السعودية: بيع وشراء المنازل القديمة يطغيان على تداولات العقارات خلال الفترة الماضية

تخوف الملاك من انخفاض الأسعار.. وهبوط أسعار مواد البناء رفع نموها

شهدت السعودية تحركاً كبيراً على المنازل والفلل القديمة بما يتعلق بالبيع والشراء خلال الفترة الماضية (تصوير: خالد الخميس)
TT

طغت عمليات بيع وشراء الفلل والمنازل القديمة على تداولات العقارات خلال الفترة الماضية، مع انخفاض أسعار العقارات، وظهور بوادر مؤشرات هبوط طفيف في الأسعار، الأمر الذي أوقع الكثير من الملاك في تسجيل انخفاضات أكثر خلال الفترة المقبلة.

وجاءت عمليات البيع والشراء تلك عطفاً على ارتفاع أسعار المنازل والفلل الجديدة، والتي تم بناؤها خلال الفترة الماضية إبان موجة ارتفاع أسعار مواد البناء، والتي تسجل أسعارها اليوم انخفاضات متتالية، الأمر الذي يوقف سعرها عند حد معين، وذلك تجنباً لتسجيل خسائر. وقال عقاريون إن الأسعار بدأت في العودة إلى طبيعتها بما يتعلق بالعقارات القديمة، والتي شهدت خلال عامي 2007 و2008 ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار، نتيجة تأثرها بموجة الارتفاعات التي طالت أسواق العقار بمختلف منتجاتها، واستمر ذلك الارتفاع حتى الإعلان عن الأزمة المالية العالمية والتي تسببت في ضغوط على الأسعار المرتفعة، الأمر الذي يرجع الأسعار إلى طبيعتها.

وبين محمد الحربي صاحب مكتب تثمين عقاري أن الطلب على الفلل القديمة ازداد خلال الفترة الماضية، وذلك لجدوى شراء المنازل القديمة وانخفاض تكلفة ترميمها، مقارنة بشراء فيلا أو منزل جديد، وفق الأسعار السابقة، مضيفاً أن رواج سلعة المنازل القديمة يعود إلى فترة قريبة ماضية. وقال إن تحرك الكثير من ملاك تلك المنازل إلى بيع منازلهم، جاء نتيجة الشائعات التي تتداول لفترة قريبة بانخفاض حاد لأسعار العقارات بشكل عام، وبالتالي يرغب الملاك في تحقيق عائد مجدٍ من عمليات بيعها، والاستفادة من السيولة الحالية، في سوق يتوقع أن تنخفض فيه السيولة على حد تعبيره.

وأضاف الحربي أن السوق العقاري لا يزال يتمتع بصلابة قوية، تمنع تأثيرات الأزمة العالمية من التأثير فيه، إلا أن الأسعار تخضع لعمليات تصحيح، مما يساعد على ازدياد التداول خلال الفترة القريبة المقبلة، لافتاً إلى أن المنازل ذات الحجم المتوسط ما بين 400 متر مربع إلى 700 متر مربع، هي الأكثر طلباً بين المنتجات العقارية القديمة. وأكد الحربي أن السوق يعتبر فرصة في الوقت الحالي، نتيجة الترقب والهدوء اللذين يخيمان على الأسواق الاستثمارية بشكل عام، مؤكداً أن الأسعار ستتجه نحو الانخفاض في الفترة المقبلة، مبيناً أن التداول سيرتفع كون جهات التمويل العقاري لا تزال ماضية في تقديم القروض بشكل ميسر، مشيراً إلى أن العام المقبل سيشهد استقراراً في الأسعار المتذبذبة للعقارات بمختلف أنواعها.

وحسب مكاتب عقارية استطلعت أراءهم «الشرق الأوسط» حول عرض المنازل والفلل القديمة، أكدوا وجود كميات جيدة من تلك المنتجات العقارية للبيع، بالإضافة إلى العمائر التي تحتوي على شقق سكنية، مشيرين إلى أن اغلب تلك المنتجات قد مضى عليها أكثر من 20 سنة، الأمر الذي يضعف من عملية تسويقها نتيجة عمرها الطويل.

وأشار حمد العتيبي مدير مكتب الصحراء العقاري في المنطقة الشرقية إلى أن تسويق الفلل والمباني القديمة ذات العمر الطويل يشكل تحدياً كبيراً، حيث ان اغلب طلبات المشترين تتمحور حول العقارات ذات العمر المتوسط بين 5 و10 سنوات، وما بعد ذلك فإن الطلب عليه بسيط جداً على حد تعبيره.

وقال العتيبي إن المشترين يفضلون شراء العقارات ذات العمر الأحدث وان كانت الأسعار مرتفعة بعض الشيء، مشيراً إلى أن المنتجات العقارية قبل 2006 كانت أسعارها معقولة، إلا أن الطفرة وهبوط سوق الأسهم وجها المستثمرين إلى السوق العقاري، وضخ أموال كبيرة في شراء العقارات بشكل عام ورفع أسعار الإيجارات، الأمر الذي تسبب في تغذية التضخم الذي سجل مستويات قياسية خلال الفترة الماضية. وأضاف أن المنتجات العقارية القديمة تعاد هيكلتها من جديد وترميمها، ومن ثم بيعها بأسعار تقل عن الجديدة بنسبة تصل إلى 20 في المائة، مما يحقق مكاسب جيدة لأصحاب تلك العمليات، مما دفع شريحة من المستثمرين إلى شراء المنازل القديمة وبالتالي تداولها بشكل مرتفع، خاصة في ظل انخفاض أسعار مواد البناء مما يحقق الجدوى الاقتصادية من تلك العمليات.

إلى ذلك قال خالد الضبعان الخبير العقاري ان اللجوء إلى المنازل القديمة خلال هذه الفترة جاء نتيجة عرضها بكمية كبيرة، من خلال تخوف الملاك من هبوط الأسعار، وعدم الاستفادة من العوائد المادية، في ظل الانخفاضات المتوقعة لأسعار العقارات بشكل عام، مشيراً الى أن المنتج العقاري القديم يسجل انخفاضا في أسعار البيع والإيجار بشكل عام.

وبين أن الطلب على العقارات الجديدة لن يتوقف، في حين سيكون انخفاض أسعار مواد البناء دافعا لشركات العقار في أن تخفض أسعار منتجاتها العقارية، وبالتالي تحقيق الجدوى الاقتصادية من خلال حركة عقارية أسرع من المتوقع، في ظل صمود العقار بشكل عام في وجه الأزمة الاقتصادية، خاصة في ظل بيع مشروع عقاري يحتوي على أراض في المنطقة الشرقية بقيمة تجاوزت مليار ريال (266.6 مليون دولار)، حيث يشير ذلك حسب الضبعان إلى انتعاش محتمل في تحرك كبرى شركات التطوير العقاري إلى ضم عدد من المشاريع الجديدة نحو خطتها التطويرية.

وأضاف الضبعان أن إعلان خادم الحرمين الشريفين عن ضخ 400 مليار دولار في المشاريع التنموية في البلاد، خلال الخمس سنوات المقبلة، شاهد على استمرار عمليات التنمية بشكل عام، مما يتوقع أن تشهد البلاد حركة جيدة في العقارات، في ظل المشاريع التي تطرح في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة.