السعودية: عقاريون يؤكدون حاجة السوق إلى المزيد من شركات التطوير

الوحدات السكنية تستحوذ على 75 % من النشاط العقاري في السعودية

تحتاج السعودية إلى ما يقارب 4.5 مليون وحدة سكنية خلال 20 سنة لتتوافق مع حجم النمو السكاني، والذي يعتبر من اكبر معدلات النمو في العالم (تصوير: خالد الخميس)
TT

على الرغم من توجه مؤشرات الحركة في سوق العقارات السعودية إلى الانخفاض قليلاً، نتيجة توقف دورة التمويل الدولية، إثر الأزمة المالية العالمية، التي كان من المفترض أن تكون المحرك الرئيسي للسوق العقارية في الفترة المقبلة، فإن ذلك لم يوقِف الطلب المستمر في السعودية على الوحدات السكنية.

وقال عقاريون إن السعودية في حاجة إلى المزيد من شركات التطوير العقاري، من أجل طرح المزيد من الوحدات السكنية، في ظل العدد المحدود من شركات التطوير العقاري الموجود حالياً، مشيرين إلى أن الشركات الحالية توفر 15 في المائة من حاجة البلاد للمساكن.

وكان الكثير من الأفراد في السعودية يعمدون إلى بناء منازلهم، حيث شكّل بناء الأفراد عام 2006 نسبة 97 في المائة من المساكن المبنية في البلاد، إلا أن دخول شركات التطوير العقاري ساعد على تقليل النسبة، خاصة مع تغير الثقافة لدى المستهلك السعودي إلى التوجه للمنازل الجاهزة بشكل أكبر، من عمليات البناء التي باتت تستغرق وقتاً طويلاً.

وجاء التحول في ثقافة الفرد إلى شراء منازل جاهزة، بعد الدراسات التي عمدت إليها شركات التطوير العقاري، في تصميم المساكن الجاهزة، بالإضافة إلى سرعة التسليم، بخلاف ما كان يحدث في السوق من بناء الفرد لمسكنه، وهو الشخص الذي قد لا يُلِمّ بالمعرفة التامة لعملية البناء، الأمر الذي قد يتسبب في أعطال متعددة بعد انتهاء المقاول من بناء المنزل.

وفي هذا الشأن أكد عبد الله الدامغ عضو اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودية في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن السعودية بحاجة إلى مزيد من الشركات العقارية، وذلك من أجل مواجهة الطلب على الوحدات السكنية، الذي سيزداد خلال السنوات العشر المقبلة، معتبراً أن الشركات التي تعمل في قطاع العقار في السعودية في الوقت الحالي، غير قادرة على مواجهة الزيادة في الطلب على الوحدات السكنية التي تحتاجها السوق السعودية.

وأضاف الدامغ أن الشركات العقارية الحالية يمكنها أن توفر 15 في المائة من حجم الطلب على المساكن، معتبراً إمكانية دخول شركات جديدة إلى السوق أمراً ضرورياً. وقال «إن تأخر الإجراءات الحكومية التي تعوق الكثير من المشاريع العقارية، تحتاج بشكل كبير إلى أن يتم الانتهاء منها في الوقت المحدد، وذلك لضمان سير المشاريع العقارية وفق الخطط الموضوعة».

وذكر الدامغ أن متوسط أسعار الوحدات السكنية للشقق التمليك، تتراوح أسعارها بين 350 ألف ريال (93.33 ألف دولار) و 450 ألف ريال (120 ألف دولار)، في حين تتجاوز الأسعار في منتج الفلل السكنية ما يقارب 800 ألف ريال (213.33 ألف دولار).

وأوضح، أن الشقق التمليك السكنية ستكون التوجه العام في السوق العقارية السعودية للمنتجات العقارية، وذلك لتراجع عدد أفراد الأسر السعودية، حيث يتراوح عدد أفراد الأسرة ما بين 5 إلى 6 أفراد، وتمثل هذه الشريحة من الأسر 45 في المائة من الأسر التي تحتاج إلى مساكن تمليك.

من جانب آخر قال الدكتور بسام بودي عضو اللجنة التجارية والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة جنان العقارية، إن السعودية بحاجة إلى أكثر من 160 ألف وحدة سكنية سنوياً حتى عام 2021، مشيراً إلى أن الشركات العقارية تسعى إلى التوسع في مشاريعها، لتوفير العدد الأكبر من هذه الوحدات، خاصةً بعد تراجع أسعار المواد الأساسية في الفترة الأخيرة.

واعتبر بودي تراجع أسعار المواد الأساسية مؤشراً على انتعاش سوق العقار، والإقبال على تملك المساكن، بسبب تراجع أسعارها، متوقعاً حدوث ذلك خلال العامين المقبلين.

وأكد بودي أن شركات التطوير العقاري، التي تهتم بتطوير المساكن لا تتعدى 10 في المائة من إجمالي شركات التطوير العقاري في السعودية، مبيناً أن السوق بحاجة إلى المزيد من شركات تطوير عقاري جديدة في قطاعات المساكن.

وتشهد السوق العقارية في السعودية هدوءاً نسبياً، وذلك بعد تركيز الكثير من الشركات المطورة على الانتهاء من مشاريعها المعلنة، والتوقف عن التوسع وشراء الأراضي التي كانت تنظر إليها الشركات كفرصة عقارية، في الوقت الذي أصابت فيه الأزمة المالية العالمية عدداً من المشاريع العقارية بالتوقف التام، وبالتحديد في منتج المجمعات السكنية، حيث أُعلن مؤخراً عن توقف أحد أهم تلك المشاريع في جدة، بعد انسحاب الكثير من المستأجرين في المجمع.

وقالت مصادر إن عدداً من الشركات ستعلن عن مشاريع عقارية جديدة في قطاعات المساكن والصناعة والسياحة، مما يساعد على دفع عجلة التنمية الاقتصادية نحو المزيد من الحركة، في ظل الضخ الحكومي الرسمي لإنشاء عدد من المشاريع الحكومية التابعة لعدد من الجهات المختلفة.

في الوقت نفسه تعتبر سوق الإنشاءات السعودية مغرية لخدمة السوق العقارية، في ظل انخفاض أسعار مواد البناء، والتوقعات بانخفاض سعر اليد العاملة، مع انخفاض مستوى التضخم في البلاد، مما يعطي فرصة جيدة لبناء مساكن بأسعار اقتصادية.

ومن جهته أوضح محمد العلي، مستشار عقاري وعضو جمعية الاقتصاد السعودي، لـ«الشرق الأوسط»، أن السوق السعودية مهيأة في المرحلة المقبلة، لانتعاشة كبيرة، مع توافر المحفزات الاقتصادية وتوفر البيئة الملائمة واعتماد السوق على السيولة الذاتية لكثير من العاملين بها بنسبة كبيرة، خلاف مقدرات العقار العالمية، التي تعتمد غالبا على التمويل الخارجي، مثل البنوك وشركات التمويل، مضيفا أنه ينبغي الحذر من تنامي حجم الفجوة بين العرض والطلب، والأخذ بعين الاعتبار في معدل القوة الشرائية لشرائح المشترين كافة (شركات، مؤسسات حكومية، أفراد)، والطلب للمنتجات العقارية في السوق.

وقال العلي إن الصناعة العقارية المتنامية ستواجه تحديا كبيرا، إذا فاق حجم الطلب ما يعرض من وحدات وأراض سكنية معدة لاستخدام ذوي الدخل المحدود، على وجه الخصوص، وبدأت المشكلة العام الماضي، من خلال ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بيعا وإيجارا، بنسبة فاقت 30 في المائة، بسبب زيادة مواد البناء، ويعود السبب الرئيسي لارتفاع سعر البترول والنمو السكاني الكبير الذي تشهده السعودية، مع ما يرافق ذلك من الصعوبات المواجهة، إلى تمويل إنشاء الوحدات السكنية لاستيفاء الطلب السنوي على الوحدات السكنية في المدن الرئيسية.

وأضاف أن الوحدات السكنية تستحوذ على 75 في المائة من إجمالي النشاط العقاري بالبلاد، مع الحاجة إلى استثمار ما يزيد على 75 مليار ريال (20 مليار دولار) حتى عام 2020، ووفقا لتقارير رسمية صادرة من مؤسسات حكومية ومصارف بنكية، فإن سوق العقارات لا يقتصر مفهومها على المباني السكنية فحسب، ولكن أي منشأ سواء خرساني أو حديدي أو مبان أو حجر أو خشب أو غيره، فإنه يعتبر عقارا.

وأشار محمد العلي إلى أن القطاع العقاري حقق نموّا في رأس المال الثابت، من 2000 حتى 2005، يقارب 40 في المائة، وفي الناتج الإجمالي المحلي 41,7 مليار ريال، أي (11,12 مليار دولار)، ويتم تداول ما يقارب 200 مليار ريال (53 مليار دولار) سنويا في السوق العقارية بالبلاد، و يقدر حجم الأصول العقارية في السعودية ما بين 1,2 تريليون ريال (320 مليار دولار) و1,5 تريليون ريال (400 مليار دولار)، وأسهمت سوق العقار السعودية بنحو 55 مليار ريال (15 مليار دولار) من الناتج المحلي الإجمالي، وبنحو 9,5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي.

وتوقع الخبير العقاري أن ينمو النشاط العقاري في السوق السعودية بنهاية خطة التنمية الثامنة عام 2009، بمعدل سنوي 5,8 في المائة، كما ينتظر أن يسهم في إيجاد فرص العمل، إذ تمثل العمالة في هذا القطاع 15 في المائة من إجمالي العمالة في السعودية، ويرجع تزايد نشاط القطاع العقاري في منطقة الشرق الأوسط أو الخليج، إلى الإسراع بتوفير المناخ اللازم لنمو هذا القطاع، والتغلب على التحديات التي تصادفها، خصوصا أن فرص نمو هذا القطاع كبيرة وواعدة.

وفي شأن متصل تشهد مدينة الطائف ركودا عقاريا من خلال المعروض العقاري الحالي، الذي يعتبر أكثر من طاقة ذوي الدخل المحدود.

وأوضح أحمد العبيكان، رئيس مجموعة العبيكان العقارية، وجود مشكلة حقيقية عالمية، أدت إلى عملية الركود العقارية في الطائف، موضحا أن الرؤية للمستقبل العقاري بها ما زالت غامضة في العام الجديد 2009، ولا يعلم أحد عن إمكانية ارتفاعه من انخفاضه، على الرغم من تأكيدات الخبراء على الانخفاض، حيث تستوجب المرحلة الآنية مراجعة العقارات الحسابية.

وأضاف أحمد العبيكان أن مشاريع النقل التي تشهدها السعودية بشكل عام، والطائف بشكل خاص، على منافذ متعددة، ستؤدي إلى حركة عقارية مشجعة، على الرغم من تأثر معظم البنوك، وأن معظم المشاريع تضرر، والبعض الآخر منها توقف، مبينا أن التوقع في الاستثمار العقاري في المرحلة المقبلة يكتنفه الغموض، وتسوده الضبابية.

وعاب رئيس مجموعة العبيكان العقارية، الأنظمة الجديدة التي أقرت بشأن تهيئة البنى التحتية في المخططات الجديدة، حيث تمثل برأيه مشكلة وعقبة تواجه المستثمر العقاري، حيث تستدعي تلك الأنظمة مزيدا من الوقت وزيادة في ضخ المال، موضحا أن الوقفة التأملية التي تجتاح العقار هي انعكاس لما يحدث عالميا من تداعيات للأزمة العالمية. ويضيف: «الطائف بيئة خصبة للاستثمارات العقارية، ومقبلة على طفرة عقارية كبيرة، ستخدم السائح متى ما كانت الإجراءات ميسرة وسهلة، وكلنا يعرف كم مستثمرا أتى إلى الطائف ورحل عنها بسبب البيروقراطية والعقبات التي تواجهه».