السعودية: عقارات «ثول» تحلق عالياً 500% بعد افتتاح الجامعة

خبير يؤكد الحاجة إلى مخططات سكنية مطورة.. ويحذر من «المضاربات»

توقع عقاريون ان تشهد ثول طفرة عقارية وذلك بسبب افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية («الشرق الأوسط»)
TT

شهدت محافظة ثول (90 كيلو مترا شمال مدينة جدة) نموا في تداولات العقار، وذلك بعد الإعلان عن إطلاق مشروع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية فيها قبل سنوات قليلة. وتوقع عقاريون ان تشهد ثول طفرة عقارية، وذلك بسبب افتتاح الجامعة الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله الأربعاء الماضي، عطفاً على اهمية الصرح التعليمي وما سيواكبه من تطور في المحافظة بشكل خاص وفي غرب السعودية بشكل عام وأوضح تاجر العقار عايش الجحدلي، وهو أحد أهالي مركز ثول لـ«الشرق الأوسط»، أن أسعار الأراضي وقيمة إيجارات المساكن شهدت قفزات خيالية، ووصلت نسبة الارتفاع إلى 500 في المائة، وشمل هذا الارتفاع ثول والمناطق المجاورة لها.

وأشار الجحدلي إلى أن قطعة الأرض التي كانت قيمتها تصل إلى 100 ألف ريال (26.6 الف دولار) وتعتبر الأميز مساحة وموقعاً، ارتفعت قيمتها إلى 600 ألف ريال (160 الف دولار)، أما قطعة الأرض التي كانت قيمتها تتراوح بين 40 الف ريال (10.6 الف دولار) و50 ألف ريال (13.3 الف دولار) فوصلت أسعارها إلى 300 ألف ريال.

وأرجع تاجر العقار سبب هذا الارتفاع إلى إقبال المستثمرين من خارج ثول، الراغبين في الاستفادة من الفرص المستقبلية المتاحة بعد إنشاء جامعة الملك عبدالله وبدء العمل فيها، إضافة إلى التوجه الرسمي لتخطيط ثول والمناطق المجاورة لها وتوفير جميع المرافق الخدمية الضرورية فيها، للارتقاء بها إلى مستوى يوازي المكانة المهمة للجامعة.

ولفت إلى أن الإقبال انحصر على تجميع قطع الأراضي المتوافرة، وهي محدودة العدد، ما زاد من حجم الطلب على المعروض. نافياً حيازة أي من المستثمرين العقاريين على مساحات كبيرة لتطويرها وتسويقها، خصوصاً أن أغلب الأراضي المحيطة بثول هي أراض حكومية باستثناء بعض المزارع والملكيات الصغيرة للأهالي.

وقال الجحدلي «لا يوجد في ثول أصلاً سوى مخطط واحد للمنح الحكومية يضم 1400 قطعة أرض، تداخلت 600 قطعة منها إلى جانب 130 قطعة أرض أخرى تتبع مخطط المنتزه مع الأراضي المخصصة لإنشاء جامعة الملك عبدالله، وتم تعويض ملاك تلك الأراضي المتداخلة بأخرى جديدة في مخطط جديد يجري تطويره حالياً». أما بالنسبة لإيجارات المساكن، فأكد تاجر العقار أنها هي الأخرى ارتفعت بشكل كبير جداً، مشيراً إلى أن بعض المساكن لم تكن قيمة إيجارها تزيد على 800 ريال (213.3 دولار) شهرياً قفزت إلى 5 آلاف ريال (1333 دولارا)، بعد تأجيرها على الشركات العاملة في إنشاء مرافق الجامعة.

وعن احتمال تراجع قيمة إيجارات تلك المساكن بعد استكمال إنشاء مباني الجامعة ومرافقها كافة، نبه الجحدلي إلى أن ثول تقع بالقرب من موقع إنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية الذي لا يبعد عنها سوى كيلو مترات قليلة، خلافاً للإعلان عن إنشاء مدينة الملك عبدالله الرياضية داخل نطاق مركز ثول باتجاه الجنوب، على الطريق الرابط بينها وبين مدينة جدة، ما يعني استمرار نشاط شركات المقاولات العملاقة في العمل بثول في السنوات المقبلة، وحاجتها لإيواء العمال التابعين لها. وتوقع أن أي انخفاض في قيمة الإيجارات ـ في حال حدوثه ـ لن تزيد نسبته على 30 إلى 40 في المائة فقط، خصوصاً أن المرافق السكنية الصالحة لإيواء تلك العمالة محدودة العدد.

وعن تمسك بعض أهالي ثول بالأراضي التي يملكونها وإصرارهم على عدم بيعها حالياً، على أمل أن ترتفع الأسعار بنسب أكبر، قال الجحدلي «إن هؤلاء المتمسكين بأراضيهم يأملون مع غيرهم من أهالي ثول بأن تشهد منطقتهم ازدهاراً أكبر في الفترة المقبلة، ويتطلعون بأمل إلى أن تصبح ثول (غير)، كما يأملون أن تتحقق طموحات الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة في تحقيق نقلة حقيقية من واقع العالم الثالث إلى مصاف العالم الأول». وفي المقابل، نبه خبير عقاري إلى أن أي انتعاش حقيقي ودائم لأسعار الأراضي في ثول يرتبط ارتباطاً كلياً بإيجاد مخططات سكنية مطورة في المنطقة، تتوافر فيها جميع البنى التحتية والأساسية الضرورية لإنشاء المساكن.

من جهته حذر الخبير العقاري عبدالله الأحمري، نائب رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من استغلال الإعلان عن المشاريع الكبرى وتنفيذها لإطلاق مضاربات عقارية تخلف وراءها ارتفاعاً فلكياً «غير مبرر» في قيمة الأراضي المحيطة بتلك المشاريع، ومنها مشروع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في مركز ثول، على رغم ضخامة المشروع وأهميته على الصعيد الوطني والعالمي.

وأكد الأحمري أن تأثير إنشاء جامعة الملك عبدالله على أسعار العقارات في مركز ثول الفعلي سيكون محدوداًً، كون الجامعة تضم داخل أسوارها كامل الخدمات الضرورية لساكنيها، ما سيبقي حاجة منسوبيها للمرافق الواقعة خارج الأسوار محدودة جداً.

وشدد نائب رئيس اللجنة العقارية على مشكلة عدم توافر الخدمات الأساسية الضرورية في كامل أراضي ثول حتى الآن، مع بعض الاستثناءات الناجمة عن «اجتهادات محدودة» بإيجاد أراضي منح بديلة مطورة، تعويضاً عن أراضي المنح المنزوعة لتنفيذ مشروع الجامعة عليها.

وأكد أن ما يتردد عن وجود مشروع لتخطيط المنطقة الممتدة من ثول شمالاً إلى ذهبان جنوباً لن يغير في الأسعار كثيراً، ما لم تشتمل المخططات الجديدة على جميع خدمات البنية التحتية من طرق مسفلتة وشبكات مياه وصرف صحي ومرافق تعليمية وصحية ومساجد، وغيرها من الخدمات الأساسية.

ونوه إلى أهمية إيجاد مخططات مطورة في تلك المناطق الممتدة من ذهبان إلى ثول، لمصلحة ذوي الدخل المحدود خصوصاً، مؤكداً أن توفير مخططات مجهزة في كامل تلك المنطقة لن يزيد أسعار الأراضي بل قد يسهم في انخفاضها، نتيجة توافر كم كبير من الأراضي الجاهزة للبناء والسكن، ما قد يسهم أيضاً في تخفيف النمو السكاني الكبير الذي تعانيه مدينة جدة في الفترة الحالية.

واستشهد الأحمري على التأثير المحدود لمشروع الجامعة على قيمة الأراضي في ثول، بعدم حدوث أي تأثير يذكر لعدد من المشاريع السابقة التي شهدتها محافظة جدة خلال السنوات الـ20 الماضية على قيمة الأراضي المحيطة بتلك المشاريع، ومنها مشروعا درة العروس والبحيرات، وخصوصاً على أراضي المنح الحكومية. وأوضح أن الأسعار في تلك المناطق مازالت على حالتها المتدنية، نتيجة انغلاق تلك المشاريع خلف أسوارها العالية من جهة، وعدم توافر خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والهاتف في الأراضي المحيطة، خلافاً لعدم رصف العديد من تلك المخططات وإنارتها.

وأشار إلى أن قيمة الأراضي في مخططات خليج سلمان قفزت في وقت من الأوقات نتيجة المضاربات العقارية «القائمة على الإشاعات» من 25 ألف ريال إلى نحو 300 ألف ريال، قبل أن تفقد لاحقاً ارتفاعها بنسبة تصل إلى 60 في المائة، كونها تفتقر إلى الخدمات الضرورية.

وخلص الأحمري إلى التأكيد على أن أسعار الأراضي في ثول والمناطق المحيطة بها لن ترتفع في الفترة المقبلة أكثر من 10 إلى 15 في المائة فقط، ما لم تتوافر فيها مخططات حديثة متكاملة الخدمات.