بيروت تتمدد صعودا

أبراجها السكنية تذكر بأحياء نيويورك

TT

لا تزال العاصمة اللبنانية بيروت، تشهد المزيد من إقامة الأبراج السكنية على امتداد مساحتها الإدارية، خاصة على امتداد واجهتها البحرية، حتى ان من ينظر إليها من الجو او من البحر يخيل اليه انه أمام حي من أحياء نيويورك الزاخرة بناطحات السحاب، او أمام مدينة تتمدد صعودا بدل تمددها السطحي، ولعل آخر برجين ستحتضنهما العاصمة هما اللذان أطلقتهما شركة «بلاس بروبرتز» للتطوير العقاري في وسط بيروت التجاري، وتحديدا في نطاق شركة «سوليدير».

ولا يكاد يخلو حي او منطقة في بيروت من برج سكني او مكاتبي او عدة ابراج، ما دفع النائب وليد جنبلاط اخيرا الى التحذير من خطورة هذه الظاهرة التي سبقته الى التحذير منها الجمعيات المعنية بالتراث والعمارة العريقة، باعتبار ان هذه الأبراج تنهض مكان المنازل التاريخية التي عرفتها بيروت على امتداد حقباتها المختلفة، وفي ضوء ندرة العقارات غير المبنية في العاصمة، والتي كان قد اشار نقيب المهندسين اللبنانيين بلال علايلي الى انها لم تعد تتجاوز 89 عقارا.

وتتوزع أبراج المطورين العقاريين بين منطقة الجناح (جنوب العاصمة) ومنطقة الصيفي (شمالها وخط التماس مع «سوليدير»). وتحظى هذه الأبراج بتمويل لبناني بالدرجة الاولى، ومن ثم خليجي، وبعض التمويل الأجنبي. واذا انطلقنا من «مارينا بيروت» لوجدنا ان «باي تاور»، او «برج الخليج» ينهض بين ابراج سابقة هي: «مارينا تاورز» وفندق «فورسيزنز» من جهة، و«بيروت تاور»، و«بلاتينيوم تاور» من جهة اخرى. وتتراوح مساحة الشقق في البرج الجديد ما بين 262 و756 مترا مربعا، وتتولى بناءه شركة «اس. في. بروبرتيز اند كونستراكشن»، ويتوقع انجازه عام 2011، ومع ذلك كما يقول مسؤول في الشركة، فقد بيعت 80 في المائة من شققه منذ الآن.

ويوزع المستثمر العقاري اللبناني جميل ابراهيم ابراجه ومبانيه السكنية والتجارية بين «الاشرفية» و«رأس بيروت» ومحلة «قريطم». ففي الاشرفية باشر بالحفريات التي تمهد لاقامة ثلاثة ابراج سكنية حديثة مكان ثلاثة قصور تراثية، ما سيقضي على الطابع التراثي والهادئ لهذه المحلة. وفي رأس بيروت يتولى بناء «برج استوريا» الواقع بين محلتي «الروشة» و«عين المريسة» على الواجهة البحرية لمدينة بيروت. ومساحة الشقق في هذا البرج حوالي 500 متر مربع. وفي محلة قريطم ينفذ جميل ابراهيم ثلاثة أبراج متجاورة اطلق عليها اسم «سكاي هومز»، اي بيوت السماء، وتبلغ مساحة الشقة فيها نحو 600 متر مربع. ويتشارك جميل ابراهيم مع سعيد فخري في إقامة برج «دريم باي» في منطقة «عين التينة» غير البعيدة عن واجهة بيروت البحرية، والمطلة على الجبل بطبقاتها العشرين، والمكونة من «سنبلكسات» و«دوبلكسات».

ولا يقل المستثمر العقاري المهندس محمد وسام علي عاشور اهتماما بالابراج عن جميل ابراهيم، فهو حصر ابراجه في غرب بيروت بدءا من منطقة «الجناح»، حيث يقيم اربعة ابراج سكنية مقابل فندق «ماريوت» مرورا بـ «الرملة البيضاء»، حيث يقيم برجين سكنيين هما «بلو بارك» و«غرين بارك»، بالاضافة الى مبنى سكني من 15 طابقا موزعة بين سنبلكس ودوبلكس، ومبنى سكني آخر في شارع فردان، ومبنيين سكنيين في محلة الجناح لا تتجاوز طوابق الواحد منهما 9 طوابق، وقد اطلق على هذين المبنيين اسم «سيلفر تاورز».

وتنفذ مجموعة « كايستون» العقارية مشروع «حدائق مار الياس» وهي عبارة عن برجين سكنيين يتكون الواحد منهما من 15 طابقا، ومن شقق تتراوح مساحاتها ما بين 260 و284 مترا مربعا. كما تنفذ الى جانب هذين البرجين مبنيين سكنيين يتكون كل واحد منهما من طابقين، ومساحة كل شقة 204 امتار مربعة. وتنفذ المجموعة نفسها مشروع «حدائق الواحة» في الرملة البيضاء والتي تبلغ مساحة الشقة فيه 436 مترا مربعا. وتعمد شركة «مينا كابيتال» للتطوير العقاري الى تنفيذ «هوشر تاور» في منطقة «عين المريسة» على واجهة بيروت البحرية، كما تنفذ برجا سكنيا في شارع سرسق ومشروعا في محلة قريطم يطلق عليه اسم «حدائق قريطم». وتتراوح مساحات الشقق في «هوشر تاور» ما بين 400 و700 متر مربع.

وينفذ المطور العقاري حسان قرنفل «برج قرنفل» في وسط بيروت، حيث تبلغ مساحة الشقة 415 مترا مربعا، فيما تطور شركة « بيم دفلوبرز» للتطوير العقاري لصاحبيها نديم وطارق فخري 8 ابراج ومبان سكنية احدها في الرملة البيضاء، والثاني في اليونسكو، والثالث على طريق السلام، والرابع في تلة الخياط، والخامس في محلة المتحف، والسادس في قريطم، والسابع في تلة الخياط، والثامن في حرج بيروت.

وتؤكد المهندسة منى حلاق الناشطة في حقل حماية التراث لـ «الشرق الأوسط»: «ان جميع المستثمرين مهووسون بالأبراج، كذلك طلاب السكن الفخم، بحجة النأي عن ضجيج الشارع والتمتع برؤية البحر والجبل. ومن شأن هذا الهوس لدى المستثمرين ان يغري المالكين ببيع عقاراتهم من دون ان يدروا بأنهم يملكون تحفا معمارية لا تقدر بثمن، بحدائقها واحواضها ونوافيرها وأشجارها التي باتت مثل القطع النادرة في بيروت».

وتذهب ايفون سرسق كوكران المهتمة بالتراث اللبناني أيضا الى ابعد من ذلك، فتقول لـ «الشرق الأوسط»: «ان الفارق بين بيروت والمدن الحضارية الأخرى، ان هذه الأخيرة تتمدد خارج البقع التاريخية فيها في حين تنهض أبراج بيروت على ركام تراثها وذاكرتها. والمضاربة في المدن التراثية تتم على البناء وليس على الارض حتى يمكن القول إن سعر المبنى التراثي الحقيقي يصل الى أضعاف البرج السكني. أما المضاربة على الأراضي فيمكن ان تحصل في الضواحي وامتدادات المدن التاريخية».