ألبانيا.. بلد «مجهول» بدأ يثير الاهتمام عقاريـا

مع سنوات قليلة تفصلها عن الانضمام للاتحاد الأوروبي

العقار في تيرانا يستقطب المستثمرين الاجانب («الشرق الاوسط»)
TT

تعتبر ألبانيا دولة حديثة نسبية في مجال الاستثمار العقاري، لا بل انها تعتبر غير معروفة تماما للعديد من الشركات العالمية. لكن الحال بدأ يتغير حاليا، هناك عدة عوامل قادرة على جذب الكثير من المستثمرين العقاريين الأجانب الى البانيا وخصوصا الراغبين بشراء منازل واراض رخيصة في ذلك البلد الاوروبي الصغير والمجهول نسبيا للعالم الخارجي. وتأتي على رأس هذه العوامل الاحوال الجوية الطيبة على مدار العام وقربها من كوسوفو ومنتينيغرو وبلغاريا ومقدونيا، وبشكل خاص اليونان، والاهم من هذا ان البانيا اليانعة اقتصاديا ستصبح عضوا في الاتحاد الاوروبي كما هو متوقع العام 2014 أي بعد ست سنوات من الوقت الراهن. كما أن البانيا مدعوة للانضمام الى الحلف الاطلسي في الاجتماع المقبل. ولهذه الأسباب تتدفق الكثير من الاموال وخصوصا من الاتحاد الاوروبي لتهيئة البنية التحتية في العاصمة تيرانا والمدن الاخرى، واقامة العديد من المشاريع التطويرية والتحديثية.

كما ان هناك عاملا اهم من كل تلك العوامل وهو رخص الاسعار العقارية، إذ تعتبر حتى الآن الارخص في اوروبا، الامر الذي يدفع الكثير من المستثمرين الصغار في اوروبا والباحثين عن منازل ثانية لقضاء الاجازات والعطل وخصوصا على المناطق الساحلية القريبة من شمال اليونان. ولا بد من ذكر أن البانيا بلد صغير من حيث المساحة، لذا تتضاعف الاسعار وتتصاعد اكثر من غيرها من البلدان، ومثالا على هذا جزيرة قبرص. ويقول لـ«الشرق الأوسط» ديفيد ردفيرن، وهو احد المستثمرين العقاريين البريطانيين الكبار في العاصمة تيرانا، ومنطقة البحيرة الاصطناعية المحاذية وهي من اكثر المناطق في البلاد جذبا للمستثمرين والمشترين للعقارات، إن هناك مشاريع عدة لإقامة منتجعات مائية في موقع البحيرة الثانية الجافة حول المدينة والتي يطلق عليها منطقة «الليك ديستريك» تيمنا بمنطقة البحيرات الإنكليزية. ويتراوح سعر الشقة الحديثة والمؤلفة من غرفة نوم واحدة مع المنافع طبعا، في هذه المنطقة بين 40 الف جنيه (80 الف دولار) و 56 الف جنيه (112 الف دولار). لكن يمكن الحصول على شقق بنفس المواصفات في منطقة داجتي القريبة (تطل على سلسلة جبال رائعة ومرغوبة جدا من قبل السياح) باقل من ذلك بكثير، بسعر لا يتعدى الـ 26 الف جنيه (52 الف دولار). البانيا بشكل عام من البلدان المستقرة سياسيا واقتصاديا، وبالتالي تعتبر من البلدان التي تستقطب المستثمرين العقاريين على المديين القريب والبعيد. وتقول التقارير الدولية الصادرة عن البنك الدولي ومنظمة الامم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، إن معدل النمو الاقتصادي ارتفع العام الماضي بنسبة 6 في المائة.

كما ان بنك البانيا الوطني تمكن من كبح جماح معدلات التضخم وابقائه على نسبة لا تتعدى الـ 2.9 في المائة، رغم الاوضاع الاقتصادية السيئة التي تعيشها الولايات المتحدة والاسواق العالمية بشكل عام وارتفاع اسعار النفط وازمة الائتمان التي صارت مؤشرا للكثير من تحركات الاسواق وخصوصا العقارية.

ويشير تقرير البنك الدولي، ايضا، ان الحكومة في تيرانا تمكنت من خفض معدل البطالة العام من 13.9 في المائة في ديسمبر (كانون الاول) عام 2006، الى 13.2 في المائة في الربع الثالث من العام الماضي (2007). والاهم من هذا ان الضرائب بشكل عام تراجعت من 22 الى 20 في المائة في محاولة للحاق بالعجلة الاقتصادية الاوروبية. وقد ارتفعت قيمة الاستثمارات الاوروبية المباشرة بين شهر يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (ايلول) الى 362 مليون يورو في نفس الفترة من العام الماضي 2007 من 197 مليون يورو للفترة ذاتها من عام 2006 . وبالرغم من ان جزءا من هذه الاستثمارات ذهب الى قطاع الاتصال وتخصيص شركة «الباتيلكوم»، فإن الاستثمارات تتزايد يوميا في قطاع البناء والعقارات التجارية والصناعية والسكنية. ويشير تقرير خاص صدر حديثا عن مؤسسة «كوليارز» الدولية المختصة بالاسواق العقارية الدولية، حول اسواق المراكز التجارية في البانيا، الى ان مفهوم المراكز التجارية على الالبان غريب وحديث على التجار والمستهلكين على حد سواء.

ويتابع القول: لقد تم افتتاح اول مركز تجاري تسوقي في البلاد العام 2005 في العاصمة تيرانا ومن هناك انتشرت الظاهرة ولم تتوقف. ففي نهاية العام الماضي ازدادت مساحة مركز المدينة التجاري 31 الف متر مربع. وتتراوح نسبة المتوفر من المحلات التجارية وغيرها بين 0 و3 في المائة أي ان عوائد الارباح مرتفعة جدا. ومهما يكن فإن معظم المراكز التجارية تتركز في وسط العاصمة، وهناك ما لا يقل عن ستة مراكز تجارية تسوقية حديثة في المدينة، اربعة منها متعددة الاستخدامات في الوسط التجاري، لكنها صغيرة وفقيرة نسبيا حسب المواصفات الدولية الحديثة للمراكز التجارية (مثل مركز «يوروبيان تريد سنتر غليريا (European Trade Center Galeria)» الذي ينتشر على مساحة 5 الآف متر مربع ويبلغ عدد محلاته 65 محلا ـ ومركز «توين تاورز» (TwinTowers) الذي ينتشر على مساحة الفي متر مربع، وسضم 23 محلا تجاريا ـ ومركز «توري ديريني شوبينغ سنتر» (Torre Drini Shopping Center) الذي ينتشر على مساحة 800 متر مربع ويضم 18 محلا تجاريا ـ ومركز «شيراتون شوبينغ بلازا» (Sheraton Shopping Plaza ) الذي ينتشر على مساحة 2600 متر مربع ويضم 20 محلا تجاريا. اما المركزان الباقيان فهما مركز «كيو تي يو»Qendra Tregtare Univers (ينتشر على مساحة 25 الف متر مربع ويضم 73 محلا تجاريا، ومركز «كازا ايطاليا» (Casa Italia) وينتشر على مساحة 20 الف متر مربع ويضم 32 محلا تجاريا. وتصل المساحة الاجمالية حسب تقرير «كوليارز» الى 55 الف متر مربع. ويعتبر هذان المركزان، وبسبب شحة المحلات والمساحات التجارية المتوفرة وسط المدينة، من المراكز الجديدة التي يطلق عليها اسم «بيغ بوكس» لتمتعها بمواصفات الاسواق والمراكز التجارية الدولية التي توفر الكثير من المساحات والمحلات للإيجار بالإضافة الى مرآب السيارات وغيرها من المنافع الضرورية والتنوع في خدمات المراكز. وفيما تصل المساحات المتوفرة في مركز «كيو تي يو» حاليا الى 25 الف متر مربع، تصل هذه المساحة في مركز «كازا ايطاليا» الى 20 الف متر مربع. ولأن العرض في المراكز والمحلات التجارية ذات النوعية الممتازة قليل ونادر، فإن هناك الكثير من المشاريع والاستثمارات الاجنبية في هذا القطاع التي ستظهر نتائجها خلال العامين المقبلين، وقد بدأت تظهر بوادرها في بعض المدن الساحلية مثل فيير وفلورا ودوريس. ومن هذه البوادر ظهور مراكز تجارية حديثة متعددة الخدمات رغم صغرها. وبعيدا عن المراكز التجارية تعتبر بعض الشوارع حول الوسط التجاري والحي القديم من اهم المناطق العقارية السكنية والتجارية بشكل خاص ومن هذه الشوارع شارع «بارذيلي» وشارع «محمد كجولشا» وشارع «عاصم فوكشي» شمالا، وشارع «عبد الفراشيري» جنوبا. اما الشوارع الفاخرة والتي تضم المحلات التجارية المهمة والماركات الدولية (300 محل منها «فرساتشي» و«اديداس» و«نايك» و«يو اس بولو») والتي تعتبر الاغلى عقاريا في البلاد، فهي شوارع :«مسلم شيري» و«دشموريت شكورتيت» او شارع «شالفاريت» و«فاسو باشا» و«الخواجا». وتصل نسبة المتوفر من المحلات والمساحات التجارية في هذه الشوارع الى الصفر تقريبا، أي انها معدومة بسبب الازدحام البشري حسب تقرير «كوليارز» الاخير. ويتراوح معدل سعر ايجار المتر المربع في بعض الشوارع المهمة والرئيسية بين 15 و70 يورو شهريا. وكما هو الحال في الكثير من دجول اوروبا الشرقية والوسطى يتراوح سعر المتر المربع في هذه المناطق او الشوارع التجارية بين 1500 يورو و4 آلاف يورو ويتوقع ان تتضاعف هذه الارقام خلال الربعين الاولين للعام المقبل (2009). وتتوقع المؤسسات الدولية، ومنها «كوليارز»، ان يرتفع الطلب سنويا على المحلات التجارية والمساحات المتوفرة وخصوصا الاستثمارات في قطاع المراكز التجارية الحديثة والضخمة، خلال السنوات القليلة المقبلة.

ويتوقع ان يتم التحول من السوق القديم في تيرانا المبني على المصالح العائلية باتجاه سوق الخدمات المتعدد والمرتبط اكثر بالاسواق الدولية بأسرع مما هو متوقع، إذ ان النمو والاستقرار الاقتصاديين يعززان هذا الاتجاه. كما تتوقع هذه المؤسسات ان تشهد البلاد ارتفاع في النمو في الاسواق العقارية التجارية والسكنية على المديين القريب والبعيد وستتوفر من المساحات التجارية الاستثمارية ما لا يقل عن 170 الف متر مربع خلال السنوات الاربع المقبلة اي قبل العام 2012 .

وعلى صعيد سوق المكاتب التجارية العقاري لم يكن في البانيا قبل العام 2000 أي نوع من انواع المكاتب الممتازة من الدرجة الاولى (A). ومع هذا وصلت مساحة المكاتب الإجمالية من هذا النوع عند العام الحالي الى 44.5 الف متر مربع معظمها في وسط العاصمة.

ويتوفر هذا العام ما لا يقل عن 28 الف متر مربع. وهناك مشاريع حاليا كافية لفرز ما لا يقل عن 28 الف متر مربع جديد خلال السنوات القليلة المقبلة. ويعتبر مركز التجارة الاوروبي (ETC) اهم مباني المكاتب الممتازة في تيرانا بالإضافة الى مركزي «توين تاورز» و«سكاي تاور» اللذين يتمتعان بآخر المواصفات الاوروبية والدولية الحديثة. وتعتبر أسعار المكاتب والإيجارات معقولة نسبيا، ويصل ايجار سعر المتر المربع في هذه المراكز بين 12 و15 يورو شهريا ويترواح السعر في بعض المناطق المعروفة بين 16 و20 يورو شهريا. لكن مساحة المكاتب المتوفرة في هذين المركزين تتضاءل يوميا بسبب ارتفاع الطلب. ويتوقع حسب ما تؤكد «كوليارز» ان يرتفع رصيد البانيا والعاصمة والمناطق المحيطة بها من المكاتب الممتازة والعالية الجودة بين 5 و7 سنوات وربما يتضاعف عدة مرات (3 مرات)، إذ ان مشروع منطقة «تيرانا بيزنيس بارك» الإنمائي والتطويري يشمل ما مساحته 66 الف متر مربع من المكاتب الممتازة. كما ستزداد مساحة هذا النوع من المكاتب خلال نفس الفترة في وسط العاصمة وحدها بـ 50 الف متر مربع (في إطار مشاريع «بليكروميك تاور» و«ذي ملينيوم بيزنيس سنتر» و«ذي اميركان بيزنيس سنتر» التجارية والسكنية والترفيهية). ويتوقع بعض الخبراء في «كوليارز»، ان تحافظ اسعار ايجارات المكاتب على حالها واستقرارها هذه السنة لكن هذه الاسعار قد تتراجع نسبيا مع اتمام بعض المشاريع الكبرى في هذا الإطار.