«عدوى» التوسع العمراني تمتد من دبي عبر رأس الخيمة إلى عجمان

توجه أوروبي كبير نحوهما قد ينعش أسواق العقار بقوة

بعد التطور العمراني الكبير الذي شهدته دبي يبدو أن الأنظار بدأت تتجه شمالا («الشرق الاوسط»)
TT

توقعت مصادر صحافية أن تنتشر عدوى التطور العمراني من دبي عبر رأس الخيمة إلى عجمان. وقالت الصحيفة مؤخراً إن عجمان إمارة صغيرة لم يسمع بها أحد في الغرب، لكنها اليوم تشهد قيام عديدٍ من الأبراج الحديثة والمباني التي راحت بسرعة تغطي رمال الصحراء. وقالت صحيفة الـ «ديلي تلغراف» البريطانية انه رغم الركود العقاري هذا العام في كثيرٍ من مناطق العالم فهناك «بعض الجيوب» التي تبدو مغرية للمستثمرين، حتى داخل الدول التي تعاني من ركود عقاري كبير كالولايات المتحدة. وقالت إن ثلاث مناطق جذبت انتباهها كأسواق جديدة واعدة، من بينها منطقة حديثة تقع على مقربة من «ديزني لاند» في ولاية فلوريدا الأميركية، وإمارتا عجمان ورأس الخيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإقليم «أمبرايا» في وسط إيطاليا. فبعد التطور العمراني الكبير الذي شهدته إمارة دبي، يبدو أن الأنظار بدأت تتجه شمالاً نحو إمارتي عجمان ورأس الخيمة اللتين أصبح يقصدهما عددٌ كبيرٌ من البريطانيين والأوروبيين المقيمين في الإمارات لقضاء العطلة الأسبوعية فيها بعيداً عن صخب المدينة في دبي.

وفي هذا الصدد كانت صحيفة «التايمز» البريطانية قد ذكرت أيضاً في العام الماضي أن التفات الأوروبيين نحو رأس الخيمة وعجمان كمتزهٍ جديد لا بد سيؤدي تدريجياً إلى انعاش سوقيهما العقاري، خصوصاً بعد أن أصبحت أسعار العقارات في دبي مرتفعة وبعيدة عن متناول الكثيرين. وأشارت الصحيفة إلى تصنيفٍ أعدته صحيفة «الفاينانشيال تايمز»، المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، اعتبرت فيه أن رأس الخيمة هي الأفضل سعراً في دولة الإمارات في عام 2007. كما أشارت إلى أن استثمارات حكومية وأجنبية عديدة بدأت تنتشر في الإمارة بدرجة ملحوظة، مما يتيح الفرصة لمستثمري العقارات الذين فاتهم القطار في دبي أن يلحقوا به في رأس الخيمة أو عجمان. وقد سهّل طريق «الإمارات» السريع الاتصال بين رأس الخيمة ودبي بحيث تستغرق المسافة بينهما 45 دقيقة فقط. وأضافت التايمز أن عاملاً آخر يضيف إلى فرص الإمارة في النجاح والتحوّل إلى نقطة جذب عقاري جديدة، هو أنها تضم بعضاً من أجمل المناظر الطبيعة في الإمارات وأن رمالها حمراء وأشجارها أكثر خضرة وشواطئها طبيعية ونظيفة.

وتعتبر منطقة الحمراء مركز الجذب الأساسي في رأس الخيمة حيث يُوجد فندق خمسة نجوم وملعب كبير لرياضة الغولف ومنصة بحرية «مارينا» ومركز للتسويق من الطراز الأول. كما أن عدداً من المباني السكنية والمنازل راح ينتشر حول المنطقة، خصوصاً بعد دخول شركة عقارية كبيرة مثل «غلوبال إستات غروب» سوق العقارات السكنية في الإمارة. وتتولى الشركة حالياً المرحلة الأخيرة - تدعى «رويال بريز» - من مشروعٍ سكني كبير يشتمل على شقق من غرفة واحدة وغرفتين وثلاث غرف، تتراوح أسعارها بين 85 و700 ألف دولار. وتسعى الشركة إلى تسويق هذه الشقق والفيلات – التي تمنحها بعقد ملكية حرة - للمستثمرين الأجانب في عواصم بلدانهم مثل لندن وباريس وغيرهما. كما أن هناك مشاريع عديدة لانعاش المنطقة عقارياً، مثل اقامة فندق خمسة نجوم فوق الجبل يضم مركزاً رياضياً لتسلق الجبال – وكذلك مجمعات سكنية إضافية. وبشكل عام، يتفق عددٌ من الاقتصاديين على أن شح الأرض في دبي وغلاء الأسعار (بعد الطفرة العقارية الضخمة التي حققتها) لا بد أن تستفيد منها الإمارات الأخرى المجاورة، خصوصاً مع مواصلة ارتفاع الطلب على عقارات دبي، بينما لا تستطيع دبي إشباع الجميع. فعلى الرغم من تدفق أعمال البناء في دبي فإن مايكل غرانت من مكتب دبي لشركة «كلوتون» العقارية البريطانية يقول: إن هناك نقصاً في المساكن، مشيراً إلى أن «القادمين الجدد يشترون مساكن تحت التشييد لن يكتمل بناؤها إلا بعد 3 سنوات».

كما أن أسعار الفيلات المنتهية البناء تضاعفت أربع مرات، وزادت أسعار الشقق في حي المارينا بنحو 6500 دولار خلال أشهر قليلة. وقد يؤدي هذا كله إلى تحوّل الكثيرين نحو إمارتي رأس الخيمة وعجمان، وربما إمارة الفجيرة التي تتميز بأنها الوحيدة من بين الإمارات السبع التي لها ساحل على المحيط الهندي بدلاً من الخليج العربي. غير أن تطور سوق العقارات في أي بلد يرتبط – ليس بانخفاض سعر الأرض فحسب - بل أيضاً وإلى درجة كبيرة بقوانين تملك الأرض وقوانين الاستثمار بشكل عام. ففي دبي مثلاً خصصت قوانينُ الشراء الجديدة مناطقَ للمستثمرين الأجانب يُسمح لهم فيها بالملكية الحرة للعقار. وسيسري هذا القانون في مناطق أخرى من المقرر أن تُبنى في السنوات القليلة المقبلة. لذا فإن الملكيات العقارية في دبي سوف تكون في المستقبل ملكاً حراً طالما كانت مبنية بواسطة واحدة من الثلاث شركات الكبرى في دبي وهي « إعمار»، « النخيل» و«عقارات دبي». كما أنشأ القانون الجديد سجلاً للأراضي لأن غياب السجل في الماضي كان يشكل أمراً مقلقاً لعددٍ من وكالات العقارات العاملة في الإمارات. وفي هذا الصدد يقول ويستون بايكر: «إن وجود هذا السجل شيء مطمئن، وعلى الرغم من أن غياب صفة الملكية الحرة لم تمنع المشترين الأجانب إلا أن الملكية الحرة تغيّر الصورة تماماً وسوف تشجع المزيد من المشترين».

وهذا بدوره يزيد حجم البنوك العاملة في مجال القروض العقارية. ويؤكد صحة ذلك الاستنتاج اقبال بنك «باركليز» البريطاني على تقديم قروض طويلة الأجل لمشتري العقارات البريطانيين في الإمارات. كما أن بنك «إتش إس بي سي» يقدم قروضاً لمساكن في بنايات محددة سواء كانت جديدة أو مستخدمة من قبل. ويعتقد البعض أن مستقبل إمارتي رأس الخيمة وعجمان الاقتصادي لا بد أن يكون تجارياً بعد أن فشلت جهود البحث عن النفط التي لم تسفر عن نتائج ايجابية. ومن المتوقع أن يركز اقتصاد الإمارتين على تطوير خطط مستقبلية في قطاع العقارات والبنية التحتية والسياحة بغرض جذب المستثمرين. يُذكر أن تحقيقاً كانت قد أجرته مجلة «ميد» البريطانية أوضح أن دول الخليج تشهد حالياً مشاريع - غالبيتها عقارية - بقيمة 1000 مليار دولار، أي 4 أضعاف ما كانت عليه قبل عامين فقط. وبينما ستنفق هذه الدول 316 مليار دولار على مشاريع تطوير النفط والغاز والبتروكيماويات، فهي ستنفق أكثر من ذلك بكثير - نحو 540 مليار دولار- على مشاريع عقارية ومعمارية.

وعلى سبيل المثال، فقد أعلنت السعودية عن مشروع عمراني عملاق «مدينة الملك عبد الله الاقتصادية» التي يُقدر لها أن تكلف 27 مليار دولار، وهي المدينة التي قد تصل الى حجم باريس وتتضمن ميناء على البحر الأحمر بحجم ميناء روتردام، وتتضمن أيضا حياً مالياً بمساحة ميل مربع تقوم عليه أبراج عالية وحديثة لتصبح مقراً للمصارف والمؤسسات المالية. كما أن أبو ظبي أيضا ستنفق نحو 28 مليار دولار في بناء جزيرة السعديات التي ستتضمن 29 فندقاً فاخراً بما فيها فندق (سبعة نجوم)، وستحتضن المدينة ايضا حياً مالياً كبيراً، وستتسع لنحو 150 ألف ساكن. أما الكويت فيبدو أنها عازمة على تخطي الآخرين، إذ إنها تخطط لمدينة الحرير « سيلك سيتي» التي تتسع لسبعمائة ألف شخص وستكلف 150 مليار دولار وتتضمن برجاً بارتفاع 1000 متر (ضعف أعلى برج موجود حالياً في الخليج وأعلى من برج دبي بمائتي متر) وسيصممه المعماري البريطاني أريك كوني الذي صمم مبنى « بلو واتر» في مقاطعة « كنت» في جنوب إنجلترا. أما دولة قطر فهي بدورها تخطط لانشاء مدينة صناعية بقيمة 130 مليار دولار قرب الدوحة لتنافس بها منطقة جبل علي في دبي.