السعودية: شركات خليجية تبحث استثمار 400 مليون دولار في سوق العقارات

خبراء: الحضور الإقليمي يدعم القطاع.. ويغطي جزءًا من الطلبات المستقبلية

تعتبر السوق السعودية العقارية فرصة للشركات العالمية التي بدأت تتوافد على البلاد لإقامة مشاريع مختلفة، في ظل ازدياد الطلب على العقارات بمختلف أشكالها (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشفت مصادر عقارية عن وجود شركات كويتية تعتزم استثمار أكثر من 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار)، وذلك في العقارات السعودية، التي تتركز في مناطق شرق ووسط وغرب البلاد، في ظل صمود العقار السعودي في وجه الأزمة المالية.

وذكرت المصادر أن الشركات عملت على عقد تحالفات مع شركاء سعوديين لتأسيس تلك الشركات، والبحث عن فرص عقارية لبناء مشاريع إسكانية، والتي تحتاجها السعودية بشكل كبير، في ظل نقص سنوي يقدر بنحو 200 ألف وحدة سكنية.

وأضافت المصادر أن تلك الشركات تعمل على بناء مدن سكنية خلال الفترة الواقعة ما بين 2010 وحتى 2014، وذلك نتيجة أن المنزل السكني أكثر المنتجات العقارية طلباً خلال الفترة الماضية.

وقال عقاريون إن التوجه الكويتي هو امتداد للتوجهات العالمية للدخول في تحالفات سعودية في التطوير العقاري وبناء مشاريع سكنية، حيث سبق أن دخلت الشركات الإماراتية في تطوير مشاريع عقارية في مختلف المدن بالشراكة مع شركة تطوير محلية، مشيرين إلى أن شركات من سنغافورة وماليزيا ومصر بدأت في تطوير مشاريع عقارية في البلاد.

وحصدت مدن الرياض وجدة والدمام النسبة الأكبر من الاستثمارات من قبل الشركات الأجنبية كاستثمارات مباشرة، في الوقت الذي شهدت فيه مدن الملك عبد الله الاقتصادية، ومدينة عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، بالإضافة إلى مدينتي المعرفة وجازان وبين عبد العزيز الدعليج الرئيس التنفيذي للشركة الأولى أن السوق العقارية السعودية توفر فرصاً مغرية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن القطاع العقاري والسكني بالتحديد بحاجة إلى جهود ضخمة لتلبية الطلبات المرتفعة للوحدات السكنية، مع الارتفاعات المتتالية في كميات الطلب، في ظل ارتفاع معدل عدد الأسر المتوالي.

وأضاف أن الفترة المقبلة تستوعب هذه الاستثمارات الضخمة، في ظل سوق يصل حجم الاستثمارات فيها إلى 1.6 تريليون ريال (427 مليار دولار)، مشيراً إلى أن التوجه لسوق مثل سوق السعودية العقارية، جاء نتيجة البنية التحتية القوية في الاقتصاد المحلي، مع التطمينات التي أعلنت عنها الحكومة خلال الفترة الماضية.

وأكد الدعليج أن حضور شركات التطوير العقاري العالمية للسوق السعودية أمر طبيعي ووارد في ظل الفرص التي يتمتع بها السوق من خلال التنمية العقارية الشاملة في تكامل الجوانب التجارية والاقتصادية المختلفة، مضيفاً أن الدعم الحكومي للمشاريع التنموية ساعد كثيراً على ثقة المستثمرين العالميين.

وأضاف أن المملكة مقبلة على تطورات اقتصادية تساعد القطاعات المختلفة على النهوض، كإنشاء المدن الاقتصادية، والاستثمارات الضخمة في قطاع الطرق والمطارات والسكك الحديدية، بالإضافة إلى الإعلان عن إنشاء مركز الملك عبد الله المالي، مما يعطي بعداً أعمق للنظرة الاقتصادية للسعودية، الأمر الذي يعزز حضور القطاع العقاري كأحد أهم القطاعات الداعمة للبنى التحتية في الاقتصاد والتجارة السعودية.

ولفت الرئيس التنفيذي للشركة الأولى أن الطفرة التي تعيشها المملكة ستعمل على إيجاد فرص عقارية مختلفة في القطاعات الصناعية والسكنية والتجارية، خاصة أن الحكومة عملت على توزيع التنمية على مناطق البلاد المختلفة من خلال إنشاء المدن الاقتصادية، والجامعات الموزعة على مناطق المملكة، مما يفتح مجالات وفرصاً استثمارية متعددة في السوق العقارية في المناطق الجديدة.

وأضاف الدعليج أن السوق العقارية في السعودية ثابتة في وجه الأزمات المالية العالمية، مما دفع إلى التوجه للاستثمار في عدد من الفرص المتاحة، وهو ما يؤكده استمرار تواجد الاستثمارات العقارية على الساحة الاستثمارية والاقتصادية خلال الفترة الماضية. من جانبه أكد محمد الدوسري الخبير العقاري في المنطقة الشرقية أن تطور صناعة العقار في السعودية واعتمادها كمشاريع تنموية وزيادة مخصصات صندوق التنمية العقاري، إضافة إلى دخول القطاع الخاص بشكل كبير في الاستثمار العقاري، كلها مؤشرات لدعم توجه رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للسعودية، مشيراً إلى أن الشركات الإقليمية كانت السباقة للدخول للسوق السعودية، في ظل التكامل الاقتصادي الخليجي.

وبين الدوسري أن العملية تكاملية بين دول مجلس التعاون في الاستثمارات العقارية، حيث إن الاستثمارات السعودية موجودة في أغلب دول الخليج، في الوقت نفسه توجهت استثمارات خليجية كبرى للاستفادة من الفرص المتاحة في السوق السعودية، مما يدفع إلى إيجاد بيئة عمل ضخمة في القطاع العقاري وسوقاً مشتركة بين دول الخليج العربي.

وأكد الخبير العقاري أن منطقة الخليج بشكل خاص، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، بدأت تأخذ ميزة صناعة التطوير العقاري، وذلك نتيجة التوجه لشركات التطوير العقاري لصناعة المدن والأحياء والمجمعات بمختلف أشكالها، بالإضافة إلى قدرتها على التنمية السياحية من خلال العقارات كالمنتجعات الموزعة في مختلف مدن المنطقة، مشيراً إلى أن المنطقة باتت تحتضن أطول برج في العالم الذي يتم بناؤه في مدينة دبي الإماراتية، بالإضافة إلى دخول أبراج منافسة في السعودية والكويت وحتى الإمارات نفسها، الأمر الذي يعكس أعلى مستويات صناعة التطوير العقاري.

وأضاف أن المنطقة الشرقية أصبحت ملاذاً مهماً للاستثمارات الخليجية، حيث أعلن عدد من الشركات تطوير مدن سكنية فيها، بالإضافة إلى وجود فرص حقيقية في ظل معدل نمو سكاني نتيجة توفر فرص العمل، والتي تتمركز فيها شركات البترول والشركات التابعة لها، وقرب المدينة الصناعية في الجبيل، والتي تعتبر إحدى أكبر المناطق ذات الكثافة البشرية، ومعدل طلب مرتفع، بالإضافة إلى الهجرة العالية للمنطقة من قبل مناطق البلاد. في حين شهدت العاصمة الرياض استثمارات عربية من خلال تواجد شركة «ثبات» التي تمخضت بتحالف بين الأولى للتطوير ومجموعة بن لادن، بالشراكة مع مجموعة هشام طلعت مصطفى لتطوير حي سكني على غرار مدينة الرحاب المصرية، والتي بدأت الشركة بالترويج لها، في الوقت الذي تعمل شركة لميتلس الإماراتية من خلال ذراعها في السعودية على بناء مدينة سكنية على مساحة تصل إلى 14 مليون متر مربع. إلى ذلك تسعى إعمار الشرق الأوسط، وهي إحدى الأذرع التطويرية لشركة إعمار، لبناء مجمعات وأبراج سكنية في مشروع باب جدة الذي تصل استثماراته نحو 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، بالإضافة إلى سعي شركة داماك ودبي القابضة لإنشاء مشاريع أبراج على كورنيش المنطقة من خلال الاستثمار في أبراج سكنية وتجارية على الساحل الغربي للمملكة.

وتنوعت الاستثمارات العقارية الأجنبية في السعودية، وحصلت الأبراج على نصيب جيد بعد المدن الاقتصادية من الاستثمارات العقارية في البلاد، ومن ثم الأحياء السكنية، في الوقت نفسه تسعى شركات تمويل عقاري إلى الاستفادة من قلة وجود شركات التمويل العقاري، حيث أعلنت شركتا «تمويل» و«أملاك» الإماراتيتان في وقت سابق عن الدخول للسوق السعودية بمشاركة مستثمرين محليين، ودشنت شركة أملاك عمليات تحت مسمى أملاك العالمية في السوق السعودية، في حين تنتظر «تمويل» الانتهاء من جميع إجراءاتها خلال الفترة المقبلة.

وكان عقاريون أميركيون ذكروا خلال الأسبوع الماضي أن الشركات العقارية الأميركية تبدي اهتمامها في الفرص الاستثمارية العقارية في السعودية، مرجعين الأمر إلى ثبات أوضاع السوق السعودية التي بقيت في منأى عن التأثيرات الحادة والسلبية للأزمة المالية العالمية على حد تعبيرهم. وذكر إدوارد برتون الرئيس والمدير التنفيذي لمجلس الأعمال السعودي الأميركي، أن كثيراً من الشركات العقارية في بلاده ترى أن السوق السعودية هي الأفضل على المستوى العالمي حالياً، مضيفاً «لأن سياسة الحكومة السعودية حافظت على أوضاع اقتصادها، وجعلت تأثير الأزمة المالية العالمية التي تقصم ظهر العالم، خاصة العاملين في المجال العقاري، الأقل على مستوى المنطقة ودول العالم». وأرجع رجل الأعمال الأميركي السبب في حفاظ السعودية على متانة اقتصادها لأنها «تسير بخطي ثابتة وواثقة، ويعتبر اقتصادها الأكثر متانة في المنطقة، وذلك نتيجة اتباعها سياسة الخطوة بخطوة، التي تقوم على النمو المدروس الهادف الذي يحقق نتائج كبيرة في المستقبل». ولم يخف برتون إعجابه الشديد بالتجربة الاقتصادية السعودية التي لم تتأثر بالأزمة العالمية، بل واستفادت منها وظهرت أكثر قوة ومتانة نتيجة السياسة الحكيمة والهادئة للحكومة السعودية حسب قوله، مضيفاً «التي تجعلها مرشحة لتحقيق المزيد من التقدم، خاصة في السوق العقارية». وبيّن المدير التنفيذي لمجلس الأعمال السعودي الأميركي أن المستقبل سيشهد العديد من التطورات في هذا المجال إضافة إلى عقد بعض الاتفاقيات التي ستدعم الشراكات الاستثمارية في مجال العقار بين البلدين.