سيتي سكيب دبي: انقسامات المتعاملين في السوق العقاري بين المتشائم والمتفائل

طرح مشاريع.. وتوقف أخرى.. وتوقيع اتفاقية لحلول تمويلية جديدة

خلاف بين جدوى الاستمرار في إنشاء المشاريع العقارية في ظل تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية في عمليات التمويل («الشرق الأوسط»)
TT

اختتم معرض سيتي سكيب دبي 2008 فعالياته يوم أمس الأول، بعد ان صادف إقامة المعرض تقلبات اقتصادية عالمية، تقلب معها وضع المعرض بين التفاؤل من جهة وبين التشاؤم من جهة أخرى، لم تستقر حتى مع نهاية المعرض، اتفق فيها الجميع بطرح سؤال : الى اين الاتجاه؟

التمويل والتطوير ومستقبل العقار وتأثير الأزمة العالمية كانت محل نقاشات حول المشاريع المطروحة ومدى جدية تحقيقها، وعلى الرغم من ان المعرض شهد طرح مشاريع عديدة، الا أن اللافت ان عددا قليلا من الشركات التزمت بمشاريعها خلال إقامة المعرض العقاري الأكبر خلال السنوات الماضية، في حين كانت شركات أخرى تعتمد على منصة العرض ومجسم مشروع يعرض كل سنة في سيتي سكيب من غير تنفيذ حقيقي على ارض الواقع. واتفق خبراء عقاريون انقسموا الى قسمين بين متفائل ومتشائم، على أن الأزمة الاقتصادية العالمية ستعمل على تغيير خارطة المشاريع سواء المكانية او الزمنية، ولفت البريطاني «روني بوب» (خبير اقتصادي) الى ان الفترة المقبلة ستكون أصعب في ايجاد قنوات تمويل للمشاريع التي كانت تطرح بالسابق بمليارات الدولارات، مشيراً إلى أن العملية باتت أصعب أمام دول الخليج لان تحصل على تمويلات لبناء المشاريع الضخمة، مبيناً أن الفترة الذهبية ولت بعد تحذير صندوق النقد الدولي من توجه الاقتصاد العالمي إلى التدهور، مشيراً الى أن الخليج بحاجة الى تحرك الحكومات في مساعدة الشركات في الاستمرار لتنفيذ مشاريعها. وأكد ان الدور الملقى على الحكومات يتمثل في الدعم المالي وتمويل المشاريع التي تنفذها تلك الشركات، مشيراً الى أن البنوك ستعمل على تمويل المشاريع بشكل اقل، في ظل المشاكل في القطاع المالي، وسيكون هناك تباطؤ في عمليات الحصول على الأموال اللازمة للانتهاء من المشاريع.

واضاف البريطاني بوب أنه على الرغم من تلك النظرة التشاؤمية الا أن القرار بيد الحكومات التي تستطيع ان تعمل موازنة بين التأثر بالأزمة العالمية وبين الاستمرار في المشاريع تحت التنفيذ، في ظل وجود قوانين صارمة حول عمليات تمويل المشاريع من خلال بيع الوحدات السكنية التي تلزم الشركات ببيع تلك الوحدات بعد فترة من تنفيذ المشاريع. وتوقع بوب ان يشهد سوق دبي العقاري انخفاضاً في الاسعار خلال الفترة المقبلة، وذلك بسبب انخفاض عمليات التمويل التي وضح تأثرها من الازمة العالمية، بعد ما اعلنت اثنتان من كبريات شركات التمويل في الخليج «تمويل» و«املاك» فكرة الاندماج، وبالتالي سيكون هناك وحدات ولن يكون هناك من يشتري تلك الوحدات، وبالتالي سيكون هناك انخفاض يتراوح بين 25 الى 35 في المائة على اسعار الوحدات العقارية في دبي، وهي التي تعتمد اعتمادا كليا على شراء الوحدات من اجل الاستثمار بشكل كبير، مشيراً الى أن الكثير من طلبات التمويل اعيد النظر فيها من شركات التمويل العقاري ومن البنوك خلال الفترة الماضية. الى ذلك قال حمد المناعي مدير تطوير المشاريع في شركة انترناشيونال العالمية، عبر نظرة تفاؤلية أن المستقبل هو للعقار الخليجي، وبالتحديد السعودي، مبيناً انه لا خوف على تأثير الأزمة على الأسواق العقارية خلال الفترة المقبلة، وحتى عملية التمويل، فمواطنو الخليج لديهم حلول عدة على حد تعبيره. وأضاف المناعي أن حلول التمويل تتمثل في المساهمات العقارية، والتي تعتبر من انجح قنوات الاستثمار في تمويل المشاريع العقارية، وهي التي كان لها دور كبير في عمليات تطوير المخططات العقارية، مشيراً الى أن الفرصة مواتية لتحقيق تنمية مقرونة بأرباح. واضاف أن عملية التنمية المقرونة بالارباح تكمن في التوقعات التي تشير الى انخفاض الاسعار خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد الركود المتوقع في الاسواق العالمية، وبالتالي فإن الكثير من الاراضي ستكون مجدية، وستعود الاسعار الى واقعها وحقيقتها، وستبتعد عن الارتفاعات غير المبررة، مما سيساعد على نشوء فرص حقيقية في السوق العقاري، في ظل ارتفاع الطلب في عدد من الاسواق الخليجية. وقال مدير تطويرالمشاريع في شركة انترناشيونال ان الاسواق العقارية ستشهد تحركات واسعة خلال الفترة المقبلة، في ظل ارتفاع الطلب وازدياد الحركة الاقتصادية على المنطقة، ووجود سيولة عالية تتمثل في عوائد النفط، والنمو السكاني الكبير، والضخ الحكومي المتمثل في المشاريع التنموية، مما يدفع السوق الى المزيد من المؤشرات الايجابية التي تحقق نظرة تفاؤلية نحو مستقبل الاسواق العقارية المقبلة. وشدد ان المعوقات تكمن في التخاذل والاستسلام وتسليم الامر لوجود ازمة اقتصادية، لافتاً أن كل ازمة يصاحبها جانب ايجابي، وبالتالي فأن الذكي من يستفيد من الجانب الايجابي لتحقيق اهدافه ومصلحته في انتهاز الفرص العقارية، والعمل على مواصلة تصدير الافكار والمشاريع العقارية خلال الفترة المقبلة.

وأكد أن الحضور القوي لكبرى شركات التطوير العقاري في معرض سيتي سكيب العقاري دليل على قوة استمرارها، والمضي في تنفيذ مشاريعها التي اعلنتها في السابق، خاصة ان البلدان بحاجة الى عقلية التطوير الشامل الذي يجدد دماء مدن الخليج، بإعطائها ميزة اضافية في ظل الاصلاحات التي تقوم بها دول مجلس التعاون، وتبوؤ مكانة مميزة بين دول العالم وتسجيل النجاحات التي بدأتها البلدان الخليجية، مستشهداً بما حدث في سنغافورة التي استطاعت ان توجد شيئا من لا شيء على حد تعبيره.

الى ذلك أعلنت شركة سمو العقارية عن إنشاء أول شركة صناديق للاستثمار العقاري «ريتز»، في السعودية مع شركة أنكور منجمنت السويسرية، على هامش فعاليات معرض سيتي سكيب. وقال عايض القحطاني رئيس شركة سمو القابضة: إن الهدف الرئيسي من إيجاد مثل هذه الصناديق الاستثمارية الإسلامية في السعودية هو إتاحة الفرصة لصغار المستثمرين للمشاركة في إنشاء وشراء المشاريع العقارية الضخمة، بالإضافة إلى أهميته في إيجاد قنوات استثمارية متنوعة في الأسواق العقارية مثل إنشاء صناديق ريتز لإقامة وشراء الفنادق، والمستودعات، والمستشفيات وغيرها ثم تأجيرها أو بيعها على مستثمرين آخرين، بجانب إيجاد فرص عمل كثيرة ومتنوعة مما قد يساعد على تقليل نسبة البطالة، وتطوير المفهوم الاستثماري العقاري وزيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية من خلال إنشاء مشاريع وتأجيرها للدولة، مؤكدا على أن مشاريع ريتز تسهل دخول المستثمرين الأجانب وبمبالغ ضخمة. وأضاف القحطاني أن هذا النوع من الاستثمارات يتميز بارتفاع عوائده وقلة تعرضه للأخطار والشفافية في منهجية الاستثمار وزيادة التدفقات النقدية للعوائد في توزيعها أرباحاً على المستثمرين ومع إمكانية بيع هذه الأصول العقارية للاستفادة من ارتفاع أسعارها مقارنة ببعض الاستثمارات الأخرى، حيث يعتبر (ريتز) من صناديق الاستثمار المغلقة. وبين القحطاني أن من أهم مزايا هذه الصناديق هي في القوانين التي تشرعها بعض الدول، كونها معفاة من الضرائب، ويلزم هذا النظام توزيع 90 في المائة أو أكثر من الأرباح على المستثمرين، وبعضها يشترط عدداً معينا من المستثمرين وتقيد نسب الملكية لكل مستثمر، ولذلك تشترط بعض الدول أن يكون 75 في المائة من دخلها من الاستثمارات العقارية أو ما شابهها، حيث يبلغ عدد صناديق الريتز في العالم أكثر من 450 وهي المدرجة فقط وبقيمة تصل إلى حوالي 800 مليار دولار، وقد تفوق مؤشر العوائد من «الريتز» على جميع المؤشرات من الاستثمارات الأخرى.

وتوقع رئيس شركة سمو العقارية بلوغ حجم استثماراتها مليار ريال (266 مليون دولار) مع نهاية العام الجاري، وذلك من خلال استثماراتها العقارية، مشيراً الى أن الجانب الأهم في تطلعات الشركة هو مساعدة صغار المستثمرين على إيجاد فرص لهم للمشاركة في إنشاء وشراء المشاريع العقارية الضخمة، وهذا جزء من الخدمات التي تقدمها الشركة للمجتمع.

من جهته بين جون ساندويك المدير التنفيذي لشركة أنكور منغمنت السويسرية، أن توقيع الاتفاقية مع شركة سمو القابضة يمثل فرصة استثمارية حقيقية بالنسبة لشركته، لا سيما ان شركة أنكور لها باع طويل في الفضاء المصرفي الإسلامي، بالإضافة إلى أنها واحدة من الشركات المهمة التي ساهمت في تطوير سندات الشريعة الإسلامية في الخارج، وتمتلك حقائب مالية إسلامية، وهذا بحد ذاته ساهم في إطلاق هذا النوع من الصناديق الإسلامية الاستثمارية مع شركة سمو القابضة. يذكر ان معرض سيتي سكيب العقاري اقيم خلال الفترة ما بين 6 الى 9 اكتوبر بمشاركة كبيرة من شركات التطوير العقاري العالمية، وتم طرح مشاريع عقارية تتجاوز قيمتها تريليون دولار، تتركز معظمها في دول الخليج.