برلين: المشاهير والروس والعرب يشعلون سوق العقارات الفاخرة

العاصمة الألمانية بدأت تعرف بشيء مختلف تماما.. انتشار استخدام الأدوار العلوية

يكتشف وكلاء العقارات في برلين طرقا جديدة لادخال أسلوب جديد في سوق العقارات في المدينة («الشرق الاوسط»)
TT

كانت برلين منذ القرن الماضي، وحتى اليوم، مدينة تكافح من أجل إعادة بنائها كما أنها رمز لانقسامات الحرب الباردة. ولكن، الآن بدأت برلين تعرف بشيء مختلف تماما: انتشار استخدام الأدوار العلوية. ومع كثرة المصانع والمخازن غير المستخدمة والمنازل المصممة على طراز «الآرت نوفو» القابلة للتجديد، يكتشف وكلاء العقارات في برلين طرقا جديدة لادخال أسلوب جديد في سوق العقارات في المدينة. وتقول ساشا هيتريش الشريك الإداري لوكالة كينغ ستيرغ للاستشارات العقارية في برلين: «في العامين الأخيرين، انطلقت سوق العقارات الفاخرة في وسط برلين، بعد أن فضل الكثيرون العيش في قلب المدينة بدلا من الضواحي». وتابع بالقول: «ولكن يوجد نقص في المساكن التي تبلغ مساحتها أكثر من 120 مترا مربعا، ولذلك يزداد الطلب على شرفات الأدوار العلوية والوحدات السكنية المحولة في المباني التي تم بناؤها بين عامي 1880 و1930».

وعلى وجه الخصوص، تشتهر مناطق مثل شارلوتنبيرغ - ويلميرزدورف ودالم وتسلندورف في الناحية الغربية من المدينة، بسبب شبكة المواصلات الموجودة فيها والمحلات الأنيقة والمجموعة الكبيرة من المطاعم.

ويقول المدير الإداري لمؤسسة زافيلز للاستشارات العقارية روي فريدلينغ إنه يتم الآن تجديد أحياء ميتيه وبرينتسلور بيرغ في الناحية الشرقية، حيث يجري بناء الكثير من العقارات السكنية والتجارية. وتسير برلين على خطى مدن أخرى مثل لندن وشيكاغو حيث ينتشر السكن في الأدوار العلوية. وتقول هيتريش إن المخازن والمصانع، الموجود معظمها على امتداد نهري هافل واشبري، تتحول الآن إلى شرفات واسعة مساحتها يتراوح ما بين 150 و250 مترا مربعا. ومن بين التحولات التي تجري حاليا مجموعة من الوحدات السكنية والأدوار العلوية الفاخرة في أحياء برينتسلور بيرغ وميتيه وشارلوتنبيرغ التي تعمل على تحويلها شركة 213 المعمارية في برلين. وقال المدير الإداري لشركة 213 ماركوس شيل إن الشركة تقيم ثلاث شرفات في طابق واحد في عقار سكني يعود تاريخ إنشائه إلى الستينات في حي برينتسلور بيرغ. وقد تم الانتهاء من أحدها، وسينتهي العمل في الاثنتين الأخريين في شهر يوليو (تموز)، على الرغم من أن الثلاثة قد تم بيعها بالفعل. وتتراوح مساحاتها ما بين 140 و200 متر مربع بأسعار من 355 الف يورو و715 يورو (أو نحو 560 الف دولار إلى 1.12 مليون دولار) وذلك بناء على الحجم والتجهيزات بحسب فريدلينغ.

أما بالنسبة لبول لانديمور، وهو مالك سابق لشركة باصات بريطانية وهو ينقل مقره الآن، فإن شرفته العلوية الجديدة مناسبة تماما له ولشريكه الألماني، الذي انتقل من إيكستر في ديفون.

ويقول لانديمور: «كنا نريد شقة في أعلى طابق، لكي لا تزعجنا الضوضاء ولكي نضع علامتنا المميزة. وكنا نريد أن نكون في برينتسلور بيرغ، لأن ذلك الحي به خليط من الألمان والأجانب، بالإضافة إلى وجود بارات ومقاه»، مضيفا «بالنسبة لنا، هذا يعتبر بيتنا من أجل بداية جديدة، وليس استثمارا». وتقيم شركة 213 في شارلوتنبيرغ أدوارا علوية مماثلة. ويقول شيل إنها تخطط أيضا في العام المقبل للبدء في تجديد مصنع قديم في برينتسلور بيرغ، الذي سيتم تحويله إلى حوالي ثماني شرفات في الأدوار العلوية وجميعها بها حدائق معلقة. ومن المحتمل أن تتكلف تلك الأدوار، التي يبلغ متوسط مساحتها حوالي 250 مترا مربعا، ما بين 600 و800 الف يورو. إن أحد أكبر التحويلات في المدينة هو مشروع باول لينكيه - هوف الذي صممته شركة لانغوف ووكيله العقاري شركة باودن-بودن. وتضمن هذا المشروع تحويل مصنع قديم في كروتسبرغ، في وسط المدينة، إلى 116 شرفة دور علوي تتراوح مساحاتها بين 80 و250 مترا مربعا. وتحيط هذه الشرفات بخمس حدائق من تصميم الفنانة والمهندسة المعمارية الأميركية مارثا شوارتز.

وفي تسليندورف، تحول شركة فول إموبيلن بارتنر مصنعا قديما للإلكترونيات إلى مساحات من الأدوار العلوية تبدأ من 66 إلى 400 متر مربع وأسقف على ارتفاع 4 أمتار، 13 قدما. وتلك الأدوار تكلف ما بين 180الفاً و1.1 مليون يورو دون تجهيزات المطبخ. وقد بيع العديد من الأدوار.

وتقول هيتريش إنه عادة ما تباع شرفات الأدوار العلوية، دون التجهيزات، بأسعار من 1800 إلى 2800 يورو للمتر المربع، وقد تزيد إلى 4500 يورو للأماكن المجهزة. ويقول فريدلينغ إن الوحدات السكنية في المنازل القديمة، ومن بينها تلك المبنية على طراز آرت نوفو، تباع بأسعار من 3 إلى 4 آلاف يورو للمتر المربع.

وقد ارتفعت الأسعار بنسبة 10 في المائة في الخمسة أعوام الماضية. وعلى الرغم من ذلك ليس من المتوقع أن ترتفع الأسعار في المدينة بأكثر من 5 في المائة هذا العام.

وتعتبر تلك الأسعار منخفضة بالنسبة لمدن ألمانية أخرى: فمثلا في فرانكفورت، تباع وحدة سكنية فاخرة في موقع جيد بخمسة آلاف يورو للمتر المربع؛ وفي ميونيخ، بحوالي 10 آلاف يورو للمتر المربع. وقد زاد الطلب على المنازل الفاخرة منذ انتقال البرلمان الألماني من بون إلى برلين عام 1999، وفقا لما قاله توماس شارف، الرئيس التنفيذي لشركة رينيسانس ريال للعقارات في برلين: «لقد وجدنا أن هناك زيادة كبيرة في أعداد الأشخاص الباحثين عن المنازل الفاخرة هنا. وكان يصلنا في الأربعة أعوام السابقة ما بين 100 و150 طلباً شهريا لمثل هذه المنازل». ويقول شارف إنه بالإضافة إلى الطلب المحلي، فقد ظهر اهتمام متزايد من المشاهير، والروس، والشرق أوسطيين، الراغبين في دفع مبالغ كبيرة جدا. لكن على النقيض من مدن العالم الأخرى مثل لندن ونيويورك، تبلغ نسبة قطاع الإسكان الفاخر في برلين من إجمالي السوق حوالي أربعة في المائة، بما فيها الإيجارات.

ويوضح أندرو غروم رئيس قسم استشارات التقييم الألماني في شركة جونز لانغ لاسال للعقارات في فرانكفورت أنه بسبب وضع الحكومة المحلية حدودا للإيجار في برلين، مما يجعل القيمة الإيجارية منخفضة، وبسبب النمو البسيط لرأس المال، توجد حوافز لتشجيع الأفراد على تحسين مستوى سكنهم.

ونتيجة لذلك، فإن 13 في المائة فقط من السكان في الناحية الغربية من المدينة يملكون منازلهم، مقارنة بـ45 في المائة في ولاية هيسن حيث توجد مدينة فرانكفورت؛ و49 في المائة في العاصمة البافارية ميونيخ، وفقا لما ذكرته شركة الاستشارات العقارية الألمانية بولينغيسا. * خدمة «نيويورك تايمز»