السعودية: المجمعات السكنية المغلقة.. أسعار مرتفعة وقوائم انتظار

خبراء: تعد أكثر منتجات العقار طلبا.. والأجانب المقيمون يستحوذون على النسبة الأكبر منها

المجمعات السكنية المغلقة باتت احد أكثر المنتجات العقارية طلباً في السعودية («الشرق الاوسط»)
TT

جذبت الحركة الاقتصادية والطفرة التجارية في السعودية كثيرا من الخبراء ورجال الأعمال والمستثمرين للمملكة، وذلك للاستفادة من منتجات تلك الحركة والطفرة التي رفعت من حجم الأعمال في مختلف القطاعات.

وجاء توافد المستثمرين ورجال الأعمال من خلال وجود فرص استثمارية أو فرص عمل توفر مردودا ماديا جيدا، خاصة أن السعودية لا تفرض ضرائب على المقيمين فيها من غير السكان المحليين، مما يجعلها المكان الأنسب في ظل ارتفاع أسعار الضرائب في الدول الأخرى.

ومع هذا التوافد الكبير زاد الطلب على المنتجات العقارية، خاصة بما يتعلق بالمجمعات السكنية أو ما يطلق عليها محليا «الكمباوند»، التي باتت مطلبا للخبراء ورجال الأعمال والمستثمرين المقيمين في المملكة، مما رفع حدة الأسعار والطلب، الأمر الذي أوجد قوائم انتظار طويلة، قد تصل إلى سنوات في ظل تأجير الفلل والمباني بشكل سنوي.

ويأتي ازدياد الطلبات على ذلك النوع من المجمعات السكنية، نظرا لما توفره من خدمات متعددة، كوجود نواد صحية، وساحات مخصصة للأطفال، بالإضافة إلى كونها مجمعات مغلقة، لا يستطيع أحد الدخول إليها إلا لأغراض الزيارة، مما يعطيها طابع الهدوء، الذي بات مطلبا كبيرا في الفترة الأخيرة.

ويتجاوز عدد المجمعات السكنية في العاصمة السعودية الرياض على سبيل المثال 60 مجمعا سكنيا مغلقا، إلا أنها مشغولة بالكامل، وفيها قوائم انتظار للعديد من الزبائن في انتظار خروج أي من الساكنين في تلك المجمعات السكنية.

وكان الاستثمار في المجمعات السكنية «الكمباوند»، من أفضل الاستثمارات العقارية خلال العقود الماضية، نظرا للطلب الكبير عليه، إلا أن استهدافه قبل سنوات من قبل عناصر الفئة الضالة، تسبب في تأخير الاستثمار في ذلك النوع من العقار، إلا أنه عاد مرة أخرى بعد ما قضت الجهات الأمنية على عناصر تلك الفئة، وضربتهم بيد من حديد، الأمر الذي دفع كثيرا من العقاريين للاستثمار في المجمعات السعودية. ويشير عقاريون إلى أن قلة وندرة المجمعات السكنية ساعد في ارتفاع أسعارها بشكل كبير، مما يشكل فرصة استثمارية جيدة لبناء المزيد من المجمعات السكنية المغلقة، وهو ما يتجه إليه عدد من شركات التطوير العقاري، التي تعمل على الاستفادة من ذلك النمو في الطلب على هذا النوع من المنتجات العقارية.

يتحدث فهد السبيعي المستثمر العقاري الذي يملك عددا من المجمعات السكنية في مناطق مختلفة في البلاد، عن أن منتج المجمعات السكنية المغلقة نشط خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك عطفا على الطلبات المتزايدة على السكن من قبل رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب المقيمين في البلاد، مشيرا إلى أن طوابير الانتظار وصلت إلى 100 شخص في بعض المجمعات الكبيرة، مما يعكس حالة الطلب الكبيرة.

وبين أن أسعار الفلل، التي تبدأ مساحاتها من 250 مترا مربعا، تبدأ من 60 ألف ريال (16 ألف دولار) وتصل إلى 200 ألف ريال (53 ألف دولار) لبعض الفلل ذات المساحات الكبيرة، داخل الأحياء السكنية المغلقة.

وأكد أن تجربة المجمعات السكنية لم تكن حديثه العهد، بل كانت الحكومة السعودية تعمل على توفير مجمعات سكنية خاصة لموظفي مختلف القطاعات الحكومية، من خلال تخصيص منازل أو إحياء مغلقة في خلال خطط التنمية المختلفة.

وأضاف أن هناك عملا جاريا لبناء عدد من المجمعات السكنية للاستفادة من الطلب المرتفع، في الوقت الذي يسعى فيه عدد من الأحياء الكبيرة إلى أخذ حصة من ذلك الطلب، من خلال إيجاد عناصر المجمعات السكنية المغلقة، والتي منها مشروع درة الرياض لشركة «دلة البركة».

وأكد السبيعي أن وضع المجمعات السكنية كوضع أي منتج عقاري، فهو يحتاج إلى وقت حتى يتم طرح المزيد منه في ظل الإشغال الكبير لشركات الإنشاءات والمقاولات في بناء المشروعات المختلفة، خاصة أن المشروعات الحكومية ومشاريع القطاع الخاص العقاري استحوذت على النصيب الأكبر من عمليات الإنشاء والمقاولات، كاشفا في الوقت نفسه أن عددا من شركات التطوير العقاري تبحث إنشاء عدد من المجمعات السكنية متوسطة المساحة في المدن الرئيسية. إلى ذلك قال نجيب غسان، مقيم لبناني في السعودية ويعمل في إحدى الوكالات التجارية، إنه يسعى إلى السكن في أحد المجمعات السكنية المغلقة، وذلك لما توفره من خصوصية، والمميزات المختلفة، إلا أن طلبه لا يزال ضمن قائمة الانتظار، مشيرا إلى أنه يقطن في شقة سكنية في انتظار الحصول على فيلا في المجمعات السكنية المغلقة.

وأضاف أن المجمعات السكنية المغلقة تلبي رغباته، وذلك لوجود كل فيلا منفصلة عن الأخرى، وسهولة إيجاد موقف للسيارة، بالإضافة إلى تصاميمها الداخلية التي تعكس الشكل العصري أو ما يعرف بـ«المودرن»، وهو الأمر الذي يعتبر من المميزات المطلوبة على حد تعبيره.

من جهته، قال فهد الحربي، وسيط عقاري، إن الطلبات تزداد يوما بعد يوم على المجمعات السكنية المغلقة، وذلك من قبل المقيمين الأجانب، بالإضافة إلى الطلب من كبرى الشركات على ذلك النوع من العقارات، في الوقت الذي تسعى فيه تلك الشركات إلى إسكان كبار التنفيذيين فيها على حد تعبيره.

وقال إن الأندية الرياضية الكبيرة هي الأخرى تبحث عن مساكن للاعبيها الأجانب، مشيرا إلى أن الطلب يزداد بشكل سنوي بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15 في المائة، مبينا أن عددا من المواطنين يبحث لإيجاد سكن داخل تلك الأحياء.

وأشار إلى أن الأسعار ارتفعت بشكل لافت، وذلك لقلة الشواغر من الفلل داخل المجمعات السكنية المغلقة، في الوقت الذي اكتظت فيه الطلبات عند الوسطاء العقاريين على حد تعيره.

وأكد أن لديه طلبات من مجموعة من كبرى شركات البلاد، تنتظر أي فرصة في مجمعات تجارية، سواء كان بالبيع أو الاستئجار أو الشراء المنتهي بالتمليك، لعدد من موظفيها، لافتا أن الشركات تتوزع بين مدن الرياض والمنطقة الشرقية وجدة في غرب البلاد.