أوكيناوا تجذب الكثير من السكان الأصليين للإقامة بعد التقاعد

كيفية إخراج منظر المحيط في الجزيرة اليابانية

أمون مياموتو طلب تصميم المنزل بصورة تجعله متآلفا مع البيئة المحيطة به
TT

داخل منزل أمون مياموتو، الواقع على أحد الشواطئ الجنوبية الشرقية لجزيرة أوكيناوا، يطالع المشاهدون منظرا للمحيط محاطًا بإطار من داخل غرفة الجلوس، حيث تتلاطم أمواج المحيط مع الشاطئ مباشرة خارج المنزل. ويقول مياموتو، المعروف في الأوساط المسرحية بالولايات المتحدة على أنه أول مواطن ياباني يخرج عرضا على مسرح برودواي «باسيفيك أوفيرتشرز» في عام 2005، انه طلب تصميم المنزل بصورة تجعله متآلفا مع البيئة المحيطة به. ويقول مياموتو (50 عاما)، الذي يملك أيضا منزلين في طوكيو ونيويورك: «جاء لي المهندس المعماري في البداية بتصميم منزل على الطراز الأميركي، فانتظرت لبرهة ثم تساءلت عما إذا كان من الممكن أن يتناغم التصميم مع البيئة المحيطة هنا».

وقرر حينها تشييد منزل من نوع مختلف، حيث يقول: «كنت أفكر في منزل يتآلف مع الطبيعة، وقدرت أن الصخرة ستكون محور كل شيء».

اشترى مياموتو قطعة الأرض عام 1997، وبنى له المنزل بعد عامين. والصورة النهائية للبناء عبارة عن بناء من الخرسانة على شكل صندوق، بارتفاع 5 أمتار وعرض 10 أمتار (16 قدما × 33 قدما)، ويبدو المنزل مبينا بين الصخور المحيطة بالمكان والشاطئ الرملي الممتد على مساحة 200 تسوبو (7.117 قدم مربعة). ويغطي المرجان سقف المنزل المسطح. ويأتي المنزل على مستوى الشارع، وهو تصميم متعمد لا يحجب رؤية المنازل المجاورة للمحيط من فوق المكان.

ومن أحد الأشياء التي ألهمت مياموتو بهذا التصميم، كان القبر التقليدي في أوكيناوا، حيث يُصنع القبر من الصخر والأسمنت ويستقر فعليا في مكان يواجه المحيط. فكل حوائط المنزل مصنوعة من الخرسانة، كما أن أرضياته تتكون من الصخور التي جُلبت من أوشيما، وهي جزيرة مجاورة.

رفض مياموتو الكشف عن الثمن الذي دفعه مقابل الأرض أو المنزل، إلا انه خلال بيع قطعة أرض مجاورة لمنزله تبين أن قطعة أرض على مساحة 200 تسوبو تساوي 32 مليون ين (أو 340.000 دولارا). وتجذب أوكيناوا الكثير من السكان الأصليين اليابانيين للجزيرة، حيث يمكن لهم شراء منازل ثانية أو أماكن للإقامة بعد التقاعد. ويقول هوروتسوغو أونو، رئيس تحرير مجلة «هوشي ريزورت»، وتختص بالمنازل التي يمكن الإقامة بها خلال فترة الإجازة، انه تناول موضوعات عن أوكيناوا مرتين في عام واحد خلال العامين الماضيين، وهذا مرده إلى الاهتمام الكبير بين الأثرياء في أعمار الخمسين والستين، حيث يقول: «يبدو أن هناك أشخاصا يجذبهم الطقس الدافئ، والشواطئ، وثقافة أوكيناوا». وتقع هذه الجزيرة على بعد ساعتين من طوكيو جوا.

وانعكست حساسية مياموتو المسرحية بصورة أكثر وضوحا في طريقة تناوله لأكثر المميزات في المنزل، خصوصا مع منظر المحيط. ففي مكان النوافذ الكبيرة، صمم ستارة عريضة يمكن رفعها للكشف عن داخل المنزل، حيث يقول إن الطريقة التي يتم بها إعداد المسرح «يمكن أن تغير تماما ما تراه، فمن الممكن أن تغير بؤرة الاهتمام والطريقة التي ينظر بها الجمهور للأشياء».

ويقول مياموتو غالبًا ما يعتاد الأشخاص على الأشياء المحيطة بهم مهما كان جمالها، إلا أنه عندما يتم تقديم شيء مختلف لهم، يصبح هذا المشهد الجديد له أهميته. وبعد زيارة قام بها البعض إلى منزله «علق بعض السكان المحليين قائلين إنهم لم يدركوا يوما أن المحيط بالغ الجمال على هذا النحو». ويقول إن السلالم المؤدية من الشارع إلى المنزل تمهد لهذا المشهد: «فأنت تتجه إلى الشاطئ، وفي هذا المكان في غرفة المعيشة يلتقي مد البصر مع أفق المحيط». ويوضح مياموتو أن منظر المحيط قد تم تناوله بصورة مسرحية، حيث تقابله الجدران الداكنة والأبواب الخشبية لمساحة الدخول غير المفتوحة، ويقول: «إن الزوار يعيشون في ظلام للحظة قبل أن يطالعهم المشهد النهائي».

وفي غرفة التوكونومو المجاورة، أو الغرفة المجوفة، بدا إخراجه لمشهد المحيط أشبه إلى حد كبير بستائر متدلية من الحائط، حيث يقول: «وراء الستارة الكبيرة، ارتأيت أنه بإمكان أي شخص أن يُعجب بالمشهد، فهو أصغر حجما وأكثر وضوحا، داخل غرفة الشاي التي تتخذ شكل تجويف داخل الجدار».

وتغطي أرضية الحجرة الصغيرة أربع حصائر مصنوعة من القش وموضوع عليها الكثير من الآلات الوترية مثل السانشين، وهي آلة وترية مغطاة بجلد الثعبان، كما أن الأرضية المحاذية للنافذة تجعل الغرفة والرواق المجاور لها أكثر تهوية. وتتضمن التفاصيل الأخرى للمنزل تمثالاً لفيل مستلق من تايلاند، وخزانة ملابس إندونيسية، وأريكة على الطراز البالي. ويقول مياموتو إنه سعيد بهذا التنوع، الذي يمثل إلى حد كبير تاريخ أوكيناوا. ومن قديم الأزل، كان لهذه الجزيرة البالغة مساحتها 1200 كيلومتر مربع (464 ميلا مربعا)، علاقاتها مع الصين، وتايوان، والدول الغربية، والبر الرئيسي لليابان، مما أحدث نوعا من المزيج الثقافي الذي يقول مياموتو عنه يمنح أهالي أوكيناوا اعتقادا راسخا في هويتهم رغم أنهم يتعاملون بود مع الزوار. ويضم المنزل أيضا غرفة نوم، وغرفة للدراسة، ورواقا يشبه المكتبة.

وبينما يعكس الديكور طابع منطقة أوكيناوا، توجد أيضا بعض اللمسات الآسيوية التقليدية، مثل الأبواب الخشبية الكبيرة ذات الطراز القديم، والأجزاء الحديدية التي جلبها مياموتو من مطعم هندي أفلس في طوكيو، ويقول عنها: «لقد أعجبتني واحتفظت بها، وكنت أفكر أنني سأستخدمها في يوم من الأيام. بصورة أو بأخرى، بهذه الطريقة تم إنشاء هذا المنزل».

* خدمة «نيويورك تايمز»