السعودية: بوادر تحركات بنكية لمواكبة إقرار الرهن العقاري العام الحالي

خبراء عقاريون يؤكدون أن الرهون ستعمل على إيجاد منافسة بين المصارف.. وتنظيم العلاقة بينها وبين المطورين والأفراد

الرهن العقاري سيعمل على تنظيم العلاقة بين البنوك وبين المطورين والأفراد في السوق العقارية السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت بوادر تحركات عقارية وبنكية لاستقبال نظام الرهن العقاري، الذي يتوقع أن يقر خلال الفترة المقبلة من العام الحالي، بناء على ما أعلنه وزير المالية السعودي خلال الفترة الماضية.

وأكد عاملون في القطاع العقاري أن نظام الرهن العقاري سيساهم في تنشيط وتطوير برامج البنوك والمؤسسات التمويلية، مما سيساهم أيضا في دعم الأفراد والمؤسسات، وشركات التطوير العقاري بشكل أكبر. وقال عبد الكريم أبو النصر المدير التنفيذي للبنك الأهلي، إن إقرار نظام الرهن العقاري سيسهم في تطوير برامج البنوك إلى الأفضل، وذلك من خلال إصدار تعاون بين القطاع البنكي والعقاري، مشيرا إلى أنه إذا ما وجد إطار قانوني يحكم العلاقة بين الأطراف، أسهم ذلك في عملية ابتكار عمليات جديدة والتوسع فيها.

وأضاف أنه في الفترة المقبلة سيكون هناك نشاط أكبر في مجال التمويل العقاري، إضافة إلى خلق روح التنافس بين البنوك من خلال برنامج الرهن العقاري لجذب أكبر شريحة من العملاء.

وأشار إلى أن التمويل العقاري سيأخذ طريقين بين القطاع البنكي وبين المستفيدين، حيث سيتم تمويل شركات التطوير العقاري، التي ستعمل على بناء المساكن والمجمعات الضخمة، في الوقت الذي يأخذ الطريق الثاني تمويل الأفراد لتملك المساكن.

وأضاف أن البنوك المحلية تعمل على تمويل عقاري للأفراد، إلا أنه وصف ذلك التمويل بالمحدود خلال الفترة الماضية، ولفت أن التطوير العقاري في السعودية تحول إلى صناعة، ولم يعد عملا فرديا كما كان في السابق. وأبان إلى أن برامج البنوك خلال الفترة الماضية كانت تعمل بشكل جيد، إلا أن إقرار الرهن العقاري واعتماده، سيعزز توجه البنوك لدعم بشكل أكبر، مبينا أن من الشروط التي ينبغي أن تتوفر في المقترض أن يكون قادرا على الوفاء والسداد، وأن يكون لديه مصدر دخل واضح.

وأشار إلى أن المقترض يجب أن يتملك عقارا يتناسب مع إمكانياته والضوابط التي تضعها البنوك من جودة البناء، والاحتفاظ بالقيمة على المدى الطويل، وذلك لما تسعى إليه البنوك في إطار حماية المدخرات، والودائع التي لديها، بقيامها أخذ مخاطر تتناسب مع ما تراه مناسبا لها.

من جهته أكد تقرير شركة «جونغ لانغ لاسال» للدراسات العقارية، أن الرهن العقاري في السعودية سيعمل على إضافة نقاط إيجابية في السوق العقارية في المملكة، في الوقت الذي سيواجه أيضا عقبات تقف أمام تطبيقه.

وبين أن النقاط الإيجابية تتمثل في أن الرهن العقاري سيكون الإطار الشرعي لمسألة الاقتراض، حيث يطبق الرهن قوانين الشريعة الإسلامية في التعاملات المالية مما سيساعد في ازدياد طالبي القروض وازدياد الطلب على السكن.

بالإضافة إلى أن التقرير يؤكد أن الرهن سيعمل على ازدياد أعداد الراغبين في تملك السكن، وبالتالي نقص الطلب على الوحدات السكنية التأجيرية، وتحقيق جانب الضغط على أسعار الوحدات السكنية مما سيؤدي إلى انخفاض أسعار البيع والتنافس بين المطورين، ويحفز المطورين المحليين على زيادة بناء الوحدات السكنية مما يساهم في دفع عجلة التنمية من جانب قطاع المقاولات والجوانب المرتبطة به.

وقالت «جونغ لانغ لاسال» في تقريرها إن من الجوانب الإيجابية في الرهن العقاري أيضا تخفيض معدلات التضخم في الاقتصاد، واستقطاب التحالفات والمطورين العقاريين من خارج المملكة، لسد الفجوة في الطلب على السكن، إضافة إلى رفع مستوى المنتجات العقارية من حيث النوعية، حيث إن الرهن العقاري له اشتراطات معينة في قبول المسكن مما يعزز نوعية المساكن المطلوبة، وبالتالي رفع مستوى المنازل من حيث البناء من قبل المطورين.

وبين التقرير أنه من الناحية المالية ـ التمويل ـ ستشهد السوق دخول محركين ومستثمرين عالميين لتغطية احتياجات السوق السعودية من الناحية التمويلية، واستحداث أدوات تمويلية جديدة بالإضافة إلى تطوير التشريعات الحالية في التمويل من الناحية الشرعية (التمويل الإسلامي)، والسماح للشركات الممولة والمطورة بإصدار الصكوك والسندات الإسلامية، وازدياد الاستثمار في الصناديق العقارية بكافة أنواعها.

إضافة إلى صدور تشريعات جديدة بخصوص الوساطة العقارية والسوق الثانوية للتداول العقاري والمالي في الاستثمار العقاري.

في حين لخص التقرير عددا من النقاط السلبية أو ما وصفها بالعقبات التي ستواجه الرهن العقاري والمتمثلة في عدم انطباق شروط الرهن العقاري المتوقعة على الموجود حاليا في السوق العقارية من الوحدات السكنية، حيث يتوقع أن يكون ما بين 30 إلى 40 في المائة من السكن الحالي لا يفي باشتراطات الرهن العقاري المحلي أو العالمي.

وأشار التقرير إلى أن صحة تملك بعض العقارات، والمبالغة بالتقييم للعقارات سيؤدي ذلك ولا شك إلى عقبة حقيقية في وجه الرهن العقاري بالإضافة إلى الاشتراطات البنكية من حيث معدلات الدخل وتحويل الراتب والضمانات.

وفي الجانب الآخر كشف تركي فدعق المحلل المالي أن الرهن العقاري يعتبر منظومة من القوانين، ويتكون من خمسة أنظمة مرتبطة فيما بينها، وأكد أنه في حال صدوره فإنه سيغطي جوانب التمويل، والرهن العقاري، والبرامج المتعلقة بتملك الأفراد للمنازل.

وأكد أن مثل هذا القرار سينشط أعمال البنوك في عمليات التمويل الإسكاني، مشيرا إلى أن حجم الودائع الموجودة في المصارف السعودية عالٍ جدا، في الوقت الذي تبحث فيه عن قنوات للتمويل، مما سيساعد الرهن العقاري على إيجاد الطريقة المثلى للاستفادة من تلك الأموال.

وأضاف فدعق أن منظومة الرهن العقاري ستعالج جميع الجوانب الفنية والقانونية، منوها إلى أن الإدارة الحكومية لا بد أن تكون ذات فعالية أكثر. إلى ذلك قال محمد البر الخبير العقاري إن نظام الرهن العقاري مرتبط بالتنظيمات والتشريعات الأخرى كالتسجيل العيني للعقار، ومدى استعداد البنوك الداخلية والخارجية للإقراض في ظل الأزمة المالية الحالية، ومدى انطباق الشروط البنكية على طالبي القروض.

وأكد أن العاملين على الرهن العقاري بحاجة إلى معرفة معدلات التعثر في السداد لدى المجتمع بسبب قروض غير متعلقة بالإسكان، وخاصة ما حصل في سوق الأسهم في السنوات الماضية.

وبما يتعلق بالجانب القانوني أشار خالد المحمادي، مستشار ومحام، إلى أن الرهن العقاري سيعمل على تنظيم العلاقة بين الأطراف المستفيدة في ما يتعلق بالتمويل وتملك المساكن، وأضاف أنه في حال وجود تعثر أو عدم سداد، سيتم بيع العقار بالقيمة التي تكفي الرهن.

وتوقع أن يصاحب إقرار الرهن العقاري ركود في الطلب على العقارات، معيدا الأسباب إلى الترقب الذي يوازي كل ظاهرة جديدة في الأسواق العقارية.