السعودية: تعويضات توسعة الحرم المكي الشريف ترفع أسعار الأراضي خارج المنطقة المركزية

وصل معدل الارتفاع في 12 شهراً فقط إلى نحو 70%

تشهد مكة المكرمة حركة عقارية نتيجة التوسعة الأخيرة التي تشهدها المنطقة المركزية («الشرق الأوسط»)
TT

دفعت التعويضات، التي قدمتها الحكومة السعودية لملاك العقارات داخل المنطقة المركزية في مكة المكرمة، إلى إحداث حراك كبير في القطاع العقاري في جميع أحياء المدينة، حيث حددت الحكومة السعودية عددا من المناطق المجاورة للحرم المكي الشريف لإدخالها ضمن منظومة التوسعة التي تتمثل في مشاريع جبارة ستعمل على تنظيم المنطقة المحيطة بالحرم. ويعتبر سوق مكة المكرمة العقاري من انشط الأسواق العقارية حول العالم، وذلك لوجود حركة عقارية دائمة من تداولات جميع المنتجات العقارية على المستوى القصير والمتوسط والطويل، للأهمية التي تتميز بها العاصمة المقدسة. وحسب عقاريين فإن التعويضات التي قدمتها الحكومة السعودية، ألقت بظلالها على أسعار عدد من الأحياء خارج المنطقة المركزية، التي ستشهد حركة متوقعة بعد خروج الكثير من الساكنين في الأحياء الداخلة ضمن مشاريع التوسعة، كما شهدت أحياء الشوقية وبطحاء قريش والشرائع والنسيم، ووصل معدل الارتفاع في 12 شهراً فقط الى نحو 70 في المائة لأسعار العقارات.

وأوضح عبد الله السقاط نائب رئيس اللجنة العقارية في مكة المكرمة، أن ارتفاع أسعار العقار الذي تشهده المدينة داخل وخارج المنطقة المركزية لا تتجاوز عن ان تكون أمنيات لدى الباعة والمشترين، وهي ليست أمرا واقعا، مشيراً الى أن الأسعار الحالية العالية هي مجرد تخمينات بين البائع والمشتري، حيث أن البائع يريد أن يحقق أعلى سعر من ملكيته العقارية نتيجة تأثره بأخبار السيولة الكبيرة التي سيتم ضخها في كل من مشروعي الشامية الملاصق للحرم المكي، ومشروع جبل عمر، في حين أن المشتري يريد ضمان الموقع المناسب بعد التعويضات الآنفة، لافتاً في ذات السياق، الى أن الأمور العقارية ستشهد اخذا وجذبا في مكة المكرمة، حتى يتم صرف التعويضات الفعلي.

وأشار نائب رئيس اللجنة العقارية إلى أن ما يحدث في مكة الآن، فوضى في عمليات التداول من خلال عرض العقارات من قبل ملاكها حسبما يريد، مبيناً أن المناطق البعيدة عن المنطقة المركزية يتمسك أصحابها بأسعار عالية، نتيجة تأثرهم بالأروقة العقارية من حولهم.

وأضاف أن هناك بعض أصحاب العقار لديهم مساحات ضخمة تصل إلى 5 آلاف متر كانت في طور التجميد، والآن بدأ يعرضها بأسعار عالية جداً عقب أنباء صرف التعويضات وإقامة المشاريع وأيمانا بأن الحالة باتت مهيأة للعرض، فيبدأ ملاك العقارات الصغيرة بالتأثر جراء هذا الارتفاع.

من جهته بين بندر الحميدة، رجل أعمال، أن ارتفاع أسعار العقار داخل وخارج المنطقة المركزية غير مرتبط فقط بأنباء صرف التعويضات، بل هو مرتبط أيضا بتقلص المساحات التجارية، حيث أن مشروعاً كمشروع الشامية على سبيل المثال في الساحات الشمالية للحرم قلص أكثر من 300 ألف متر في المساحة العمرانية والإسكانية والتجارية، وهناك مشاريع الخطوط الدائرية والخط الموازي والطريقين الدائريين الثالث والرابع، التي قلصت المساحات الإسكانية، مشيراً الى أن الأهم أنه لم تحدث توسعة في عدد المخططات بما يقابل المساحة التي تقلصت في عدد المشاريع في المناطق المركزية من المدينة.

وأضاف بندر الحميدة، أن عملية النمو السكاني وعامل الهجرة كلها أدت إلى رفع أسعار العقار وزيادة الطلب على الأراضي والعقارات، مشيرا إلى القاعدة العقارية التي تقول: «إذا زاد الطلب ارتفع السعر»، وبين أن تعويضات الساحات الشمالية في الشامية وصلت إلى 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار)، وزاد «نتوقع كرجال أعمال ارتفاع أكثر من 72 في المائة في أسعار مكة».

وذكر أن تراجع أسواق الأوراق المالية والأسهم أوعز للمستثمرين التنوع في استثماراتهم وتوجه كثير من رجال الأعمال من المنطقة الشرقية والرياض والقصيم إلى الاستثمار في منطقة مكة مما زاد عدد المستثمرين من خارجها.

وأشار الحميدة إلى أن سعر المتر المربع حاليا في مكة لا يعكس الحقيقة، موضحاً بقوله «لأننا دائماً كرجال أعمال نربط السعر مقابل العائد، فمن الممكن أن تزيد التكلفة إذا كان العائد يزيد، فالعائد من الإيجارات سواءً كان تجارياً أو سكنياً ارتفع مباشرةً بعد مشروع الشامية»، وذكر أن سعر تكلفة الحاج في العام المنصرم كان 1300 ريال (346.66 دولار) بينما وصل هذا العام إلى 2500 ريال في منطقة كالعزيزية، وكل هذا بسبب تقلص المساحات الإسكانية جراء المشاريع التي تحظى بها مكة المكرمة، وزياد الطلب على المناطق خارج المدينة المركزية.

من جانبه عزا خالد السبيعي، عضو مجلس الإدارة في مجلس السبيعي العقارية، زيادة الأسعار إلى ارتفاع الطلب، وقال «يأتي ارتفاع أسعار مواد البناء كسبب رئيس أيضا، والأراضي في مكة المكرمة تتصاعد قيمتها منذ سنين طويلة، فمنطقة الحجاج داخل المنطقة المركزية ارتفعت بنسبة 100 في المائة جراء مشاريع الشامية، ابتداء من الخط الدائري الثالث وصولاً للحرم، فأصبح فيها الطلب أكثر من العرض نتيجة كثير من المباني التي تعرضت للهدم وإقامة مشاريع جبل عمر والشامية.

وأضاف أن معدل سعر المتر في المنطقة المركزية يصل إلى 300 ألف ريال (80 ألف دولار) نزولاً حتى 50 ألف ريال (13.33 الف دولار ) في متوسط 100 ألف ريال (26.66 ألف دولار)، أما خارج المنطقة المركزية، في حي كالعوالي مثلا فسعر المتر المربع يصل إلى 1000 ريال (266 دولارا)، وبذلك يسجل العقار هنا ارتفاعا بنسبة 70 في المائة عن العام المنصرم و100 في المائة عما كان عليه الحال منذ الثلاث السنوات الأخيرة.

وتشهد مكة المكرمة حالياً تطويرا لمشاريع عقارية مختلفة، وأشارت مصادر إلى عزم عدد من الجهات الحكومية تأسيس شركات للمشاركة في تطوير العاصمة المقدسة، وذلك عبر مشاريع تطويرية وتنموية تعمل عليها الحكومة السعودية في العاصمة المقدسة.