تركيا: مشاريع التطوير السكني تتواصل في اسطنبول رغم لكمات أزمة الائتمان

2.5 مليار دولار حجم الاستثمارات الخارجية

TT

رغم اتمام الكثير منها، تتواصل المشاريع التطويرية الإنمائية وعمليات البناء في الكثير من احياء مدينة اسطنبول القديمة، وخصوصا، مشاريع تحويل المناطق الصناعية المحلية في المدينة الى احياء سكنية وتجارية وترفيهية حديثة على ضفتي نهر البوسفور. وقد تم دفع معظم المصانع الى اطراف المدينة وما بعدها. وقد تركت هذه المشاريع مساحات قليلة من الاراضي في السوق العقاري مما ادى الى ارتفاع اسعارها منذ عدة سنوات، إذ ان توفرها يعني انها ستذهب وتخصص في معظمها للمشاريع السكنية الحديثة الكبيرة التي تديرها الشركات الدولية والمحلية المعروفة. مما سيترك حيزا بسيطا للشركات المحلية الصغيرة او للمستثمرين الصغار.

وتساهم قلة الاراضي المتوفرة في وسط مدينة اسطنبول الى دفع المستثمرين المحليين والاجانب الى الاحياء والضواحي القريبة. وتشهد الكثير من الاحياء مشاريع تطورية وتهييئية لمشاريع الانماء والبناء.

ويتوقع ان تتواصل هذه المشاريع في العام الحالي والعام المقبل، إذ ان معظمها قريبا من الطرقات الدولية التي تربط القسم الغربي او الاوروبي من المدينة (مثل: TEM) بالكثير من المناطق التركية في الاناضول شرقا.

ووفقا لتقرير لمؤسسة «كوليارز» الدولية حول السوق العقاري في تركيا، فقد اصبح حي «ليفانت» (Levent ) بعد عمليات التطوير التي تعرض لها في التسعينيات من اهم المراكز التجارية والمالية والسكنية في المدينة. واصبحت احياؤه السكنية ايضا من اغلى الاحياء واكثرها طلبا على العقارات الممتازة والفاخرة او من الدرجة الاولى.

ومن النماذج التطويرية الاخرى التي تجري حاليا والمشابهة لـ«لفانت» ايضا مشاريع منطقتي «كارتال» (Kartal) و«مالتيبي» (Maltepe) في القسم الشرقي او الآسيوي من المدينة. وينتشر مشروع كارتال على مساحة 31 الف متر مربع وقد بدأ العمل به قبل عامين ويتوقع الانتهاء منه في يونيو (حزيران) من العام المقبل.

ويقع مشروع «كارتال» الاحيائي الكامل، الذي يستهدف الطبقات المتوسطة والميسورة في تركيا، على ضفة نهر مرمرة وطريقي «TEM» و«E-5» الدوليين السريعين. كما ان مطار صبيحة (Sabiha Gkcen) القريب، تعرض لعمليات تطوير تؤهله لاستقبال الرحلات الداخلية والخارجية مما يمنح المنطقة امتيازات جديدة، وقد بدأ ميدان سباق سيارات «الفورميلا ون» يستقطب الكثير من المهتمين من الدول الاوروبية. ولهذا قررت البلدية، كما يقول التقرير، في المنطقة فرز مناطق خاصة لبناء المكاتب والاماكن العامة، رغم ان معظم المشاريع في المنطقة تركز على القطاع السكني العادي والفاخر. ولذا يتوقع بعد التخلص من معظم المناطق الصناعية القديمة، ارتفاع قيمة الاستثمارات الدولية والمحلية في المشاريع الخاصة بالقطاع السكني في المنطقة لما تتمتع به من امكانات وامتيازات.

ومن المناطق الصناعية القديمة التي تشهد تحولا جذريا باتجاه المشاريع التطويرية السكنية الكبيرة والحديثة ايضا، منطقة سمنديرا (Samandra) شمال منطقة «مالتيبي» في القسم الشرقي من «كارتال». ومن هذه المشاريع ايضا مشروع «اليس فيليج» (Alice Village) في منطقة سمنديرا الذي تقوم بتنفيذه شركة «اليس ياتريم» المحدودة. وقد بدأ العمل على المشروع السكني عام 2004 وانتهى العمل به كما يفترض في يونيو (حزيران) من العام الماضي. ويفترض في إطار المشروع بناء اكثر من 300 شقة سكنية من الدرجة الاولى.

اضف الى هذا مشروع «Lagün» الذي تقوم بتطويره شركة سنباس للإنشاءات «Sinpa naat»، الذي ينتشر على مساحة تقدر بـ 450 الف متر مربع. وقد بدأت عمليات البناء في المشروع الذي سينفذ على ست مراحل، في ابريل (نيسان) العام الماضي ويتوقع ان ينتهي العمل من بناء 900 وحدة سكنية في مارس (آذار) من العام المقبل. اما مشروع «سوياك افريكا»، الذي ينتشر على مساحة تقدر بـ 26 الف متر مربع، في منطقة سامانديرا شمال كارتال، فيتوقع ان ينتج ما لا يقل عن 800 شقة سكنية. وقد بدأ العمل بالمشروع الذي يستهدف ايضا الطبقات الميسورة في منتصف العام الماضي وسينتهي العمل به منتصف العام المقبل. وينتشر مشروع «نارجيتي» الخاص بالشقق السكنية الفاخرة والفلل في منطقة مالتيبي على مساحة لا تقل عن 150 الف متر مربع. وتقوم شركة تيبي للإنشاءات (TEPE naat) بتنفيذ المشروع الهادف الى وضع اكثر من 1200 وحدة من هذه الشقق والفلل على الخريطة العقارية السكنية في اسطنبول. وقد بدأ العمل بالمشروع الذي ينفذ على ست مراحل عام 2005 ويتوقع ان ينتهي العمل منه في سبتمبر (ايلول) العام المقبل. وسيضم المشروع مراكز تجارية وترفيهية حديثة. ومن المشاريع الناجحة التي تم اكمالها في السابق (عام 2003) والتي كانت مثالا للكثير من المشاريع السكنية الحالية، مشروع «ماي فيليج»(My Village) الذي باع جميع وحداته السكنية في وقت قصير (حوالي 300 وحدة).

وتقول ارقام مؤسسة «كوليارز» الدولية الخاصة بالاسواق العقارية التجارية والسكنية وغيرها، ان سعر متر الارض المربع في مشروع الشقق السكنية «كنتبلص كارتال»، يصل الى اكثر من الفي دولار. ويتم بناء ما لا يقل عن 518 شقة في إطار هذا المشروع. الا ان سعر المتر المربع في مشروع «نارجيتي»، يرتفع بشكل ملموس ليصل الى 2.3 الف دولار.

ويتوقع ان يجهز المشروع اكثر من 1200 شقة سكنية فاخرة. ويضم المشروع بعض الفلل. ويتراجع سعر المتر المربع الواحد الى 1.8 الف دولار في مشروع «سوياك افريكا» الخاص بالشقق السكنية دون غيرها في منطقة سامانديرا. وتقول «كوليارز» في تقرير خاص بتركيا، انه نتيجة للمشاريع التطويرية، هناك الآن اربعة عوامل تؤثر على الطلب على سوق العقار السكني في مدينة اسطنبول وهي، قرب العقار من وسائل المواصلات وخاصة الحديثة، قربها ايضا من بعض المناطق الرئيسية، وقربها الى المراكز التجارية والترفيهية الكبرى، وقربها من المكاتب والمناطق الخدماتية والإنتاجية. وتقول المعلومات المتوفرة ان الحكومة التركية تقوم ايضا ببعض المشاريع العامة او الحكومية، في مدينة اسطنبول.

مشروع كارتال ـ يهدف المشروع عبر تنظيف المناطق الصناعية القديمة، الى تحويل المنطقة الى منطقة سكنية وترفيهية من الدرجة الاولى، إذ انه في إطار المشروع، سيتم بناء ميناء للقوارب واليخوت وتطوير الخط الساحلي او الكورنيش وتوسيعه ليضم الكثير من المقاهي وصالات العرض والمطاعم المحلات التجارية وكل ما يدعم القطاع السكني والسياحي. كما سيتم وصل منطقة كارتال، ايضا بمناطق كورتكو وتوزلا وجبزي بخط المترو السريع.

وهناك مشروع «مالتيبي دراغوز» في منطقة مالتيبي الجديد، الهادف الى تحويل ما مساحته 300 الف متر مربع من الاراضي الصناعية الى اراض او احياء سكنية. وسيتم بناء ما لا يقل عن 182 وحدة سكنية فاخرة في إطار المشروع. وسيضم المشروع ايضا تأسيس الحدائق العامة وتطوير المساحات المتوفرة للاستخدام الترفيهي على الخط الساحلي. في حين يهدف مشروع «مالتيبي بارك» الذي ينتشر على مساحة تقدر بنحو 6 ملايين متر مربع الى بناء وانشاء الحدائق العامة والمراكز الرياضية والملاعب. او بكلام آخر الى تحويلها الى مناطق خضراء وصحية. وسيتم في إطار المشروع شق طريق خاص وربطها بالطرقات الدولية التي سبق ذكرها والتي تربط المدينة بالمناطق النائية والبعيدة.

وتقول معظم المؤسسات الاقتصادية الدولية، ان الديناميكية في الاقتصاد العالمي حركت الاقتصاد التركي العام الماضي ولهذا السبب تأثر ايضا هذا الاقتصاد بازمة الإئتمان الدولية التي ادت اليها القروض العقارية العالية المخاطر في الولايات المتحدة. وقد اثرت هذه الازمة بشكل مباشر وغير مباشر على معظم الدول الاوروبية التي تعتبر الشريك التجاري الاول لانقرة في العالم.

ويتوقع البنك الدولي وبسبب ازمة الإئتمان والتطورات السلبية التي تتعرض لها اسواق المال وارتفاع اسعار الطاقة وخصوصا النفط، ان يتراجع النمو الاقتصادي حول العالم هذا العام ليصل الى 4.1 في المائة بدلا من 4.8 في المائة كما كان متوقعا في السابق.

والامر ذاته ينطبق على اقتصادات الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. ومن شأن هذه التطورات الحد من حجم الصادرات التركية الى دول الاتحاد الاوروبي في الربعين الأخيرين من هذا العام الحالي. وفي حال تعمقت الازمة التي تتعرض لها اسواق المال حول العالم وتواصل التراجع في النمو في الاقتصاد العالمي، فإن تركيا ستعاني من الحد من حجم صادراتها الى اوروبا ونسبة الاستثمارات الخارجية التي تستقطبها سنويا التي يتوقع لها ان تتراجع ايضا وسيكون سوق العقار احد المتضررين من هذا التراجع في قيمة الاستثمارات.

ويتوقع ان يرتفع الناتج المحلي الاجمالي، بحسب البنك الدولي، الى 520 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، ما يعني ان معدل دخل الفرد العام في البلاد سيكون حوالي 7000 دولار في السنة.