عقارات سنغافورة لا تزال تستقطب المستثمرين الراغبين في تحصيل عائدات ربحية

برغم تراجع قيمة مبيعاتها بنسبة 38% بسبب أزمة الائتمان العالمية

تعتبر سنغافورة من أهم الأسواق العقارية في آسيا (رويترز)
TT

تعتبر جزيرة سنغافورة من اهم البلدان او المناطق الاقتصادية المتطورة ضمن مجموعة دول جنوب شرقي آسيا، وتعتبر من اهم الاسواق الصناعية والتجارية في تلك المنطقة البعيدة عن اوروبا والتي اتكل عليها المستعمرون البريطانيون والهولنديون قبل ان يسيطر عليها اليابانيون في الحرب الثانية وتعود الى الحظيرة الدولية بعد ذلك. ويعتبر القطاعان الصناعي والخدمات المالية وادارة الأعمال عماد الاقتصاد الوطني الذي يسجل نموا مطردا منذ سنوات وبمعدلات عالية، مع تمدد قطاع البناء، حسب ما يؤكد الكثير من التقارير الدولية والمحلية للربع الاول من هذا العام. وفي الوقت الحالي تتراوح نسبة النمو الاقتصادي في البلاد لهذا العام بين 4 و6 في المائة. لكن نسبة التضخم العام وصلت الى اعلى مستوى لها منذ اكثر من ربع قرن حيث بلغت 7.5 في المائة بين ابريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين وتستهدف الحكومات عبر بعض الإجراءات تخفيض هذه النسبة قبل نهاية العام الحالي لتتراوح بين 5 و6 في المائة. ولهذا تعتبر الجزيرة ايضا من الاسواق العقارية المهمة في تلك المنطقة من العالم لقربها من اندونيسيا وماليزيا وفيتنام وكمبوديا وبروناي وغيرها. ولا تزال تستقطب الكثير من المستثمرين الراغبين في تحصيل عائدات ربحية عالية في اسواق مستقلة ومستقرة نسبة الى غيرها من اسواق العالم. ومع هذا فقد ادت ازمة الائتمان الدولية الى تراجع قيمة المبيعات العقارية في العاصمة سنغافورة من 8.35 مليار دولار في الربع الاول الى 5.8 مليار دولار عند نهاية يونيو (حزيران) هذا العام. وهو اكبر تراجع على قيمة المبيعات في الجزيرة منذ النصف الثاني من عام 2005، أي قبل ثلاث سنوات. ووصلت نسبة هذا التراجع حتى الآن حوالي 38 في المائة. ووصلت قيمة المبيعات العقارية الصناعية من هذا المجموع الى 2 مليار دولار تقريبا او ما نسبته 41 في المائة من قيمة الاستثمارات العقارية في الربع الثاني من هذا العام، أي ثلاثة اضعاف قيمة المبيعات العقارية الصناعية في الربع الاول حيث وصلتا تقريبا الى 700 مليون دولار. ويعود ذلك في معظمه الى وضع شركة «جي تي سي» المعروفة التي تقع معظم نشاطاتها واملاكها العقارية تحت رحمة ورعاية شركة «مابلتري». ومن هذه النشاطات والاملاك العقارية مخزن للبضائع و12 مبنى للخدمات وحوالي اربعين موقعا للمصانع.

كما باعت شركة «بوستيد سنغابور» Boustead Singapore احد المباني الخاصة بصناعة التقنيات الحديثة الى شركة «يوبي تيك هب» في منطقة يوبي بـ 200 مليون دولار.

اما على صعيد القطاع العقاري التجاري الذي يعتبر من القطاعات المهمة للمستثمرين، فقد تراجعت قيمة المبيعات بنسبة 29 في المائة تقريبا لتصل الى 2.2 مليار دولار في الربع الثاني من العام الحالي. كما سجل تراجع على سعر القدم المربع بنسبة 20 في المائة تقريبا أي من 2700 دولار للمتر المربع الواحد الى 2000 دولار في فبراير (شباط) الماضي بسبب حالة التردد والترقب التي يعيشها المستثمرون هذه الايام، وشح التمويلات البنكية والحكومية بسبب ازمة الائتمان الدولية.

وبعد تراجع بنسبة 32 في المائة تقريبا على المبيعات العقارية السكنية في الربع الاول من هذا العام، وصلت نسبة التراجع في الربع الثاني الى حوالي 67 في المائة، ليصل مجموع قيمة المبيعات السكنية الى 718 مليون دولار فقط لا غير.

وتركزت المبيعات العقارية السكنية حتى يونيو الماضي على الاراضي والمواقع الصغيرة نسبيا التي يتراوح سعرها بين 10 و40 مليون دولار. موقع شارع كوفان Kovan Road بيع بـ 10 ملايين دولار، وتبلغ مساحة الموقع حوالي 14 الف قدم مربع، أي بسعر يبلغ 482 دولارا للقدم المربع الواحد. كما بيع احد العقارات في «ليدون بارك» Leedon Park بما لا يقل عن 22 مليون دولار (95 الف قدم مربع). ويشهد السوق السكني تراجعا كبيرا بشكل عام على نسبة المبيعات والمشاريع السكنية الكبرى بسبب غلاء المواد الاولية والبناء وشح التمويلات وحالة الترقب التي يعيشها المستثمرون كما سبق وذكرنا بسبب ازمة الائتمان الدولية.

وفي قطاع الفنادق والخدمات الترفيهية، ارتفعت المبيعات بقيمة 45 مليون دولار بعد بيع موقع «بيوني مانشين» Peony Mansion في شارع «بن كولين» لتحويله الى فندق حديث. ووصلت نسبة الاستثمارات التي قام بها القطاع الخاص خلال هذا العام في جميع القطاعات العقارية الى اكثر من 85 في المائة (4.5 مليار دولار) والباقي للمؤسسات الحكومية الرسمية والدولية، أي ما نسبته 15 في المائة تقريبا (682 مليون دولار). وقد تراجعت مبيعات هذه المؤسسات بنسبة كبيرة في الربع الثاني من هذا العام ووصلت الى اكثر من 75 في المائة، بعدما كانت قيمة هذه المبيعات قد وصلت الى 2.8 مليار دولار في الربع الاول. ووصلت قيمة ارض موقع «تاوبايو» في منطقة لورونغ للاستثمار السكني حوالي 300 مليون دولار ( أي 460 دولارا للقدم المربع).

ووصل سعر موقع شارع «سكوتس رود» الى 34 مليون دولار (أي 242 دولارا للقدم المربع). وتجد الحكومة في سنغافورة صعوبة كبيرة في تصريف وبيع موقعي «لينفكونغ إمبات» و«غيلانغ» بسبب كبر حجمهما وضخامتهما.

وتحاول الحكومة بيع ما لا يقل عن 43 موقعا منها 33 موقعا خاصا بالأراضي تشمل ما مساحته 4.3 مليون قدم مربع من الاراضي الصالحة للمشاريع التجارية وحوالي 6000 غرفة فندقية وحوالي 8 آلاف منزل وما مساحته 2.46 مليون قدم مربع من المساحات الصالحة للقطاع العقاري الصناعي.

ويؤكد تقرير مؤسسة كوليارز الدولية الخاصة بجميع انواع العقارات الخاص بسنغافورة، ان سوق العقار السكني، شهد تحسنا معقولا في الربع الثاني من هذا العام مع التزايد في النشاط الاستثماري. وقفز عدد الشقق السكنية الحديثة من حوالي 1400 شقة او عقار الى 1800 شقة في الربع الثاني أي بزيادة نسبتها 36 في المائة تقريبا (616 وحدة سكنية لشركة كلوفورباي ذي بارك في شارع بيشان Bishan و512 وحدة لشركة «كوفان ريزيدانس» في شارع سايمون و348 وحدة لشركة «داكوتا ريزيدانس» في شارع داكوتا كراسانت و152 وحدة لشركة بارك صوفيا في شارع اديس رود و102 وحدة في اكياب رود لشركة «فوتون»).

ورغم تزايد المخاوف من تراجع عدد الشقق الجديدة والحديثة الى 500 وحدة فقط كما كان الحال عام 2003 ، فإن عدد الشقق الفاخرة من الدرجة الممتازة ارتفع في العاصمة بنسبة 70 في المائة من الربع الاول الى الربع الثاني من العام الحالي، أي من 246 شقة الى 419 شقة او وحدة سكنية، معظمها في شارعي نسيم واكياب.

وارتفعت نسبة المشاريع التي يتم العمل على انهائها في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 35 في المائة، ويتوقع بيع وتصريف ما لا يقل عن 1500 شقة من اصل 1800 يتوقع انجازها، أي بزيادة بنسبة 102 في المائة عن الربع الاول. اما على الصعيد المتوسط أي الشقق المتوسطة النوعية فقد ارتفع عددها بنسبة 182 من الربع الاولى الى الربع الثاني هذا العام أي من 284 شقة الى 8002 شقة. ووصلت نسبة المعروض في الاسواق للبيع في الربع الثاني 44 في المائة بينما لم تتعد هذه النسبة21 في المائة في الربع الاول ( 348 شقة في داكوتا كراسانت و616 شقة في شارع بيشان و50 شقة في مونباتان و37 شقة في رانغون وغيره).

على صعيد سوق العقار الخاص بالمكاتب، فإن الكثير من الشركات العالمية والدولية تبحث عن مواقع ومبان جديدة وحديثة لنقل مكاتبها وتطويرها مما قلل الضغوط التي تعرض لها السوق قبل عامين، وترك وفرة في عالم المكاتب، خصوصا من الدرجتين الاولى، والثانية. ووصلت نسبة الزيادة في رقعة مساحات المكاتب المتوفرة الى 1 في المائة تقريبا في الربع الثاني من هذا العام. كما ارتفع معدل ايجار المكاتب (من الدرجة الاولى) الشهري في بعض مناطق العاصمة في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 1.7 في المائة. وتراوح بين 0.6 و1.3 في المائة في بعض المناطق الجانبية والضواحي.

* الجزيرة وميناؤها

* لطالما اعتبرت جزيرة سنغافورة موقعا مهما في منطقة جنوب شرقي آسيا منذ ايام العرب ورحلاتهم التجارية قديما في الشرق الاقصى الى ايام الاستعمار البريطاني نهاية القرن التاسع عشر وما بعد الاستقلال عن ماليزيا منتصف الستينات من القرن الماضي. وقد اعتمدت شركة الهند الشرقية البريطانية ميناءها كأهم ميناء لها في جنوب شرق آسيا عام 1876، ايام الاستعمار البريطاني، حيث كانت مهمته تصدير قصدير الملايو ومطاطها. وكان الميناء ايضا قاعدة مهمة للاسطول البريطاني ايام الحرب العالمية الثانية. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الإطار، ان للجزيرة موقعا جغرافيا فريدا عند رأس شبه جزيرة الملايو الذي يشرف على مضيق ملقا الواقع بين الملايو وجزيرة سومطرة، وقد أصبحت أهم الموانئ التجارية في جنوب شرقي القارة الآسيوية، لقربها من خطوط الملاحة بين حوض البحر الأبيض المتوسط وأوروبا الغربية من جهة وبين الشرق الأقصى من جهة أخرى. تتألف جمهورية سنغافورة من جزيرة سنغافورة وبعض الجزر الصغيرة الواقعة في المضائق البحرية المجاورة لها. ومنذ سنوات حلت الزراعة محل الغابات وتحولت الارض إلى مزارع علمية متخصصة وواسعة للمطاط وجوز الهند وشتى انواع الفاكهة المدارية، وغلات المناطق الحارة بصفة عامة، ولقد نهضت الصناعة بها.. فقامت صناعة المطاط وزيت جوز الهند والعديد من الصناعات التحويلية وصناعة القصدير وإطارات السيارات والبلاستيك، وتأتيها رؤوس الأموال من اليابان وبريطانيا والولايات المتحدة وهونج كونج، لتستغل في تصنيعها، وبدأ تجفيف المستنقعات وتحويل مواضعها إلى مصانع مند سنة 1965.