أميركا: هبوط حاد في مبيعات المنازل خلال شهر نوفمبر

متوسط سعر الوحدة يفقد نحو 13% من قيمته

TT

انخفضت مبيعات المنازل الأميركية الشهر الماضي، كما تهاوت أسعار المنازل في أسرع معدل لها على مدار 40 عامًا، ويعد هذا الأمر آخر دلالة على أن سوق الإسكان المتأزمة سوف تستمر في معاناتها وسط وضع اقتصادي سريع التدهور. وانخفضت مبيعات المنازل المملوكة في السابق- والتي تمثل غالبية المبيعات بهذه السوق- بنحو 8.6 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، لتصل إلى القيمة المعدلة موسميًا البالغ قوامها 4.49 مليون دولار، وذلك حسبما أفادت ناشونال أسوسياشن أو ريلاتور (أو الاتحاد الوطني لسماسرة العقارات)، وهي جماعة تجارية. وفي شهر نوفمبر، انخفض متوسط سعر المنزل بنسبة 13 في المائة، ليبلغ زهاء 181 ألف دولار مقارنة بـ208 آلاف دولار في العام السابق، وهو أدنى سعر تصل إليه المنازل منذ فبراير (شباط) 2004. ويقول لورانس يون- الاقتصادي الأول في ناشونال أسوسياشن «من المحتمل أن يكون هذا أكبر انخفاض في الأسعار منذ الكساد الكبير». وتضاعفت البلايا والمشكلات التي منيت بها سوق الإسكان- والتي تعتبر من أسباب الأزمة المالية الأميركية- في الوقت الذي جمعت فيه حدة الركود، ودوامة البطالة المتزايدة، والأجور المتدنية، والشكوك الاقتصادية قواها. وتقول ناريمان بهارافيش- الاقتصادية البارزة لدى «آي إتش إس» غلوبال إنسايت «سحب الإسكان الأسواق إلى أسفل خلال هذا الصيف، والآن بات من الواضح أن الاقتصاد والأسواق المالية هي التي تسحب الإسكان إلى أسفل» هذه المرة. وأوضح اتحاد السماسرة العقاريين أن مبيعات منازل الأسر المستقلة انخفضت بنسبة 8 في المائة بين شهر أكتوبر (تشرين الأول)، إلى نوفمبر (تشرين الثاني)، فيما انخفضت مبيعات المنازل ذات الملكية المشتركة، والتعاونية على نحو أكبر إذ بلغت نسبتها 13 في المائة. وبينما انخفضت مبيعات المنازل في سائر أنحاء البلاد، ظهر أن أكثر الانخفاضات حدة تلك التي كانت في الشمال الشرقي للبلاد، إذا هوت أسعار المنازل بنسبة 12 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني). وفي الشهر الماضي، ارتفع مجموع المنازل غير المباعة ارتفاعا بسيطا، إذ ناهز 4.2 مليون دولار. وسيستغرق الأمر- بالمعدل الحالي- 11.2 شهر لبيع القائمة المفرطة من المنازل غير المباعة حتى الآن، أي بزيادة عن المعدل الموضح في شهر أكتوبر والبالغ 10.3 شهر. تجدر الإشارة إلى أن القيم الإسكانية قد هوت على نحو مفجع بعد أن كانت قد وصلت إلى ذروتها خلال شهر يوليو (تموز) 2006، حيث وصل سعر المنزل المتوسط إلى 230 ألف دولارا. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، انخفض سعر المنزل المتوسط 21 في المائة عن المستوى الذي كان عليه عام 2006 في الوقت الذي انخفضت فيه المبيعات، وتوقفت الائتمانات، وظهر طوفان من المنازل المنزوع ملكيتها في السوق. وتوقع الاقتصاديون انخفاض قيم المنازل خلال الستة شهور الأولى من عام 2009، حيث أوضحت جوشوا شابيرو- الاقتصادية الأميركية البارزة لدى إم إف آر- أنه من المحتمل أن تقف بعض أرجاء البلاد في منتصف الطريق خلال هذا الانخفاض. وقالت شابيرو: «لم تنخفض مبيعات المنازل إلى الأسعار التي ستخلي السوق، فمع حجم الفقاعة التي سبقت (هذا الانخفاض)، فإنها سوف تحتاج إلى إصلاح، وستحتاج إلى تعديل».

وقد حاول الاحتياطي الفيدرالي دعم الإسكان، وذلك عبر تخفيض معدل الفائدة الخاص به إلى قياسية منخفضة، وتقديم الوعود بشراء الدين العقاري البالغ قيمته مليارات الدولارات. ونتيجة لذلك، انخفضت معدلات الرهون العقارية، إلا أن الاقتصاديين يشيرون إلى أنه قد لا يعود الكثير من المشترين إلى السوق مرة أخرى حتى ينخفض معدل الرهون الثابت على مدار 30 عامًا إلى 4.5 في المائة بدلاً من المعدل الحالي والبالغ 5.3 في المائة. وكانت قد أوردت وزارة التجارة الأسبوع الماضي، أن مبيعات المنازل الجديدة انخفضت إلى القيمة السنوية المعدلة موسميًا البالغ قيمتها 407 آلاف خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، نزولاً عن القيمة المعدلة البالغة 419 ألفا خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول). وبلغ سعر المنزل الجديد المتوسط في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 220 ألف دولارا، بانخفاض بلغ 11.5 في المائة عن نفس الفترة في العام الماضي. وبيع الكثير من المنازل على يد المالكين ممن أُجبروا على القيام بهذا. ويقول يون أن حوالي 45 في المائة من المبيعات التي تمت خلال شهر نوفمبر، كانت بأسعار زهيدة للغاية، وفيها اضطر البائعون إما لمواجهة مغبة حبس الرهن أو اللجوء إلى بيع منازلهم بأقل من قيمة الرهن. وظهرت تلك المبيعات خصوصًا في المناطق الأكثر ابتلاء بانهيار السوق الإسكانية. وحسبما أفادت إم دي إيه داتا كويك – شركة أبحاث عقارية- أنه في بعض أرجاء جنوب كاليفورنيا، تم بيع أكثر من نصف جميع المساكن المباعة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عبر عمليات حبس الرهن خلال الـ12 شهرا الأخيرة. أما في منطقة لاس فيغاس الحضرية، فقد بلغت تلك النسبة 71 في المائة. وأفاد فريدريك كانون- المحلل لدى كيفي، برويت آند وودز: «بعيدا عن العقارات المعروضة للبيع بأسعار زهيدة، تعد السوق غير موجودة تقريبًا. فأنت لا تريد البيع في مثل تلك الأحوال، كما أن معظم الأفراد يقولون سأبقى في هذا المنزل فقط». وأشار غاري كروتشلي- الوكيل العقاري في رايفرسايد كاونتي بكاليفورنيا- أنه قد باع ستة منازل في الشهور الأربعة الأخيرة. ثلاثة منها كانت رهن الحبس العقاري، واثنان منها كانا «مبيعات منخفضة»، وفيها يبيع الملاك تلك المنازل تفاديًا للحبس العقاري، وواحد منها فقط كانت إجراءات بيعه تقليدية- وكان لزوجين ادخرا أموالهما، ورغبا في شراء منزل آخر في سوق العقارات المتسمة بزهد أسعارها، واستطرد كروتشلي قائلا «إنهم قليلون (يقصد الزوجين) ويحدث هذا الأمر كل فترة طويلة».

وبدا أن المستثمرين الذين تلقوا أولاً الأخبار الاقتصادية المتقدمة فجأة ليوم الثلاثاء قد باعوا بنهاية اليوم. فقد أغلقت الأسواق المالية تعاملاتها بنسبة أقل قبل جلسة بيع قصيرة يوم الأربعاء، إذ هبط المتوسط الصناعي لدى داو جونز 100.28 نقاط، أو 12 في المائة، ليصل إلى 8.419.49، فيما هبط مؤشر ستاندرد أند بورز 500 ليصل إلى 8.47 نقاط، أو 0.97 في المائة إلى 863.16. وهبط مؤشر ناسداك المركب 10.81 نقطة، ليصل إلى 1.521.54. وأوردت وزارة التجارة يوم الثلاثاء أن إجمالي الناتج المحلي- المعيار الموسع للاقتصاد- انخفض في معدله السنوي 0.5 في المائة في الربع الثالث من العام، حيث انخفضت أرباح الشركات 1.2 في المائة. وفي شهر ديسمبر (كانون الأول)، نقلت رويترز أن مؤشر جامعة ميتشغان لقياس رأي المستهلك ارتفع إلى 60.1، بزيادة عن 55.3 في شهر نوفمبر (تشرين الثاني).

* خدمة «نيويورك تايمز»