بريطانيا: مناطق تتحدى الركود العقاري

وسط توقعات بتراجع الأسعار 7% خلال العام الحالي

النصف الثاني من العام الحالي سيكون صعبا لسوق العقارات («الشرق الأوسط»)
TT

تواصلت التحذيرات الرسمية والخاصة من تعرض سوق العقار البريطاني الى المزيد من الضربات واللكمات التي يمكن ان تؤدي الى انهياره وتراجعه بمعدلات تاريخية، نتيجة أزمات الائتمان الدولية والمحلية.

وقد حذرت «هيئة المساحين الملكية» (RICS)، من تراجع عدد الصفقات العقارية هذا العام بنسبة 40 في المائة، بسبب النقص الكبير في القروض والمنتجات العقارية المتوفرة في الأسواق.

كما أكدت الهيئة في تقريرها الأخير، ان أسعار العقارات السكنية قد تتراجع بين العام الحالي والعام المقبل بنسبة 7 في المائة. والأسوأ من هذا أن الهيئة تتوقع ان يؤدي التراجع في سوق العقارات الى انخفاض وتراجع في الانفاق الاستهلاكي (شراء الأثاث والبضائع الخاصة بالمنازل)، بشكل عام بنسبة 8 في المائة عما هي عليه في الوقت الحالي وبالتالي لجم النمو الاقتصادي وتراجعه.

لكن الهيئة التي تعتبر من أهم الهيئات العقارية في البلاد، قد أوضحت أن أسعار العقارات ستتراجع بنسبة 5 في المائة هذا العام، و2 في المائة العام المقبل قبل ان تستعيد عافيتها نهاية عام 2009.

وكانت الهيئة قد توقعت في تقاريرها السابقة خلال الأشهر القليلة الماضية أن تحافظ أسعار العقارات على ثباتها وقوتها هذا العام، لكن يبدو وكما تؤكد الهيئة، انه من الصعب التكهن بالأسعار وأوضاع السوق، في ظل التطورات المالية السلبية في الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية والآسيوية. كما راجعت بعض المؤسسات العقارية المهمة تقاريرها وتوقعاتها السابقة التي صدرت بداية العام لتستبدلها بتوقعات أكثر سلبية نتيجة تواصل أزمة الائتمان، فقد أكدت مؤسسة «سافيلز» الدولية (Savills)، أن أسعار العقارات قد تتراجع خلال العامين المقبلين بنسبة اكبر مما هو متوقع، أي بحوالي 25 في المائة، ما لم تتدخل الحكومة للتخفيف من حدة أزمة الائتمان الدولية.

اما مؤسسة «نايت فرانك» (Knight Frank) الدولية المعروفة في الوسط المالي في لندن، فقد قلبت توقعاتها بشأن العام الحالي من 3 في المائة نمو على الأسعار الى 3 في المائة تراجعا وانخفاضا في الأسعار بشكل عام.

ورغم تشاؤم المساحين، فإنهم لا يتوقعون ان تتعرض الأسواق العقارية، خصوصا السوق السكني، الى التراجعات الحادة او الانهيارات التي تعرض لها بداية التسعينات، حسب التقرير الأخير.

وبالإضافة الى هذه التقارير، فقد حذرت مؤسسة «رايتموف» (Rightmove) العقارية على موقعها الإلكتروني قبل أيام، من مغبة رفض السماسرة عرض المزيد من العقارات للبيع (العقارات التي يرغب أصحابها في بيعها والتخلص منها)، بسبب العدد الكبير من العقارات المتوفرة للبيع في الأسواق، خوفا من ان يؤثر ذلك سلبا في حركة السوق وسعر العقارات بشكل عام.

ويؤكد تقرير «رايتموف» الخاص بشهر مايو (أيار) 2008، ان معدل عدد العقارات المتوفرة للبيع عند كل سمسار، ارتفع من 69 عقارا الى 73 عقارا هذا الشهر، وهو أعلى معدل تسجله المؤسسة منذ عام 2002. وكان هذا المعدل قد اقترب من 72 عقارا في أغسطس (آب) عام 2005. ويقول مايلز شيبساد، المدير التجاري في المؤسسة بهذا الإطار «الصفقات لا تزال تبرم في المناطق التي يعتمد الباعة أسعارا معقولة وواقعية، خصوصا في المناطق التي يمكن لهؤلاء الباعة أيضا العثور على عقار بأسعار منخفضة.. وفي ظل التوقعات بحصول مجاعة في سوق القروض العقارية خلال العامين المقبلين، يحتاج الباعة الى التركز على عدد محدد من الزبائن القادرين على الحصول على التمويل المطلوب. الكثير من السماسرة يرفضون تسلم عقارات مماثلة للعقارات الموجودة على لوائحهم التي يصعب تصريفها وبيعها». وبالرغم من ارتفاع عدد العقارات المتوفرة للبيع، لا يزال أصحاب العقارات يصرون على أسعار عالية ومرتفعة لعقاراتهم، مما يضر بحركة السوق، ويبقي العقارات معروضة في الأسواق لفترات أطول، مما يؤدي الى تراجع أسعارها على المديين المتوسط والبعيد. وتقول الأرقام إن معدل سعر المنزل في بريطانيا ارتفع بنسبة 1.2 في المائة (حوالي 3 آلاف جنيه) هذا الشهر ليصل الى 242.5 ألف جنيه (480 ألف دولار). وعلى هذا الأساس، تصل نسبة الارتفاع السنوية الى 0.3 في المائة، حيث كان معدل سعر المنزل العام الماضي (اكتوبر 2007)، 241.6 ألف جنيه (475 الف دولار).

ومن المعروف ان مؤسسة «رايتموف» معنية بمراقبة وتسجيل أسعار العرض (الأسعار التي لدى أصحاب العقارات)، بدلا من الأسعار الحقيقية للصفقات العقارية.

ويقول تقرير المؤسسة الأخير في هذا الإطار، إن الارتفاع في أسعار العرض يحصل فقط في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية القريبة من العاصمة. ففيما سجل ارتفاع لأسعار الطلب في الجنوب بشكل عام الشهر الحالي بنسبة 1 في المائة، فإن المناطق الجنوبية الشرقية سجلت ارتفاعا بنسبة لا بأس بها وصلت الى 4.2 في المائة.

ويضيف التقرير، ان أسعار العرض في المناطق الجنوبية الشرقية، ارتفعت بنسبة 6 في المائة عما كانت عليه العام الماضي، بينما لم تتعد نسبة الارتفاع هذه الى 2.4 في المائة في المناطق الجنوبية الغربية القريبة من مقاطعة كورنوول، و2.2 في المائة في بقية المناطق في انجلترا ومقاطعة ويلز.

اما على صعيد التراجعات، فقد أكد التقرير، ان المناطق الشمالية والوسطى (Midlands)، أكثر المناطق تعرضا لهذه التراجعات على صعيد الأسعار، إذ تقول الأرقام إن أسعار العقارات تراجعت في بعض هذه المناطق بنسبة 2.5 في المائة، بينما لم تتعد هذه النسبة 2.3 في المائة في مقاطعة ويلز ومقاطعتي يوركشر (Yorkshire) وهامبشر (Humbshire).

وفيما تراجعت الأسعار في المناطق الشرقية الوسطى (East Midlands) بنسبة 0.7 في المائة خلال العام الماضي، فقد ارتفع معدل سعر العرض في المناطق الوسطى الغربية (West Midlands)، بنسبة 2.2 في المائة، رغم تراجع أسعار العقارات بنسبة 0.5 في المائة. ولم يتعد الارتفاع على أسعار العرض في منطقتي تشلسي (Chelsea) وكينزينغتون (Kensington)، نسبة 6.7 في المائة منذ عام. لكن «رايتموف» تقول إن الأسعار تراجعت وانخفضت في منطقة ايلينغ (Ealing) القريبة من مطار هيثرو بنسبة 2.7 في المائة، ومنطقتي هامرسميث (Hammersmith) وفولهام (Fulham) بنسبة 1.6 في المائة. إلا ان مناطق وستمنستر (Westminster) وسط العاصمة وغرينيش (Greenwich) في الجنوب، ارتفعت فيها الأسعار خلال الفترة ذاتها بنسبة 3 في المائة.

اما في العاصمة لندن، فقد ارتفع سعر العرض بنسبة 0.2 في المائة خلال الشهر الماضي، ويقول الخبير الاقتصادي في «هيئة المساحين» سايمون روبنسون، عن اوضاع السوق بشكل عام: «إن النصف الثاني من العام الحالي سيكون صعبا لسوق العقارات، إذ يبدو ان التمويل سيبقى صعبا، وسيتواصل الحذر من قبل المؤسسات المقرضة.. الطلب لا يزال عاليا وهناك الكثير من الزبائن الذين ينتظرون تخفيف المؤسسات شروطها لمنح القروض».

اما على صعيد المصادرات العقارية او ما يسمى بإعادة الحيازة (استعادت البنوك عقاراتها لعجز أصحابها الوفاء بالتزاماتهم المالية)، ان الأرقام تشير الى ان عدد المصادرات سيرتفع هذا العام ليصل الى 43 الف مصادرة، وهذا اقل بقليل من الأرقام التي تحققت في التسعينات، حيث وصل عدد المصادرات الى 77 ألف مصادرة.

خريطة المناطق المحصنة من الركود العقاري (التي تشهد ارتفاعا متواصلا في الأسعار )

* اوكسفوردشر (Oxfordshire)، 12.3% نسبة ارتفاع الأسعار: تعتبر المنطقة من أكثر المناطق المحصنة ضد الركود العقاري، إذ ارتفعت الأسعار فيها خلال الشهر الماضي بنسبة 2.9 في المائة، وهي من المناطق المرغوبة من قبل العائلات لأنها تضم عددا لا بأس به من المدارس الجيدة. ولا تزال ترتفع الأسعار لأن العرض اقل من الطلب ولا يجد ما يكفي من العقارات للزبائن. وتعتبر المنطقة مهمة من الناحية العقارية لأنها قريبة من العاصمة لندن ومطار هيثرو الدولي ومدينة بيرمنغهام. ويصل معدل سعر العقار في المنطقة الى 354.8 الف جنيه (حوالي 700 الف دولار).

ـ هارتفوردشر (Hertfordshire)، 11.7% نسبة ارتفاع الأسعار: هذه المنطقة أيضا تتمتع بميزة جيدة على صعيد المواصلات، إذ يمكن الوصول إليها عبر العديد من الطرقات السريعة والأساسية في انجلترا مثل «ام 14» و«ايه 10» و «ايه 1». وهي مربوطة أيضا بلندن عبر محطة القطار في ليفربول ستريت. إلا ان المنطقة مرغوبة أيضا لجمال قراها وبلداتها، وقد ارتفعت فيها اسعار العرض الشهر الماضي بنسبة 2.1 في المائة ووصل معدل سعر العقار الى 344.6 ألف جنيه (680 الف دولار).

* آيل اوف وايت (Isle of Wight)، 9.7% نسبة ارتفاع الأسعار: لا تزال الجزيرة المعروفة مرغوبة من الكثير من الناس خاصة الراغبين بالحصول على موقع سياحي ارخص من منطقة كورنوول. وتتمتع الجزيرة بعدد لا بأس به من العقارات الفيكتورية القديمة. وقد ارتفعت الأسعار في الجزيرة التي لا يتعدى عدد سكانها 132 ألف نسمة، الشهر الماضي، بنسبة جيدة قدرها 4.5 في المائة ووصل معدل سعر العقار الى 259.4 الف جنيه (510 آلاف دولار).

* بيركيشر (Berkshire)، 9.5% نسبة ارتفاع الأسعار: هذه المنطقة أيضا مربوطة جيدا بلندن عبر محطات القطار في كل من رادينغ ونيوبري وسلاو. وقد ارتفعت أسعار العرض فيها خلال الشهر الماضي بنسبة 3.7 في المائة ووصل معدل سعر العقار الى 362 ألف جنيه (720 الف دولار).

* باكينهامشر (Buckinghamshire)، 8.4% نسبة ارتفاع الأسعار: لأن المنطقة موصولة بالعاصمة لندن، ومرغوبة من قبل العائلات لتمتعها بنوعية جيدة من الخدمات والمدارس الثانوية (فيها بلدات تقليدية معروفة مثل جيرارد كروس واميرشام)، ارتفعت فيها أسعار العرض الشهر الماضي بنسبة 2.2 في المائة ووصل معدل سعر العقار إلى 350 ألف جنيه (690 ألف دولار).

* كنت (Kent)، 6.7% نسبة ارتفاع الأسعار: هذه المنطقة أو المقاطعة المعروفة في انجلترا، تشهد مشاريع كثيرة على صعيد المواصلات وهي قريبة من فرنسا قربها من العاصمة لندن، لذا مرشحة لأن تكون من اهم المناطق العقارية الساخنة في المستقبل القريب والبعيد. وهي أيضا مرغوبة من قبل العائلات (بلدتي كانتربري وفوكستون)، ولا يزال الطلب فيها عاليا رغم تراجعه خلال الأشهر القليلة الماضية. وقد ارتفعت الأسعار فيها خلال الشهر الماضي بنسبة 4.3 في المائة ووصل معدل سعر العقار الى 264 ألف جنيه (520 ألف دولار).

* هامبيشر (Hampshire)، 6.5% نسبة ارتفاع الأسعار: المنطقة مرغوبة لأنها تضم عددا كبيرا من العقارات الانجليزية التقليدية، بالإضافة الى البلدات الجميلة مثل التون وابتون غراي. ويقصد المنطقة عادة الكثير من الراغبين بتمضية عطلة نهاية الأسبوع بعيدا عن العاصمة لندن. وقد ارتفعت فيها الأسعار خلال الشهر الماضي بنسبة 4.7 في المائة الشهر الماضي، ووصل معدل سعر العقار الى 271 ألف جنيه (535 ألف دولار).