عقارات «فقرا» اللبنانية.. تلتهب أسعارها

على إيقاع الثلوج ومشروع «سوليدير» الجديدة

قصر رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق رفيق الحريري في اعالي «فقرا» («الشرق الأوسط»)
TT

تمثل الثلوج التي تكلل قمم لبنان على مدار خمسة أشهر تقريبا احتياطيا ذهبيا لا يقل أهمية عن الاحتياطي الذهبي الذي يملكه مصرف لبنان المركزي، لا بل يفوقه أهمية لأنه لا يخضع لتقلبات سوق الذهب العالمية، وإن كان يخضع لتقلبات الموسم السياحي.

ويذهب البعض إلى وصف هذه الثلوج ببترول لبنان الذي لا ينضب ولا يستوجب أي كلفة لأنه نعمة من الخالق يحاول اللبنانيون استغلالها تدعيما للحركة السياحية ومصدرا للدخل القومي.

وفي ظل هذا «الذهب الأبيض» الذي يتميز به لبنان عن سواه من دول المنطقة، بدأ العقار في هذه المناطق يشهد طفرات لا سابق لها، حتى أن وزير المال اللبناني الأسبق دميانوس قطار أعلن في مقابلة تلفزيونية أنه إذا راجعنا السوق العقارية في لبنان خلال ربع القرن الماضي لوجدنا أن أسعار الأراضي من شاطئ البحر حتى علو 200 متر، ومن علو 1500 متر وما فوق لم تتراجع قط، بل كانت عرضة للارتفاعات بين الفترة والأخرى، تبعا للطلب عليها. وتشهد أسعار الأراضي في هذه القمم، حيث توجد مراكز التزلج بالطبع، ارتفاعات غير مسبوقة، ولا سيما منها منطقة «فقرا» التي باتت تتصل بجارتها «عيون السيمان» في مصيف فاريا والقريبة من جبل صنين، أحد الرموز اللبنانية، ومركز التزلج الأهم في لبنان.

وإذا كانت مراكز التزلج في منطقة الأرز (علو 2000 متر) و«اللقلوق» (في أعالي منطقة جبيل) تعتمد على السياحة الداخلية وعلى ممارسة هواية التزلج إلى حد بعيد لبعدهما نوعا ما عن العاصمة اللبنانية، ولم تشهد مراكز المتن في «قناة باكيش» (عند اقدام جبل صنين) و«الزعرور» (خاصة النائب ميشال المر) توسعا كبيرا، لا على مستوى الأراضي، ولا على مستوى التجهيزات، تركزت الحركة العقارية على مركز «فقرا» المرشح للتلاحم مع مركز «عيون السيمان» (وكلاهما في أعالي منطقة كسروان على علو يراوح بين 1600 و1900 متر عن سطح البحر). وقد باتت الحياة الاجتماعية في فقرا موضع تندر اللبنانيين في مجالسهم ومسرحياتهم، بحيث يقال «فقراء فقرا» بدلا من أثرياء فقرا.

وإذا كان ريمون عودة رئيس مجلس إدارة مجموعة عودة المصرفية هو أول من أطلق الحركة السياحية والعقارية في منطقة «فقرا» عبر إنشائه «نادي فقرا» المصنفة عقاراته سياحية وبعامل استثمار 25/50. وفي داخل مساحة النادي يناهز سعر المتر المربع من العقارات غير المبنية ألف دولار، وفي مشروع «التلال» المجاور للنادي 500 دولار. أما المتر المربع المبني في الشاليهات أو الفلل فيتراوح بين 2200 و4000 دولار. وقد سجل الصيف الماضي بيع كل القطع المطروحة للبيع، 90% منها للبنانيين، والباقي للرعايا الخليجيين، ويقول أحد الخبراء العقاريين في المنطقة «إن من اشترى عقارا في فقرا أول الموسم تضاعف سعره الآن في ضوء الطلب المتزايد، خصوصا بعد إطلاق مشروع عقاري جديد في المنطقة تنفذه شركة «أحلام» اللبنانية - الخليجية. ويقوم المشروع على مساحة تناهز مليون متر مربع وتعمد الشركة على إفرازه وتطويره تمهيدا لطرحه أمام الراغبين من مستثمرين وطلاب سكن».

ومع إنجاز هذا المشروع سينشأ «مثلث ذهبي» بينه وبين «نادي فقرا» ومركز «عيون السيمان» من شأنه أن يستقطب أكبر عدد من السياح وطالبي الترفيه والاستجمام من لبنانيين وغير لبنانيين، علما بأن كل الفنادق والشاليهات في فقرا تحجز كلها في فصل الشتاء وحتى فصل الصيف ولا سيما في أيام الأعياد وإجازات الأسبوع، بصرف النظر عن القصور التي يملكها كبار الشخصيات اللبنانية والخليجية، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري والوزير السابق فارس بويز، ورئيس حزب «الحوار» اللبناني فؤاد مخزومي، وطوني سلامة، صاحب مخازن «ايشتي» للملبوسات الشهيرة، الذي يقدم على إنشاء فرع لمؤسسته في نادي فقرا على أمل أن يلاحق زبائنه من النخبة التي تتردد على المنطقة في كل فصول السنة، بالإضافة إلى مطعم.

ومع الإقبال المتزايد على «فقرا» تعددت الفنادق وتنوعت فئاتها. فمن الفئة العالمية التي يمثلها فندق «ريليه دو شاتو» داخل نادي فقرا، إلى الفئة الرابعة التي يمثلها فندق «مزار دو فيل»، وفندق «بير برون»، ومجموعة من الفنادق الصغيرة ذات النجمتين والثلاث نجوم.

وفي غياب أي قرية جبلية لما بعد التزلج سواء في الأرز أو فاريا أو فقرا، وتناول فنجان قهوة في مكان واحد، لجأت شركة «BREI» العقارية إلى إطلاق مشروع أخيرا في «فقرا» أطلقت عليه اسم «Edelwise»، وهو يقع ضمن مشروع نادي فقرا، وخلف الفندق مباشرة وفي محاذاة مدارج التزلج، ويقوم على مساحة 25 ألف متر مربع. ويشكل المشروع، كما يقول رئيس الشركة كريم باسيل، سوليدير أخرى أو وسطا تجاريا شبيها بالوسط التجاري في بيروت. ويتكون المشروع من 200 وحدة صغيرة وشاليه لها مساحات تراوح بين 50 و130 مترا مربعا، مع محال تجارية للثياب، ومقاه ومطاعم، ومحال لبيع القطع الأثرية. وسيتم تأجير 1200 متر مربع من المكاتب والشرفات (تيراسات) لأغراض تجارية، والباقي مطروح للبيع.

ويضيف باسيل: أن «المشروع- القرية سيكون مخصصا للمشاة فقط، ولا يسمح للسيارات في استخدام طرقه باستثناء سيارات الخدمة والنجدة، كما يحصل في مركز «ميجيف» في سويسرا. ونحن بدأنا بطرح المشروع للتمويل منذ أغسطس (آب) الماضي، وقد حصلنا على تجاوب مشجع حتى أن مستثمرا واحدا عرض الاكتتاب بكامل أسهم المشروع، لكننا فضلنا عدة شركاء لكل منهم ما بين 500 ألف و1.5 مليون دولار، وسنبدأ البيع مع مطلع العام الجديد لكن تسليم الشاليهات الأولى لن يتم قبل العام 2012».