الهند: أزمة سيولة ضخمة في سوق العقارات

الاضطراب الذي تشهده سوق الأسهم ساهم في المشكلة

TT

يواجه المقاولون الكبار في سوق العقارات الهندية أزمة نقدية كبيرة، ويعانون من عدم استكمال المشروعات التي يقومون بتنفيذها. وفي الواقع، فقد أصبح الوضع سيئا للغاية لدرجة أن معظم الشركات سجلت عجزا نقديا بمقدار 50-70 في المائة. ولم تنج الشركات الكبيرة، مثل «دي إل إف» و«إعمار إم جي إف» و«صبوحة» للمقاولات و«يونيتك» و«أوماكس»، من هذه المشاكل. وقد اضطرت شركة «يونيتك» لبيع 50 في المائة من حصتها في المرحلة الأولى من مشروع بمدينة مومباي لشركة «إخوان لهمان للعقارات ومشاركوه» مقابل 175 مليون دولار.

وقد كشفت مصادر في السوق عن أن أزمة السيولة دفعت العديد من المقاولين للحصول على سيولة نقدية من السوق غير المنظمة بفائدة تصل إلى 35-50 في المائة سنويا. ويصل معدل الإقراض بالبنوك إلى 18-20 في المائة.

ويشير محللون بسوق العقارات إلى دلائل بينة على تأثير أزمة السيولة العالمية في شركات العقارات في الهند. وقد أصبح الوضع صعبا بالنسبة لشركات العقارات الضخمة والصغيرة على السواء في ضوء أزمة السيولة العالمية. ويقول برانيا فاكيل، وهو رئيس شركة استشارات العقارات العالمية «نايت فرانك»: «يذكرنا السيناريو الحالي لسوق العقارات بالوضع في الهند قبل عشرة أعوام، حيث يواجه المقاولون ضغوطا متعددة الاتجاهات. وقد أثرت الأسعار المرتفعة للعقارات في المبيعات، وأدى الاضطراب الذي تشهده سوق الأسهم إلى أزمة في السيولة». وبالنظر إلى مدى التراجع الاقتصادي العالمي، يرى الكثيرون أن معاناة شركات العقارات في الهند من أزمة السيولة قد تستمر. ويقول رئيس شركة «جاي إل إل إم» والمدير القطري أنوج بوري: «ستظل المخاوف المرتبطة بالسيولة تضرب السوق، فلن يكون من السهل توفير القروض. وفي المعتاد، كانت شركات العقارات تجني المال من صناديق القروض عن طريق ودائع الشركات والسندات التجارية. ولكن، في الوقت الحالي نجد أن صناديق القروض غير متحمسة لسوق العقارات. ومن ثم سيكون المصدر الرئيس للتمويل المؤسسي هو الأسهم الخاصة».

وقد تم تصحيح أسعار الأراضي في ضواحي مومباي وبنغالور وحيدر آباد بنسبة تصل لـ25 في المائة، حيث خفض المقاولون من عمليات شراء الأراضي. وقللت المبيعات الضعيفة وقلة توافر الائتمان من إقبال مقاولي العقارات على شراء الأراضي. من جهته يقول فيبين أجاروال، وهو مدير تنفيذي بشركة أوماكس: «يواجه قطاع العقارات أزمة مالية كبيرة، وهذا ما يدفع الشركات للإسراع في إنهاء المشروعات التي تنفذها، بدلا من البحث عن مشروعات جديدة».

وحتى فترة قريبة، كانت شركات العقارات تتجه بقوة لشراء الأراضي. ولكن أعلن بنك الاحتياطي الهندي عن ارتفاع مقداره 0.25 نقطة في معدل اتفاقيات إعادة الشراء، وهو المعدل الذي يقوم بإقراض البنوك طبقا له، ليصل إلى 8 في المائة مقارنة بـ7.75 في المائة من قبل. وبالنسبة لمعظم المقاولين الكبار، خاصة المقاولين الذين لديهم حصص كبيرة لم يتم بيعها من الوحدات السكنية، فإن الارتفاع في معدلات الفائدة سيعني تأثيرا سلبيا في خط الاحتياطي. كما يقول مصرفيون إنهم يتعاملون بحذر في ما يتعلق بإقراض مقاولي العقارات، فشركات العقارات لديها الكثير من المشروعات، وهناك تراجع للمبيعات بصورة مطردة. وقد قامت البنوك الهندية بتوفير قروض للمقاولين تصل إلى 200 مليار روبية، ومن المحتمل أن تطلب البنوك من هذه الشركات إجراءات إفصاح مسبق. وتقوم شركات البناء في الوقت الحالي بعرض متأخرات الفوائد، وقد بدأت الشركات في اقتراض مبالغ كبيرة بمعدلات فائدة مرتفعة. وحسبما أفاد المدير التنفيذي بشركة كوشمان آند واكفيلد سانجاي فرما «أن المضاربين قد غادروا السوق، فقد ضاعفت معدلات الفائدة المرتفعة والزيادة في تكاليف الإنتاج وتراجع أسهم العقارات من المشاكل التي تواجه المقاولين، فشركات العقارات في حاجة شديدة للائتمان ومصادر أخرى للتمويل لاستكمال المشاريع التي تقوم بتنفيذها وللحفاظ على خططها التوسعية. ويستطيع بعض هذه الشركات الحصول على رأس المال، ولكن بكلفة كبيرة، مما يعني أن ذلك لن يكون حلا مستمرا على المدى الطويل، لا سيما على ضوء حجم السوق والحاجة لكميات كبيرة من رأس المال». ويقول ماهيش أهوجا، وهو مستشار في العقارات: «نتجه لأزمة كبيرة، فقد ارتفعت الأسعار بالفعل بنسبة 20 في المائة، ولا يشتري أحد في الوقت الحالي، في انتظار إجراءات تصحيحية، ومن المتوقع أن تفاقم اتفاقيات إعادة الشراء من الوضع.

وعلى عكس الأشهر الستة الماضية، فهناك الكثير من البائعين، وقلما تجد مشتريا، فقد قلت المبيعات بعد أن زادت أسعار العقارات، مما دفع بعض المستثمرين إلى إعادة التفكير في استراتيجيات للخروج من السوق».