شركتان تتوليان تجديد عمارات وسط القاهرة لتحويلها إلى منطقة تجارية وإدارية وترفيهية

في محاولة للحفاظ على طابعها المعماري المميز

TT

هي بنايات ذات طبيعة خاصة، أسسها مهندسون أجانب، يصعب أن ترى مثلها في جميع أنحاء مصر أو في الوطن العربي، تمر بجوارها فتشعر بالتاريخ، هي بنايات وسط القاهرة التي تذخر بعمارات بُنيت منذ الخمسينات، ذات القباب والأبواب والشبابيك العالية، ذات الزخارف والفن المعماري الأصيل.

هي بمثابة تراث لمصر، تعطي انطباعا أوروبيا، إلا أن عوامل الزمن قد محت منها علامات التاريخ، وتحتاج إلى لمسة لكي تبدي سحرها كي تفوح طبيعتها على المارين بدروبها. لم يكن في إمكان الدولة أن تحافظ على تلك البنايات سوى من خلال إصدار بعض التشريعات، التي لم تكن كافية للحفاظ على المظهر الجمالي والحضاري لمنطقة وسط القاهرة المعروفة باسم «وسط البلد»، التي في الغالب تشير إلى تاريخ المنطقة، كما في الكثير من مناطق وسط البلد في كثير من الدول الأوروبية والعربية.

هي بمثابة كنز، إذا تم اكتشافه فسيدر الكثير على أصحابه، هذا ما اكتشفته شركة «الإسماعيلية»، التي تنبأت بتلك المنطقة وبدأت في شراء تلك البنايات والاستعداد لتجديدها. ولم يكن الهدف هو المحافظة على طابعها التاريخي أو إحياء وسط البلد فقط، بل كان هدفها استثماريا، ولن يتحقق هذا الهدف إلا من خلال إعادة الروح إلى تلك البنايات التي تحمل بين طياتها تاريخ مصر وتحولاتها الاجتماعية. يقول كريم الشافعي رئيس مجلس إدارة شركة «الإسماعيلية» لـ«الشرق الأوسط» إن بداية التفكير في المشروع هي إعطاء قيمة مضافة إلى تلك البنايات بعد أن تدهورت أحوالها بعد وفاة ملاكها، مشيرا إلى أنه تم استثمار نحو 308 ملايين جنيه في شراء نحو 11 عمارة من عمارات وسط البلد، التي تحمل طابعا تاريخيا، وتنوي الشركة استثمار نحو 448 مليون جنيه أخرى في شراء مزيد من العمارات في تلك المنطقة لترميمها وإعادة الحياة بها. أضاف الشافعي أنه تم شراء إحدى دور السينما في تلك المنطقة، وهي سينما «راديو» لكي يكون مشروعا متكاملا يجمع بين الأغراض التجارية والإدارية والترفيهية. ويتابع الشافعي حديثه قائلا: «لم تكن التشريعات كافية للحفاظ على منطقة وسط البلد، التي تعدّ أحد معالم مصر، وكان هذا واضحا في شكل المباني التي تدهورت بشكل كبير».

ويقول الشافعي: «لم نجد صعوبة في إخلاء العقارات أو إقناع أصحابها بالخروج منها»، وأضاف أن سكان أغلب تلك البنايات ينتقلون للسكن في مناطق أخرى بعد أن أهمل الملاك ترميمها ونظافتها، فضلا عن تدهور أحوال المصاعد والدرج، وكان هذا عاملا كبيرا في سرعة إقناعهم ببيع وحداتهم التي تكون في الغالب مؤجرة تبعا للقانون القديم الذي يجيز تأجير العقار وتوريثه دون زيادة في الأجر، أما بالنسبة إلى ملاك العقار فكان فكرة بيعه جيدة بالنسبة إليهم بسبب ضعف العائد من هذا العقار، إلى جانب تشتت الملاك الوارثين لهذا العقار بين أكثر من فرد مما يجعل عائده بالنسبة إليهم زهيدا جدا». إلا أن عملية إحياء منطقة وسط البلد قد تستغرق ما بين 10 إلى 15 عاما، بحسب الشافعي الذي يؤكد أن العائد من الاستثمارات التي تنفق على تلك البنايات لن تكون آنية، وطالب الحكومة أيضا أن تقف بجانبهم لجعل تلك المنطقة أفضل مما هي عليه الآن، من خلال الحد من الزخم المروري في تلك المنطقة.

وأشار الشافعي إلى أنه إذا نجح المشروع فقد تقوم شركته بالتوسع في المناطق المجاورة لوسط البلد التي توجد بها بنايات تحمل طابعا تاريخيا مثل أحياء عابدين ورمسيس.

ولم تكن شركة «الإسماعيلية» فقط هي التي فكرت في هذا الموضوع، ولكن سبقتها في ذلك الشركة القابضة للتأمين التي تملك أغلب بنايات وسط البلد، وأشارت الشركة إلى أنها ستسعى أيضا لتجديد تلك البنايات، وتحويل منطقة وسط البلد إلى منطقة للمشاة فقط.