المنازل تمتاز بضوئها في مقاطعة البروفينس بفرنسا

سوق العقارات الفخمة في المنطقة نمت بصورة ثابتة خلال السنوات الأخيرة

صورة جوية لإحدى المناطق بمقاطعة بروفينس بفرنسا (أ. ب)
TT

عندما يذهب الأميركيون إلى مقاطعة البروفينس لشراء المنازل هناك، فإن معظمهم يبحث عن النوع التقليدي من المنازل، أو المنازل الريفية التقليدية. لكن أندريا ريمان وجوانا ميلورز، وهما محاميان يعيشان في لوزان بسويسرا، أرادا شيئا مختلفا وله لمسة معاصرة.

وقد عثرا على بغيتهما في قرية صغيرة تدعى غورديس في وادي لوبيرون. فقد كان المنزل الذي يتميز بزواياه الحادة ونوافذه التي تمتد بارتفاع الجدران، له لمسة تصميم معاصر، كما كان يمتاز باتساع مساحته الداخلية على خلاف المنازل التقليدية في بروفينس، حيث تتميز بالغرف ذات المساحات المحدودة. بل إن غرفة النوم الرئيسة ليس لها باب، مما يعتبر شيئا غريبا في بلد توضع فيه الأبواب أمام كل مساحة صغيرة في المنازل. وخارج المنزل يوجد فناء كبير وحديقة منسقة الأشجار. وخلف الأشجار يوجد منظر لآثار القرية القديمة، كما يمكن مشاهدة الوادي بأكمله. ويقول ريمان الذي يبلغ من العمر 59 عاما: «ما جذبنا للمنزل بالفعل بغض النظر عن المساحة والضوء، هو الموقع».

كذلك، فإن تاريخ المنزل يثير الاهتمام على الرغم من أن الزوجين لم يعرفا عن ذلك شيئا قبل شرائه. فقد تم تصميم وبناء المنزل في سبعينات القرن الماضي من قبل جين ديمونت، وهو معماري مشهور كان كبير المعماريين في قصر فيرساي بين عامي 1978 و1985 كما كان مسؤولا عن عمل مشابه في كومبين وبليرانكورت شاتو.

وفي المرة الأولى التي زارا فيها المنزل، تقابل ريمان وميلورز مع ديمونت وزوجته. لكنهما لم يعرفا قصة ديمونت مع المنزل إلا بعد ذلك أثناء النقاش في ما بينهم. فقد اشترى ديمونت وزوجته هذه الأرض التي أقيم عليها المنزل عندما شاهدا الأرض وهي خالية ومعروضة للبيع في سبعينات القرن الماضي وقالا إن هذه الأرض هي المكان المناسب.

وحسب أنطوان ديمونت وهو أحد أبناء جين ديمونت (حيث توفي ديمونت الكبير في العام الماضي)، فإن هذه المنطقة كانت عزيزة على والده منذ أن أكمل خدمته العسكرية عام 1946، كما أنه «لم يتخيل البعد عنها إلى أي مكان آخر».

فهناك كان يرغب في بناء «منزل مميز» حسبما يفيد ميلورز الذي يبلغ من العمر 51 عاما. كما كان يرغب في الاستفادة من الطبيعة والضوء الرائع الذي ألهم العديد من الفنانين.

وقد كان المنزل مميزا بالفعل، لا سيما في قرية مثل غورديس. فقد كانت هذه القرية المشهورة بحجارتها البيضاء تلتزم بلوائح تقضي ببناء المنازل الجديدة بالحجارة وبالأسلوب التقليدي الذي يبتعد تماما عن الأسلوب الذي بني به ديمونت منزله. وقد كان من الرائع أن يستطيع ديمونت الحصول على تصريح لبناء المنزل بهذا التصميم، حيث كان يتمتع بصلات وعلاقات سياسية. لكن ابنه يصر على أن المنزل يتوافق مع القوانين التي كان معمولا بها في ذلك الوقت، حيث إن واجهة المنزل كانت مبنية من الحجارة وتتواءم مع المنازل المحيطة. ويقول أنطوان ديمونت: «إنه لم يستغل علاقاته تحت أي ظرف من الظروف للتأثير في المسؤولين المحليين. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا لا يعني أن المسؤولين لم يتأثروا بمواقفه».

وبغض النظر عن الظروف المحيطة، فإن جين ديمونت قام ببناء منزل أحلامه الذي انتهى عام 1977. أما لحظة القدر الخاصة بكل من ريمان وميلورز فقد حدثت بعد ذلك بنحو 20 عاما. فقد تقابل الزوجان أواخر الثمانينات من القرن الماضي كمحامين في واشنطن وكانا يعيشان في لوزان منذ عام 1992، حيث كان ريمان يعمل مستشارا بشركة كبرى. وكانا يبحثان عن منزل ثان لا يبعد عن المدينة كثيرا.

ويقول جين كريستوف، وهو وكيل عقارات في غورديس، وهو الذي باع والده المنزل للزوجين عام 1997: «إنه منزل رائع لا نظير له». وقد رفض الزوجان الإفصاح عن المبلغ الذي دفعاه مقابل الحصول على هذا المنزل في ذلك الوقت. وتبلغ مساحة المنزل نحو 450 مترا مربعا أو 4.845 قدما مربعة، وهو عبارة عن مساحة كبيرة ويمكن رؤية كل الغرف تقريبا من داخل المنزل. ويقود الباب الرئيس مباشرة إلى غرفة الطعام وغرفتين للمعيشة يقول عنهما الزوجان، إنهما صالون للشتاء وآخر للصيف، حيث يتميز صالون الصيف بنوافذه التي تمتد بطول الجدار وتمنح رؤية حديثة تبلغ مساحتها نحو 5.000 متر مربع. وفي ما يتعلق بالجدران الداخلية، فإن معظمها يكتسي باللون الأبيض مثلما هي الحال مع معظم قطع الأثاث. وقد قام الزوجان بتزيين الجدران ببعض الأعمال الفنية القليلة ذات ظلال اللونين الأزرق والرمادي. ويقول ريمان: «لقد كان ذلك خطوة كبيرة أننا لم نجعل كل شيء باللون الأبيض».

وتقع غرفة النوم الرئيسة إلى جوار غرف الاستقبال ولا توجد أبواب بينها، ويعتقد الزوجان أن ذلك ربما صد بعض المشترين المحتملين عن شراء هذا المنزل. لكنهما يصران على أن ذلك الأمر لم يشكل لهما أي مشكلة. وتقول ميلورز: «إنني لا أرغب في أن ينقطع الضوء عن المنزل. إنه مهم للغاية. وعندما يكون هناك ضيوف، فإنني أرتدي ملابسي في الحمام».

وهناك ملحق يتكون من ثلاث غرف إلى الجانب الشمالي من المنزل (وبه أبواب)، يمكن أن يكون شقة خاصة للضيوف. وتستخدم ميلورز إحدى هذه الغرف في ممارسة تدريبات اليوغا، حيث تطل الغرفة على بركة سمك ونافورة قام الزوجان بتأسيسهما.

وعلى الجانب المقابل من المنزل، يوجد سلم يقود إلى طابقين منفصلين من المنزل. ويوجد في أحد المستويين العلويين مدخل يقول الزوجان ريمان وميلورز إن ديمونت كان يدعوه باسم «بورت دي بيل مير» أي: باب زوجة الأب. وقد قام ريمان وميلورز بإزالة الباب ووضعا بدلا منه نافذة زجاجية زرقاء اللون قام بتصميمها فريدريك دوران وهو فنان محلي يقوم ببعض الأعمال لمتحف ستيند غلاس القريب.

ولكل من ريمان وميلورز مكتب في الطابق العلوي الذي يتميز بإحدى أهم مزايا المنزل: منظر يطل على وادي لوبيرون بأكمله. ويقود ممر في الطابق الأعلى إلى منظر آخر خلاب، حيث يمكن رؤية جبال الألب في الأفق إذا كان الجو صافيا. ويقول ريمان: «في أي مكان تخرج فيه من المنزل، فإنك ترى شيئا مختلفا تماما». وقد قام هو وميلورز بتجديد الحديقة، حيث أصبحت مميزة مثلها مثل المنزل. وقد قاما بتمديدها بنحو 75 مترا مربعا أو 807 أقدام مربعة إضافية، كما أضافا جدارا على طرف الحديقة باستخدام الحجارة المحلية. وقد قامت ميلورز بتصميم الحديقة، حيث قامت بملئها بالياسمين والورود والأعشاب والأشجار. وقد قام الزوجان بعمل تعريشة في الناحية الجنوبية من المنزل خارج المطبخ لتوفر ظلا أثناء أشهر الصيف. وتوجد بين الورود وأشجار الزيتون والنخيل بركة للسباحة في أقصى الجانب الغربي من الحديقة، وتبلغ مساحته 12 في 6 أمتار أو 40 في 20 قدما مع مساحة خضراء واسعة حوله.

ويفخر الزوجان بزراعة أكثر من 200 شجرة زيتون متفرقة حول المنزل. ويقضي الزوجان إجازتهما السنوية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في حصد الزيتون بمساعدة بعض الأصدقاء، ثم يقومان بإرساله إلى المطحنة المحلية ليصبح زيتا. ويأتي أحد الأصدقاء كل عام من مينيسوتا لأخذه.

وفي العام الماضي، قاما بحصد نحو 1.300 كيلوغرام من الزيتون، أنتجت نحو 280 كيلوغراما من زيت الزيتون أو ما يعادل 2.870 رطلا من الزيتون و617 رطلا من الزيت. وقد أفاد ريمان بأن بعض الأصدقاء في نيويورك قد اتصل به ليخبره أن زيت الزيتون قد نفد من عنده، كما اشتكى من طول عملية الشحن. ومع مرور ريمان بمرحلة «شبه التقاعد» كما يسميها، فإنه قد أصبح لديه المزيد من الوقت ليقضيه في المنزل خلال الأشهر العديدة الماضية، مما جعله يفكر في ما قرر أن يفعله عند التقاعد: الرجوع إلى الولايات المتحدة. لذلك، فقد أعلنا عن رغبتهما في بيع المنزل. ويعتبر جين كريستوف روزير وهو أحد وكلاء العقارات أن هذا المنزل يعتبر واحدا من أفضل 50 منزلا في فرنسا، وليس ذلك بسبب المنزل وحده، لكن بسبب موقعه والمناظر الخلابة من حوله. ويقدر ثمنه بنحو 2.5 مليون يورو أو 3.97 مليون دولار في سوق العقارات الفخمة التي يقول عنها إنها قد نمت بصورة ثابتة خلال السنوات القليلة الماضية على الرغم من تراجع المبيعات في المناطق المميزة.

ويفيد وكلاء العقارات المحليون بأن الأسعار تختلف اختلافا كبيرا حسب عمر المنزل وما إذا كان مبينا من الحجارة أو لا، كذلك حسب موقعه وما إذا كان مطلا على الوادي أو سلسلة الجبال. ويقول فيليب رياني الذي يمتلك رياني إموبايلر في كوستيليت القريبة، إن السعر بالمتر المربع يمكن أن «يبدأ عند 2.500 يورو ويقفز إلى 8.500 يورو في أكثر القرى تميزا». أي قد يبلغ سعر القدم المربعة نحو 367 دولارا إلى 1.248 دولار. ويعترف الزوجان بأنهما لن يشعرا بخيبة الأمل إذا استغرق بيع المنزل بعض الوقت. فهما يستمتعان بضوء الصيف الذي نجح جين ديمونت في الحصول عليه من خلال التصميم الذي صمم به المنزل. وتقول ميلورز إنهما قد زارا أماكن أخرى، لكن «السماء ربما تكون زرقاء ومشرقة. لكن الضوء ليس ساطعا مثلما هي الحال هنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»