أميركا: المستثمرون الأجانب يحجمون عن سوق المكاتب في مانهاتن

أكبر المشترين الأجانب في العام الماضي من إسرائيل والإمارات

TT

يرجع النشاط الكبير في سوق المكاتب في مانهاتن في الأعوام السابقة إلى وجود مستثمرين خارجيين في مجال العقارات. وعلى الرغم من ذلك فإن الكثير من هؤلاء المستثمرين الآن، بمن فيهم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والعملات القوية، لم يعد لهم دور أساسي.

يقول دوغلاس هارمون أحد كبار المديرين الإداريين لبنك «إيستدل سيكيورد» للاستثمار العقاري الذي يقع في نيويورك وهو أحد الفروع التي يملكها ويلز فارجو: «قبل أزمة الائتمان العقاري، كان المشترون حول العالم يستغلون قوة عملاتهم في شراء المباني المميزة».

إلا ان هارمون تابع بالقول: ان نفس المخاوف تراود المستثمرين الأجانب والمحليين الآن، وبالتحديد في الأسواق التي تضع قيودا على الإقراض ووجهات النظر القاصرة تجاه الصناعة المالية، التي تسود الاقتصاد في نيويورك.

ومع ذلك، يؤكد هارمون «أن الكثير من المشترين الأجانب قد يحتفظون بمراكزهم القوية بمجرد أن تعود سوق المكاتب في نيويورك إلى نشاطها»، مبينا أن الكثير من المشترين الأجانب لم يحصلوا على الكثير من القروض كما فعل المشترون المحليون في فترات الانتعاش الأخيرة. كما ان المستثمرين الاجانب يفكرون على المدى الطويل على عكس نظرائهم المحليين». وأضاف هارمون: «توجد ميزة حقيقية من هذا التحيز الثقافي».

وبالتأكيد، لا يزال هناك مستثمرون أجانب في سوق المكاتب في مانهاتن، ولكنهم أصبحوا أكثر حذرا مما كانوا عليه منذ عام مضى. فهم يشترون مباني أقل بأسعار أقل في بعض الأحيان.

وبلغت قيمة أكبر صفقة مع مستثمر أجنبي هذا الشتاء 525 مليون دولار دفعها إيال عوفر، وهو مستثمر في مجال العقارات من أصل إسرائيلي ومقيم في لندن، لشراء مبنى ألتريا، وتبلغ مساحته 650.000 قدم مربعة في 120 بارك أفينيو شرق شارع 42.

أما المبنيان الآخران اللذان اشتراهما أجانب في الربع الاول من العام الحالي فبلغت قيمتهما 150 مليون دولار. وبالمقارنة، فقد اشترى المستثمرون الأجانب 10 مباني مكتبية على الأقل بمبلغ 500 مليون دولار أو أكثر في العام الماضي، منها 5 قيمتها اعلى من مليار دولار، وذلك وفقا لشركة «ريل كابيتال أناليتكس» للأبحاث والاستشارات في مجال العقارات في نيويورك.

ويقول دان فاصلو مدير دراسات السوق في الشركة: «بلا شك فإن الأسعار قد انخفضت على مدار الستة أشهر الماضية»، موضحا أن إحدى نتائج هذا الاتجاه هي ارتفاع معتدل في معدل العائد على رأس المال، وهو يقاس بنسبة الإيجار الحالي مقارنة بسعر الشراء.

وفي الأعوام الأخيرة، انخفضت معدلات العائدات على رأس المال للأبراج التجارية في مانهاتن، إلى أقل من خمسة في المائة في بعض الأحيان. وذلك في انخفاض حاد عما كانت عليه تلك المعدلات في أوائل هذا العقد حيث بلغت أكثر من سبعة في المائة. وتابع فاصلو بالقول: إنه يتوقع أن ترتفع معدلات العائد على رأس المال في سوق المكاتب في نيويورك إلى ما بين 5 أو 6 في المائة، ولكنه لا يتوقع أن تتجاوز ذلك في الوقت الحالي.

والسبب التقليدي لقبول المشترين لعائدات أقل هو أنهم ينتظرون الحصول على قيمة إيجار أعلى في المستقبل القريب حينما يحين موعد تجديده. ولكن مع تسريح الشركات لموظفيها فإنه من المحتمل أن ترتفع نسبة المواقع الخالية في المباني المكتبية ولن يتمكن أصحاب العقارات من رفع قيمة الإيجار.

وعلى الرغم من أن الأوروبيين يحظون بقوة عملتهم أمام الدولار، إلا أن جوزيف كالانان، المدير الإداري لمجموعة مستشاري الممتلكات في شركات سي بي ريتشاد إيلي (CB Richard Ellis)، صرح بأنه يحث عملاءه الأجانب على عدم التركيز على تأرجح العملات.

وفي هذا السياق قال إيلي: «دائما ما أخبر عملائي بأنهم إذا أرادوا التركيز على فارق العملة فمن الممكن أن يشتروا عملات ولا يخاطروا بشراء العقارات. فالعملة ليست هي الهدف الرئيس».

وكان أكبر المشترين الأجانب في العام الماضي من الشرق الأوسط، وبخاصة إسرائيل والإمارات، حيث استحوذتا على 13 من 26 مبنى مكتبيا اشتراهم الأجانب في مانهاتن في عام 2007، كما ذكرت «ريل كابيتال أناليتكس».

وصرح سكوت لاثام، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة مبيعات الاستثمار «كوشمان وواكفيلد» بأنه يعتقد بأن المشترين من الشرق الأوسط أصحاب السيولة المالية الكبيرة يفضلون سوق نيويورك بسبب حجم الصفقات الكبيرة. ويقول: «إذا كنت تريد إنفاق 400 مليون دولار فيمكنك أن تدفعها في صفقة واحدة في نيويورك. ولكن إذا ذهبت إلى واشنطن، فسوف تعقد أربع صفقات». وأضاف أيضا أن قلة القروض المتاحة الآن، وبخاصة للأبراج المكتبية الكبيرة، تقيد الاستثمارات الشرق أوسطية. موضحا «شأنها في ذلك شأن سائر الجهات الفاعلة التي تعتمد على النفوذ، فقد تراجع اهتمامها قليلا منذ الصيف الماضي.

وبصورة عامة، فإن الكثير من شركات السمسرة تقول إن المشترين الأجانب يفضلون شراء مبان مكتبية ضخمة لا توجد كثيرا في السوق.

ويقول ستيوارت غروس، المدير الاداري التنفيذي لشركة «إيسترن كونسوليداتد» لخدمات الاستثمارات العقارية في نيويورك: «حتى في نيويورك حيث سوق المكاتب الكبيرة والحرة فإن هناك الكثير من المباني الجيدة». من ناحيته، قال ألبرت بهلر الرئيس التنفيذي لمجموعة «باراماونت»، والتي يمولها رأس مال ألماني وهي أحد كبار ملاك المكاتب في نيويورك، بأنه يفضل الممتلكات الكبرى التي لا تتوفر في السوق بكثرة، ويقول: «بمجرد بيع أحد تلك المباني، فإنه لن يباع مجددا حتى 20 أو 30 عاما مقبلة».

وذكر بهلر أنه بالنسبة لتلك المباني، تظل قيمة الإيجار كما هي أثناء فترة الركود. كما قال إن العقارات مؤشر بطيء حيث تنخفض قيمة الإيجار فقط بعد تسريح العمالة. وأضاف أنه يتوقع أن تنخفض قيمة إيجار المكاتب في نيويورك في العامين المقبلين. ولكنه أعرب عن ثقته في أن إيجار مبنيين اشترتهما شركة باراماونت أخيرا سوف يرتفع. وقدر متوسط قيمة الإيجار في المنطقة التاسعة والشارع الغربي رقم 52 بأنها تقل بنسبة 40 في المائة عن قيمة الإيجار في السوق.

* خدمة «نيويورك تايمز»