أسواق بيروت القديمة تبعث تجارية وسياحية

بعد عقدين من التوقف والعراقيل

TT

كان من المفترض افتتاح القسم الجنوبي من مشروع أسواق «سوليدير»، التي ستحل محل أسواق بيروت القديمة، في منتصف العام 2007، لكن التطورات الأمنية والسياسية أخرت افتتاح هذا القسم إلى ما قبل نهاية العام الحالي بعد مضي نحو عقدين من الزمن على عرضه للمرة الأولى (عام 1990)، وست سنوات من التوقف، وعشر سنوات على استئناف العمل فيه من ضمنها فترة طويلة أخرى التوقف.

واشترك في التصميم الجديد للأسواق مهندسون ومعماريون لبنانيون ودوليون من حملة الجوائز العالمية أمثال سمير خيرالله وشركاه بالتعاون مع الاسباني رفايل مونيوز، ونبيل طبارة ورفيق الخوري وشركاه بالتعاون مع البريطاني كافن داش، وانابيل كريم قصار بالتعاون مع الفرنسي فالود وبيستر. أما مسؤولية التنسيق بين جميع هذه التصاميم واستخلاص صيغة متناسقة منها فقد كلف بها الخبير الفرنسي في مجال منشآت التسوق اوليفييه فيدال، الذي اخذ على عاتقه أيضا مسؤولية تصميم الحدائق العامة ضمن المشروع نفسه. وجاءت كل هذه المهمات وفق المخطط التوجيهي العام ودفاتر الشروط الملحقة به، الذي أعده المهندس المعماري اللبناني جاد تابت بالتعاون مع المهندس سمير خيرالله نتيجة لمسابقة الأفكار الدولية التي جرت حول إعادة إعمار أسواق بيروت القديمة. ومن أهم ميزات هذا المخطط التوجيهي كونه يحافظ إلى حد كبير على التخطيط المدني السابق لهذه الأسواق التي أثبتت الحفريات الأثرية أنها لم تتغير كثيراً على مر العصور المختلفة.

ويقع المشروع عند شبكة الأسواق القديمة (سوق الطويلة، سوق إياس، سوق الجميل، سوق الفرنج وغيرها..) التي كان يتقاطر إليها اللبنانيون من كل الأنحاء، ويتسوقون منها كل ما يحتاجون إليه من غذاء وكساء. وكانت تقدر تكاليفه عند طرحه 120 مليون دولار، لكن التأخر في التنفيذ رفع هذا الرقم إلى مستوى أعلى بكثير. أما اهميته فتبقى هي ذاتها كونه على مسافة قريبة من مرفأ بيروت، ومنطقة الفنادق الفخمة، وكذلك القلب التاريخي للعاصمة، وهمزة الوصل بين وسط بيروت التقليدي والأراضي المستحدثة على شاطئ البحر. ويقام المشروع على عقار تبلغ مساحته 60 ألف متر مربع، ويتضمن 100 ألف متر مربع من البناء بينها سوق تجارية تضم 200 محل (30 ألف متر مربع) ومخازن كبرى (15 ألف متر مربع)، وسوبر ماركت (7 آلاف متر مربع) وسوق للصاغة (10 آلاف متر مربع)، ومكاتب (16 ألف متر مربع) ومجمّع ترفيه مع 9 صالات سينما (18 ألف متر مربع) مجهزة بشاشات عريضة "I-MAX" ثلاثية الأبعاد، ومساحة مخصصة للألعاب الالكترونية ومجموعة من المطاعم والمقاهي، ومدينة علوم للأطفال، وصالات للمعارض، ومتحف للآثار إلى جانب المواقع الأثرية المكتشفة كالحي التجاري القديم الذي يعود إلى العهد الفارسي/ الفينيقي، والحائط الذي يعود إلى القرون الوسطى، والمدرسة القرآنية التي تعود إلى عهد المماليك والتي تعرف بزاوية ابن عراق الدمشقي.

ولن تشبه أسواق بيروت الحديثة المراكز التجارية التقليدية التي تتميز بتكدس المحال التجارية المقفلة، بل سيكون زائرو المشروع أمام مساحة تجارية مقسمة تكتلات منفصلة بواسطة شوارع تجارية مقفلة في بعض الأحيان، وممرات راجلة وفسحات خضراء.

وكما أرادت «سوليدير» جعل أسواقها الرئة التجارية لوسط العاصمة، فإنها لم تخف رغبتها في جعل هذه المساحة المطورة مقصداً سياحياً للنخبة المحلية والرعايا العرب الراغبين في التسوق والاستمتاع بجو سياحي متميز.

ويقول المدير العام لشركة «سوليدير» منير دويدي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الشركة تبني محفظتها من الأبنية المنتجة للإيجار لأن ما يهمنا هو تأمين مداخيل ثابتة من الإيجارات في المستقبل لتأمين مصاريف الشركة وتكاليف البناء. وقد شكل مشروع الأسواق عنصراً جديداً العام الحالي على المداخيل الناتجة عن الإيجارات التي ستحقق زيادة هذا العام وستكون اكبر في عام 2010 على أساس أن المساحات التجارية في المشروع قد تم تأجيرها في غالبيتها، وسيستكمل تأجيرها في العام المقبل. مع الإشارة إلى أن الإيجارات تشكل حالياً ما نسبته 10% من مداخيل الشركة، في حين أن القسط الأكبر من هذه المداخيل (90%)، يتأتى من بيع الأراضي، التي لا يزال لدينا مخزون منها يسمح لنا بالاستمرار في البيع على مدى السنوات العشر والخمس عشرة المقبلة على الأقل.