تراجع مبيعات العقارات السكنية في الأسواق الآسيوية 83% في الربع الأول

اليابان وهونغ كونغ وسنغافورة الأكثر تضررا

هونغ كونغ كانت من بين اكثر الاسواق العقارية تضررا في آسيا في الربع الاول من العام الحالي («الشرق الأوسط»)
TT

تراجع عدد الصفقات العقارية السكنية في القارة الآسيوية، بنسبة 83 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، (3.1 مليار دولار). ويبدو أن أكثر المناطق والأسواق الآسيوية العقارية عرضة للضرر الذي تركته أزمة الائتمان الدولية هي اليابان وهونغ كونغ وسنغافورة كما أكد تقرير أخير لمؤسسة «ريتشارد اليس» الاستشارية العقارية الدولية في العاصمة البريطانية لندن. ويضيف التقرير المهم الذي تحدث عن أوضاع الأسواق العقارية وأدائها حول العالم، أن المبيعات العقارية في الأسواق الآسيوية تتراجع بنسبة 83 في المائة من ربع إلى آخر منذ العام الماضي (2008)، مما يترك الوضع الاستثماري في آسيا في وضع سيئ جدا لا يحسد عليه. ويبدو أن التراجع الأكبر كان في القطاع الصناعي، حيث تراجعت المبيعات (عدد الصفقات) العقارية في الربع الأول من هذا العام بنسبة لا تقل عن 95 في المائة عما كانت عليه في الربع الأول من العام الماضي.

كما تراجع عدد الصفقات في قطاع المكاتب بنسبة لا تقل عن 89 في المائة أيضا.

وتتعرض جزيرة سنغافورة إلى أكبر نسبة من التراجعات على الأسعار والمبيعات وعدد الصفقات وغيره في الأسواق العقارية، ويبدو أن المستثمرين والزبائن يفضلون الانتظار والترقب قبل التحرك واغتنام الفرص لتحقيق الأرباح كما تؤكد معظم التقارير. وبلغت قيمة المبيعات العقارية في الجزيرة في الربع الأول من هذا العام فقط 204 ملايين دولار، أي بتراجع لا يقل عن 52 في المائة عما كانت عليه مبيعات الربع الأخير من العام الماضي، وبتراجع نسبته 97 في المائة عما كانت عليه في الربع الأول من العام الماضي. وهذه هي المرة التي تتراجع فيها المبيعات العقارية الاستثمارية في الجزيرة منذ عقد تقريبا، حيث وصلت قيمة المبيعات في الربع الأول من عام 1998 إلى نحو 50 مليون دولار، ووصلت إلى 110 ملايين دولار في الربع الثالث من العام نفسه.

أما في هونغ كونغ، فقد اختفت الاستثمارات الرسمية والخاصة، كما يبدو، تماما من الأسواق، ويجد المستثمرون صعوبة كبرى في الحصول على التمويلات للقيام بمشروعاتهم وإنهائها. ولم تتعدَّ قيمة النشاط العقاري في الربع الأول من هذا العام أكثر من 100 مليون دولار، إلا أن مبيعات العقارات السكنية الممتازة والفاخرة قد تحسنت في نهاية الربع الأول من العام الحالي نتيجة التدخل الحكومي المباشر لتخفيف الضغوط على الأسواق العقارية وحمايتها من الانهيار.

وقد عملت الحكومة مع المؤسسات المالية والبنوك على تخفيض معدلات الفائدة على القروض العقارية وشروط منحها وتأمينها للزبائن لتحقيق هذه الغاية.

وكانت اليابان قد شهدت أكبر صفقة عقارية في القارة الصفراء، حيث بيع مركز «سوغو» (Sogo Department Shinsaibashi) التسوقي الخاص في مدينة أوساكا بمبلغ لا يقل عن 400 مليون دولار. ومع هذا لا تزال الأسواق العقارية التجارية في اليابان وكوريا الجنوبية على حد سواء تواجه صعوبات جمة منذ بدء أزمة الائتمان الدولية في أغسطس (آب) عام 2007، إذ لا تزال شروط الإقراض صعبة منذ عامين تقريبا، مما أدى إلى تراجع عدد الصفقات والمبيعات وارتفاع عدد العقارات الشاغرة والمتوفرة في الأسواق.

وفي الصين، ذكر التقرير الذي أعدته مؤسسة «ريتشارد اليس» حول تأثير الانكماش الاقتصادي العالمي على الأسواق العقارية، أن عدد الصفقات في الربع الأول من هذا العام كان قليلا جدا نسبة إلى عدد الصفقات خلال السنوات القليلة الماضية، كما تراجع النشاط العقاري وتراجعت الأسعار بشكل يهدد الإيجابيات التي حققتها الأسواق قبل سنوات. أما في تايلاند فقد تراجع حجم النشاط العقاري والاستثمارات المحلية والأجنبية بسبب صعوبة الحصول على القروض وبأسعار معقولة كما هو الحال في كل من أسواق أستراليا ونيوزيلندا.

كما تراجع النشاط الاستثماري في كل من أستراليا ونيوزيلندا بشكل لم يسبق له مثيل منذ سنوات، وارتفع عدد العقارات السكنية والتجارية والصناعية الشاغرة في 17 سوقا عقارية من أسواق العقار الآسيوية في الربع الأول من هذا العام. وبشكل خاص في أسواق كل من العاصمة التايوانية تايبه، ونيودلهي في الهند، وهوشي منه في فيتنام، حيث ارتفعت نسبة العقارات المتوفرة في الأسواق بنسبة لا تقل عن 13 في المائة. وتواصل التراجع على عائدات ومعدلات إيجار المكاتب التجارية في الأسواق من ربع إلى آخر. وتراوحت نسبة التراجع من 1 إلى 20 في المائة. وكانت سنغافورة الأسوأ أداء من بين الأسواق جميعها، حيث تراجعت قيمة الإيجارات بنسبة 34 في المائة تقريبا، تبعتها هونغ كونغ بنسبة لا تقل عن 32 في المائة. أما على صعيد المحلات التجارية، فقد شهدت الأسواق الآسيوية تقلبات كثيرة على الأسعار والنشاط الاستثماري في الربع الأول من هذا العام، وسجلت العاصمة الصينية بكين وكل من شنغهاي والعاصمة اليابانية طوكيو وسنغافورة تراجعا كبيرا في هذا الإطار، خاصة في قطاع العقارات التجارية الممتازة على الرغم من صمود العائدات على الإيجار في بعض المناطق. كما تراجع عدد الأذون العقارية الممنوحة في القارة الآسيوية في الربع الأول، وتم تجميد كثير من المشروعات الكبرى والصغرى في قطاع المحلات التجارية، نتيجة الانكماش الاقتصادي العالمي الذي أدت إليه أزمة الائتمان الدولية. وساهم تدني وتراجع النشاط الاستهلاكي في القارة بشكل عام في الوصول إلى الخانة السلبية في إطار نمو المبيعات في قطاع المحلات التجارية (خاصة هونغ كونغ وسنغافورة واليابان) باستثناء الصين التي حافظت على معدل نمو بنسبة 15 في المائة من سنة إلى أخرى.

كما أدى تراجع الطلب العالمي على قطاع العقارات الصناعية إلى وضع ضغوط كبيرة على معدلات وعائدات الإيجار في هذا القطاع. وقد تراجعت معدلات الإيجار في المدن الصينية الكبرى (بنسبة 5.7 في المائة في بكين و1.5 في المائة في شنغهاي) وهونغ كونغ وتايبه وطوكيو وسنغافورة. وفي القارة الأوروبية، أكدت التقارير الأخيرة، أن الركود العقاري والتراجع على الأسعار يتواصل في إسبانيا التي كانت تعتبر أحد أهم وأقوى الأسواق العقارية الأوروبية والدولية قبل أزمة الائتمان. وأشار تقرير لمؤسسة «تنسا» الإسبانية إلى أن أسعار العقارات تراجعت منذ مايو (أيار) العام الماضي (2008) حتى مايو (أيار) من العام الحالي (2009) بنسبة 10 في المائة، وكانت المناطق الساحلية أكثر المناطق تضررا من التراجع الكبير والمتواصل على الأسعار، بسبب الانكماش في أسواق منازل العطل وتراجع عدد المستثمرين الأجانب والراغبين في تملك منزل ثان. ووصلت نسبة التراجع على الأسعار في هذه المناطق الساحلية إلى نحو 14 في المائة. كما تعرضت بعض المدن إلى تراجع ملحوظ وكبير على الأسعار وصلت نسبته إلى نحو 10.5 في المائة، خاصة في العاصمة مدريد ومدينة برشلونة الشمالية. إلا أن التراجع على الأسعار كان أقل حدة في جزر الكناري كما يبدو، حيث لم تتعدَّ النسبة 9.2 في المائة.

وتشهد الأسواق العقارية السكنية تقلبا في نسب التراجع على الأسعار في المدن الكبرى كما يبدو، حيث بدأ التراجع بنسبة 2 في المائة تقريبا في أبريل (نيسان) العام الماضي وتواصل سلبا حتى أبريل (نيسان) هذا العام. والأسوأ، كما سبق أن ذكرنا، كانت المناطق الساحلية والسياحية المتوسطية الغنية بالأجانب، حيث تراجعت أسعار العقارات فيها بنسبة 1.2 في المائة في أبريل (نيسان) العام الماضي، لكن في أغسطس (آب) تراجعت بنسبة 8.3 في المائة، والنسبة نفسها في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني). إلا أن التراجع الكبير جاء في ديسمبر (كانون الأول)، أي آخر العام الماضي، حيث وصلت النسبة إلى 14.3 في المائة. ومع هذا تراجعت أو تباطأت هذه النسبة في بداية العام الحالي، أي في يناير (كانون الثاني)، حيث وصلت إلى 12.5 في المائة، وفي فبراير (شباط) وصلت إلى أقل من ذلك، أي إلى نحو 10.5 في المائة. لكن في مارس (آذار) من هذا العام عاودت الوتيرة الارتفاع ووصلت نسبة التراجع على الأسعار إلى أكثر من 11.5 في المائة، وفي أبريل (نيسان) بنسبة 13.5 في المائة، أي أنها تقترب أكثر إلى أكبر نسبة تراجع حتى الآن والتي حصلت في ديسمبر (14.3 في المائة).

وكما سبق أن ذكرنا، الصورة كانت معكوسة في جزر الباليريك والكناري، حيث ارتفعت أسعار العقارات السكنية بنسبة 1 في المائة و1.4 في المائة في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) العام الماضي، لكن منذ ذلك الوقت والأسعار تتجه نحو الخانة السلبية، ووصلت نسبة التراجع بشكل عام إلى 9.2 في المائة الشهر الماضي (أبريل 2009). وفي محاولة لإنقاذ الأسواق من مزيد من الانهيارات والتراجعات، ومع تراجع عدد المستثمرين الأجانب بشكل لم يسبق له مثيل منذ 15 عاما، تعمل الحكومة على تشجيع المواطنين على شراء العقارات وبأسرع وقت ممكن، إذ إنها أعلنت إلغاء التحفيزات المالية والإقراضية الخاصة باللذين تصل قيمة رواتبهم السنوية إلى 24 ألف يورو عام 2011.

وفي بريطانيا، التي تعتبر أحد أهم الأسواق الأوروبية والأكثر عرضة لأزمة الائتمان الدولية، أكد تقرير «هيئة المساحين الملكية» ( RICS) الأخير، أن أسعار العقارات السكنية قد تستقر هذا العام، وأن الأرقام تشير إلى تزايد عدد المهتمين بشراء العقارات، وأن بعض هذا الاهتمام بدأ يترجم نفسه بارتفاع عدد الصفقات العقارية المعقودة. ويبدو أن عدد المبيعات والصفقات نسبة إلى عدد المنازل المتوفرة في الأسواق قد ارتفع للشهر الثالث على التوالي، مما يدل على بعض الاستقرار. ومع هذا تؤكد الهيئة أن عدد الصفقات العقارية لا يزال على حده الأدنى تاريخيا، ولا يتعدى نصيب السمسار سوى صفقة واحدة على الأكثر كل أسبوع. ويسجل 73 في المائة من السماسرة تراجعا في الأسعار بشكل عام، أي أقل من شهر فبراير (شباط)، حيث وصلت النسبة إلى 78 في المائة. ووصل معدل المبيعات لكل سمسار خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 9.7 عقار، أي أقل بنسبة 55 في المائة عما كان عليه الوضع العام الماضي.

ومع ارتفاع عدد المشترين، يتوقع بعض الخبراء والمراقبين، أن تتراجع أسعار العقارات بنسبة تتراوح بين 210 و15 في المائة قبل أن تستقر نهائيا.

وأشارت الأرقام التي نشرها «مجلس المقرضين العقاريين» في بريطانيا، إلى أن عدد الصفقات العقارية يرتفع بنسبة 4 في المائة شهريا منذ فترة. وأشارت الأرقام الحكومية إلى أن الأسعار تراجعت في فبراير (شباط) هذا العام بنسبة 2.7 في المائة بعد أن ارتفعت في يناير (كانون الثاني) بنسبة 1.2 في المائة. لكن نسبة التراجع السنوية في فبراير (شباط) وصلت إلى 12.7 في المائة، حيث وصل معدل سعر العقار إلى نحو 190 ألف جنيه (291 ألف دولار).