الخليجيون يتسببون في ارتفاع أسعار العقار بالنجف

السياحة الدينية نقطة جذب للرساميل الأجنبية

منذ سبتمبر 2004 لم تحدث هناك أي عملية بيع لغير العراقيين في النجف («الشرق الأوسط»)
TT

مدينة النجف التي تتمتع بخصوصية دينية تميزها عن بقية مدن العراق، بوجود مرقد الإمام علي بن أبي طالب، واحتضانها عددا من الرموز الإسلامية، مثل مسجد الكوفة ومرقد النبي (ذي الكفل)، جعلها محط أنظار المستثمرين، مما تسبب بصعود اسعار عقاراتها.

وبعد افتتاح مطار النجف الدولي تصاعدت التوقعات حول حجم الاستثمار الأجنبي في هذه المدينة التي ينتظر شيعة العالم الوقت المناسب لزيارتها، وهذا ما وفره المطار لهم، على حد تعبير نائب محافظ النجف عبد الحسين عبطان.

وأكد عبطان في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن عدم استقرار الأوضاع ومخاطر الطرق الخارجية حرم مدينة النجف وخلال الأعوام الماضية من عوائد كبيرة، تتأتى من تدفق الزوار الشيعة من كافة أنحاء العالم اليها، لكن مطار النجف سيؤمن لهم السفر من بلدانهم إلى مدينة النجف مباشرة، من دون الاضطرار الى اللجوء لقطع الطرق البرية.

ويعتقد نائب المحافظ أنه بعد توسيع المطار سيحضر الى النجف ثلاثة ملايين زائر سنويا من خارج العراق، والتقديرات الأولية تبين ان العائدات ستصل لأكثر من ثمانية ملايين دولار يوميا، اضافة الى الزيارات الداخلية التي تدر حاليا على المدينة أكثر من مليون دولار يوميا. وهذه كلها انعكست على السوق العقاري.

وقال احمد دعيبل المسؤول في المحافظة ان اسعار العقارات في المدينة كانت دائما عالية، والآن ارتفعت بشكل مضاعف، نتيجة تدفق الاستثمار بسبب تمتعها بهذه السياحة الدينية، واصفا هذه السياحة بالنفط الذي لا ينضب ابدا. امتلاك البيوت والفنادق والأسواق في المدينة من قبل غير العراقيين ليس بالجديد، فهناك عقارات يملكها الهنود (البهرة)، وهي طائفة شيعية حرصت على زيادة استثماراتها في العراق، وخاصة في مدينتي كربلاء والنجف، فضلا عن امتلاك عدد من الخليجيين والإيرانيين لجزء آخر من العقارات.

وعن هذا الامر بين دعيبل  أن اغلب عقارات النجف التي تعود لطوائف أو أشخاص، او حتى حكومات، يرجع تاريخ تملكها الى عهود سابقة، ووفق بروتوكولات بين الحكومة العراقية وحكومات أخرى، كما حدث في اتفاقية الرياض، التي سمحت بتمليك الخليجيين من السعوديين والكويتيين العقارات في العراق، مشيرا إلى انه وبعد تاريخ سبتمبر (ايلول) 2004 لم تحدث هناك أي عملية بيع لغير العراقيين في النجف، وكل ما يحدث الآن هو عقد شراكات طويلة الأمد بين العراقي، الذي عليه توفير الأرض، وطرف آخر أجنبي يتعهد بالتمويل لإنشاء فندق أو مطعم أو غيرها، ويبقى العقد نافذا لمدة من 20 الى 50 عاما، ولكل جهة نسبته من الأرباح، لكن العقار يبقى باسم العراقي حصرا. قاسم عباس صاحب مكتب لبيع وشراء الدور السكنية في النجف، أكد أن سعر المتر الواحد في المناطق القريبة من ضريح الإمام علي عليه السلام ارتفع لأكثر من 6 الى 8 ملايين دينار، وهناك مناطق قريبة جدا من مرقد الإمام، فهذه لا تقدر بثمن بل تباع وفق مبدأ الصفقة، أي أن صاحب الأرض يعرضها بسعر خيالي ويأتي اليه من يدفع له الثمن المطلوب، مضيفا أن قدوم عوائل مهجرة من بغداد زاد من أسعار البيع بشكل كبير، وهناك خطة لدى المحافظة لتوسيع المدينة باتجاه الأطراف. وأكد عباس أن الأسعار الحالية في المدينة مرتفعة جدا مقارنة بغيرها من المحافظات العراقية، وتزداد تلك الأسعار كلما اقتربنا من مركز المدينة، وهي تتجاوز القدرة الحقيقية للمواطنين، مما يمثل عبئاً على كاهلهم، خاصة على أبناء الفئات الفقيرة والمتوسطة، الذين يضطرون الى اللجوء الى السكن خارج المدينة. فيصل الصفار، صاحب مكتب عقارات، التقته «الشرق الأوسط»، بين أن الأسعار تختلف من منطقة لأخرى، ومن حي إلى آخر، وهي ترتفع باستمرار. موضحا أن سعر قطعة الأرض، بمساحة 300 متر مربع في أحد الأحياء الجديدة على أطراف المدينة، يتراوح بين 100 و200 مليون دينار عراقي (الدولار يساوي 1200 دينار) ويختلف سعرها بحسب موقعها، وقربها من الحي أو الساحات الخدمية أو المواقع التجارية. أما الأراضي المطلة على الشارع العام، فتبلغ أسعارها أضعاف ذلك، فيما تتراوح أسعار القطع في المدينة القديمة ما بين مليار إلى مليارين ونصف المليار دينار عراقي، لان الأسعار في هذه المناطق ذات طبيعة خاصة، وأهمية تجارية.

ولا يتوقف الصعود في أسعار الأراضي فقط، بل يتعداه إلى أسعار الإيجارات للدور السكنية، والمحلات التجارية على حد سواء، حيث تشهد ارتفاعا ملحوظا، يزيد في أحيان كثيرة عن الراتب الشهري لموظف يعمل في دوائر الدولة، لأكثر من خمس سنوات.   من جانبه، يعزو مدير بلدية النجف، براك الشمرتي، أسباب ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات، إلى نشاط الحركة التجارية والصناعية في المدينة، واستقرار الأوضاع الأمنية، وبالتالي الهجرة إليها من المحافظات الأخرى، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن دوائر الدولة المعنية لا تتدخل في توزيع الأراضي منذ عام 2002، وحتى الآن. ويضيف الشمرتي، أن بعض المواطنين العراقيين المقيمين في الخارج، بدأوا في شراء العقارات والأراضي في النجف، كضمانة للمستقبل، أو على سبيل الاستثمار والعمل التجاري.

ويرى الحل في تدخل الدولة عبر توزيع قطع الأراضي السكنية على الشرائح المستحقة، إضافة إلى تشييد مجمعات سكنية عمودية ومدعومة من قبل الدولة.

ويذكر أن الكثير من رؤوس الأموال انتقلت إلى النجف إبان الاضطرابات الطائفية التي شهدتها العاصمة بغداد.

كما أوقفت الجهات الرسمية في محافظة النجف عملية صرف إجازات البناء داخل المنطقة القديمة المحيطة بمرقد الإمام علي، وسط المدينة، لحين الانتهاء من وضع التصاميم الأساسية من قبل الشركة العالمية، التي أحيل إليها المشروع، بالتعاون مع احد المكاتب الاستشارية العراقية.

وقال مدير دائرة التخطيط العمراني في النجف عبد الكريم الخواجة، إن «مجلس المحافظة اصدر القرار رقم 105 الخاص بتجميد منح إجازات البناء في المدينة القديمة، بناء على توصية من المكتب الاستشاري المكلف بوضع التصاميم، لحين الانتهاء من إكمال التصاميم الأساسية لعموم المدينة، موضحا أن التصاميم الأساسية هي التي ستحدد الأماكن التي ستزال والأماكن التي سيستأنف فيها البناء».

وأضاف الخواجة أن العمل بوضع التصاميم الأساسية للنجف بدأ في 14 مايو (أيار) 2007 بعقد قيمته 2.5 مليار دينار، على أن يكتمل العمل خلال عام واحد، مشيرا إلى أن تأخيرا  اضطراريا حدث بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد، دفع الشركة لطلب مهلة شهرين إضافيين.