي يستطيع فيه الأجانب شراء عقارات دون أن يمروا بإجراءات بيروقراطية معقدة ومكلفة.

تايلاند في آسيا: رغم التطمينات الجديدة وشروط البناء التي فرضتها تايلاند بعد كارثة التسونامي فإن جيمس نجاي من شركة «كينغي»، يصر على أن المستثمرين ما زالوا يأتون إلى تايلاند لكنهم أصبحوا يفضلون شراء الفيللات الآمنة البعيدة عن الشاطئ. ومن بين المستثمرين شركة «كينغي» نفسها التي أقامت 45 منزلاً جديداً في منتجع «هو هين» على الطراز الذي يسمى «دير رهبان». كما تتولى الشركة بيع شقق من غرفة وغرفتين بأسعار تتراوح بين 281.200 و 427.500 دولار. وتطل الشقق على مناظر خلابة لتلال بورما التي تبعد حوالي 70 كيلومترا، كما تبعد الشقق ذاتها عن الشاطئ نحو 15 دقيقة سيراً على الأقدام. وتسعى الشركة حالياً لفتح مكتب يتولى إدارة الإيجارات بهدف جذب المستثمرين الأجانب الذين يشترون عقارات ولا يسكنونها. ويقول نجاي إن كل فيللا تحتوي على حوض سباحة طوله عشرة أمتار وشرفات صالحة للتشمس، إذا كان السُكان لا يرغبون في الذهاب إلى الشاطئ. وبالفعل عُرضت هذه المساكن كجزء من حملة أكبر تدعمها الحكومة من اجل إعادة البلاد إلى التنافس مع الأسواق العقارية الأخرى التي تشتهر بالطقس الجميل مثل فلوريدا وجزر الكاريبي. ويتوقع تجار العقارات أن تنتعش المناطق السياحية الجديدة مثل «هو هين» والمناطق القديمة مثل «فوكيت» مما سيؤدي بدوره إلى انعاش سوق العقارات. وكانت «فوكيت» قد عانت في عام 2005 من الركود السياحي الذي أعقب التسونامي. وبلغ ضحايا المدينة من جراء تلك الكارثة 300 شخص وتحطم 400 مبنى. وعلى الرغم من أن الدمار في المدينة كان اقل بكثير من الدمار الذي لحق ببقية المناطق المجاورة، فقد انخفضت نسبة النزلاء بالفنادق بـنحو 90 في المائة خلال شهر من الكارثة. وبعد مرور عام كانت نسبة الانخفاض 40 في المائة ثم بلغت 15 في المائة في ديسمبر الماضي مقارنة بنفس الشهر من السنوات السابقة للتسونامي. لكن «فوكيت» تتوقع ازدهاراً وطفرة كبيرة خلال العام الجاري، كما أخذ الإقليم يستعيد سمعته كواحد من أكثر المناطق السياحية. وأعيد بناء الفنادق والمقاهي والملاهي المطلة على البحر. ويبدو ذلك أكثر وضوحاً في «باراما» وهي جزيرة صغيرة تبلغ مساحتها 80 فداناً وتقع في مياه محمية على بعد كيلومتر واحد من الساحل الشرقي لفوكيت. وقد بدأ العمل فعلاً في بناء 31 فيللا فاخرة تتراوح أسعارها بين 4 ملايين و12 مليون دولار، و73 مرسى يخوت وفندق فاخر تديره شركة "جميرا انترناشونال" التي تدير فندق برج العرب في دبي المشهور بفخامته. وتعتبر فوكيت مكاناً نموذجياً للمستثمرين الأثرياء المتضجرين من رداءة الخدمات الملازمة لأماكن مثل منتجعات الكاريبي. كما توجد في منتجع «بوروفارنا» في الحدود الجنوبية لفوكيت شقق بأسعار تتراوح بين 182،400 و 665 ألف دولار. أما في منتجع «بانغ تاو» في جنوب تايلندا فهناك فيللات فاخرة بنيت حديثاً وفق متطلبات سلامة المباني ـ التي فرضت بعد التسونامي ـ تتراوح أسعارها بين 309.700 و 507.300 دولار. كوستا ريكا في أميركا الجنوبية: شهد إقليم «جواناكاست» شمال كوستاريكا قفزة هائلة في أسعار العقارات منذ العام الماضي بعد أن جرت فيه عمليات بناء مكثفة قامت بها شركات فنادق كبرى مشهورة عالمياً وأخرى صغيرة محلية. وأحد مفاتيح هذا التحول هو المطار الدولي الذي أقيم في ليبيريا عاصمة الإقليم، حيث يستقبل رحلات يومية من الولايات المتحدة وعددٍ من البلدان الأوروبية. فمناطق مثل «تاماريندو» و«كونشال» و«بلايادلكوكو» تعتبر مناطق معقولة للاستثمار العقاري، لكن الصفقات المغرية حقاً تُوجد حالياً في «براسيليتو» و«بلاياجونكويلال» حيث يمكنك الحصول على فيللا فاخرة بحوض سباحة بمبلغ 380 ألف دولار فقط. فالأسعار في هاتين المنطقتين تقل بنسبة 30% عن الأسعار في مناطق وسط وجنوب كوستاريكا. وعلى الرغم من أن البنى التحتية لا تزال ضعيفة فالسلطات المحلية تعمل بجدية من أجل تحسينها.

وتوفر المنطقة الساحلية «جاكو» ومتنزه «مانويل أنطونيو» القومي في منطقة «بونتاريناس» المجاورة تسهيلات علاج طبيعي وجزراً صغيرة ومنتجعات برمال ذهبية محاطة بمساحات ضخمة من الغابات الكثيفة. وتبدأ أسعار الشقق في «جاكو» من 76 ألف دولار وتصل إلى 304 آلاف دولار للمنازل المطلة على المحيط والمحتوية على أحواض سباحة. ويُتوقع أن ترتفع الأسعار بشكل ملحوظ عندما يتم افتتاح طريق سان خوزيه ـ سيوداد كولون أورتينا، وهو الطريق القريب من المنتجعات الموجودة في المنطقة. ويقول أندريه دروست من وكالة «تروبسفير» للعقارات: لدينا عروض غير عادية، فهناك قطع أراض من الدرجة الأولى قريبة من «مونتيزوما» معروضة بـ 29 دولاراً للمتر المربع. وعلى سبيل المثال اشترى جيف مارش، البريطاني المتقاعد، منزلاً مواجهاً للشاطئ في منطقة «مال بايس» تبلغ قيمته حوالي مليوني دولار في عام 2005. وهو الآن يستثمره في توفير عطلات للمشاهير أمثال الممثل الأميركي الشهير ليوناردو ديكابريو. وبشكل عام فقد نجحت كوستاريكا في السنوات الأخيرة في جذب عدد كبير من الأجانب عن طريق تقديم حوافز ضريبية ومزايا أخرى. وبالفعل فإن مقاهي «إيسكازو» تزدحم عند الظهيرة في أيام العطلة الأسبوعية بالأجانب. فبعد أن اكتسح غزوهم أسواق العقارات في كل من اسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبلغاريا، بل وامتد إلى بلدان مثل رومانيا وتركيا، أصبحوا الآن يتطلعون إلى ما وراء البحار، إذ أداروا بصرهم نحو المحيط الأطلسي ليكتشفوا سوق العقارات في الأرجنتين والبرازيل اللتين استقبلتا الرواد الأوائل من مستثمري العقارات الأوروبيين. ومن السلفادور وعلى طول الطريق حتى ساحل باهيا وصولاً إلى مانغ سيكو في البرازيل توجد مساحات واسعة من شواطئ جوز الهند المحمية بيئياً حيث من الممكن شراء قطعة صغيرة من الفردوس بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار المرتفعة في منطقة جزرالكاريبي المقابلة لدول أميركا الوسطى، مثل كوستاريكا. ويتوقع المستثمرون العقاريون أن تصبح دول أميركا الوسطى سوقاً ناشئة لمستثمري العقارات الدوليين، وألا يقتصر الانتعاش على كوستاريكا فحسب، بل إن دولاً أخرى في أميركا الوسطى ستتجه نفس الاتجاه حالما تستقر أوضاعها السياسية والاقتصادية.

=