إيجارات الشقق جنوب الأردن ارتفعت متأثرة بتكلفة البناء

المشاريع الاستثمارية العملاقة رفعت أسعار الشقق وأصبح امتلاكها من الصعب تحقيقه

حلم امتلاك شقة سكنية أو وحدة عقارية، يبعد يوما بعد يوم عن سكان العقبة (رويترز)
TT

توقع خبراء عقارات أن «تشهد أسعار الأراضي والعقارات في مدينة العقبة جنوب الأردن ارتفاعا كبيرا آخر عند اكتمال تنفيذ مدن استثمارية سياحية خدمية» وبخاصة بعد إعلان إنشاء مرسى زايد الذي أعلن عنه مؤخرا.

وأصبح حلم امتلاك شقة سكنية، أو وحدة عقارية، يبعد يوما بعد يوم عن سكان العقبة الذين يواجهون غلاء كبيرا وسريعا في أسعار الأراضي والعقارات وبقية مواد البناء، وهو ما انعكس سلبا على النشاط العمراني في المدينة.

ويقول المهندس أحمد الخماش صاحب شركة إسكان إن «أسعار الأراضي والشقق السكنية مرشحة للارتفاع بنسبة 35 في المائة بعد الانتهاء من المشاريع الاستثمارية السياحية الجديدة».

ويضيف أن «أسعار الأراضي في العقبة شهدت ارتفاعا كبيرا بعدما بدأ العمل بمشروع سرايا العقبة أكبر من الارتفاعات التي شهدتها عند إطلاق المنطقة الاقتصادية الخاصة في العقبة عام 2001».

وأوضح أن «سعر نصف الدونم في المنطقة السكنية الثالثة كان يباع قبل إعلان المنطقة الخاصة بنحو 24 ألف دولار ارتفع إلى 70 ألفا بعد إعلان المنطقة الخاصة ليصل إلى نحو 141 ألف دولار وأكثر بعد الإعلان عن مشروع سرايا العقبة.

وبالنسبة للشقق السكنية فقد كانت أسعارها في المنطقة الخامسة وهي أرقى منطقة سكنية في المنطقة تصل إلى 70 ألف دولار للشقة ذات المساحة 150 مترا مربعا إلا أنها وصلت حاليا إلى 210 آلاف دولار.

وتشهد أسعار الأراضي والشقق السكنية ارتفاعات متلاحقة في العقبة منذ أكثر من عامين، وهو ما دفع مختصين إلى التحذير من تناقص المشاريع العمرانية وعزوف المستثمرين، وتهاوي القدرات الشرائية لدى المواطنين وتزايد أعداد غير القادرين على تملك الوحدات السكنية.

واعتبر صاحب شركة إسكان محمد الكباريتي أن «عملية التباطؤ هذه تعود إلى إحجام شركات الإسكان عن البيع إلا بالأسعار السابقة المرتفعة، التي نتجت عن ارتفاع المواد الأساسية الداخلة في الإنتاج».

وأضاف أن «محدودية السيولة النقدية لدى المواطنين، إثر توجههم للاتجار والإيداع فيما يعرف بشركات البورصة العالمية، كان له الأثر السلبي الكبير على حركة البيع والشراء في سوق العقار، وعمل على شل حركة التداول في قطع الأراضي المتوفرة بالعقبة».

وعلى النقيض تماماً توقع المستثمر في قطاع الإسكان محمد عبد العزيز تراجع أسعار الشقق والعقارات قريبا جراء الانخفاض العالمي الذي طرأ على أسعار الحديد، والذي بلغ حاليا أكثر من النصف، مشيرا إلى أن «توالي هذه الانخفاضات سيؤثر إيجابا على حركة بيع وشراء الشقق، التي ارتفعت في فترات سابقة إلى مستويات قياسية».

ودعا إلى «إعادة النظر بالنسبة للطوابق المسموح بها في العقبة التي لا تتجاوز ثلاثة طوابق في أحسن الظروف» معتبرا أن «هذه النسبة من شأنها استنزاف الأراضي المتاحة للبناء وتدفع إلى التوسع الأفقي، لتلبية احتياجات المواطنين من الشقق».

أما المواطن إبراهيم عبد الفتاح فلا يبدي تفاؤلا كبيرا بإمكانية انخفاض أسعار الشقق والعقارات لكي تكون بمتناول الطبقة المتوسطة وأصحاب الدخل المحدود، والسبب في رأيه يعود إلى محدودية قطع الأراضي السكنية في العقبة وامتلاك الدولة ما يزيد على 80 في المائة من مجموع الأراضي، ما يحصر إمكانية التداول بيعا وشراء في الأراضي فيما مجموعه نحو 5 في المائة من أراضي العقبة بعد استثناء المساحات المقام عليها إنشاءات متعددة الأغراض.

ويذكر أن حجم التداول في سوق العقار في الأردن ارتفع خلال عام 2008 إلى 8.4 مليار دولار أي بنسبة 8 بالمائة مقابل 7.8 مليار دولار لعام 2007.

ويقول مراقبون اقتصاديون إنه لم يفلح ما طرحته جهات مختصة في قطاع العقار من وجود حالة من الركود العامة دفعت باتجاه تقليص عدد العقارات الجديدة المنشأة للعام الجاري خاصة السكنية منها وتدور أحاديث عن تراجع أسعار الشقق المبيعة، في دفع الملاك بتخفيض أجور العقارات السكنية سواء الجديدة أو القديمة وسط تشدد في رفع قيمة الأجور من موسم لآخر ارتباطا بارتفاع نفقات وكلف الاحتياجات المعيشية الأخرى وكأن الأجور وسيلة لتعويض ارتفاع الأسعار للسلع المختلفة.

المواطن أحمد سلمان أكد أنه منذ أكثر من عام وهو يجد في البحث عن شقة يستأجرها لأسرته بعد أن ضاق بهم مسكنهم الحالي، إلا أنه وبسبب المغالاة في الأجور المطلوبة داخل العاصمة لا يزال يستمر في بحثه، مؤكدا أنه وخلال رحلة البحث رصد بعض اليافطات معلقة في أماكنها لأكثر من عام وعند اتصاله بأصحابها وجد أنهم يصرون على طلب مبالغ كبيرة لشقق أكثرها متواضع ويخلو من الخدمات ويفوق عمر العقار عشرين عاما وبالرغم من ذلك يطالب أصحابها بذات الأجور لشقق حديثة البناء بخدمات كاملة.

بعض المواطنين علقوا على المغالاة في الإيجارات للشقق السكنية بأن ما كنا نستهجن حدوثه سابقا أصبح ماثلا أمام الأعين حيث يقضي المواطن أيامه في البحث عن شقق فارغة للإيجار تغريه كثرة اليافطات المعلنة عن وجود الفارغة منها، إلا أنه وبمجرد الاتصال بالأرقام المرفقة يولي الأدبار جراء ارتفاع المبلغ المطلوب حتى في المناطق الشعبية والعقارات القديمة فإن المبالغ المطلوبة تكاد تكون واحدة.

وحول تمسك العديد من المؤجرين بفكرة دفع كامل المبلغ أو على دفعتين للعقارات السكنية قال أحد مالكي العمارات السكنية مجدي حامد: إن معظم الملاك يتجنبون الدفع الشهري للإيجار تجنبا للدخول في مشكلات متواصلة مع المستأجر كل شهر، في حين يسهل دفع الإيجار مرة واحدة أو على دفعتين من الحد من هذه المشكلات حال وجود عقبات لدى المستأجر تمنعه من تأمين قيمة المبلغ المطلوب. وأقر جميل سعادة (مالك عقار) بمغالاة الكثير من ملاك العقارات بقيمة الإيجار التي أصبحت تطلب من المواطنين مفسرا ذلك بأن الظروف المالية الصعبة والغلاء الذي نال معظم مناحي الحياة دفع بالبعض للاستفادة من العقار الذي يملكونه بأقصى درجة متاحة بهدف توفير مبلغ دوري كبير يكون بحد ذاته دخلا متكاملا دون النظر لظروف الآخرين الذين يمرون بذات الصعوبات المعيشية.

واعتبر رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان المهندس زهير العمري أن هنالك أسبابا محددة أدت لعدم تخفيض قيمة أجور العقارات السكنية خاصة للجديدة منها التي تمثل الجزء الأعظم من العقارات المعروضة للإيجار، وفي مقدمتها التعديلات على قانون المالكين والمستأجرين ففي السابق كان العقد شريعة المتعاقدين الأمر الذي يتيح إنهاء العقد وإخلاء العقار بعد انتهاء مدة العقد المتفق عليها بين المالك والمستأجر.

وبحسبه فإن ارتفاع قيمة العقارات في السنوات الأخيرة بل وبلوغها أضعاف القيمة السابقة ينعكس حتميا على قيمة الإيجارات فالمستثمر أو مالك العقار يريد الاستفادة من قيمة العقار بما يتناسب ونسب الارتفاع ، كما أن قيمة العقار حتى المؤجر تخضع لنظرية العرض والطلب حيث تتوافر عقارات سكنية للإيجار بأعداد غير كبيرة وتكاد تنحصر بالشقق الجديدة منها الأمر الذي يسهم في رفع السعر المطلوب لقيمة للإيجار.