السعودية: ارتفاع أسعار العقارات يمنع توازن العرض والطلب

توقعات بنمو في المعروض يدفع الأسعار إلى الانخفاض

يميل الكثيرون في السعودية إلى العمل العقاري كونه يعتبر من أكثر طرق الاستثمار طمأنينة («الشرق الأوسط»)
TT

دفع ارتفاع أسعار العقارات في السعودية إلى عدم توازن العرض والطلب على الرغم من وجود كميات من العقارات المعروضة والتي ترتفع إعدادها مع تزايد الانتهاء من المباني العقارية في مختلف المدن السعودية.

وحسب وسطاء وسمسارة عقاريين فإن الارتفاع في اسعار المعروض فوق الاسعار الحقيقية وفوق طاقات شريحة كبيرة من المستهلكين، يدفع تلك العقارات الى الجمود وعدم التأجير والحركة، وذلك لقناعة المشترين ان الاسعار لا تعكس سعر الوحدة الحقيقي وأنما هي اسعار مبالغ فيها على حد تعبيرهم، وفي الجانب الآخر يدفع الملاك الى التمسك بالاسعار للاستفادة الكاملة من الارتفاعات في الاسعار في الوقت الحالي. ويأتي ارتفاع الأسعار نتيجة التضخم وقلة المعروض فيما يتعلق بالمنتجات السكنية سواء كانت على مستوى فلل او شقق سكنية وحتى الأراضي التي تشهد ارتفاعات كبيرة.

ويشير خبراء عقاريون الى ان التوجه لبناء العقارات من قبل المستثمرين جاء بعد هبوط سوق الأسهم في فبراير (شباط) 2006، خاصة بعد التذبذب الذي شهده سوق الأسهم السعودية، مما دفع الكثير من المستثمرين إلى بناء وحدات عقارية نتيجة العرف السائد في البلاد والذي يقول إن «العقار الابن البار» في إشارة إلى الأمان الذي يحقق المنتج العقاري في الاستثمار عن غيره من قنوات الاستثمار الأخرى.

وفي السعودية فان الكثير من الأفراد يميلون إلى العمل العقاري كونه يعتبر من أكثر طرق الاستثمار طمأنينة سواء على مستوى الاستثمار في الوحدات السكنية او على مستوى المحال التجارية والمجمعات التجارية، بالإضافة إلى انتهاء عدد من كبرى شركات التطوير العقاري في البلاد من إنشاء أبراج او مبان ومشاريع عقارية متكاملة.

ومن هذا المنطلق تحول الكثير من المستثمرين إلى بناء الوحدات السكنية، والتي في الغالب تستغرق ما بين 9 أشهر إلى السنة ونصف السنة، مما يعطي دلالات بوجود عدد كبير من الوحدات العقارية التي ستطرح خلال الفترة القليلة المقبلة، بخلاف ما تم طرحه في الوقت الحالي.

وبين محمد عابدين مسوق وحدات سكنية في شركة عقارية بالعاصمة السعودية الرياض أنه من الملاحظ كثرة العروض العقارية خاصة فيما يتعلق بالشقق والفلل السكنية وان كانت الشقق بشكل اكبر، حيث يلمس المتابع كثرة إعلانات وجود شقق سكنية للإيجار بالإضافة إلى التمليك، مما يدل على وجود معروض كبير من تلك الوحدات العقارية، إلا إنها تبقى غير مؤجرة بسبب ارتفاع أسعارها، والذي يثمن حسب الوقت الحالي مع ارتفاعات الأسعار والتضخم الحاصل في البلاد، الأمر الذي يبقيها دون تأجير او بيع نتيجة تلك الأسعار.

وأشار الى أن الإعلانات الكبيرة التي تغطي وجهات المباني او اللوح المركبة في الأراضي دليل كبير على وجود المعروض، وتظل تلك اللوح فترة طويلة مما يدل على أن الأسعار مرتفعة على الرغم من وجود كميات كبيرة من العقار.

وأضاف عابدين أن الأسعار المرتفعة والتي تكون في بعض الأحيان لا تعكس واقع المنتوج العقاري سواء كان جديدا او شبه جديد، يتسبب في عملية تعطيل تأجير او بيع الوحدة العقارية، وبالتالي بقاء المعروض من العقارات دون منفعة من تأجير او بيع، لافتاً أن السبب يعود إلى قناعة الكثير من الملاك ان أسعار العقار مرتفعة وأنها شهدت خلال الفترة الماضية إقبالا كبيراً، على الرغم من تلك الأسعار، إلا أنها لم تكن مثلما كانت حين شهد الوضع التجاري وجود هجرة سكنية كبيرة وإقبال كبير من قبل العاملين في الشركات.

وأضاف المسوق العقاري أن الطلب ينمو بشكل كبير على الوحدات العقارية، والعرض هو الآخر ينمو إلا أن عملية الأسعار لا تساعد بتوافق الطرفين وتحقيق نقطة التعادل بينهما، وهو الأمر الذي من الممكن ان يؤثر على المباني التي تطرح للإيجار وبالتالي يخسر المستثمر زمن للإيجار ويخسر مبنى قد يتأثر مع مرور الوقت في ظل طرح الجديد من المباني العقارية بين الحين والآخر. إلى ذلك دعا خالد الضبعان خبير عقاري في مدينة جدة غرب السعودية المستثمرين العقاريين، خاصة المستثمرين في الوحدات السكنية كالشقق والفلل إلى إعادة النظر في التسعيرة المطروحة، حيث يتمكنون من الاستفادة من استثماراتهم، مشيراً الى أن النسبة المعقولة في السوق العقاري لعوائد الاستثمار تتمحور في 10 في المائة من قيمة الاستثمار، لافتاً أن هذه النسبة مرنة وقد ترتفع وتنخفض ما بين 8 في المائة و18 في المائة مع اختلاف الأوضاع الاستثمارية.

وذكر الضبعان ان السوق العقاري مقبل على منافسة شديدة، خاصة مع عزم شركات التطوير العقاري تشييد منتجات عقارية مختلفة، وعمل الحكومة على إقرار تشريعات جديدة تساعد على حركة العقار بشكل اكبر كإقرار منظومة التمويل العقاري، والرهن العقاري، وإعلان شركات إقليمية إنشاء مشاريع في السعودية، مما يدل على وجود طروحات لمشاريع ذات جودة مختلفة، وأساليب جديدة تمكن الفرد من الحصول على مسكن بطرق سهلة، وبالتالي فإن المعروض الحالي سيكون اكبر الخاسرين في حال تم الانتهاء من تلك المشاريع.

وأشار الخبير العقاري ان الزمن والمكان من أكثر المؤثرات في عملية التثمين العقارية، فما مر من الزمن على العقار فأن ذلك سيكون بمثابة خسائر تسجل، وتضيع فرص عقارية، حيث أن الكثير من الوحدات لم تشهد عمليات تأجير او بيع، وبقيت الحال على ذلك لفترة تصل إلى 8 أشهر.

وقلل الضبعان من اجتهادات السماسرة العقارية من خلال إشاعات يطلقونها بين الحين والآخر إلى ارتفاع أسعار العقارات، مؤكداً انه في النهاية سيكون هناك تصحيح بشكل كبير، لافتاً أن الكثير من السماسرة يرددون مقولة ارتفاع أسعار مواد البناء والاسمنت والحديد للاستفادة من تلك الارتفاعات، والتي بدأت تشهد تراجعاً في عملية الأسعار نتيجة القرارات الحكومية بحظر التصدير لعدد من المواد الأساسية للبناء، الأمر الذي يؤكد انخفاض أسعار تلك المواد بشكل كبير.

يذكر ان السعودية تشهد عمليات تطوير منشآت عقارية ضخمة على مستوى المشاريع الصناعية او التجارية وحتى السكنية التي بدأت في الدخول بعمليات طرحها للبيع، كما هو معمول به في السوق حالياً نتيجة بيع عدد من الشركات لعدد كبير من الوحدات العقارية بشكل يتناسب مع وضعها من خلال الخدمات.

من جانب آخر لتطوير الفردي نموا ملحوظا ، حيث بات الكثير من الأفراد يعملون على بناء الوحدات السكنية وطرحها للبيع على شكل وحدة فردية، والتي تشهد إقبالا كبيراً من قبل المستهلكين، والتي تتضمن سلبياتها الجودة والنوعية في مواد البناء.

ويصل متوسط إيجار الشقة السكنية المتوسطة إلى أسعار تتراوح بين 16 ألف ريال (4266 دولارا) وحتى 25 ألف ريال (6666 دولارا)، في حين تتراوح الأسعار في الوقت الحالي لنفس الفئة من تلك الشقق السكنية إلى 20 ألف ريال (5333 دولارا) و32 ألف ريال (8533 دولارا).