صناعة السيراميك اللبنانية تتقهقر

لكن التعويض المأمول.. في مصر والجزائر وقطر

«يونيسيراميك» يؤسس شراكة مع «سويكورب انتاج كابيتال» البحرينية ويتطلع الى انشاء مصانع في الجزائر وقطر («الشرق الأوسط»)
TT

صناعة السيراميك في لبنان، التي شكلت دعامة اساسية من دعائم الاقتصاد الوطني، ورافدا اساسيا من روافد قطاع البناء، آخذة في التقهقر الذي يتمثل بتراجع الانتاج المتواصل، وتزايد وتيرة الخسائر وسط منافسة شديدة وغير متكافئة.

ولعل اكثر ما تجلى هذا التقهقر في مصنع «يونيسيراميك» المتخصص في انتاج سيراميك الارضيات والجدران واحواض السباحة، وبنسبة اقل في مصنع «ليسيكو» المتخصص في الادوات الصحية المنزلية الى جانب بلاط السيراميك، والذي خفض عدد عماله، خلال سبع سنوات الى النصف، اي نحو 300 عامل، كما خفض قدرته الانتاجية بالنسبة نفسها لتبلغ 360 الف قطعة عام 2007.

اما بالنسبة الى «يونيسيراميك» فالامر اكثر تعقيدا، فبالاضافة الى خفض عدد عماله الى اكثر من النصف ليصل الى اقل من 200 عامل، سجلت الخسائر ارقاما متصاعدة دفعته الى شبه اقفال، ونقل انشطته الى الاسواق العربية في محاولة لرفع رأسه من الماء، على حد قول مدير التسويق في المصنع رجا خطار لـ «الشرق الأوسط».

وبلغة الارقام، نشير الى ان المصنع سجل خسائر صافية العام الماضي بلغت 5.4 مليون دولار، مقابل خسائر 3.2 مليون دولار عام 2006، و0.76 مليون دولار عام 2005، في حين ارتفعت عائدات المبيعات الصافية عام الماضي الى 20.7 مليون دولار، في مقابل 19.6 مليون دولار في عام 2006. وفي موازاة ذلك، زادت التكلفة بنسبة 19 في المائة الى 20.2 مليون دولار، فيما تراجع هامش الربح الصافي الى 0.55 مليون دولار العام الماضي، اي بما نسبته 78 في المائة. وزادت اصول الشركة بنسبة 11.8 في المائة، الى 40.8 مليون دولار، فيما انخفضت الاموال الخاصة بنسبة 47 في المائة الى 6.1 مليون دولار، في مقابل 11.6 مليون دولار عام 2006. علما ان «يونيسيراميك» شركة مغفلة برأس مال مدفوع يبلغ 25.74 مليار ليرة، موزعة على 12870000 سهم متداولة في بورصة بيروت، وتبلغ طاقتها الانتاجية 4 ملايين و200 الف متر مكعب من بلاط السيراميك.

ويعزو خطار هذا الوضع التراجعي الى «المنافسة غير المشروعة» للمنتجات المصرية المماثلة، باعتبار ان القطع المستوردة من مصر او من دول اخرى ذات يد عاملة ارخص من اليد العاملة في لبنان، او ذات طاقة مدعومة، علما ان الطاقة تشكل ثلث كلفة الانتاج. وعلى سبيل المثال، يشير الى ان كلفة الطاقة في انتاج قطعة صحية بين مصر- اكبر مصدر للسيراميك- ولبنان هي بنسبة 1 الى 10. ونتيجة لذلك، تعتبر اسعار المنتجات المصرية دون مثيلاتها اللبنانية بضعفين او ثلاثة اضعاف.

وما زاد من فارق الاسعار الغاء الرسوم الجمركية تدريجيا وفقا لاتفاق التبادل الحر الموقع بين الدول العربية في عام 1998، ووفقا للاتفاق الثنائي الموقع من مصر في عام 1999، غير ان رسما وقائيا بقي مستمرا على واردات لبنان من السيراميك المصري حتى عام 2005. ولكن ابتداء من هذا التاريخ بدأت مستوردات السيراميك من مصر تأخذ طريقها الى الارتفاع بشكل ملموس.

وفي محاولة للحفاظ على القطاع فرض في سبتمبر (ايلول) 2006 رسم على المتر المربع من الاستيراد بمعدل دولارين، الامر الذي ادى الى رفع مبيعات يونيسيراميك في الاشهر التسعة الاولى من العام الماضي الى ما قيمته 2.8 مليون متر مربع في نهاية السنة، مقابل 2.1 مليون متر مربع في عام 2006.

ويؤكد خطار ان عام 2007 كان الافضل منذ عام 2003 (عندما كانت مستوردات مصر لا تمثل سوى 211 الف متر مربع)، لكن كان يمكن ان يكون افضل لو ان الرسم لم يلغ مجددا في اكتوبر (تشرين الاول). وكانت نتائج هذا الالغاء دراماتيكية بالنسبة الى الشركة، اذ ان الواردات المصرية في الاشهر الثلاثة الاخيرة من عام 2007 (1.4 مليون متر مبع) كانت اهم من واردات القسم الآخر من السنة (1.2 مليون متر مربع).

وفي بداية العام الحالي، استمر النزف، بحيث لم تدفع الشركة الى السوق اللبنانية سوى 35600 متر مربع في يناير (كانون الثاني) في مقابل 135 الف متر مربع قبل سنة. وفي الثلث الاول من العام لم تسجل يونيسيراميك سوى مبيع 261 الف متر مربع في مقابل 715 الف متر مربع في عام 2007، الامر الذي اوجب اقفال مصنع الشركة في ابريل (نيسان) الماضي مؤقتا.

وفي محاولة لرفع رأسها من الماء، اسس «يونيسيراميك» شراكة مع «سويكورب انتاج كابيتال» البحرينية اطلق عليها اسم «يونيسيراميك هولدنغ» التي تتطلع الى انشاء مصانع في الجزائر وقطر.

اما بالنسبة الى مصنع «ليسيكو»، فيقول مديره العام جورج غريب ان استمرار المصنع على قيد الحياة مرده الى المصنع الذي انشأه في مصر، ويأسف لعدم القدرة على زيادة الانتاج في السوق المحلي. وهذا مرده الى ارتفاع اسعار الغاز والنفط، بحيث ارتفعت تكلفة الطاقة في المصنع المذكور من مليوني دولار الى 6.5 مليون دولار في اربع سنوات.

ويقترح غريب ان تستورد الصناعات اللبنانية حاجاتها من الطاقة بالاسعار نفسها المعمول بها في الدول التي تربطها بلبنان اتفاقات اقتصادية ثنائية.