توقعات بانتعاش القطاع العقاري في أوكرانيا

وسط ترجيح انضمامها لمنظمة التجارة العالمية في العام الحالي

يتوقع أن تكون أوكرانيا في المستقبل القريب من البلدان التي تتمتع بسوق عقاري مغرٍ من الناحيتين الاستثمارية والتجارية («الشرق الأوسط»)
TT

بعد اكثر من عشر سنوات على الازمات الاقتصادية الحادة التي تعرضت لها اوكرانيا مثل انهيار العملة والتضخم وغيرهما، نتيجة الانسلاخ عن الاتحاد السوفياتي سابقا، بدأت بوادر الانفراج تظهر تدريجيا.

إذ تشير الأرقام الاخيرة التي نشرها البنك الدولي وبعض المؤسسات الاقتصادية والعقارية الكبرى، ان نسبة النمو الاقتصادي في البلاد وصلت العام الماضي الى 7.3 في المائة، وان حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى البلاد وصل الى حوالي 8 مليارات دولار أي بزيادة بنسبة 40 في المائة عن عام 2006. وقد اتجهت معظم هذه الاستثمارات الى قطاعي العقار والمال. ويتوقع ان يصل هذا الرقم الى 9 مليارات دولار بين عامي 2009 و2010. وبعد الانضمام الى منظمة التجارة العالمية هذا العام، يتوقع ان تكون اوكرانيا في المستقبل القريب من البلدان التي تتمتع بسوق عقاري مغر من الناحيتين الاستثمارية والتجارية، إذ من شأن هذا الانضمام تسريع الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة وتحسين القدرة التنافسية لاوكرانيا بين دول المنطقة (منطقة اوروبا الوسطى: رومانيا وروسيا وهنغاريا والبحر الاسود وغيرها) والعالم. اضف الى ذلك بالطبع قرب رئيسة الحكومة الجديدة يوليا تيموشينكو من الاتحاد الاوروبي ونيتها تقليل الاعتماد الاوكراني على روسيا.

وقد شهدت العاصمة كييف العام الماضي، نشاطا عقاريا ملحوظا، ان كان على صعيد قطاع المكاتب التجارية التي ينمو سوقها يوما بعد يوم، ام على صعيد قطاع الإيجار الذي يتوقع ان ترتفع عائداته سنة بعد اخرى بسبب فقدان المنافسة الجادة.

ويحوز قطاع العقارات على حصة 11 في المائة من النشاط الاقتصادي العام، ويدفع هذا القطاع قطاعات اخرى الى الامام وينشطها مثل قطاعي البناء والمفروشات وغيره. وتقول مؤسسة «كوليارز انترناشونال» في تقرير اخير عن الاوضاع الاقتصادية والعقارية في البلاد، ان النمو الاقتصادي سيتواصل هذا العام والعام المقبل، لكن بنسب اقل بسبب ازمة الائتمان الدولية. وتتوقع المؤسسة ان تتراوح نسبة النمو بين 6.3 و 6.5 في المائة وان تتراجع نسبة التضخم الى 12 في المائة، مشيرة الى ان 500 مليون دولار من اصل 8 مليارات دولار من الاستثمارات الخارجية ذهبت الى سوق العقارات التجارية في العاصمة كييف.

كما ان الكثير من المستثمرين الاجانب ومنهم مستمرون من اوروبا والولايات المتحدة وروسيا والعالم العربي وسويسرا واسرائيل وبريطانيا وكازاخستان، يتجهون الى المدن الثانية مثل اوديسا وزابوريجيا وخراكيف دونتسك للبحث عن فرص في قطاعات العقارات السكنية والتجارية والصناعية، رغم الآثار السلبية لأزمة الائتمان.

ويقول التقرير ان شحة التمويلات بسبب ازمة الائتمان وبدائية السوق نسبة الى الاسواق الاوروبية الاخرى، لم تلجم نشاط البعض، وان الاسعار تواصل ارتفاعها وان الطلب يزداد ويرتفع يوما بعد يوم عن العرض، خاصة في قطاع العقارات التجارية وخصوصا المراكز التجارية. لذا لا يزال هذا القطاع من اكثر القطاعات المطلوبة من الخارج والتي تحقق ارباحا مؤكدة حتى الآن. وتنشط في هذا الإطار شركة «لندن ريجينال بربارتيز«. كما تنشط بعض الشركات في قطاع بناء المخازن والاهراءات والمستودعات وتطويرها، وينشط البعض في شراء ما امكن من العقارات التجارية الرخيصة على امل تغير الاوضاع في المستقبل. كما ان التنافس بين المشترين في بعض المناطق يؤدي بالبائعين الى رفع الاسعار وبالتالي رفع العائدات الربحية.

وتتراوح نسبة العائدات الربحية بين 8 و8.5 في المائة هذا العام في قطاع المكاتب التجارية، أي بتراجع بنسبة 1 الى 1.5 في المائة عن العام الماضي 2007) وحوالي 4 في المائة عما كان عليه الوضع قبل 3 سنوات أي عام 2005. وتراوحت نسبة العائدات في قطاعي التجزئة والمحلات التجارية الصغيرة بين 9 و9.5 في المائة أي بتراجع بنسبة 1.5 في المائة عن العام الماضي (2007) وبنسبة 4 في المائة عما كان عليه الوضع عام 2005.

وفيما ينصح البعض بالذهاب بعيدا عن العاصمة كييف وبيروقراطيتها الى المدن الصناعية الاخرى، تشير التقارير الى ان العاصمة الاوكرانية كانت مسرحا لاستثمارات من قبل «لندن ريجينال بربارتيز» و«مجموعة يوريجيا» وشركات خاصة في مشاريع المكاتب مثل مبنى «الميلنيوم» و «بوديل بلازا» و«ايس بريغ» و«غلوبوس» (محلات تجارية) و«انداكتا» (مخزان). ولانه يصعب الاعتماد على الكثير من الارقام ليناعة السوق وتخلفه في السابق، فإن العائدات الربحية لا تزال تتمتع بنسبة لا بأس بها مقارنة بالاسواق الاوروبية الناشئة.

وتقول الارقام المتوفرة لدى مؤسسة «كوليارز انترناشونال» ان سوق المكاتب في العاصمة كييف كان هادئا العام الماضي نسبة الى النشاط الذي شهده قبل ذلك ووصلت مساحة المكاتب الجديدة حوالي 172 الف متر مربع، وأدى الارتفاع في الإنتاج الصناعي (10 في المائة) الى رفع المساحات المطلوبة والمتوفرة الى 250 الف متر مربع. وقد ارتفع معدل ايجارات المكاتب من الدرجة الاولى (أ) ونما بنسبة 38 في المائة.

وكانت المكاتب التجارية من الدرجة الثانية (ب) قد تمتعت بنسبة مماثلة وصلت الى 37 في المائة. وتشير الارقام الى ان نسبة الارباح او العائدات على المشاريع الخاصة بالمكاتب خلال النصف الاول من هذا العام في العاصمة كييف، قد وصلت الى 9.5 في المائة. ومع زيادة مساحات المكاتب المتوفرة في السوق 172 الف متر مربع هذا العام، تكون المساحة المتوفرة حاليا في السوق قد وصلت الى 785 الف متر مربع، 45 في المائة منها من الدرجة الاولى و 38 في المائة من الدرجة الثانية و17 في المائة من الدرجة الثالثة. وتقول مؤسسة «كوليارز»، ان نسبة الزيادة التي طرأت على مساحات المكاتب الجديدة من الدرجة الاولى منذ عام 2005 وصلت الى 17 في المائة العام الماضي (2007). ويتوقع ان تصل مساحة المكاتب المتوفرة في السوق من الآن حتى بداية عام 2010 الى 1.2 متر مربع، إذ ان المساحات المتوقع زيادتها العام الحالي 200 الف متر مربع والعام المقبل 250 الف متر مربع.

ومع هذا فإن هذه المساحات او الكمية من المكاتب اقل من حاجة السوق او المطلوب رغم الزيادة السنوية المتواصلة. لذا يتوقع ايضا ان ترتفع الاستثمارات اكثر في هذا القطاع المهم بين العامين 2010 و2011. ورغم ان اسعار الارض المرتفعة جدا في وسط العاصمة تبعد بعض المستثمرين وتدفعهم الى اسواق اخرى، فإن الطلب على المكاتب الممتازة يزداد يوما بعد يوم وقد ارتفع العام الماضي اكثر من أي وقت سابق ووصل عدد الصفقات الى اعلى حد له منذ عشر سنوات أي منذ عام 1998. وقد ارتفعت عدد المساحات المؤجرة والمباعة من 140 الف متر مربع عام 2006 الى 250 الف متر مربع العام الماضي. وحاز قطاع الإيجار على 83 في المائة من الصفقات اما المبيعات فلم تتعد نسبتها الـ 17 في المائة.

وحول جنسية الشركات المهتمة بالمكاتب الممتازة، فقد شكلت الشركات الاجنبية ما نسبته 71 في المائة منها وحازت الشركات الاوكرانية المحلية على 18 في المائة والروسية على 10 في المائة العام الماضي، ويتوقع مع النمو الاقتصادي في البلاد ان يرتفع الطلب من قبل الشركات المحلية على هذا النوع من المكاتب خلال السنوات المقبلة. وقد تراجعت نسبة المتوفر من المكاتب الممتازة في اسواق كييف من 11.5 عام 2006 الى 0.75 العام الماضي، أي ما مساحته 4600 متر مربع من اصل 172 الف متر مربع. ويتوقع ان تتراوح هذه النسبة بين 1 و3 في المائة خلال العامين المقبلين. ولهذا السبب تواصل كلفة الإيجارات ارتفاعاتها، وارتفعت كلفة او عائدات المتر المربع للمكاتب الممتازة من عام 2006 الى العام الماضي بنسبة 38 في المائة أي من 45 الى 62 دولارا. وارتفعت عائدات مكاتب الدرجة الثانية من 35 دولارا للمتر المربع الواحد الى 48 دولارا نهاية العام الماضي. وتتوقع الحكومة في تقاريرها، الا تقل نسبة النمو على معدل الإيجارات الخاصة بالمكاتب الممتازة عن 30 في المائة هذا العام و20 في المائة العام المقبل.

وعلى صعيد المراكز والمحلات التجارية والترفيهية، فإن المشاريع الحالية غير كافية لردم الفجوة بين العرض والطلب بشكل عام. ومع هذا ترتفع الايجارات والاسعار ايضا يوما بعد يوم. وقد تم اضافة ما مساحته 53 الف متر مربع العام الماضي الى السوق مما رفع المتوفر في الاسواق بنسبة 18 في المائة.

ووصلت مساحة المحلات والمراكز التجارية التي يمكن تأجيرها الى 365 الف متر مربع. ويحتل مشروع المركز التجاري والتسوقي «كومود» على الجهة الشمالية للعاصمة كييف ما مساحته 10 آلاف متر مربع. ويعتبر موقع المركز من المواقع المهمة في المدينة لقربه من وسائل المواصلات. ويجري العمل حاليا على اتمام الشق الثاني من مشروع «بولشوفيك» الخاص بالمراكز التجارية والترفيهية على مساحة لا تقل عن 9 آلاف متر مربع. ومن مشاريع المركز التجارية المهمة في المدينة ايضا مشروعا «سكاي مول» الذي ينتشر على مساحة 18 الف متر مربع و«ماتيريك» الذي ينتشر على مساحة 16 الف متر مربع. وهذا الاخير يضم قاعة للتزلج على الجليد. ومن المشاريع المهمة والضخمة التي يفترض ان ينتهي العمل بها عام 2010، مشروع «اكوابارك» المتعدد الاستخدامات والخدمات (شارع دنبروفسكا نبريجنا). ويهدف المشروع الى ربط منطقتي «اوسوكوركي» و«بيريزنياكي» المكتظتين بالسكان. الا ان مشروعي «بترفكا» و«اوبولون» يحتلان اهم المواقع التجارية الجذابة في المدينة. ويتوقع ان تصل مساحة المراكز التجارية الجديدة هذا العام الى 170 الف متر مربع تقريبا وأن تكون 95 الف متر مربع العام المقبل و330 الف متر مربع عام 2010.

ورغم البروقراطية والاسعار الغالية الثمن للاراضي في العاصمة كييف، فإن الشركات الاجنبية، خصوصا الروسية والبريطانية والإسرائيلية توسع نشاطاتها على الضواحي والمدن الاخرى. ومن هذه الشركات مجموعة «اكتيوم» التي تنوي بناء مركز تجاري ضخم في مدينة اوديسا ينتشر على مساحة لا تقل عن 62 الف متر مربع. وهناك شركة بريطانية عقارية تنشط في كل من زابوريجيا وبولتافا وتشيرنيفيتسي. وتنشط شركة «افركا ازراييل انفستمانت» الاسرائيلية في زابوريجيا لبناء مجمع تجاري على مساحة 150 الف متر مربع.