السعودية: التمويل والمقاولات.. أبرز معوقات السوق العقاري في الفترة المقبلة

خبراء: السوق بحاجة إلى أدوات تمويلية جديدة للمساعدة على دوران محركات المشاريع

الكثير من المشاريع بحاجة إلى تمويلات، إلا أن ارتفاع كلفته تسبب في احتمالية عدم جدوى المشروع (تصوير: خالد الخميس)
TT

يواجه سوق العقارات السعودي معوقات في استمرار مسيرته كأفضل قطاع لم يواجه أيا من تداعيات الأزمة المالية العالمية، في الوقت الذي لا يزال يعتبر أكثر الأسواق حركة في قطاع البيع والشراء، وأقل الأسواق نشاطاً في عملية طرح المنتجات.

ويبدو أن بوادر ارتفاع كلفة التمويل بدأت في الظهور على السطح، خاصة أن التكاليف الأخرى من أراض ومواد بناء وأيد عاملة بدت في الانخفاض منذ نهاية الربع الأخير من العام الماضي، في حين شددت البنوك المحلية في السعودية على شروط تمويل الأفراد من خلال اشتراطات الدفعة الأولى من قروض الإسكان.

من جهة أخرى واصل قطاع المقاولات عمليات الإنشاءات في ظل النقص وانشغال كبرى شركات المقاولات في المشاريع الكبيرة الحكومية، إضافة إلى مشاريع شركات التطوير العقاري في عدد من إرجاء البلاد، كمشاريع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومشاريع الشركات العاملة في تطوير المنطقة المركزية في مكة المكرمة كمشروع جبل عمر، ومشاريع الوقف.

وعزا عقاريون ارتفاع كلفة التمويل نتيجة تداعيات الأزمة المالية، وهو ما يحدث عالمياً، مشيرين إلى أن الكثير من المشاريع بحاجة إلى تمويلات، إلا أن ارتفاع كلفته تسبب في احتمالية عدم جدوى المشروع.

وقالوا إن الأزمة المالية ساهمت كثيراً في انخفاض أسعار مواد البناء والأيدي العاملة، وذلك بعد انخفاض التضخم، إلا أنها رفعت كلفة التمويل، وأكدوا تباطؤ دوران محركات النمو بشكل كبير، بسبب الجفاف. وقال الدكتور حمد آل الشيخ عميد معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات في قسم الاقتصاد بجامعة الملك سعود إن السوق العقاري يعاني من قلة التمويل، مما يستوجب إيجاد آليات للتمويل، للمساعدة على إنشاء المشاريع، مشيراً إلى أن السوق عاش حالة من الترقب خلال الفترة الماضية، وذلك لمعرفة ما سيحدث في الأسواق العقارية والتمويلية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن ما حدث في الولايات المتحدة الأميركية كان بسبب العقارات.

وبين أن الحاجة باتت إلى إيجاد أدوات بنكية جديدة لتمويل العقارات، وذلك من خلال توفر الحكومة تمويلات عبر البنوك التجارية من خلال توفيرها بأقل كلفة ممكنة، مشيراً إلى أن الحكومة تتحكم بأسعار الفائدة، وذلك لضمان إيجاد مشاريع عقارية إسكانية، خاصة الإسكان المتوسط. وأكد على ضرورة الرهن العقاري للمساعدة على إيجاد آليات على ضخ مساكن في السوق العقاري، والذي يحتاج إلى أعداد كبيرة من المساكن. في حين قال خالد المبيض مدير عام شركة «بصمة» للتسويق العقاري إن الكثير من الشركات بحاجة إلى التمويل العقاري، لإنهاء مشاريعها في الوقت الذي شددت فيه البنوك على تمويل المشاريع العقارية من جهة، ومن جهة أخرى رفعت كلفة التمويل، والذي زاد من تعقيدات الجدوى الاقتصادية للمشاريع.

وأكد المبيض أن السوق العقاري يعيش حالة من الهدوء بسبب التمويل، وذلك لغياب أحد أهم أضلاع السوق، والذي يساعد الشركات العقارية على تمويل مشاريعها مع المقاولين، وغيرها من موردي مواد البناء وما تحتاجه شركات التطوير العقاري بمختلف أشكالها.

إلى ذلك قال خالد الضبعان الخبير العقاري إن شركات المقاولات تعيش حركة كبيرة خلال الفترة الحالية، وذلك لوجود مختلف المشاريع، في الوقت الذي تزداد الحاجة في سوق العقارات إلى المنتجات العقارية المختلفة، وذلك لارتفاع الطلب الذي يزداد فترة بعد فترة.

وأكد أن المشاريع الحكومية أخذت نصيب الأسد من سوق المقاولات والإنشاءات بالإضافة إلى وجود مدن اقتصادية ضخمة تعمل المملكة على بنائها، وبالتالي هي بحاجة إلى شركات مقاولات كثيرة، الأمر الذي يزيد من حجم الطلب في سوق الإنشاءات والمقاولات.

وأضاف أن ضخ المشاريع في البنية التحتية للبلاد من طرق ومطارات زاد الطلب على شركات المقاولات، في ظل خطط تنموية حكومية ستساهم في تعميق مشاريع البنية التحتية لمواكبة النمو الذي تعيشه السعودية خلال الفترة الحالية والمستقبلية.

وأضاف أن توجه العديد من الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص إلى تبنى برامج إسكانية، يرفع من حاجة السوق، مشيراً إلى الخطوة التي عمدت إليها الشركة السعودية للكهرباء من خلال تمويل موظفي الشركة قروضاً تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية بنظام المرابحة الإسلامية، والتي تتحمل الشركة ما نسبته 70 في المائة من هامش ربح البنك، ويتحمل الموظف النسبة المتبقية والبالغة 30 في المائة.

وأكد أن ذلك النموذج قد يتكرر من كبرى شركات البلاد، مما يستوجب ضخ مشاريع إسكانية جديدة لاحتواء تلك السيولة القادمة من تمويلات العقار، إلا أن شركات العقار ما زالت بحاجة إلى تمويلات من البنوك التي تتحرك بمساحة واصفها بالصغيرة في هذا المجال. وبين أن السوق العقارية السعودية تشهد حركة بسيطة من خلال سيولة تتحرك في السوق عبر شراء أراض خام، يعمل عليها المستثمرون انتهازا للفرص في الوقت الحالي، الذي سجل وجود فرص عقارية في المدن الرئيسية الكبرى خلال الفترة الماضية.

وأكد أن السوق العقاري بحاجة إلى تمويل المشاريع حتى تتحرك، حيث سعى عدد من الشركات العقارية إلى البحث عن مصادر تمويل أخرى كصناديق الاستثمار العقاري، إلا أن تلك الصناديق بحاجة إلى وقت طويل حتى يتم استخراج تراخيص لها، في حين أكد مطالبة عدد من العقاريين بالعودة إلى نظام المساهمات السابق مع وضع ضوابط محددة تساعد على تطوير المشاريع وتعمل على إيجاد قنوات استثمار.