تراجع الطلب على المواد المستخدمة في قطاع الإنشاءات الأردني

المغتربون يعزفون عن شراء العقارات في ظل الأسعار الحالية

TT

تراجع الطلب على كافة المواد المستخدمة في قطاع الإنشاءات خلال الصيف الحالي، خيب آمال العاملين في قطاع العقار بالأردن، حيث وصل التراجع الى 60 في المائة على حديد التسليح، و40 في المائة على الاسمنت، بحسب عاملين في القطاع.

ورغم استمرار تدفق الحوالات من المغتربين الأردنيين، إلا أن صيارفة أكدوا أن تلك المبالغ لم توظف نحو الاستثمار في العقار، كما كان في السنوات السابقة في ظل ارتفاع الأسعار الحالية.

وبلغ سوء حال سوق العقار ببعض الشركات العاملة في القطاع الى حد التوقف عن تنفيذ المشاريع جراء حالة الركود التي يعاني منها السوق، بحسب رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري.

وأكد العمري أن «سعر قطعة الأرض التي يقام عليها المشروع تضاعف خلال السنوات الماضية 5 مرات، رغم ان الاستفادة منها واحدة، مما رفع الكلفة على ثمن الشقة الواحدة بنفس النسبة».

فيما رأى أمين سر جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان منير أبو عسل، أن الحل يكمن في إجراء تعديلات على نظام الأراضي والسماح بالتوسع العمودي من أجل تقليل الكلفة على السعر النهائي للمواطنين.

وتتجاوز تحويلات المغتربين الأردنيين من الخارج نحو ملياري دينار (الدولار يعادل 0.708 دينار). وأكد رئيس جمعية الصيارفة الأردنيين علاء ديرانية، أن تلك التحويلات لا تزال في ارتفاع، إلا أن المغتربين يعزفون عن الإقبال على شراء العقارات في ظل مستويات الأسعار الحالية.

ويقارب عدد الأردنيين المقيمين في الخارج 600 ألف أردني وفق أحدث أرقام وزارة الخارجية، علما بأن أكثر من نصفهم يعيش في دول الخليج العربي.

وبلغت قيمة تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج 820 مليون دينار خلال الثلث الأول من العام الحالي، وبنسبة نمو بلغت 12.3 في المائة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.

وأكد ديرانية أن هناك العديد من القنوات الاستثمارية التي يمكن للمغتربين توجيه أموالهم إليها، موضحا أن كثيرين يتجهون حاليا لشراء بيوت «مستخدمة» بدلا من الجديدة كون الأخيرة أسعارها مرتفعة جدا.

وقال إن «نشاط سوق الصرافة لم يتغير والطلب على العملات قوي محليا».

فيما اتفق رئيس جمعية تجار الحديد هشام المفلح، أن نسبة التراجع في الطلب على الحديد في السوق المحلي بلغت 60 في المائة، رغم انخفاض سعر الطن الواحد بمقدار 50 دينارا.

وبعد احتلال العراق في ربيع عام 2003، شهد سوق العقار في المملكة الأردنية طلبا غير مسبوق على المساكن رافقه ارتفاع جنوني في التكلفة حتى قبل صعود أسعار المواد المستخدمة في القطاع، لتفوق أحجام التداول 5 مليارات دينار في العام الواحد.

وأكد خبراء أن فترة الركود في قطاع العقار تتفاوت مدتها، حتى ان البعض رأى فترة الرواج الأخيرة للعقار، جاءت بعد أكثر من عقد من الزمان من الازدهار السابق الذي شهده الأردن بعد حرب الخليج الثانية في التسعينات من القرن الماضي.

كما أكد رئيس جمعية تجار الاسمنت منصور البنا، حدوث «تراجع كبير في مبيعات الاسمنت في السوق، حتى ان مصنع الاسمنت أجرى صيانة خلال الشهر الماضي ولم تتسبب في أي أزمة ولم يشعر بذلك أحد».

وأضاف «في فصل الصيف الطلب يصل عادة إلى 18 ألف طن يوميا، حاليا الأرقام بأحسن الظروف تصل الى نصف ذلك الرقم». وقال منصور «الكلفة التشغيلية على التجار باتت عالية وكثير منهم يتكبدون خسائر كبيرة وربما سيتوقف بعض منهم عن العمل جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يشهدونها».

يذكر أن حجم التداول في سوق العقار في الأردن خلال النصف الأول من العام الحالي بلغ 3.16 مليار دينار بزيادة بلغت نسبتها 7 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

فيما بلغت إيرادات دائرة الأراضي والمساحة خلال النصف الأول 201.2 مليون دينار، بزيادة نسبتها 7 في المائة مقارنة بالنصف الأول من عام 2007، بحسب نشرة دائرة الأراضي والمساحة.

ورجح مستثمرون ان تواصل أسعار الوحدات السكنية والشقق ارتفاعها هذا العام بتأثير جملة من الاعتبارات من بينها الزيادات في كلف الإنتاج خاصة أسعار النفط التي انعكست بوضوح خلال الأشهر الماضية على أسعار مواد البناء.

وتوقع المستثمرون استمرار حالة الطلب على الشقق والمباني من المساحات الأقل من 150 مترا، التي بدأت منذ العام الماضي بانخفاض معدل مساحة البناء من 202 متر الى 180 مترا.

وقال رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان المهندس زهير العمري، إن أسعار الشقق وكلف البناء في البلاد ستواصل ارتفاعها هذا العام متزامنة مع الارتفاع الكبير الذي تشهده الكلف التشغيلية.

وقدر المهندس العمري ان ترتفع أسعار الوحدات السكنية بتأثير ارتفاع أسعار المحروقات وخطة تحريرها بنسبة قد تصل الى 10 في المائة. ودعا العمري الى ضرورة وضع ضوابط تشريعية لوقف الارتفاع الحاد في أسعار الأراضي إضافة الى كسر الاحتكارات لإنتاج واستيراد مواد البناء وإلغاء الضرائب والرسوم على هذه المواد التي تشكل نسبة عالية من سعرها «محليا»، منوها في هذا الصدد الى توجه الحكومة لتفويض وتأجير الأراضي الخزينة لغايات إنشاء مشاريع إسكانية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود.

وأشار العمري إلى أن معدل مساحة تملك الأسرة للبناء انخفض العام الماضي بنسبة 11 في المائة، وهو مؤشر ايجابي يؤكد وجود تعديل في توجهات المواطنين والأسر الأردنية نحو مساحة المسكن المطلوبة التي تخفف من أعباء تملك المسكن.

وقال العمري إن معدل كلفة متر البناء يتراوح بين 200 الى 700 دينار في المدن التي تشهد أعلى مستويات الاستثمار وهي مدن عمان والعقبة واربد والزرقاء، وهذا يؤشر على ان كلفة الشقة من مساحة 180 مترا مربعا تبلغ حوالي 80 ألف دينار ما يعادل 114 ألف دولار، وهو معدل مرتفع إجمالا بالنسبة لمعدل دخل الفرد.

وكرر رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان بالأردن المهندس زهير العمري، مطالبته للحكومة بتحديد أسعار المواد الإنشائية باعتبارها مواد استراتيجية في القطاع العقاري الذي يعتبر رافعة أساسية من روافع التنمية الشاملة في الاقتصاد الوطني، وأضاف «من الممكن الإعلان عن أسعار تأشيرية للمواد الإنشائية في الأردن وتشكيل لجنة من كافة الجهات ذات العلاقة لمتابعة واقع سوق وأسعار المواد الإنشائية».

وتشكل مادتا الحديد والاسمنت حوالي الثلث، 35 في المائة، من إجمالي كلفة البناء والتشييد بحسب دراسات فنية وهندسية.

يذكر ان قيمة واردات الأردن من الحديد بلغت 115 مليون دينار خلال الربع الأول بارتفاع نسبته 46 في المائة عن ذات الفترة من العام الماضي والبالغة آنذاك نحو 80 مليون دينار، حيث جرى استيراد 60 في المائة من إجمالي تلك القيمة من روسيا وأوكرانيا.

وبلغ حجم التداول في سوق العقار في الأردن خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي 3.82 مليار دينار. وبحسب النشرة الإحصائية لدائرة الأراضي والمساحة، بلغت إيرادات الدائرة خلال شهر يوليو (تموز) الماضي ما مقداره 41.9 مليون دينار، وبلغت إيرادات الدائرة خلال سبعة أشهر 243.18 مليون دينار. وبلغ عدد مبيعات الأراضي لمستثمرين غير أردنيين خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي 2136 معاملة، منها 565 معاملة للشقق، و1571 معاملة للأراضي، بزيادة نسبتها 21 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

واحتلت الجنسية الكويتية المرتبة الأولى بمجموع 843 مستثمراً، والعراقية المرتبة الثانية بمجموع 253 مستثمراً، واحتلت الإماراتية المرتبة الثالثة بمجموع 250 مستثمراًً.

أما من حيث القيمة فاحتلت الجنسية العراقية المرتبة الأولى بحجم استثمار 31.68 مليون دينار، وجاءت الجنسية الكويتية في المرتبة الثانية بحجم استثمار 10.8 مليون دينار، تلتها في المرتبة الثالثة الجنسية الإماراتية 5.93 مليون دينار.