السعودية: 40 مليار دولار حجم الإنفاق على الإيجارات سنوياً

دعوا جهات التمويل إلى تقديم العقارات بدلا من القروض

الإيجارات تستنفد 40 في المائة من مدخولات الأفراد («الشرق الأوسط»)
TT

قدر خبراء عقاريون لـ«الشرق الأوسط» حجم ما ينفقه السعوديون على شكل إيجارات لمساكن سنويا بنحو 150 مليار ريال (40 مليار دولار)، وهو ما يشكل 40 في المائة من دخولهم الشهرية، في الوقت الذي يمثل السكان الذين لا يملكون مساكن نحو 70 في المائة.

وقدر الخبراء حجم الأراضي المبنية على شكل مساكن في السعودية بنحو 15 في المائة من مساحة البلاد، والمقدرة بنحو 2.25 مليون متر مربع، ويقطنها نحو 22 مليون نسمة وفق آخر الإحصائيات الرسمية، داعين في الوقت ذاته تبني المؤسسات التمويلية الحكومية للعقارات مشاريع لتقديم التمويلات على شكل عقارات سكنية، كما فعل صندوق التنمية في مشاريع متعددة في البلاد.

وأكدوا أن تلك التجربة أثبتت نجاحها، أو تقديمها على شكل أراض سكنية، وهي التي أصبحت تشكل 60 في المائة من نسبة العقارات في السعودية بسبب الزيادات غير المبررة في أسعارها.

وهو الأمر الذي أكده لـ«الشرق الأوسط»، عبد الله الأحمري نائب رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية بجدة. وأضاف «لدينا في السعودية ما تزيد نسبته عن 70 في المائة من السكان ممن لا يمتلكون مساكن خاصة، وينفقون سنويا 150 مليار ريال على شكل إيجارات سنوية».

من جهته بين ناصر الجار الله المستشار والخبير العقاري أن 40 في المائة من دخول الأسر السعودية تدفع على شكل إيجارات، وقد تزيد بسبب الارتفاع المتواصل للإيجارات في البلاد، بسبب زيادة الطلب على المساكن، وقلة المعروض، داعياً في الوقت ذاته القطاع الخاص للتعاون مع القطاعات الحكومية ذات الشأن، لحل هذا النقص من خلال بناء المشاريع السكنية المتكاملة على غرار مشاريع الإسكان.

وأكد الجار الله أن ذلك الأمر سيوفر كثيرا من الوقت والجهد، وسيوفر الكثير من الخدمات للمواطنين، الذين يرغبون بناء مساكنهم بأنفسهم، مما سيستنزف الكثير من وقتهم وجهدهم وأموالهم أيضا.

وكانت تلك التعليقات قد صدرت من خلال مناقشة «الشرق الأوسط» الخبراء حول تقرير صادر من صندوق التنمية العقاري، الذي قدر حجم القروض العقارية التي قدمها الصندوق خلال العامين الماضيين بنحو 52.5 ألف قرض عقاري بقيمة إجمالية تبلغ نحو 14.5 مليار ريال (3.8 مليار دولار) لتمويل بناء أكثر من 63 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة.

وأضاف المستشار والخبير العقاري أن تسجيل تلك المبالغ من قبل الصندوق في السنتين الأخيرتين، يعتبر جيدا مقارنة بالسنوات السابقة، وهو يظهر التطور في العمليات وإعطاء بادرة أمل لمن هم في قائمة الانتظار. في حين قال نائب رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية بجدة إن ما تم ضخه من قبل الصندوق، يعتبر ضئيلا جدا مقارنة بحجم الطلب الكبير للوحدات السكنية، خاصة أن ما يقدمه البنك يساوي 10 في المائة من تكاليف البناء في الوقت الحالي، بسبب ارتفاع الأسعار للعقارات، الذي يتحكم فيه الطلب الكبير للمساكن في بلد تجاوز حجم من لا يمتلكون فيه المساكن أكثر من 70 في المائة.

ودعا كل من الاحمري والجار الله الصندوق لتبني فكرة تقديم العقارات بدلا من القروض النقدية لمواجهة النقص في المساكن أولا، وارتفاع العقارات ثانياً، خاصة الأراضي التي جعلت من القرض الذي يقدمه البنك مبلغا زهيدا، لا يستفيد منه الحاصلون عليه، في الوقت الذي يأتي بعد فترة انتظار كبيرة.

وأكدا أن الجدوى الاقتصادية تكمن في العقارات الجاهزة كمشاريع الإسكان على غرار الإسكان الجنوبي بجدة، الذي قدمه الصندوق في وقت سابق واستفادت منه شريحة كبيرة من الأفراد. وبالعودة للتقرير الذي أبان أن الصندوق وافق خلال العام المالي2007 على تقديم 25.3 ألف قرض بقيمة إجمالية تتجاوز 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار)، ضخت لبناء 30 ألف وحدة سكنية، في حين تمت الموافقة في 2008 على تقديم 27.210 ألف قرض بإجمالية بلغت 7.5 مليار ريال (2 مليار دولار) لبناء 32.6 ألف وحدة سكنية. وكان التقرير قد تضمن شكر الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي رئيس لجنة الإدارة للصندوق بموافقة خادم الحرمين الشريفين على زيادة رأس مال الصندوق بمبلغ 43 مليار ريال (11.4 مليار دولار)، الذي أسهم في ارتفاع عدد القروض الممولة. مبينا أن تلك الزيادة جاءت على ثلاث مراحل، الأولى والثانية قيمتهما 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار)، تبعهما الدعم الإضافي المعلن في ميزانية البلاد عام 2009، وقدره 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) تصرف على مدى خمس سنوات قادمة بواقع 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) لكل سنة مالية.

وقال العساف خلال كلمته في التقرير انه منذ الإعلان عن زيادة رأسمال الصندوق عام 2006، وصل عدد القروض إلى 80204 قروض بقيمة إجمالية بلغت 22.187 مليار ريال (5.9 مليار دولار) تحقق من خلالها بناء 96.2 ألف وحدة سكنية، مما يرفع عدد قروض المساكن الخاصة التي مولها الصندوق منذ بدء نشاطه الإقراضي إلى 530.3 ألف قرض، بقيمة إجمالية بلغت 141 مليار ريال (38 مليار دولار) نتج عنها بناء 636.3 ألف وحدة سكنية.

وبين الدكتور العساف أن دور صندوق التنمية العقارية لم يتوقف على تقديم القروض النقدية للأفراد، وإنما قام بتوزيع مشاريع الإسكان التي أنشأتها وزارة الأشغال العامة والإسكان، بعد أن تولى الإشراف على إيصال الخدمات إليها، ثم توزيعها على الراغبين في الحصول عليها، بدلا من القروض النقدية، في الوقت الذي تعمل الآن أجهزته الفنية على تولي الإشراف على الأبراج السكنية وصيانتها في كل من الرياض، وجدة، والدمام، والخبر.

وأضاف وزير المالية أن الصندوق يسعى لتحقيق الأهداف المنوطة به، وفق رغبات المواطنين وحاجاتهم، سواء من حيث عمليات التمويل أو قنوات التسديد، فتم صدور العديد من القرارات التي تسهل على المواطنين وتصب في مصلحتهم، ومنها الموافقة على نقل القروض من مقترضين سابقين إلى آخرين، يحلون محلهم ويلتزمون ببنود العقد. إضافة إلى الموافقة على تمويل المساكن الجاهزة فلل وشقق، مراعاة لمن لا تمكنهم ظروفهم من مباشرة البناء. وأشار إلى أن الصندوق بدأ في الحسم الشهري من مرتبات الموظفين في القطاعين العام والخاص، والحسابات الجارية لغير الموظفين، وأتاح للمقترضين المتأخرين عن السداد فرصة إعادة جدولة الأقساط وإنهاء مديونياتهم، وفق إمكانياتهم، وبما لا يؤثر على حياتهم المعيشية.

وذكر التقرير أن الصندوق استقبل 55.826 ألف طلب خلال العام الماضي، بقيمة تقديرية تبلغ نحو 12.2 مليار ريال (3.2 مليار دولار).