اليونسكو تتبنى الحفاظ على الإرث العقاري المتوسطي

وسط تأكيدات على «أن القوة التاريخية يمكن أن تصبح رأس مال للحاضر والمستقبل»

TT

بعد «يوم فينيقي» عقد في اليونسكو، بمبادرة من رئيسة «مؤسسة صور» اللبنانية «والجمعية الدولية لإنقاذ صور» مهى الخليل الشلبي، بحضور باقة من الخبراء الدوليين والمسؤولين الفرنسيين والمتوسطيين والسفراء، والأكاديميين، وعلماء الآثار والإعلاميين تم التوقيع على شرعة إنشاء «رابطة المدن الكنعانية والفينيقية والبونية»، وإطلاق مشروع «طريق الفينيقيين».

والملاحظ أن هذا المشروع الذي وضعته الشلبي أخذ منحى عالمياً بسبب مروحة المدن المنخرطة في هذا المشروع (قرطاج، قادس، لارنكا، بيبلوس وبيروت، مارسالا في صقلية، واريستانو في سردينيا) وبعده المتوسطي في هذه الفترة التي تشهد ولادة «الاتحاد من اجل المتوسط»، والقواسم المشتركة بين تلك المدن على الصعد التراثية والبيئية والسياحية والثقافية.

وتعتبر الشلبي أن هذه الرابطة هي نواة رابطة أوسع تضم أغلبية المدن المتوسطية ذات التراث المشترك الكنعاني، الفينيقي والبوني». وتشير الشرعة في مقدمتها إلى «أن هذه المدن، بعيداً عن مصائرها المختلفة وسلوكها المتنوع، تسعى اليوم إلى إعادة خلق تيار من المبادلات، وتطمح إلى تطوير التعاون في مختلف المجالات، وتقاسم الخبرات. تريد أن توحد جهودها من أجل المساعدة على حفظ السلام في المنطقة».

وتقول حاملة مشعل إنقاذ صور منذ أكثر من ربع قرن، إن هذه الرابطة ستضم كل المدن التي أسسها أو زارها الكنعانيون، والفينيقيون، والبونيون، وهي تقع كلها في محيط حوض المتوسط (الجزائر، قبرص، مصر، اسبانيا، فرنسا، الباليار، جبل طارق، بريطانيا، اليونان، صقلية، سردينيا، سلطنة عمان، البرتغال، مراكش، لبنان، مالطة، قطر، سورية، تونس، تركيا واليمن).

وتضيف: «أن الرابطة، كرمز للمبادلات والصداقة بين الشعوب، يمكن أن تساهم في تحقيق مشاريع مختلفة، من خلال نقل المعرفة والخبرة، كإنشاء المحترفات النقالة التي تسمح بإعداد الاختصاصيين، وتسويق المنتجات النوعية انطلاقاً من هيكلية نقالة في صور تسمح بالحفاظ على تراثها الألفي. ويمكن لهذه التجربة أن تتكرر في كل مدن الرابطة».

وبالإضافة إلى ذلك، يهدف المشروع إلى إنشاء متحف في صور هدفه إظهار الآثار وسط البيئة التي اكتشفت فيها (حديقة آثار). ومن المهم الإشارة إلى أن المهندسة المعمارية زها حديد قبلت بوضع تصميم لهذا المجمع العلمي، تساعدها لجنة مكونة من رؤساء بلديات عشر مدن هي: بيبلوس، صيدا، لارنكا، مالطة، كاغلياري، برشلونة، قرطاج، قادس، لشبونة، وصور بالطبع.

وتنص الشرعة وبرنامج العمل على إنشاء أربع لجان: لجنة ثقافة وتربية (للتعاون الجامعي)، لجنة سياحية ثقافية (تنظيم مناسبات تدور حول «طريق الفينيقيين»)، لجنة تنمية وحرف ومؤسسات صغيرة ومتوسطة وبيئة (من أجل دراسة مشكلات الساحل وتلوث المتوسط، وإيجاد الحلول لها) على أن يعقد مؤتمر سنوي في إحدى مدن الرابطة حول هذه المواضيع.

وفيما اعتبرت نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، رودي كراتزا «أن المشروع يذكرنا بأن القوة التاريخية يمكن أن تصبح رأس مال للحاضر والمستقبل»، رأى هيرفيه دو شاريت «أن الفينيقيين كانوا أول من ربط شرق المتوسط وغربه، وكانوا أول من أرسوا لبنة الاتحاد من أجل المتوسط قبل الميلاد بنحو 1300 سنة».

وتقتضي الإشارة إلى أن المشروع اختار بناء سفينة تجارية فينيقية تعود إلى القرنين السابع والثامن قبل الميلاد، طولها 25 متراً وعرضها 5 أمتار، مع شراع، ويمكن أن تتسع لطاقم من 20 شخصاً. وستمخر المتوسط انطلاقاً من قادس فقرطاج فصور، متوقفة في بعض المدن البونية في حوض المتوسط. وستجهز السفينة بالتجهيزات التقنية الضرورية (اتصالات، جهازين تلفزيوني وإذاعي) تؤمن الحد الأقصى من الأمان. أما في شأن الطاقم فسيتكون من ملاحين شديدي الخبرة، من أبناء صور وقادس. وفي كل استراحة سينضم إليهم تلامذة المدارس البحرية والملاحية، فضلاً عن تلامذة المدارس العلمية والصحافيين. وستنشأ لجان محلية برئاسة رؤساء البلديات تكون مسؤولة عن كل الجوانب المتعلقة باستقبال السفينة والاحتفالات المنظمة لهذه المناسبة.