خبراء: دخول الرهن والتمويل يكمل أطراف صناعة العقار في السعودية

بعد تطمينات الحكومة.. ووجود الصناع والمسوقين

تحتاج السعودية إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا (تصوير: خالد الخميس)
TT

تترقب الأوساط العقارية السعودية اكتمال صناعة العقار في البلاد، وذلك بعد قرب صدور نظام الرهن والتمويل العقاريين، الذي أعلنت عنه الحكومة السعودية الأسبوع الماضي، في ظل وجود المصنعين ـ شركات التطوير العقاري ـ والمسوقين عبر شركات التسويق المنتشرة في البلاد.

وجاء إعلان الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي عن عزم بلاده تأسيس شركة على غرار شركة «فاني ماي» الأميركية لشراء القروض العقارية من المؤسسات المالية والمساعدة في تطوير أسواق محلية للسندات والصكوك، ليدفع بالسوق العقارية إلى دوران محركاتها من جديد لتطوير منتجات عقارية، تواكب ما يحتاجه الطلب المتنامي يوما بعد يوم.

وأكد الدكتور العساف في تصريحاته السابقة أن تأسيس الشركة سيتزامن مع سن أول قانون للتمويل العقاري في البلاد، الذي من المنتظر أن يبدأ سريانه قبل نهاية العام، في وقت تحتاج فيه البلاد بشكل سنوي إلى 200 ألف وحدة سكنية. وأشار عقاريون أن التمويل العقاري هو أحد أكبر التحديات في سوق العقارات السعودية، وذلك لتشديد البنوك على التمويل العقاري من خلال ارتفاع نسبة تكاليف التمويل لشركات التطوير العقاري، التي تنوعت بين شركات أوقفت مشاريع وشركات أخرى أجلت، في حين يظل الاعتماد ساريا على التمويل الفردي.

وبين محمد الأحمري ـ مستثمر عقاري ـ أن مشروع الرهن العقاري هو حديث الوسط العقاري، حيث سيساعد على وجود ركن من الأركان الأساسية لصناعة العقار، وبالتالي دوران الصناعة سيكون بشكل أسهل. وشركة «فاني ماي» تعمل كمشترٍ أولي لقروض الرهن العقاري من مصدريها، وتقوم بتوريق القروض في صورة أوراق معززة برهون عقارية، ومن ثم تبيعها إلى المستثمرين، وقد أنشئت بهدف إقامة سوق ثانوية للرهون العقارية المدعومة من الحكومة.

وأكد العساف أن أحد عناصر قوانين التمويل العقاري إقامة هذه المؤسسة، واصفا الشركة بأنها أحد «المكونات»، وقال: «من المنتظر تأسيس الشركة التي ستصمم بحيث تناسب احتياجات السوق المحلية قبل نهاية العام».

ويواصل الطلب نموه مدعوما بنمو سكاني عالٍ، خاصة فيما يتعلق بالأسر الجديدة، وهي أكثر الشرائح الباحثة عن السكن، في ظل استحواذ شريحة الشباب التي تعتبر المحرك الأساسي لسوق العقارات السعودية في السنوات المقبلة.

وبين العساف أن نسبة ملكية المنازل في السعودية تمثل 62 في المائة من السكان، بما يتشابه مع الأسواق المتقدمة أو يزيد، إلا أنه استدرك وأشار إلى أن معظم تمويل شراء المساكن حتى الآن يأتي عن طريق المصادر العائلية التقليدية والقروض الحكومية، وقال إن قانون التمويل العقاري سيمكن المقترضين من الحصول على تمويل بتكاليف أقل بفضل المساندة القانونية.

وعاد الوزير ليؤكد اعتقاده أن «التمويل العقاري سيكون كبيرا، لسبب وجيه، في أي ثقافة يعد امتلاك منزل أو وحدة سكنية أمرا مهما»، مشيرا إلى أن قانون التمويل العقاري سيكون حافزا كبيرا أيضا على تنمية سوق السندات المحلية حيث ستصدر شركات التنمية العقارية سندات أو صكوكا لتدبير التمويل.

وأضاف الوزير السعودي أن أسواق السندات ستكون على سبيل المثال مثل الولايات المتحدة أو غيرها من الأسواق المتقدمة حيث تكون هناك مؤسسات يمكنها شراء القروض، وإعادة إصدارها في شكل سندات وبيعها لحاملي السندات سواء كانوا بنوكا أو صناديق تقاعد أو حكومات.

من جهته قال بنك «اتش إس بي سي» الدولي إن سوق العقارات السعودية تعتبر مغايرة لما هي عليه في أسواق الخليج الأخرى، وذلك لنقص الخدمات العقارية في السوق المحلية، في ظل اعتماد أغلب أسواق دول الخليج العقارية على السكان الأجانب.

وتوقع البنك أن العقارات المطروحة للتأجير ستشهد طلبا كبيراً في 2009، خاصة في المناطق التي توجد فيها الشركات، مع توقعات لانتعاش بطيء في 2010.

وبين تقرير بنك «اتش إس بي سي» الدولي أن الرياض وجدة تملكان أفضلية الاستفادة من عرض العقارات في قطاعي السكن والمكاتب، كونهما ستستفيدان من الهجرة إلى المدن، ويعتقد أن مكة المكرمة والمدينة المنورة، توفران أفضل العوامل الأساسية لقطاعي التجزئة والضيافة، من خلال السياحة الدينية، في حين تحتاج المنطقة الشرقية التي تشكل العمود الفقري لصناعة النفط والغاز في السعودية إلى المزيد من الوحدات السكنية، على حد وصف التقرير.

وعاد الأحمري ليؤكد أن السوق العقارية في السعودية ستشهد حركة أكبر خلال الفترة المقبلة، خاصة أن السوق تنتظر قرار الرهن العقاري، في الوقت الذي يزداد فيه الطلب على المنتجات العقارية المختلفة، ويزداد فيه دخول المستثمرين والشركات العقارية بشكل كبير، وحاجة السوق إلى منتجات جديدة.

وأكد أن السوق العقارية السعودية بحاجة إلى مطورين عقاريين بشكل أكبر مما يوجد في السوق في الوقت الحالي، وذلك لحاجة البلاد للمزيد من المنتجات العقارية، مشيرا إلى أن عشوائية البناء الفردي تسببت في عشوائية الأحياء، خاصة أن سوق بناء المنازل تعتبر من أكبر الأسواق حركة خلال السنوات الماضية والمقبلة، مع ازدياد نمو أعداد الأسر.

من جهته قال فهد الحربي، الوسيط العقاري، إن قرار الحكومة الأخير سيمثل نقلة نوعية في صناعة العقارات، في ظل حاجة الشركات العقارية إلى التمويل، ودخول شركة شراء القروض، وإقرار الرهن، سيساعد بشكل كبير على حركة مطوري العقارات بشكل كبير.

وأكد أن العملية تسير ببطء خلال الفترة الماضية، وكانت الشركات تلجأ إلى حلول كإصدار صناديق أو الاعتماد على رأس المال، مستشهدا بما لجأت إليه شركة «دار الأركان»، التي تعمل على ضوء دراسات تشير إلى ازدهار القطاع العقاري في السنوات القادمة، وضرورة التوسع في الاستثمارات العقارية في الوقت الحالي، الذي يشهد انخفاضا في تكاليف الاستثمار العقاري.

وأضاف إلى أن «دار الأركان» عملت على تمويل مشاريع الشركة من خلال إصدار صكوك إسلامية، وتعتبر من أفضل مصادر التمويل لإمكانية الحصول على تمويل كبير مقرون، وذلك بانخفاض تكلفة الدين عليها مقارنة بالبدائل الأخرى، وهو ما يتطلب أن تتحول الشركة من شركة عوائد كما كانت عليه سابقا إلى شركة نمو.

واستطاعت الشركة طرح وإقفال صكوك إسلامية في السوق العالمية والمحلية بإجمالي يصل إلى 6.750 مليار ريال (1.8 مليار دولار) منذ عام 2006.

وكان عبد اللطيف الشلاش العضو المنتدب لشركة «دار الأركان»، أكد في وقت سابق أن شركته حصلت على التمويل اللازم لتنفيذ خططها الاستثمارية والإنتاجية بصيغ متعددة، و كان آخرها طرح وإقفال صكوك إسلامية في السوق المحلية بقيمة 750 مليون ريال (200 مليون دولار) مدتها خمس سنوات، مشيرا إلى أن الشركة تسعى لأن تصبح أكبر مطور عقاري في منطقة الخليج العربي بما يجعلها الشريك الأمثل لتحقيق الأهداف التنموية في القطاع العقاري.

إلى ذلك سجل المؤشر العقاري الأسبوعي الصادر عن وزارة العدل لصفقات الأراضي في الرياض والدمام خلال الأسبوع الماضي، مبيعات بلغت 1.4 مليار ريال (374.8 مليون دولار). وسجل ارتفاعا في قيمة الصفقات في الرياض بنسبة بلغت 17.15 في المائة، حيث بلغ إجمالي قيمة الصفقات الأسبوع الماضي 1.1 مليار ريال (293 مليون دولار)، في حين ارتفع المؤشر في صفقات مدينة الدمام شرق البلاد، بنسبة بلغت 2.61 في المائة، حيث بلغ إجمالي قيمة الصفقات 247 مليون ريال (66 مليون دولار).