انتعاش العقارات اليونانية يتحدى ركود السوق

تزايد أعداد الأثرياء الأوروبيين الذين يشترون المنازل الفاخرة

الفيلات الفخمة وصفقات الأراضي تجذب المشترين الأجانب («نيويورك تايمز»)
TT

تتزايد أعداد الأثرياء الأوروبيين الذين يشترون العقارات الفاخرة أو يبنونها في الجزر اليونانية، على الرغم من ركود سوق منازل قضاء الإجازات في المناطق الأوروبية الأخرى مثل أسبانيا وبلغاريا، وفقا لما ذكره وكلاء عقارات يونانيون.

يوضح خبراء الصناعة أن نطاق العقارات المتاحة، من الفيلات الفخمة إلى صفقات الأراضي، يجذب المشترين الأجانب، الذين يقول بعضهم إن استثماراتهم تضاعفت قيمتها مرتين أو حتى ثلاثة في غضون أيام قليلة.

يقول يانيس بيروتيس رئيس شركة سي بي ريتشلرد إيليس- أتريا للاستشارات العقارية في أثينا: «الجزر اليونانية بها ميزة تقدمها للجميع، وهي قريبة من البلدان الأوروبية، لذلك يوجد اهتمام قوي بها».

هناك حوالي 70.000 مالك أجنبي للعقارات في اليونان، وبينما لا توجد سجلات رسمية لمشتريات أصحاب الجنسيات الأجنبية من العقارات، هناك أدلة كثيرة على أن أعدادهم في تزايد مستمر.

أكثر عمليات الشراء تتم مع البريطانيين والألمان، كما يقول الوكلاء، الذين يتفقون على أن هبوط سوق الإسكان البريطاني وضعف الجنيه كان لهما تأثير ضئيل على مبيعات العقارات الفاخرة. ويليهم الفرنسيون والإيطاليون والإسكندنافيون. وهناك عدد أقل من المشترين الاميركيين منذ انخفاض سعر الدولار أمام اليورو، ولكن تعوض زيادة اهتمام الأثرياء الجدد من الروس هذا النقص.

يقول الوكلاء إن معظم هؤلاء العملاء يدفعون من 4.000 يورو إلى 10.000 يورو في المتر المربع، أو من 590 دولارا إلى 1.470 دولارا للقدم المربعة، في العقارات الجديدة الفاخرة، بناء على موقعها. وتبلغ هذه الأسعار، التي ارتفعت حوالي 20 في المائة منذ ازدهار سوق العقارات عام 2005، ثلاثة أضعاف المباني المماثلة في الأسواق الجديدة في تركيا وبلغاريا وكرواتيا، وهي أعلى سعرا من العقارات المماثلة في أسبانيا التي هبطت فيها الأسعار في العام الماضي.

وأشاروا أيضا إلى أن سعر قطعة الأرض في الجزر، وتكاليف البناء التالية، جزء من تكاليف شراء عقار جديد من وكيل عقارات.

ولكن بالنسبة للعديد من المشترين المحتملين، من الممكن أن يكون إتمام صفقة شراء في واحدة من مئات الجزر اليونانية مهمة خارقة. ويعترف بيروتيس: «يتراجع الكثيرون بسبب الإجراءات التي لا تنتهي». ويشتكي هو ووكلاء آخرون من تسبب القوانين غير المناسبة التي تحكم عمليات شراء العقارات، وعدم إكمال تسجيلات الأراضي في تعقيدات وتأخيرات. وتصدر هذه الشكاوى أيضا عن وكلاء الإنشاء الذين يحاولون بناء مجمعات فاخرة للإجازات.

ولكن في أوائل العام المقبل، من المتوقع أن يوضح قانون جديد لتقسيم الأراضي الأماكن التي يسمح فيها بالإنشاء والأماكن الأخرى التي يمنعه فيها، على الرغم من أنه ليس من المتوقع أن يتغير الحد الأدنى من مساحة قطعة الأرض التي يمكن البناء عليها الآن، وهي 4.000 متر مربع أو حوالي فدان. يجب على أي مشتر أن يوكل محاميا يمكنه التعامل مع مكتب تسجيل الأراضي وسلطات الآثار والمسؤولين عن الغابات. وبالنسبة للمباني القديمة، يجب الاستعانة بمهندس مدني لفحص مقاومة المبنى للزلازل، التي كثيرا ما تحدث في اليونان.

وتختلف القوانين في الجزر كما تختلف شخصية كل جزيرة- فهناك جزر هادئة وأخرى مليئة بالنشاط، وهناك جزر تأثرت بالبندقية وأخرى بتركيا، وأخرى سيكلاديسية التي تتميز بالفيلات البيضاء. يقول جيورجيوس زاباس من شركة ري/ماكس في أثينا: «تشترط بعض الجزر الكثير من الأعمال الورقية، وتتشدد جزر أخرى في إصدار تراخيص المباني، لذلك من الأفضل أن تستشير وكيلا عقاريا قبل أي شيء».

ويواجه مواطنو الاتحاد الأوروبي عامة نفس الشروط مثلهم في ذلك مثل اليونانيين، ويجب على جميع المشترين أن يسددوا ضرائب بقيمة 19 في المائة على البناء الجديد أو حوالي 10 في المائة على العقارات القديمة. يقول زاباس: «هناك المزيد من الأعمال الورقية إذا كان المشترون من غير مواطني الاتحاد الأوروبي، مثل الاميركيين والروس، ولكننا نساعد في التعامل مع هذا الأمر».

وتختلف أسعار المنازل الجديدة الفاخرة. ففي جزر بحر إيجه: باروس وناكسوس ورودس وكريت، تتراوح الأسعار ما بين 3.000 يورو إلى 7.000 يورو للمتر المربع. ويماثلها في مستوى الأسعار في المناطق الهادئة مثل أنتيباروس وباتموس وتينوس.

وفي الجزر الأكثر انفتاحا مثل ميكونوس وسانتوريني، لا توجد حدود لأسعار العقارات. ويتقيد اهتمام المشترين الأجانب بجزيرة سانتوريني إلى حد ما بمناطق محددة حول الحفرة البركانية، وهي عبارة عن بحيرة بركانية مركزية كبيرة أحدثتها ثورة بركانية كبرى منذ 3600 عام. وتبلغ أسعار الفيلات المطلة على منظر البحيرة من 3 ملايين يورو إلى 4 ملايين يورو.

وتتشابه الأسعار في جزيرة ميكونوس، حيث يبلغ سعر المنزل الجديد الذي يقع في مكان جيد من 7.000 يورو إلى 15.000 يورو للمتر المربع. وتنقسم الجزيرة، التي كانت محل جذب للطبقات الثرية منذ الستينات، إلى منطقتين، زرقاء، يسمح فيها بالبناء، وأخرى بنية، لا يسمح فيها بالبناء. ولكن هناك أيضا الكثير من القوانين «غير الرسمية». قال وكيل العقارات البريطاني روي إلسبري (52 عاما) إن أول محاولة له للشراء في ميكونوس فشلت عندما طلب منه البائع أن يدفع له المبلغ بطريقة غير قانونية. «لقد صدمت لهذه المفاجأة، لأني جئت من مكان كل شيء فيه يسير وفقا للقوانين».

تكللت محاولة إلسبري الثانية بالنجاح. ففي عام 2002، اشترى فيلتين بمساحة 100 متر مربع على جرف مطل على شاطئ إيليا الشهير في ميكونوس. والآن تضاعفت قيمة الفيلتين اللتين يبلغ عمرهما 20 عاما، وأصبح سعر كل منهما مليون يورو، على حد قوله.

أما بالنسبة لكيث ميللر (59 عاما) وهو مراسل قناة NBC، فلا يمثل البناء في اليونان أية مشكلة، على نحو مفاجئ.

فبمساعدة محام جيد و«كمية كبيرة من الأعمال المنزلية»، أنشأ ميللر فيلتين على الجزيرة الأيونية كورفو. وقد دفع 60.000 يورو لشراء الأرض، التي تقع في إقليم في الشمال الشرقي من الجزيرة، وبه عدد متزايد من السكان الأثرياء القادمين من لندن. وقد أنفق 850.000 يورو على بناء الفيلتين. وقد وصلت قيمة العقار الأكبر حجما، وهو فيلا مساحتها 500 متر مربع أنشأت عام 2005، إلى ثلاثة أضعاف، لتصل إلى 1.8 مليون يورو، كما ذكرت وكالة أيلسفورد إنترناشونال في لندن. وقد عرض المنزل للإيجار في مقابل 7.000 أسبوعيا في الصيف، وهذا المبلغ يغطي تكاليف صيانة العقارين.

كورفو بها أكبر عدد من سكان المجتمعات المغتربة، حيث يسكن فيها وحدها 20.000 بريطاني. انتهى أخيراً آل آشكروفت، وهما بريطانيان مقيمان في كورفو، من أعمال تجديد منزل عمره 400 عام، وهو أثر من أيام احتلال البندقية للجزيرة. قال اليكس آشكروفت: «لقد كان تحديا حقيقيا أن نجدده على طرازه الأصلي، ولكننا حققنا ما أردنا في النهاية».

وقد اشترى هو وديفيد آشكروفت (وكلاهما يبلغ من العمر 65 عاما)، المنزل منذ 14 عاما بما تساوي قيمته 56.000 جنيه استرليني أو 112.000 دولار. وقالا انهما قد أنفقا «حوالي ضعف هذا المبلغ» على أعمال التجديد. والآن، كما يقولان، تقدر قيمة المنزل بمليون يورو.

وفي جزيرة هيدرا الجميلة، التي تقع بين الخليجين الأرجولي والساروني، بالقرب من أثينا، جدد عدد من الأثرياء الأوروبيين مباني على الطراز النيوكلاسيكي، وإن كانت تواجههم صعوبات. يحظر مرور السيارات، لذلك تستخدم الحمير في نقل المواد، كما قال اليكس كالوثيس، الذي يدير وكالة للأجانب الذين يريدون استكشاف جزيرة هيدرا، وشبه جزيرة بيلوبونيس الجنوبية. قال كالوثيس إن العديد من البريطانيين قد استعلموا عن المنازل القديمة التي من الممكن تجديدها، ولكن ينتهي بهم الحال بشراء منازل جديدة. «غالبا ما يتفوق بريق الفيلا الجاهزة التي لا تحتاج إلى مشقة على الحلم الرومانسي».

وتجذب شبه جزيرة بيلوبونيس، المتصلة بالأرض الأساسية عبر ممر يابس ضيق، المشترين، وخاصة الألمان، على الرغم من الضرر الذي تسبب فيه اشتعال النيران الصيف الماضي.

تقع شبه جزيرة بيلوبونيس وجزيرتي كريت وباروس تحت حصار المقاولين الذين يبنون مجمعات فاخرة بها ملاعب غولف و«مجموعات» من الفيلات الفخمة. في العام الماضي، أقيمت حوالي 400 فيلا في باروس وحدها، وهي جزيرة تبلغ مساحتها الإجمالية 200 كيلومتر مربع، أو 75 ميلا مربعا، ويبلغ عدد سكانها الدائمين 13.000.

وتقول السلطات إن الزيادة الأخيرة في مبيعات العقارات هي مجرد البداية. يقول جيورجيوس سوفلياس، وزير الأشغال العامة في اليونان: «إن الطلب على المنازل الفاخرة في المجمعات يتزايد بانتظام». وأصر على أن اليونان لن تبالغ في إقامة منشآت على ساحلها كما فعلت إسبانيا. ولكن يريد ديمتري بايلاس، حاكم مجموعة الجزر السيكلاديسية، ومن بينها ميكونوس، أن تحتفظ الجزر بطابعها المميز. وقال: «يجب أن تقدم السلطات حوافز لتجديد المباني الأصلية، وألا تسمح بإنشاء مبان فوق كل تل وعلى كل شاطئ».

* خدمة «نيويورك تايمز»