تقرير: أسعار العقارات تتراجع في كل أنحاء العالم منذ عام

أكد أن الأسواق في دبي ولاتفيا وسنغافورة وأميركا الأكثر تضررا من أزمة الائتمان

يعرف قطاع العقارات تباطؤا عالميا ملحوظا
TT

سجلت أسعار العقارات مزيدا من التراجع حول العالم كما أشارت العديد من التقارير الدولية الأخيرة. ويؤكد آخر تقرير لمؤسسة «غلوبال بربرتي غايد» الدولية بهذا الشأن أن أسعار العقارات تراجعت في الكثير من دول العالم منذ عام حتى الآن، أي بين الربع الأول للعام الماضي (2008) ونهاية الربع الأول من العام الحالي (2009). ويأتي التراجع المتواصل على أسعار العقارات دوليا على خلفية التراجع الاستهلاكي العام، وارتفاع معدلات البطالة وصعوبة الحصول على القروض أو بكلام آخر ندرتها.

وحسب مؤشر «غلوبال» فإن أسعار العقارات تراجعت في 27 دولة من أصل 32 دولة على المؤشر منذ عام حتى الآن.

ويبدو أن 12 دولة عرفت نسبا عالية من التراجع وصلت إلى 10 في المائة، وهي أعلى من نسبة التراجع العام السابق أي بين الربع الأولى لعام 2007 والربع الأول للعام الماضي (2008). كما شهدت 5 دول من دول المؤشر نسبة تراجع أعلى من 5 في المائة في الربع الأول من هذا العام. وكان عدد هذه الدول في الربع الأخير من العام الماضي قد وصل إلى 8 دول. ومع هذا فإن نسب التراجع أكبر في الكثير من الدول مما كانت عليه السنة الماضية. وكما نعرف فإن أسعار العقارات تراجعت بشكل كبير في الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج واسبانيا وغيرها من الأسواق العقارية الأوروبية والآسيوية المهمة، منذ أزمة الائتمان، لكن التقارير الأخيرة ركزت على عدد من المناطق والأسواق العقارية التي تضررت أكثر من غيرها ويبدو أن لائحة المتضررين تضم لاتفيا، التي تعتبر تحت الخطر الأحمر. وتشير الأرقام الأخيرة أن أسعار العقارات في العاصمة ريغا وبشكل خاص الشقق السكنية قد تراجع بنسبة لا تقل عن 50 في المائة منذ مايو (أيار) العام الماضي حتى مايو العام الحالي.. وتراجعت أسعار العقارات خلال الربع الأول من هذا العام بأكثر من 30 في المائة على خلفية الانكماش أو الركود الاقتصادي الكبير في الفترة نفسها والذي وصلت نسبته إلى 18 في المائة. وقد وصل سعر المتر المربع في العاصمة إلى 747 دولارا، بعدما تعدى في السابق إلى 934 دولارا، ووصلت نسبة التراجع على سعر المتر المربع منذ عام 2007 حتى الآن إلى 45 في المائة. بأي حال فإن أسعار العقارات في البلاد تواصل تراجعها منذ بدء أزمة الائتمان الدولية عام 2007 وبدأت بنسبة عالية جدا وصلت إلى 35 في المائة بين عام 2007 وعام 2008.

وبذلك تكون لاتفيا قد سجلت أكبر نسبة تراجع في العالم الماضي.

وفيما بدأ تراجع الأسعار عام 2007 بنسبة 2.8 في المائة، كانت الأسعار قد ارتفعت العام السابق أي عام 2006 بنسبة تصل إلى 62 في المائة وقبل ذلك (عام 2005) بنسبة 35 في المائة.

ويتوقع الكثير من الخبراء أن يتواصل التراجع على الأسعار في البلاد ـ على خلفية الأوضاع الاقتصادية والفوضى التي تشهدها الأسواق ـ خلال العامين المقبلين، ما سيفتح المجال أمام المستثمرين الباحثين عن عقارات رخيصة في الأسواق الأوروبية الناشئة والحديثة. أما دبي فقد جاءت في المرتبة الثانية بين الدول التي كانت أكثر تضررا من تراجع أسعار العقارات، إذ تراجعت الأسعار في الإمارة منذ عام حتى الآن بأكثر من 35 في المائة وبنسبة 42 في الربع السابق لهذه الفترة. ويعود ذلك إلى الارتباط الكبير بين سوق العقارات والنشاط الاقتصادي العالمي، ولذا كانت أكثر تضررا من غيرها من أزمة الائتمان الدولية وفي ظل التقلبات الحاصلة في أسواق المال. وقد تراجع الطلب على العقارات منذ بدء الأزمة عام 2007 من الداخل ومن الخارج كما تم إلغاء الكثير من المشاريع الطموحة وتأجيل العمل في مشاريع أخرى مهمة تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار على الأقل. أضف إلى ذلك شحة القروض وارتفاع معدلات الفائدة منذ بدء الأزمة ومحاولات المسؤولين التأقلم مع التطورات الدولية الجديدة وما يترتب على ذلك من تغيرات في طبيعة عمل الأسواق. وتقول مؤسسة «مورغان ستانلي» المالية المعروفة، إن أسعار العقارات في دبي بدأت تتراجع بشكل حاد بعد ست سنوات من الطفرة العقارية الكبرى. وقد تراجعت هذه الأسعار في الربع الأخير من العام الماضي بنسبة لا تقل عن 25 في المائة عما كانت عليه في الربع الثالث من نفس العام. وحسب المؤسسة فإن قطاع العقارات الفاخرة والفلل كان الأكثر تأثرا بتراجع الأسعار، إذ وصلت نسبة التراجع في الربع الأخير من العام الماضي نسبة إلى الربع الثاني إلى 35 في المائة وهي نسبة عالية جدا بعد سنوات من النمو المضطرد. وفي الربع الأخير من العام الماضي تراجعت أسعار العقارات في منطقة برج دبي بنسبة 25 في المائة عما كانت عليه في الربع الثالث، كما وصل سعر المتر المربع إلى 735 دولارا حسب أرقام مؤسسة «غلوبال انفستمنت هاوس». وتراجعت الأسعار أيضا في مارينا دبي بنسبة لا تقل عن 18 في المائة ليصل سعر المتر المربع إلى 490 دولارا. وكانت أكبر نسبة تراجع في منطقة الجميرة أو نخلة جميرة وخلال أشهر قليلة، بنسبة لا تقل عن 60 في المائة.

وعلى هذا الأساس يكون معدل سعر المتر المربع (في القطاع السكني) في جميع أنحاء الإمارات قد تراجع ليصل إلى 482 دولارا نهاية العام الماضي. ورغم أن شركة تمويل للإقراض العقاري نفت تعليقها منح قروض عقارية جديدة وقالت إنها لا تعتزم ذلك، أكدت منافستها أملاك أنها علقت الإقراض مع تأثر القطاع العقاري في دبي المركز التجاري لمنطقة الخليج بأزمة الائتمان الدولية. وما يجدر ذكره هنا أن هاتين الشركتين من أكبر شركات أو مؤسسات الإقراض العقاري في دولة الإمارات وتقدمان 50 في المائة تقريبا من القروض العقارية الممنوحة عادة. وفي القارة الآسيوية، يقول تقرير مؤسسة «غلوبال» إن سنغافورة كانت أكثر البلدان تأثرا بتراجع أسعار العقارات بعد أزمة الائتمان الدولية. وقد تراجعت أسعار العقارية منذ سنة حتى الآن بنسبة لا تقل عن 23 في المائة بعدما تراجعت بنسبة 13 في المائة الربع السابق لهذه الفترة. وهذه أكبر نسبة تراجع على أسعار العقارات السكنية منذ عام 2000 كما يبدو.

ويعود ذلك على الأرجح إلى التطورات السلبية الاقتصادية بشكل عام إذ أن سنغافورة من الدول التي تعتمد على التصدير وقد تراجع أداء هذا القطاع منذ بدء أزمة الائتمان بشكل كبير، مما أدى إلى انكماش الاقتصاد العام الماضي بنسبة 10 في المائة وارتفاع معدل التضخم. بأي حال فإن التراجع الحاد على الأسعار بدأ في الربع الثالث للعام الماضي بعد أربع سنوات من النمو. وكانت نسبة التراجع ترتفع بنسبة 1.8 في المائة من ربع إلى آخر لأول مرة منذ عام 2004.

وفيما تراجع النمو السنوي على الأسعار ليصل إلى 8 في المائة أو أكثر فإن ذلك أقل بكثير من نسبة النمو التي وصلت إلى 31 في المائة سنويا قبل عام 2007. وكانت أسعار العقارات قد بدأت تتعافى اثر الأزمة الآسيوية المالية، وبدأت ترتفع في عام 2005 وسجلت نسبة ارتفاع لا تقل عن 23 في المائة عام 2007 و7.5 في المائة في العام السابق (2006).

وبعد سنغافورة تأتي الولايات المتحدة التي لا يبدو أن هناك أي علامات على تعافي الأسواق فيها، إذ سجلت الأرقام الأخيرة تراجعا بنسبة 19 في المائة نهاية الربع الأول من العام الحالي مقارنة بما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي. ويقول مؤشر «كيس ـ شيلار» إن تراجع الأسعار في الربع الأول من هذا العام كان أكثر بنسبة 6.5 في المائة عما كانت عليه في الربع الأخير من العام الماضي حيث وصلت إلى 4.5 في المائة.

وبعد ذلك تأتي بلغاريا، التي كانت تعتبر من أهم وأقوى الأسواق العقارية الناشئة في أوروبا الشرقية، إذ تراجعت الأسعار من عام بنسبة لا تقل عن 14 في المائة، وقد بدأ التراجع الحاد على الأسعار في الربع الأخير من العام الماضي مترافقا مع تراجع الطلب الأجنبي والأوروبي بشكل خاص نتيجة أزمة الائتمان.

وكالكثير من الدول بدء التراجع الحاد على الأسعار في بلغاريا في الربع الأخير من العام الماضي وبعد نمو مضطرد في الفترات السابقة أو الربع الأول والربع الثاني والربع الثالث. ووصلت نسبة التراجع في الربع الأخير من العام الماضي إلى 4.1 في المائة. ووصل سعر المتر المربع في القطاع السكني إلى 695 دولارا، حسب أرقام مؤسسة الإحصاء الرسمية في البلاد. وبشكل عام وصلت النسبة السنوية لنمو الأسعار العام الماضي إلى 9 في المائة تقريبا. وكانت هذه النسبة قد وصلت إلى 27 في المائة العام السابق أي 2007 وقبل ذلك (2006) وصلت إلى 16 في المائة وقبلها (2005) إلى 37 في المائة. وكما هو معروف فقد أدى انضمام بلغاريا إلى السوق الأوروبية المشتركة عام 2007 قد جذب الكثير من المستثمرين والمشترين من الدول الأوروبية وخصوصا بريطانيا وايرلندا وروسيا. وقد شهد قطاع البناء في البلاد نموا بنسبة 4 في المائة بين عامي 20054 و2008. على عكس ما يحصل الآن، إذ تراجعت الأذون العقارية وأذون وتصاريح البناء بنسبة 15 في المائة منذ بداية العام الحالي. وتراجع عدد المستثمرين الأجانب أيضا، مع توقف الكثير من المشاريع وتأجيل البعض الآخر وخصوصا في المناطق الساحلية السياحية. ومع هذا فإن هناك عددا من الدول التي شهدت تطورات معاكسة على صعيد الأسعار ونموها على قلتها. ومن هذه الدول بالطبع سويسرا التي شهدت ارتفاع بدل «تراجع» على الأسعار بنسبة 4 في المائة نهاية الربع الأول من هذا العام نسبة إلى ما كانت عليه في نفس الفترة العام الماضي. ويعود ذلك كما يبدو إلى ارتفاع الطلب على العقارات نتيجة ارتفاع عدد الأجانب في البلاد وتراجع معدلات الفائدة. وهذه أول نسبة ارتفاع ملحوظة على الأسعار في الأسواق العقارية السكنية في سويسرا منذ عام 2006. كما ارتفعت أسعار العقارات أيضا في النمسا بنسبة 3 في المائة في نهاية الربع الأول من هذا العام بعد أن سجلت تراجعا بنسبة مماثلة خلال العام الماضي. وشهدت العاصمة فيينا ارتفاعا على الأسعار بنفس النسبة أيضا.