السعودية: انتعاش في المشروعات العقارية الكبرى وركود في المنتجات الصغيرة

خبراء: العقار ما زال اهم القنوات الاستثمارية.. وحالة الترقب تسيطر على المفردة

يعتبر الربع الأول من السنة وقت قياس وترقب في سوق العقارات في السعودية، وعليه سيتم تحديد تأثر السوق بالانخفاض أو الارتفاع (تصوير: خالد الخميس)
TT

يمر السوق العقاري السعودي بتداولات مختلفة بين الحركة والركود، تمثل قطاعين متوازيين من المنتجات العقارية، التي يحتويها العقار السعودي، حيث تشهد المنتجات العقارية الكبيرة، كالمدن السكنية والأبراج والمشروعات الضخمة في البلاد، انتعاشا كبيرا. وهذه تعتبر فرصة في الوقت الحالي للإعلان عن تلك المشروعات، التي سيظهر أثرها خلال الفترة المقبلة، خاصة أن أسعار مواد البناء، والاحتياجات لبناء تلك المشروعات تواصل الانخفاض خلال الفترة الحالية.

وفي الجانب الآخر، تشهد المنتجات العقارية الصغيرة، كالأراضي المفردة والفيلل والشقق السكنية، ركودا بالغا، نتيجة لارتفاع أسعارها في ظل انخفاض التضخم، الذي كان العائق الأكبر في حركة سوق العقارات الصغيرة، ومنها سوق الإيجارات.

ويشير عقاريون إلى أن السوق العقاري، في الوقت الحالي، بات مغريا في المشروعات الضخمة، خاصة مع انخفاض سعر المتر المربع للبناء، مع انخفاض أسعار مواد البناء المختلفة، مشيرين إلى أن أسعار الأيدي العاملة ماضية في الانخفاض، بعد زوال مسببات الارتفاع، والتي تتمثل في ارتفاع الإيجارات، وأسعار مواد الغذاء الأساسية، الأمر الذي يساعد العاملين في شركات المقاولات للموافقة على بناء أي مشروعات بأسعار معقولة، عما كانت عليه العامين الماضيين.

ولفت العقاريون، إلى أن سوق العقارات المفردة علق حتى إشعار آخر، وذلك بعد عودة الأسعار إلى واقعها، بعد أن شهدت تضخما بالغا، وارتفاعا غير مبرر، بالإضافة إلى، أن ملاك تلك العقارات يسعون إلى تعويض رأس مالهم، من خلال رفع الأسعار، سواء في البيع أو الإيجار، بعدما تسبب ارتفاع أسعار مواد البناء، والأيدي العاملة، خلال العامين الماضيين، في التكلفة العالية في بناء تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ويشير فهد السبيعي، مستثمر عقاري إلى أن «العامل النفسي يحتل جانبا كبيرا من السوق، وأنه أشبه بالضغط النفسي على المستثمرين في العقارات الصغيرة، حتى يقبلوا بالأمر الواقع، ويضطرون إلى تخفيض الأسعار، لتواكب الانخفاضات التي تشهدها الأسواق العالمية، والقطاعات الأخرى كقطاعات مواد البناء». وأضاف السبيعي أن «سوق المنتجات الصغيرة يمر بمرحلة ركود متوسطة الأجل، والتي يعتبرها الكثير مرحلة تصحيح، والتي قد تستمر حتى الربع الأول من العام الجاري، في ظل طرح المزيد من تلك المشروعات، من مباني سكنية وفيلل، خلال الفترة الحالية»، مشيرا إلى أن «انخفاض وهج شركات التمويل، ساعد على ذلك التوقف، في ظل ما تقدمه البنوك من تمويلات ذات شروط لا تتوافق مع الكثير من المستهلكين». وبين المستثمر العقاري أن «سوق السعودية بحاجة إلى مزيد من الوحدات السكنية، كما هو معلن، إلا أن السوق بحاجة إلى وحدات تتلاءم مع المداخيل الفردية، وهي ليست بحاجة إلى المنتجات ذات الأسعار المرتفعة، وبالتالي لأن المطورين العقاريين بحاجة إلى دراسة السوق مرة أخرى، لطرح مشروعات تتواكب مع الطلب الموجود، لتحقيق الفائدة المعنوية والمادية من بناء تلك المشروعات».

وأكد أن «الفترة المقبلة، ستشهد انخفاضا لعدد من المنتجات العقارية، كأسعار المساكن القديمة، التي ارتفعت خلال العامين الماضيين، دون أي سبب يعكس أسعارها الواقعية، الأمر الذي انعكس هو الآخر على أسعار الإيجارات، التي ارتفعت بشكل مبالغ فيه خلال الفترة الماضية، حتى على المباني والشقق السكنية القديمة» وبين السبيعي أن «المشروعات الضخمة ما تزال مستمرة، وأن الاستثمار العقاري ما يزال يواصل صفقاته، حيث يعتبر أحد أهم القنوات الاستثمارية في السعودية»، مستدلا على ذلك ما يوضحه مؤشر وزارة العدل في الإعلان عن صفقات أسبوعية، تمثل واقع السوق العقاري خلال الفترة الحالية.

ووصف المستثمر العقاري سوق الاستثمار العقاري بالمستمرة، لكونها إحدى أهم قنوات الاستثمار في السعودية، ويعتبر بيع وشراء العقارات من أقدم المهن في المملكة، نظير ما يحقق من عوائد مالية، موضحا أن «العقار يعتبر الأمان في الاستثمار، والحفاظ على رأس المال، وهو ما يحدث حاليا من خلال صناديق الاستثمار العقاري، التي أطلقتها البنوك في الوقت الحالي».

من جهته بين محمد الغامدي، وسيط في مكتب ملاك الأرض العقاري، أن «الركود العقاري في المنتجات العقارية المفردة والصغيرة، يرجع إلى حالة الترقب، التي يعيشها السوق خلال الفترة الحالية»، مشيرا إلى أن «الكثير من المستهلكين ينتظر عودة الأسعار وانخفاضها»، مستندا على ما حدث من انخفاضات على أسعار المواد الأخرى، والتي بدأت تتراجع بشكل لافت، كالمواد الغذائية.

وأكد الغامدي أن «المنتج العقاري لا يقارن بالمنتجات الأخرى، وذلك لكون الدورة الاقتصادية للمنتج تعتبر طويلة، فدورة البيع بحاجة إلى عام أو عامين حتى تتغير الأسعار، والإيجارات بحاجة إلى فترة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى عامين حتى ترتفع أو تنخفض الأسعار»، مشيرا إلى أن «أسعار سوق الإيجارات شهدت ارتفاعا مع منتصف عام 2007، على الرغم من أن أسعار مواد البناء ارتفعت في منتصف 2006». وحدد الوسيط العقاري منتصف 2009 لتحديد الأسعار في سوق البيع أو الإيجارات في القطاع العقاري، مؤكدا أن «العرض يزداد خلال الفترة الحالية، ويقل الطلب في ظل انتظار ما يحدث للأسعار في السوق العقاري».

وأكد أن «الصفقات الكبيرة ما تزال رؤوس الأموال تتحرك فيها، خاصة أن عددا من المستثمرين لا يظهر إلا في وقت الأزمات لاقتناص الفرص العقارية، وهو ما حدث في وقت الركود العقاري في السعودية، في عام 1990، وذلك بعد ما شهد سوق العقارات ركودا كبيرا.