السعودية: مخاوف من شلل يصيب سوق مقاولات العقار نتيجة ارتفاع أسعار الحديد

عضو اللجنة الوطنية للمقاولات: الأسعار متجهة للتصحيح.. والتضخم سبب الارتفاعات

توقعات بانخفاض أسعار الحديد خلال الفترة المقبلة نتيجة القرارات الحكومية الأخيرة («الشرق الأوسط»)
TT

ادت مخاوف في سوق المقاولات الى تأثير ارتفاع سعر الحديد في القطاع، جراء حدوث بعض المعوقات أهمها ارتفاع الأسعار أكثر مما هي عليه الآن. وجاءت تلك المخاوف بعد ما اطلق عدد من المسؤولين الحكوميين اشارات تدل على ان اسعار الحديد في ارتفاع مستمر.

وذكر بعض العاملين في سوق المقاولات ان التأثير قد يصل الى تخفيض كميات الحديد في البناء، مما قد يتسبب في انخفاض الامان في سلامة المباني وبالتالي توقعات بسقوطها او سقوط جزء منها في المستقبل، جراء قلة الحديد المستخدم في البناء، مشيرين الى ان تخفيض كميات الحديد يأتي من اجل المساعدة على تقليل كلفة البناء على المستفيد النهائي، نظراً لارتفاع اسعار مواد البناء بشكل عام، وبالتالي اصابت السوق العقاري بشلل نظراً للكلفة المرتفعة في عمليات البناء.

وذكر محمد الفاخر موظف حكومي في قطاع الصحة ان ارتفاع أسعار مواد البناء قد يتسبب في ايقاف بناء منزله الذي يعمل على تعميره في العاصمة السعودية الرياض، مشيراً إلى أنه سعى إلى التقليل في كل شيء حتى يتوازن مع التكلفة التي رصدت لبناء المنزل. وأضاف الفاخر أن المقاولين الذين يتعامل معهم قدموا له تسعيرات مرتفعة لبناء المنزل تفوق ما كان يتوقعه أثناء رصده للميزانية، مشيراً الى أن الحديد والخرسانة يشكلان النسبة الاكبر في عملية البناء وعملية التسعيرة، بالإضافة إلى الأيدي العاملة في البناء التي بدأت تختفى جراء الطلب الكبير عليها، مبيناً أن الحديد بالسعر الذي هو عليه الآن سيكون سببا في عرقلة اتمام عملية البناء نظراً للتكلفة الكبيرة التي سيأخذها من الميزانية العامة للمبنى.

وأضاف أن أزمة الحديد مستمرة حسب ما ذكره له احد موزعي الحديد في البلاد، حيث قال ان الهند والصين احد الأسباب في الأزمة المتوقعة، كون الكثير من المصانع المحلية لديها عقود طويلة المدى لتصدير الحديد، إلا أن القرار الأخير، الذي الزم إيقاف تصديره سيعمل على إعادة سعره كما كان عليه في السابق، مما قد يرجع الأمور إلى نصابها وبالتحديد أسعار الحديد، حيث ان الطلب يزداد عليه بشكل كبير، عطفاً على وجود مشاريع تنموية حكومية، بالاضافة الى ازدياد مشاريع القطاع الخاص من مجمعات وابراج واحياء سكنية، وتوجه قطاع الافراد الى بناء المساكن مفردة وبشكل كبير خلال الفترة الماضية.

من جهته طمأن عبد الله رضوان عضو اللجنة الوطنية للمقاولين ورئيس ملتقى المقاولين الوطني الاول في السعودية مستخدمي الحديد، مبيناً وجود تصحيح في اسعاره، خاصة مع القرارات الوطنية الاخيرة، التي سمحت باستيراده، لتخفيف الطلب الكبير على الحديد المحلي الذي ينتج من قبل مصانع محدودة في البلد.

وبين رضوان في ما يتعلق بسلامة المباني جراء تقليل كمية الحديد، ان ذلك من الصعب ان يحدث في الوقت الحالي، وذلك لارتفاع الوعي في بناء المنازل او المشاريع خاصة من جانب استشاريي البناء او حتى من جانب الافراد، موضحاً أن الحديد لا يشكل نسبة كبيرة في البناء، التي تشكل نحو 8 في المائة من مجموع البناء في المنازل، وبالتالي فهو قد لا يشكل النسبة الكبرى في عملية بناء المساكن.

وعن وجود بدائل للحديد ذكر رضوان ان البدائل كثيرة الا أن سوق الحديد يسير بشكل جيد مع التصحيح الذي تشهده الاسعار، مقارنة مع ما حدث في سوق الخرسانة الجاهزة الذي ارتفع بشكل كبير ومن ثم عاد مرة اخرى، مؤكداً ان الاسعار لا تشكل معضلة امام المستفيد النهائي في البناء، لافتاً الى ان ارتفاع اسعار الحديد ظاهرة طبيعية جراء التضخم الذي تشهده البلاد، وشمل اغلب مواد البناء، وقد يكون انخفاض سعر الدولار سببا رئيسيا في عملية ارتفاع الاسعار.

وعن المقاولين الذين يعملون على تخفيف كمية الحديد في المباني بشكل عام، بين رئيس ملتقى المقاولين الوطني الاول أن من الصعب وجود مثل هذه الحالة، وذلك لوجود استشاري للبناء يعمل على ادارة المباني التجارية الضخمة والذي يتابع كل كبيرة وصغيرة في عملية البناء، في حين ارتفاع الوعي لدى المستهلكين يدفع الى ندرة وجود هذه الحالة في عمليات البناء التي تتم في السعودية، مشيراً الى أن اغلب المقاولين لا يسعون الى عمل ذلك، عطفاً على سمعتهم داخل السوق، وذلك لوجود طفرة تنموية كبيرة في البلاد لما تعمل عليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من مشاريع تنموية ضخمة ستنعكس على الاقتصاد الوطني، وهو ما يدفع المقاولين الى الاستفادة من عملية التنمية التي تقوم عليها الحكومة السعودية.

ويتفق المهندس المعماري ناصف عبد الرؤوف مع رأي رضوان في ما يتعلق بعملية تخفيف الحديد في المباني والتي وصفها بأنها غير واردة، كون الحديد لا يمثل نسبة كبيرة من البناء، لافتاً الى ضرورة وجود الحديد للسلامة العامة في عملية البناء، خاصة ما يعرف لدى المقاولين بعملية الانسياب مع الرياح، وذلك لسلامة المبنى مع مرور الزمن، حيث قد يتسبب تقليل نسبة الحديد الى تأثر المبنى بسقوط جزء منه مع هبوب الرياح التي تهب بين الحين والاخر في السعودية.

وذكر ناصف ان كمية الحديد تختلف بين مبنى وآخر، حيث لا يشكل نسبة كبيرة في المنازل الا أنه يمثل نسبة كبيرة في مشاريع المجمعات التجارية، مشدداً على اهمية سلامة المباني، والتي قد تتهالك بشكل اسرع مع عدم وجود الحديد، موضحاً وجود مواد بديلة قد تساعد على تقليل التكلفة الا أنها لم تستخدم بعد في السعودية. وأكد ان المادة الجديدة تعرف بما يسمى بحديد «الفيبرجلاس» وهو يستخدم كاستخدامات الحديد الا أن سعر تكلفة تصنيعه اقل من كلفة تصنيع الحديد، وبالتالي فمن الممكن ان يحل بديلا عن الحديد، والمساعدة على تقليل الاسعار النهائية في المباني.

وأضاف ان البدائل الممكنة للحديد تتمثل في الخشب، الا أن استخدامه غير مجد نظراً للجودة التي يعطيها الحديد، وقرب الأسعار، والذي يدفع الى اختيار الحديد كمادة اساسية في عملية البناء للاطمئنان بشكل أكبر لدى المستفيدين النهائيين.

يذكر ان السعودية شهدت موجة عارمة في اسعار مواد البناء وبشكل خاص الحديد، مما ادى الى مخاوف الكثير من توقف بناء المشاريع العقارية في السوق السعودية، حيث دفعت تلك الموجة الكثير من المستفيدين الى الانتظار في بناء عقاراتهم لحين معرفة مستقبل سوق مواد البناء، خاصة الحديد، والذي توقع الخبراء ان يرجع الى سعره الاصلي، حيث يتراوح سعر الطن الواحد من الحديد الى 5 الاف ريال، ويتوقع ان ينخفض مع القرارات الحكومية الاخيرة كمنع تصدير الحديد وغيره من القرارات التي تساعد سوق الحديد على العودة الى الشكل الطبيعي.

وشهدت عملية عقود المقاولة خلال الفترة الاخيرة في السعودية اعادة النظر فيها بين المقاول واصحاب المشاريع، وذلك بعد ارتفاع اسعار الحديد الجنوني الذي دفع بعض المقاولين الى اعادة تسعير بناء العقارات من جديد لتحقيق التكلفة الحقيقية في البناء، ووضع المستفيد النهائي بين خيارين اما اعادة تسعير العقد المبرم بينهما او توقف بناء العقار على اختلاف انواعه، الامر الذي يضطر صاحب المبنى للاختيار بين الخيارين.