زيادة المساحة الشاغرة في العقارات التجارية الأميركية 13.1%

مانهاتن.. إيجارات أقل وصفقات أفضل

TT

كما هو الحال مع الكثير من صناديق التحوط، أانفق «أمبر كابيتال» بسخاء في فترات الازدهار، وضخ 8 ملايين دولار في مكاتبه الجديدة في الطابق السابع والخمسين بـ601 ليكسينغتون أفينيو داخل البرج ذي الزاوية في الشارع الـ53 الذي يعرف بـ«مركز سيتي غروب» حتى نهاية العام الحالي. واستخدمت الأموال لشراء أثاث مصنوع خصيصا به لمسات فاخرة مع أحدث أنظمة الاتصالات ووسائل التهوية والأنظمة الصوتية. وفي العام الماضي، عندما تراجعت ثروات الشركة، طرحت «أمبر» مكاتبها في سوق التأجير بالباطن. ولكن، لم تكن هناك رغبة لدى المستأجرين المحتملين في التأجير بسبب مستقبل الشركة الذي يحفه الكثير من الشكوك، حيث إنه لو تعثر النشاط التجاري، سيكون من حق «أمبر» قانونيا إلغاء التأجير، ويمكن بذلك أن يكون حق المستأجر بالباطن في المساحة عرضة للخطر، ويؤدي إلى حالة من الاضطراب ذات كلفة كبيرة. وأخيرا وافق مستأجر جديد، وهو شركة برازيلية تدعى «بي تي جي إنفستمنتس»، على الحصول على المساحة التي يعرضها «أمبر»، ولكن بدلا من أن تكون الشركة مستأجرا بالباطن، وقعت «بي تي جي» عقد إيجار لمدة ثمانية أعوام ونصف مباشرة مع صاحب العقار «بوستن للعقارات». وعلى الرغم من أن إيجارات المكاتب في مانهاتن استمرت في التراجع خلال الربع الثاني من العام، ظهرت بعض المؤشرات على الحياة خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتقول سينثيا واسربرغر، وهي مديرة إدارية في شركة السمسرة الوطنية «جونز لانغ لاسال»: «لقد تعرضت حالة الشلل إلى هزة».

وعلى سبيل المثال، تم تأجير نحو 1.5 مليون قدم مربع في يونيو (حزيران)، وهذه زيادة كبيرة مقارنة بـ980.000 قدم مربع أُجرت في مايو (أيار)، حسب ما أفادت به شركة السمسرة «سي بي ريتشارد إليز». ولكن، بصورة غير مسبوقة يذهب المستأجرون إلى أقصى مدى لحماية أنفسهم في الوقت الذي يستفيدون فيه من الصفقات الجيدة. ويقول براين جي غولدمان، وهو مدير إداري تنفيذي في «نيومارك نايت فرانك» وسمسار لدى «بي تي جي»: «لم تكن هناك حتى فرصة لأن نقوم باستئجار من الباطن مع (أمبر)». ولم يناقش غولدمان بنود الصفقة، ولكن قال حرفيون آخرون في مجال العقارات، إن «بي تي جي» لم تحصل على الفائدة المرجوة من مكتب فخم تسليم مفتاح وحسب، ولكنها ناقشت أيضا إيجارا سنويا يبدأ من 78 دولارا للقدم المربع، مع سبعة أشهر دون إيجار وهي صفقة أفضل كثيرا مما كانت لدى «أمبر» بـ110 دولارات في القدم المربع. ويُقال إن «أمبر» دفعت لصاحب العقار مبلغا لم يكشف عنه لإنهاء إيجاره. ولم يعلق «بوستن للعقارات» ولا «أمبر» على ذلك. ويواجه الكثير من أصحاب العقارات الذين اشتروا أو أعادوا تمويل عقاراتهم في ذروة السوق تحديات خلال العامين المقبلين، ولذا نجد أن المستأجرين يسعون للحصول على ضمانات قانونية بأنه لن يكون عليهم الانتقال إذا تغير مالك العقار. ويقول سماسرة إن البعض يدفع أصحاب العقارات إلى تأسيس أرصدة لصالح طرف ثالث لضمان تنفيذ التعهدات الخاصة بإعادة التجديد. وعلى الرغم من الزيادة البسيطة في عقود الإيجار الجديدة والتي تم تجديدها في الربع الذي ينتهي في 30 يونيو (حزيران)، فإن نسبة المساحة الشاغرة في الوقت الحالي أو التي سوف تكون متاحة خلال عام زادت بنسبة 13.1 في المائة، مقارنة بـ11.8 في المائة في 31 مارس (آذار)، حسب ما تفيد به شركة «ستودلي» للسمسرة التي تمثل المستأجرين. وقرابة ثلث المساحة المتاحة مطروحة للإيجار من الباطن. وبالنسبة للمباني الأنيقة في ميدتاون، فإن نسبة الأبنية المتاحة تبلغ 15.1 في المائة، وهو أعلى معدل منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي. ومع ذلك، لا يزال الإيجار السنوي المطلوب الذي يبلغ في المتوسط 53.76 دولار للقدم المربع لمساحة مكتبية في مانهاتن، والذي يعد أقل بنسبة 22.4 في المائة مقارنة بالمعدلات قبل عام، أكبر بنسبة 50 في المائة إذا قورن بما كان عليه عندما كان التباطؤ الأخير في العقارات ينتهي في 2003، حسب ما يقوله ستيفين كوتس، الذي يدير خدمات الأبحاث القومية بشركة «ستودلي».

ويقول بين فريدلاند، وهو نائب رئيس بارز في «سي بي ريتشارد إليز»، إنه حتى الأسابيع القليلة الماضية لم تحدث سوى القليل من عمليات الإيجار، وإنه كان من المستحيل إيجاد مؤشر يُعتمد عليه على الوضع الفعلي للإيجارات. والفارق بين ما يطلبه أصحاب العقارات وما يقبلونه تختلف من صفقة لأخرى. ويقول فريدلاند: «في الوقت الحالي نجد أن الفجوة بين السعر المطلوب والإيجار الذي يحصل عليه صاحب العقار يأخذ منحى مستقرا».

وفي مطلع العام الحالي، كان المستأجرون وأصحاب العقارات يستهلكون الوقت، ويقومون بالتوقيع على تجديد لعقود الإيجار على المدى القصير بدلا من عقود إيجار معيارية، حسب ما يقوله سماسرة وأصحاب عقارات. وبغض النظر عما إذا كانت الإيجارات قد بلغت النقطة الدنيا، فهناك مؤشرات قوية على أن المستأجرين يستفيدون من قدرتهم التفاوضية، ولديهم رغبة تتزايد على الحصول على التزامات على المدى الطويل. ويقول ستيفن إم دورلز، مدير التأجير بـ«إس إل غرين» المالك الأكبر لمكاتب بمانهاتن: «لديهم وضوح أفضل فيما يتعلق بالطريق الذي تتجه إليه أنشطتهم التجارية. وقد أصبح ملاك العقارات أكثر واقعية، ويدرك المستأجرون أنه عملية تصحيح كبيرة في الأسعار».

وتضمنت المجموعة القليلة من الصفقات التي انتهت في الربع الأخير مساحة مكتبية تبلغ 100.000 قدم مربع أو أكثر، وجميعها كان عبارة عن عقود تجديد. وستقوم «بونير كوربوريشن»، وهي شركة ناشرة لمجلة، بتأجير بالباطن لمساحة تبلغ 100.700 قدم مربع كانت تشغلها في السابق شركة «تريبيون» في 2 بارك أفينيو، في الشارع الـ33، ولكنها وقعت أخيرا عقد إيجار مباشر مع صاحب العقار، «إل آند إل هولدينغ». ويقول ديفيد دبليو ليفينسون، المسؤول التنفيذي الرئيس في «إل آند إل»: «إنه يتفق إلى حد ما مع ما تراه، حيث يمكن لمستأجر البقاء ولا يتحمل تكلفة الانتقال».

ويقول ليفينسون إن شركة «شوتيم نتوركس» كانت تريد الانتقال إلى عقار يتبع «إل آند إل» في 200 فيفث أفينيو، مركز ألعاب الصغار الدولي سابقا، ولكنها قررت الانتظار في مساحة تبلغ 144.000 قدم مربع في 1633 برودواي في الشارع الـ50 لأنه سوف تكون هناك تكلفة كبيرة جدا في الانتقال. ولكن، يحتاج بعض المستأجرين الأصغر والمتوسطين الانتقال من أجل صالح أعمالهم التجارية. فعلى سبيل المثال، نشأت شركة «ماركوم» للمحاسبة التي يوجد بها 200 موظف في مانهاتن بمكاتبها الحالية في وسط مدينة نيويورك، وكانت على وشك تأجير مساحات أكبر في سبتمبر (أيلول) الماضي في 733 ثيرد أفينيو في الشارع الـ45 مقابل إيجار سنوي يبلغ 65 دولارا في القدم المربع. ولكن بعد ذلك انهار «ليمان براذرز». ويقول جيفري إم وينر، وهو شريك إداري: «قررنا الانتظار شهرين لنرى ماذا سوف يحدث في السوق». وفي مايو (أيار) استأجرت «ماركوم» طابقين في 750 ثيرد أفينيو مقابل 50 دولارا للقدم المربع، ويعد ذلك توفيرا كبيرا، حسب ما يقول وينر. ومن المستأجرين الآخرين الذين استفادوا من تقلبات السوق شركة «ديركت أكسس بارتنرز» التي تسعى إلى توسيع مكاتبها مع احتفاظها بقربها من بورصة نيويورك، وعنوانها في وول ستريت إن أمكن ذلك. ويقول رئيس الشركة جيمس بي كرايغ إن مكاتبها في 14 وول ستريت أصبحت ضيقة للغاية، لدرجة أن الشركة قامت بوضع مكاتب عمل في غرفة المؤتمرات. وكان كرايغ يتطلع إلى 40 وول خلال العام الماضي، ولكنه يقول إنه كان سينفق 35 في المائة أكثر إذا وقع عقد إيجار على الفور. ولم يتخذ كرايغ قرارا حتى الآن، ويقول: «كلما طال انتظاري انخفضت الأسعار». وتقول روث كولب هابر، سمسار كرايغ كما أنها شريك في «وارتون بروبرتي أدفيزرز» إن أصحاب العقارات كانوا مستعدين لتقديم ما يبلغ قيمة إيجار لمدة عام واستثمار 80 دولارا في القدم المربع لبناء مكاتب جديدة. وتضيف روث: «بالنسبة لهؤلاء اللاعبين البارعين في الساحة المالية، توجد الكثير من الفرص الكبيرة».

وينتهز بعض المستأجرين الفرصة للانتقال إلى أماكن أكثر فخامة. وتقول واسربرغر إن المستأجرين الذين كانوا يواجهون أسعارا أكبر من استطاعتهم في وسط مدينة نيويورك يجدون أن هذا الوضع لم يعد قائما. وكان لعميلها، شركة «إنر ووركينغز»، مكاتب متفرقة في ثلاثة أماكن داخل وسط المدينة. ولكن كانت الشركة تريد أن تجمع هذه المكاتب وتوفر بعض المال وبناء مكتب بنفس الدرجة في مقرها بشيكاغو. وقبل شهر، وقعت شركة «إنر ووركينغز» عقد إيجار للطابق الثاني والعشرين في 1440 برودواي في الشارع الـ40. ويقول المدير الإداري ديفيد فريوندليتش: «كنا قادرين على تنفيذ هدفنا الاستراتيجي ونجمع الجميع في مكان واحد، وكنا قادرين على الاستفادة من ظروف السوق وتأجير مكان له قيمة أعلى مقارنة بالأماكن التي كنا فيها».

*خدمة «نيويورك تايمز»