سيتي سكيب السعودية: محركات شركات التطوير العقاري بحاجة إلى تمويل

السوق السعودية في حاجة إلى ما يقرب من 200 ألف وحدة سكنية سنويا

شهد معرض سيتي سكيب حضورا لافتا في أول دورة له في السعودية (تصوير: مروان الجهني)
TT

أظهر معرض سيتي سكيب السعودية الحاجة الملحة لشركات التطوير العقاري للـ«التمويل»، الذي تسبب في عدد من الإجراءات الإدارية لدى تلك الشركات تتمثل في تخفيض عقود المقاولين، أو تأجيل المشاريع وإلغائها.

وأكد العديد من الخبراء في معرض سيتي سكيب الذي يعقد للمرة الأولى في السعودية، إلى أن التمويل هو الشريان الأساسي لسوق العقارات السعودية، وهو بحاجة إلى عملية الرهن العقاري وهو بمثابة قسطرة لانتعاش ونبض السوق العقارية بشكل أكبر مما هو عليه في البلاد.

وحسب مصادر فإن شركات تواجه معوقات وصعوبات في استكمال مشاريعها، وذلك عائد لشح السيولة لديها، في الوقت الذي شددت فيه البنوك على تمويلات المشاريع من جهة، وارتفعت تكلفة التمويل من جهة أخرى، مما يتسبب في عدم جدوى المشروع. وأعلنت شركة «إعمار الشرق الأوسط» عن إطلاق مبيعات مجموعة جديدة من وحداتها السكنية في مشروع «بحيرات الخُبر»، بمساحات تبدأ من 275 مترا مربعا، وبأسعار مناسبة تبدأ من 1.2 مليون ريال (320 ألف دولار) في خطوة لتعزيز مبيعاتها خلال الفترة الحالية التي تشهد ركود واسعا في سوق العقارات. وقال المهندس علاء عبد الله ساعد، الرئيس التنفيذي لشركة «إعمار الشرق الأوسط» إن شرق السعودية يعتبر من أكثر أسواق العقارات السكنية نموا في المملكة، ومن المتوقع أن يشهد الطلب على توفر الوحدات السكنية فيها زيادة بنسبة تتجاوز 18.9 في المائة.

وقال خالد القحطاني مدير عام مؤسسة تسويق عقاري أن بعض المشاريع تأجلت بسبب قصور في التمويل، وصرف الشركات على الدراسات والتخطيط لمشاريعها، خاصة أن الدراسات العقارية تعتبر مكلفة نظرا لعدم وجود قاعدة بيانات رسمية. وأضاف أن الكثير من المشاريع هي مشاريع مقامة على مجسمات، فلن يستطيع أي من الشركات بناءها ما لم يكن هناك تمويل من قبل البنوك أو جهات التمويل المختلفة، مشيرا إلى أن منظومة التمويل العقارية وما يتبعها من تنظيمات ستساعد بشكل كبير على حل مشكلة التعطل التي تواجهها بعض كبريات شركات التطوير العقاري في البلاد.

وبين القحطاني الذي كان يتحدث على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض سيتي سكيب العقاري أن حجم المشاريع كبير جدا، والحكومة تعمل على تطوير مشاريع ضخمة بمشاركة القطاع الخاص، ولن يمكن الحصول على تمويلات بسهولة عبر طرح اكتتاب أو دخول مستثمرين، كما سيكون هو الحال عند إقرار نظام رهن عقاري، لأن طرح الاكتتاب بحاجة إلى مستثمرين بشكل كبير، أو من خلال ضخ استثمارات هائلة، في قطاع العقارات.

كما ناقش مؤتمر سيتي سكيب احتياجات السوق العقارية، من خلال عدد من المحاور المختلفة، حيث ركز على جانب الشرائح المستهدفة في السوق السعودية، خاصة بما يتعلق بالإسكان والتمويل والمشاريع الحكومية. ودعا عمر القاضي الرئيس والعضو المنتدب لشركة إنجاز للتطوير العمراني الشركات العقارية في السعودية إلى تلبية احتياجات الشريحة المتوسطة في عروضها السكنية التي توفرها.

وأكد القاضي أن غياب الإحصاءات الدقيقة الخاصة بحجم الطلب على المساكن بحاجة إلى تحديث، مشيرا إلى أن بعض هذه الإحصاءات حكومية وبعضها من جهات خاصة، ولافتا إلى أن الإحصاءات الحكومية تشير إلى أن حاجة السوق السعودية تتراوح ما بين 180 ألف وحدة سكنية إلى 200 ألف سنويا، بينما يقدر العقاريون حاجة السوق بما يفوق هذا العدد.

وأضاف «لا توجد إحصائية دقيقة حتى الآن، والكل يتكلم باتجاه مختلف»، وأشار إلى أن شركته عملت على دراسة عن إقبال السكان على القصور، باعتبارها أحد المواضيع التي يناقشها العقاريون، فخرجت بنتيجة أن أغلبية السكان الراغبين بالسكن في قصور، لا يرغبون بشرائها من مطورين عقاريين، وإنما يقومون ببناء هذه القصور حسب تصورهم واحتياجاتهم، وعليه فلا يبقى في السوق سوى شريحتين، شريحة متوسطة وأخرى محدودة الدخل. وذكر القاضي الذي كان يتحدث في جلسة حوار خاصة بتزايد الطلب على المساكن في المملكة، ضمن فعاليات معرض سيتي سكيب الذي أقيم في جدة مؤخرا، أن شريحة محدودي الدخل عادة ما تقوم الحكومات بإيجاد حلول سكنية لها، وهو أمر متعارف عليه، حيث تأتي المساعدات إما عن طريق قروض بنكية أو عن طريق مساعدات مباشرة كما هو موجود لدينا في المملكة من صندوق التنمية العقاري، وبرنامج الملك عبد الله لوالديه، وبرامج الضمان الاجتماعي. وأكد أن التركيز الحقيقي يستهدف الشريحة المتوسطة، لافتا إلى أنها تضم عدة مستويات، حيث تتراوح أسعار الفلل التي تبحث عنها هذه الشريحة بين 800 ألف ريال (213 ألف دولار) إلى 3.5 مليون ريال (933 ألف دولار). وأكد أن ذلك المستوى من الأسعار يمثل الشريحة المستهدفة من المطورين العقاريين، وذلك نظرا لأن هناك طلبا كبيرا على الإسكان في السوق يفوق العرض، ولأن الطلبات التي تتراكم سنة بعد أخرى هي أكثر مما هو موجود، مما ينذر بحدوث أزمة إسكان. ولفت إلى أن المملكة لا تزال في بداية خطواتها في التطوير العقاري الشامل، إذ أن معظم الشركات العقارية الموجودة في السوق عبارة عن شركات للبنية التحتية، مما يجعل شركات التطوير العقاري الشامل لا تزال محدودة. وبين أن الوضع القادم سيفتح المجال للشركات الأجنبية من أوروبية وصينية وأميركية للدخول في السوق السعودية، نظرا لتمتع هذه السوق بعدة خصائص منها وجود عدد كبير من الشركات التي تعمل في مجال المقاولات، وكذلك نحو التمويل بشكل قوي، والارتفاع الكبير في الطلب على العقار. وأكد أن جميع هذه العوامل تضع السوق السعودية على الخارطة الاستثمارية العالمية، متوقعا دخول مستثمرين في المقاولات وفي صناديق التمويل، وآخرين في مجال إدارة المساكن. وكانت شركة «سيتي سكيب» المنظمة لمعرض سيتي سكيب السعودية أفصحت في وقت سابق، عن إبرام صفقات بقيمة 2 مليار ريال (533.3 مليون دولار) خلال أيام المعرض. وقال روحان مارواها المدير التنفيذي لشركة «سيتي سكيب» السعودية «إن مثل هذه الصفقات تخلق علاقات بين الشركات المحلية، والشركات الدولية العالمية».

وقال «إن مجيء الشركات العالمية لتستثمر في السوق السعودية يؤكد متانة سوق المملكة في الظروف الصعبة التي يمر بها العالم من جراء الأزمة المالية العالمية». وأكد أن الكثير من المستثمرين الدوليين أجمعوا على أن السعودية هي البلد الأكثر أمانا للاستثمار من جميع النواحي، معيدا الأسباب إلى أن اقتصاد المملكة القوي، والمميزات التي تمنحها السوق من طلب حقيقي ومتميز، والدعم الحكومي يساعد على نجاحه خلال هذا الوقت الصعب الذي تمر به اقتصاديات العالم.