مطورو العقارات الهنود يتجهون إلى الأنظمة الصديقة للبيئة

مبادرة كلينتون للمناخ ترعى مشروعين في الهند

TT

تأثرت الهند، كباقي دول العالم، بالاحترار العالمي إلى حد بعيد، حيث بات التغير المناخي يهدد النظام البيئي الهندي، لتصبح ندرة المياه منهجاً في الحياة والتلوث مهدداً لصحة السكان.

لهذا السبب سعي مطورو العقارات الهنود إلى ارتياد خيارات الوحدات السكنية ذات الأنظمة الصديقة للبيئة كتلك التي تعمل على خفض التلوث وتوفر الطاقة.

وبدءا من دلهي إلى مومباي، انتشرت أعداد كبيرة من الرقع الخضراء في كل جزء تقريبا من البلاد، في الأماكن السكنية والتجارية والفنادق، حيث تزعم كل المشروعات الجديدة أنها صديقة للبيئة، بيد أن بعضاً منها وصل إلى مستويات كبيرة في ذلك، بدءا من الأسطح والحوائط العازلة إلى الأضواء التي تعمل بالطاقة الشمسية وخزانات تجميع مياه الأمطار.

وقد دشنت شركة 3C، التي تتخذ من دلهي مقرا لها وتعمل في المنشآت التجارية الصديقة للبيئة وتكنولوجيا معلومات الشركات، ما أسمته أضخم مجمع سكني صديق للبيئة في البلاد. وتبلغ تكلفة استثمارات مجمع لوتس بوليفارد، الذي أقيم على ما يزيد على 40 فداناً في إقليم العاصمة الوطني نويدا، 155 مليار روبية (الدولار يساوي 44 روبية تقريبا)، وقال فيدور بهاراديواج، مدير شركة 3C: «إن منازل لوتس بوليفارد لن تقدم معيشة صحية وتوفيرا في النفقات فقط، لكنها صديقة للبيئة أيضا».

ويعد المطورون بأن تحظى المنازل بـ100% من الإضاءة الطبيعية ووسائل تهوية متقاطعة وشرفات ونوافذ صممت للحفاظ على الأجزاء الداخلية من المسكن منعشة وكثيرة الهواء. وستحظى كل المباني بأسطح عازلة تخفض الحرارة إلى 60 في المائة مما سينتج عنه بالتالي تقليل العبء على مكيفات الهواء، وسيكون من بين الأنظمة الصديقة للبيئة أيضا: استخدام الأضواء الموفرة للطاقة وخلاطات المياه الموفرة للماء وأنظمة تجميع للمياه وسوف تتكيف المباني حسب مسار الشمس.

وأشار فيدور بهاراديواج، مدير شركة C3، إلى أن المساحات الخضراء ستتعامل مع القضايا القومية مثل مخلفات السكان وكفاءة المياه والحد من استخدام الوقود الحفري. الأهم من ذلك أن المساحات الخضراء قادرة على تحسين صحة قاطنيها والمضي قدما في القضاء على الاحترار العالمي.

وما يعتبر الآن اتجاها أو ما اصطلح عليه «صديق للبيئة» سيظل المعيار والقاعدة في المستقبل القريب وأن أي شيء غير صديق للبيئة سيتم حظره في القوانين الداخلية.

لذا ما هي الأماكن الصديقة للبيئة؟ إنها مساحة تؤكد على حماية واستخدام وإعادة تدوير الموارد الطبيعية إلى جانب تعزيز الرعاية الصحية العامة والأمن والرفاهية العامة. وتحكم العديد من القواعد تلك المناطق الصديقة للبيئة بدءا من اختيار الموقع إلى مرحلة ما بعد الإسكان.

من بين تلك القواعد الطوبوغرافيا والحفاظ على المياه والمعايير الصديقة للبيئة مثل إقامة توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية وصناعة الغاز الحيوي من الصرف الصحي وتجميع مياه الأمطار وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، واستخدام الزجاج المضاد للأشعة فوق البنفسجية واستخدام أجهزة تكييف صديقة للبيئة ما يؤدي إلى مخرجات جيدة وتكاليف منخفضة واختيار قطع أراض واستخدام المواد البيئية والمحلية مثل خشب الدردار والحجارة بدلا عن الخرسانة. وستركز التصميمات الهندسية على الحرارة السلبية وطرق التبريد للاستفادة القصوى من الطاقة الطبيعية والاستخدام الأدنى للموارد الصناعية. أما الأماكن الداخلية فتحتوي على أنظمة طاقة جيدة، يمكن أن تكون هذه في صورة خشب لإطارات الأبواب مأخوذة من سفينة قديمة، والأسطح المعزولة والحدائق لخفض أشعة الشمس. وقد تحتوي الحوائط على تجاويف للحفاظ على الحرارة داخل المباني كي يظل المبنى باردا.

وقالت سونالي راستوغي، مديرة شركة مورفوجنسيس، شركة تصميم تعمل على تصميم الأماكن الصديقة للبيئة: «الموارد مثل الأرض والمياه والكهرباء والوقود الأخرى ومواد البناء يجب أن يتم استغلالها وتدويرها، حتى أن القمامة يجب التخطيط لها».

وبالمثل، وقد وضعت ساتيا فاني هومز القائمة في حيدر آباد حجر الأساس لمشروع يوشادايام غرين هومز، الذي يتوقع الانتهاء منه بحلول 2011. وسوف يقوم يوشادايام غرين هومز بتوليد الطاقة لجميع سكانه.

وتقول سوريا براكاش الشريك الإداري لستيافاني هوم: «أدركت أن المساكن الصديقة للبيئة ليس من قبيل الرفاهية، لكنها ضرورة. فعلى سبيل المثال وإذا ما كنا نبني 4 أقدام متر مكعب، فإنا نحول 4 ملايين قدم مكعب إلى مناطق صديقة للبيئة». أما مشروعات المناطق الصديقة للبيئة الأخرى القادمة فتضم بايونير أوربان في غورغاون وماهيندرا سبلندور وبالايس رويال في مومباي ومحطة فضاء الغرباء في حيدر آباد، التي أقامتها مجموعة أليانز، أول شركة عقارات تحصل على شهادة ذات تقدير بلاتيني من قبل مجلس البناء الهندي في فئة المساحات السكنية، وميرلين تروبيكال غرينز في كلكتا.

ويعتبر شورابجي غودريج غرين بيزنس سنتر في حيدر آباد، أول مبنى صديقة للبيئة في الهند، وتزعم تكنوبوليس كلكتا بأنها أول مبنى صديق للبيئة في الهند لتكنولوجيا المعلومات. ونظراً لتعرض المدن للحصار من قبل المباني الخرسانية واختفاء المساحات الخضراء سريعا، تسعى الشركات إلى المباني الصديقة للبيئة للقيام بواجبها تجاه البيئة وفي المقابل يمكن للبعض منها الحصول على اعتمادات كربون للمباني النظيفة.

ويقول كارون باهوا، نائب رئيس شركة ديسكان روتورز إنترناشيونال بي في تي ليمتد، التي تقدم مواد البناء الصديقة للبيئة: «تشعر الشركات بأنها تحقق المسؤولية الاجتماعية للشركة عبر جعل مبانيها صديقة للبيئة، كما أن المباني الصديقة للبيئة تستخدم طاقة ومياها وتكلفة تشغيل أقل.

وتعد مدن أحمد آباد جايبور (مدن هندية) وملبورن وبالهوكا وستوكهولم وجوهانسبيرغ جزءاً من 16 مدينة تنتشر في القارات الست لديها قاسم مشترك. وخلال السنوات المقبلة ستحصل كل مدينة من هذه المدن على مناطق صديقة للبيئة يعيش بها ما يزيد على مليون شخص في نموذج بيئة حضرية توضح أن المدن يمكنها أن تكون داعمة وصديقة للبيئة. وسوف تدعم تلك المدن مبادرة كلينتون للمناخ. وقد حددت مبادرة كلينتون للمناخ مشروعين في الهند هما غاردن سيتي في مدينة أحمد أباد وميهاندرا وورلد سيتي في جايبور، وذلك بحسب الموقع الرسمي على الإنترنت للمبادرة. وقال غورديج غاردين سيتي، إنه أحد المشروعات الـ16 لبرنامج التنمية الإيجابية للمناخ الذي ترعاه مبادرة كلينتون للمناخ. وسيدعم البرنامج تنمية المشروعات الحضرية واسعة النطاق التي توضح أن المدن قادرة على النمو بطرق تعتبر «إيجابية من الناحية المناخية».

وهناك العديد من التطويرات العمرانية التي ستخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى ما يقارب الصفر، تعتمد على تطبيق ابتكارات اقتصادية في المباني وتوليد الطاقة النظيفة وإدارة المخلفات والنقل وأنظمة الإضاءة الخارجية.

وقد تم تدشين برنامج التنمية الإيجابية للمناخ من قبل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في 19 مايو (أيار) 2009 في قمة سي 40 التي جمعت ممثلين من بعض الهيئات والمؤسسات.

وتمتد منطقة أوتارايون في سيليغوري بشرق الهند على مساحة 600 فدان، وقد كانت تسمى من قبل مقاطعة للشاي وباتت على وشك الانهيار نتيجة لأسباب طوبوغرافية.

وبالنظر إلى الموقع، كان الهدف تنمية شيء ما يمكن أن يعود على المجتمع بأثر بسيط على محيطه، ولذا كان التطوير الكلي يقوم على بناء عمارات سكنية قليلة الطوابق قليلة الكثافة قليلة المتطلبات في محيطاتها. وترتبط تلك التجمعات لتشكل منطقة تفصل فيها حركة السيارات عن حركة المشاة. وبناء على دراسات نظام المعلومات الجغرافي التفصيلية للأرض تم تطوير نظام صرف لتصريف مياه الصرف الصحي بصورة سليمة باستخدام المنحدرات الطبيعية. وهو ما نتج عنه القدرة على التخلص من مياه الأمطار من دون فيضان. والطرق الطبيعية مثل زراعة القصب. النباتات المعالجة لمياه الصرف الصحي سيتم الاستفادة منها من أجل مياه المخلفات لإعادة استخدامها داخل الموقع لأغراض البستنة.

وتعد بايونير بارك في غورغاون مثال آخر على ذلك. فهي 75 فدانا من الاستخدام المختلط وتقع في غولف كورس أكستنشن روود. وستقدم الإقامة وبيئة عمل الشركات وتكون مقصدا ترفيهيا. وقد منحت وزارة اتحاد البيئة والغابات جائزة «غولد غاردينج» للمدينة على حرصها المراعاة للبيئة. ويقول مانيش بيريوال، الرئيس والمدير الإداري لشركة بايونير أوربان: «تشتمل كل تصميمات المباني على استراتيجيات تصاميم خضراء تزيد من توفير الطاقة وتخفض الآثار البيئية. ويستخدم المشهد العديد من المظاهر الإضافية من الاستدامة مثل أراضي الغابات والأسقف الخضراء واللمبات الكهروضوئية وتقنيات البستنة والأراضي المستخدمة في الحفاظ على المياه، واستخدام المواد المحلية.