إغراء الحياة المترفة.. في جامايكا

العقارات فيها أرخص بنسبة تصل إلى 30% عن بقية جزر الكاريبي

تتوفر جامايكا على فرص استثمار عقارية ثمينة («الشرق الأوسط»)
TT

تصل بك القيادة إلى ناحية الشرق عبر طريق من أربع حارات بين مونتيغو باي وأوتشو رايس، إلى ملاعب الغولف التي تخفي وراء أسوارها المركبة العديد من المنتجعات. وتطل علينا المناظر الخلابة التي تظهر نتيجة لتوالي المنازل التي بنيت على هيئة أكواخ، ووجود حوض السفن.

وهناك بعض الأمور القليلة التي توحي لنا بأن الساحل الشمالي لجامايكا يشهد ازدهارا عقاريا يلوح في الأفق من خلال موقع أحد المباني المكون من 12 طابقًا، حيث تهيمن صورة المبنى الخرساني رمادي اللون على الشاطئ كما لو أنه نُقل مباشرة من ميامي. ويعتبر منتجع بالميرا – الذي يحوي 277 شقة و11 فيلا بأسعار تتراوح ما بين 500.000 دولار إلى 3.5 مليون دولار للفيلا المطلة على البحر مباشرة - بمثابة دلالة لما سوف يحدث في هذه المنطقة. لقد أخذت الحكومة – المنتخبة في سبتمبر 2007 - على عاتقها مسؤولية قرارات التخطيط الكبرى الصادرة من وزارة الحكومة المحلية والبيئة، وعلى هذا الأساس، أعلنت إنشاء المنتجع البالغ عدد غرفه 8500 غرفة بتكلفة 1.5 مليار دولار في هارموني باي، شرق مونتيغو باي ، بالإضافة إلى خطط تطوير الجهة الشمالية الشرقية للجزيرة، بالقرب من ميناء أنطونيو. وسيتضمن هذا المشروع مطارًا وكازينو في مبنى إرول فلين إيستات، والمسمى على اسم أشهر مجمع سكني بالمنطقة. وقد أعلن رئيس الوزراء بروس غولدنج أن هدفه جذب سوق السياحة الترفيهية إلى تلك التطورات التي تُصنع بالبلاد، وفي الوقت ذاته شجع على تطوير المزيد من المنتجعات السياحية المنشأة مثل منتجع تريال البالغة مساحته 2200 فدان، والذي كان في السابق منطقة لزراعة قصب السكر بالقرب من مونتيغو باي، حيث يبلغ متوسط سعر الفيلا هناك 2.5 مليون دولار. ومنتجع هاف مون وهو منتجع شديد الأناقة أسسه 17 رجل أعمال أميركيا عام 1954. وبعد أعوام من بدء نشاطه واستضافته لأثرياء العالم والشخصيات الملكية – مثل الأمير تشارلز وزوجته كاميلا اللذين نزلا بالمنتجع خلال جولتهما الأخيرة للكاريبي وأقاما في فيلا تكلفتها 1100 دولار في الليلة - من المنتظر أن ينضم منتجع هاف مون إلى سوق العقارات مع تطوير 30 فيلا خاصة به. ونظرا لتسمية المنطقة باسم «ذا كلوني» (أو المستعمرة)، فسوف يتم بناء منشآت المنتجع على النمط الاستعماري الجامايكي، من حيث البنايات، والشوارع، والنوافذ الكبيرة، والمزاليج، ومن المتوقع أن يتم افتتاح هذا المنتجع في عام 2010. ومع بيع جميع الأكواخ التي تتكون من 3 غرف للنوم فعليًا، أصبحت الوحدات المتبقية هي تلك المكونة من 4 غرف للنوم وتبلغ قيمتها 1.8 مليون دولار، بالإضافة إلى الوحدات المكونة من 5 غرف للنوم وتبلغ قيمتها 6.5 مليون دولار، وهناك أيضا الفيلات الملكية وتبلغ مساحتها 5600 قدم مربع أو 520 مترا مربعا، وتطل هذه الفيلات على المحيط، وتضم حماما للسباحة ومقرّين لإقامة الضيوف. هذا، وتستثني ترتيبات الضرائب في جزر كايمان المشتري في «ذا كلوني» من ضريبة الأرباح الرأسمالية، كما أنها تخفّض الضريبة على الدخول الناجمة عن الإيجارات. ومن حق مالك المنزل الانتفاع به لمدة ستين يوما سنويا، بينما تذهب 70% من قيمة الإيجار إلى المالك و30% إلى منتجع هاف مون. ويمكن للمالك أن ينتفع بمنزله أكثر من 60 يوما في السنة، إلا أنه في هذه الحال سيكون مضطرا للتفاوض مع الإدارة في هذا الشأن. ولم يتم تثبيت رسوم الإيجارات، وذلك في إشارة إلى ارتفاع الإيجارات في راوند هيل – وهو منتجع كبير آخر بالقرب من هاف مون- إلى أكثر من 4100 دولار في الليلة. وقد قرر مايك إيجر – منظم حفلات في مجال التجميل والرشاقة من يوركشاير- شراء كوخ مكون من 3 غرف نوم بقيمة 2.2 مليون دولار، وذلك عندما كان في إجازة بهذا المنتجع. ويقول إيجر في هذا الصدد: «في أول مرة ذهبنا فيها إلى هاف مون، أدركنا أننا عثرنا على جنة. فقد أحببنا نمط (التصميم) الاستعماري، والخدمات، والطريقة التي جمع بها فريق العمل الفعالية مع سحر العالم القديم».

ولطالما كان إيجر البالغ من العمر 45 عاما وزوجته سوزان البالغة من العمر 35 عامًا – ولديهما ابنتان إحداهما في السابعة والأخرى في التاسعة، وابن آخر عمره 19 عاما - متحفزين إلى شراء منزل آخر في الخارج، إلا أنهما كانا مثبطي الهمة نظرا إلى إدراكهما أنهما بحاجة إلى البحث من أجل العثور على هذا المنزل. ولكن في هاف مون، فإن كل مالك يدفع رسوما سنوية قوامها 70.000 دولار مقابل الخدمات التي يتلقونها مثل تقديم الخدمات لهم من طعام وشراب، وخدمة الغرف، والطهي، بالإضافة إلى استخدام ملاعب الغولف، والتنس، ومركز الفروسية. وبالطبع، اشترى الزوجان إيجر أغلى ما في السوق السياحية الترفيهية. وتمتلك سانجسترز ريالتي - شركة عقارات محلية - شقق ستوديو في أوتشو ريوس والمحددة أسعارها بـ86.000 دولار، بالإضافة إلى أن هناك الكثير من العملاء الآخرين مثل سينشري 21، وكاريبيان دريمز، واللذين يعرضان فيلات في المجتمعات المغلقة – وهي مناطق سكنية تتكون من مداخل مُراقبة للمشاة، والدراجات، والسيارات، ومحاطة بأسوار- بمبالغ أقل من 235.000 دولار، ومنازل فردية بقيمة أكبر من مليون دولار. وبالنسبة لأي شخص يرغب في البدء من الصفر، فإن هناك 49 قطعة أرض للبيع بمساحة ربع فدان وتطل على المحيط بقيمة 50.000 دولار في منتجع ريو نيفو إيستات، بالقرب من أوتشو ريوس. كيف تم تصنيف جاميكا على أنها مستقرة الاستثمار؟ بالرغم من أن غالبية المشترين من الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن كلاً من الأسواق البريطانية والأوروبية قد انجذبت إلى جامايكا نظرًا لمعدلات سعر الصرف مقابل الدولار الجامايكي، وهو مرتبط بالدولار الأميركي. وطبقًا لفاليري ليفي – عميل شركة عقارات محلية - فإن العقارات والمساكن في جامايكا تعتبر أرخص بنسبة 20-30% عن بقية جزر الكاريبي. وبالمقارنة بين منتجع برايسووترهاوس كوبرز في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، يبلغ سعر المنزل المكون من 4 غرف للنوم في أنجيلا في المتوسط 1.590 دولارا للقدم المربع، مقابل 1100 دولار في هاف مون. بينما يبلغ سعر نفس المساحة في منتجع ريتز كارلتون في جزر تركس وكايكوس 2140 دولارا. فيما تعتبر جزيرتا أروبا ودومينيكا الجزيرتين الوحيدتين بالكاريبي الأرخص في نفس الصدد من جزر جامايكا، حيث تبلغ مساحة القدم المربع هناك في المتوسط حوالي 1678 دولارا. هذا، وقد تضاعفت أسعار الأراضي في خلال 10 سنوات لتتراوح ما بين 400.000-600.000 دولار للفدان، حيث من المعتاد أن تكون أعلى الأسعار في مونتيغو باي وديسكفري باي. ويقول نيك برينان من وكالة نايت فرانك للعقارات: «تعتبر جامايكا منطقة مخادعة في التقييم من وجهة نظر الاستثمار. فبالرغم من كونها بالغة الجمال، إلا أنها لم تنجُ من الفقر والجريمة، وهما الأمران اللذان لا تجدهما في جزر الكاريبي الأخرى». فالجريمة هناك تعد معضلة كبيرة للغاية، وبالرغم من سطوع النجاحات الذهبية في الألعاب الأولمبية في جامايكا، إلا أن صحيفة دايلي غلينر – صحيفة تابعة لجامايكا - أقرت أن: «انجازاتها (أي نجاحات البلاد في الألعاب الأولمبية) ألقت بدائرة الضوء على التناقضات الموجودة بالبلاد. ففي هذا العام فعليًا، كانت هناك أكثر من 1000 جريمة قتل، حيث يبلغ معدل القتل سنويًا في جامايكا حوالي 60 مقابل التعداد السكاني البالغ 100.000 نسمة؛ وهو واحد من أعلى المعدلات العالمية، بينما تمثل عمليات القتل التي يرتكبها من هم دون الـ25 سنة حوالي 80% من جملة الحوادث». وناشدت الصحيفة الحكومة أخذ الرياضيين إلى المدن الصغيرة المنتشرة بها الأكواخ، والتي يتفشى فيها العنف، أملاً في أن يكونوا مثلاً يُحتذى به وذوي طابع مؤثر في الشباب بالبلاد، وحتى يبتعدوا عن الجريمة والمخدرات. ومع ذلك، لم تثن تلك الأمور دانيال كوبر – البالغ من العمر 37 عاما، من منطقة هولاند بارك في لندن، والذي استقال أخيرا من وظيفته لدى أمازون في سياتل- عن حجز تذكرة سفر للذهاب إلى الجزيرة. ويقول كوبر والذي يرغب في شراء كوخ في منتجع غولدن آي، وهو المكان الذي كتب فيه إيان فلمنغ مغامرات جيمس بوند: «لقد وجدت أن الأشخاص يمضون بهدوء، وسعادة، ولا يشعرون مطلقًا ولو بصورة ضئيلة بأنهم مهددون. لقد أسرتني الطريقة التي نظم بها فلمنغ حياته، فقد كان يمضي الشتاء في غولدن آي، وبالتالي، كان بمقدوره التركيز على كتاباته. وأعتقد أن هذا قد يفيد في عملي».

ومع العرض الموضح بأن أكثر من 80 منزلاً سيتم بناؤها على امتداد الشاطئ وحول لاجون؛ أصبحت الأسعار تتراوح ما بين 800.000 دولار للكوخ المكون من غرفة نوم واحدة، إلى 3.2 مليون دولار للفيلا المكونة من 4 غرف نوم. ويمكن لمالكي تلك المنازل أن يقيموا فيها المدة التي يحبونها، أو تأجير تلك المنازل على أن يأخذ كل من المالك والمنتجع 47.5% من عائد الإيجار، أما الـ 5% المتبقية فتذهب كلها لأغراض الصيانة. وتبلغ رسوم اشتراك النادي 1000 دولار شهريا، وتتيح إمكانية الاستفادة من المنتجع الصحي، وملاعب التنس. ولكن لتضع نصب عينيك، أنه ليس بإمكان أي شخص الشراء. ويصر كريس بلاكويل – مالك غولدن آي، ومؤسس آيلاند ريكوردز- على أن المشترين المستقبليين يتعين عليهم أن يزوروا الموقع لتحديد إذا ما كان يمكنهم التأقلم والعيش في حياة غولدن آي الجميلة. ويقول كريس سايموندز – المدير الإداري لغولدن آي: «إننا نريد تلك النوعية من الأفراد الذين يمكنهم التواصل معنا والانخراط مع المجتمع، فكريس لن يدع أي شخص يشتري من دون مقابلته أولاً».

* خدمة «نيويورك تايمز»