السعودية: أسعار العقارات تستجيب لضغوط الركود وتنخفض بنسبة 15%

خبراء عقاريون يؤكدون أن فجوة السعر توقف حركة التداول في العقارات

يتوقع أن تشهد سوق العقارات السعودية حركة جيدة خلال الفترة المقبلة بعد انخفاض الأسعار بشكل طفيف. (تصوير: خالد الخميس)
TT

أدى الركود الذي تشهده السوق العقارية خلال الربع الأول من العام الجاري إلى تسجيل انخفاض ملحوظ في إيجارات وأسعار مختلف المنتجات العقارية، في الوقت الذي شددت فيه البنوك المحلية على القروض السكنية من شروط إقراض المستهلكين بعد أن كانت تقدم لهم الخيارات الميسرة قبل حدوث الأزمة المالية.

وأرجع عاملون ذلك الانخفاض لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها الانخفاض الحاصل في تداولات العقارات الكبيرة، من خلال شركات التطوير العقاري التي تواجه مشكلات تداعيات الأزمة المالية، وذلك من خلال تشديد البنوك على القروض الممنوحة لتلك الشركات، بالإضافة إلى إيقاف التسهيلات في القروض البنكية للأفراد، وأخيرا إلى تماسك الأسعار خلال الربع الأول للمنتجات العقارية الصغيرة.

وبين محمد القحطاني مدير عام مكتب عقاري أن الأسعار ستخضع للضغوطات الشرائية، حيث إن الطلب عال، والعرض جيد، إلا أن المشكلة تكمن في عملية الأسعار، وهي التي تسبب الفجوة بين العرض والطلب، في الوقت الذي شهدت فيه البلاد تحركات عديدة خلال العامين الماضيين، فالحركة بين المتعاملين في الإيجارات أدت إلى بحث المستأجرين عن إيجارات أقل سعراً، مع زيادة المؤجرين للأسعار في تلك الفترة بنسبة تصل إلى 35 في المائة.

وأضاف أن الأسعار هي المحرك الرئيسي لعملية تداول المنتجات العقارية، لافتاً إلى أن الأسعار بدأت في التجاوب مع الركود الحالي، وذلك لتنشيط التداول وتحريك رؤوس الأموال، وبالتالي فإن انخفاضها طبيعي نتيجة التوقف في عمليات بيع العقارات، مؤكداً أن إعلانات بيع العقارات ارتفعت خلال الفترة الماضية، وهو الأمر الذي يؤكد وجود عرض مقبول يواجه الطلب العالي الذي اصطدم بالأسعار.

وذهب القحطاني إلى أن المنتجات العقارية التي تدخل السوق تواجه الوضع نفسه، في الوقت الذي يسعى فيه ملاكها إلى تحقيق عوائد رأس مالية بنسب تتراوح ما بين 8 إلى 10 في المائة، مؤكداً أن ملاك تلك المنتجات العقارية تمسكوا لفترة طويلة حتى يتمكنوا من تحقيق تلك العوائد، بعدما أشار إلى أن تلك العقارات تم بناؤها في الوقت الذي شهدت فيه أسعار مواد البناء خلال العامين الماضيين ارتفاعاً كبيراً، مما تسبب في ارتفاع تكلفة بناء المباني.

وأكد أن الضغوط بدأت تؤثر على الأسعار في ظل الانخفاض الذي تشهده السوق خلال الفترة الحالية، وذلك بنسب تتراوح ما بين 15 إلى 25 في المائة، مشيراً إلى أن حركة الركود ستساعد على عودة النشاط، باشتراط انخفاض الأسعار. من جهتها قالت شركة «كولييرز إنترناشيونال» الاستشارية إن أسعار بيع الوحدات العقارية السكنية في العاصمة السعودية الرياض تراجعت بمعدل 23 في المائة بسبب اهتزاز ثقة المشترين والمستثمرين العقاريين، فضلا عن التأثير الإيجابي المتمثل في تراجع تكلفة البناء، وأكد أن معدل عائد الوحدات العقارية المكتبية بلغ 11 في المائة، فيما بلغ معدل عائد الوحدات العقارية السكنية 10 في المائة، في الوقت الذي تظهر فيه مشروعات المجمعات التجارية الجديدة تحولا نحو مفهوم الوجهة الترفيهية المتكاملة.

وتوقعت «كولييرز» أن يواصل متوسط الإيجار هبوطا طفيفا في المديين القصير والمتوسط، في ظل طلبات مرتفعة تتركز على طول المباني المعروضة في طريق الملك فهد، مشيرة إلى أن هذا الوقت تلبي السوق العقارية السعودية بشكل متزايد، التطورات الجديدة من خلال دخول الشركات الدولية.

وذكرت «كولييرز» أن السياحة الدينية المتمثلة في توافد أعداد متزايدة لأداء مناسك الحج والعمرة وطدت قطاع الفندقة والضيافة بالسعودية، إذ تمثل نسبة الزوار نحو 51 في المائة من إجمالي الحركة السياحية المتجهة إلى المملكة في 2008.

وقالت شركة الاستشارات العقارية العالمية إن معدل عائد الوحدات العقارية المكتبية والوحدات العقارية السكنية في مدينة جدة غرب البلاد بلغ 10.5 في المائة، ويقول محللو «كولييرز إنترناشيونال» إن مسألة الفجوة بين السعر والعائد ستظل المسألة المهيمنة على السوق العقارية الخليجية، ورغم ذلك فإنه من المُرجح أن تستقر أسعار الأصول العقارية في الأمد البعيد، وأن يقترن ذلك بانتعاش الحركة الاقتصادية. من جهته قال محمد الاحمري، وهو عقاري في العاصمة السعودية الرياض إن الركود خيم على سوق العقارات والمنتجات النهائية في السعودية، في الوقت الذي أصبح الحصول على التمويل العقاري أشد مما كان عليه في الفترة الماضية، مشيراً إلى أن هناك نسبة كبيرة من ملاك العقارات رضخوا إلى ضغوط خفض الأسعار بنسبة تصل إلى 18 في المائة، مما يتوقع أن تكون هناك حركة في بيع وشراء العقارات السعودية.

وأضاف الاحمري الذي يدير عددا من الأملاك وهي وظيفية منتشرة في المملكة، أن الحال ينطبق على الإيجارات التي بدأت هي الأخرى في عمليات المفاوضات من جديد بين المؤجرين والمستأجرين، خاصة مع قرب فصل الصيف الذي يعرف بأنه موسم تنقلات بين العقارات المستأجرة.

وأكد أن الربع الأول كان فترة ترقب وترصد لمعرفة عملية تذبذب الأسعار، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد توقفا بطيئا في حركة البيع والشراء على المستوى الكبير، الذي انخفضت فيه الحركة بين البيع والشراء لإعادة تقنين الشركات العقارية توسعاتها في عمليات شراء الأراضي الكبيرة في أطراف المدن. ووصف مدير الأملاك العقارية في الرياض أن الوقت الحالي يسمى وقت الفرص، في الوقت الذي بدأ يظهر فيه عدد من الفرص العقارية المغرية، إلا أن السيولة خالفت تلك الفرص، بعدما انخفضت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

وأضاف أن منتج الأراضي يعتبر الاستثمار الأمثل والأفضل في السعودية منذ عقود طويلة، وهو الذي استمر حتى دخول شركات التطوير العقاري وطرح المنتجات العقارية الجاهزة خلال العقد الأخير. وأكد وجود ازدهار في منتج الأراضي، بعد أن طرحت شركة عقارية مخطط أراض للبيع خلال معرض الرياض العقاري، وتم حجز تلك الأراضي بالكامل، خاصة مع السعر الترويجي.

وكانت وكالة «موديز» قد ذكرت في وقت سابق أن سوق المساكن والعقارات التجارية في السعودية ستستمر في خط متوازن خلال الفترة المقبلة التي تتراوح ما بين 12 و18 شهرا، مشيرة إلى أنه يمكن الاستفادة فيها من الطلب الكبير للسكان في المملكة في إطار هيكلية القاعدة والقدرة على شراء العقارات السكنية، وبخاصة بالنسبة إلى المناطق المنخفضة والمتوسطة الدخل للأسر.

وكان معرض العقارات قد أوضح حاجة البلاد إلى المزيد من المنتجات العقارية، إلا أن الأسعار باتت حاجزا أمام حركة البيع، في الوقت الذي شددت فيه البنوك من اشتراطاتها في الحصول على تمويلات سكنية جديدة، خاصة فيما يتعلق بالدفعة الأولى.

ولا تزال السعودية تشهد الإعلان عن مشاريع عقارية جديدة، أخذت فيها مشاريع الإسكان النصيب الأكبر، في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة وضع ضوابط على عمليات البيع والشراء، حتى يتم السيطرة على عمليات البيع، وإيقاف الاحتيال واستغلال بيع العقارات في أي أمور أخرى قد تؤثر على أكبر أسواق الخليج العقارية.